اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

حركة حماس مستقبلها مزبلة التاريخ -//- ذياب مهدي آل غلآم

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

ذياب مهدي آل غلآم

حركة حماس مستقبلها مزبلة التاريخ

رأي شخصي بحت .

آن الأوان لكي تدرك جميع حركات الإسلام السياسي في الوطن العربي، خطيئة منطلقاتها الايدولوجية الدينية السلفية المنغلقة، وأوهام الحديث عن ما يسمى بـ"الأمة الإسلامية" أو "الخلافة الإسلامية" أو "الاسلام هو الحل"  والنعرات المذهبية والطائفية المدمرة لتطلعات شعوبنا ومستقبلها، الأمر الذي يفرض عليها مراجعة منطلقاتها الفكرية وخطابها وسياساتها بصورة نقدية جذرية، تنطلق من رحابة الاستنارة العقلانية والحداثة ، بعيدا عن كل اشكال ومظاهر التعصب الديني وشعاراته النقيضة لروح عصرنا ومستقبل شعوبنا ومجتمعاتنا . تداعيات الأحداث في مصر، سرعان ما كشفت فشل الانتفاضات العفوية في قطف ثمار ثورتها وتحقيق الأهداف التي انطلقت من أجلها في الحرية والكرامة والديمقراطية، بسبب افتقارها للتنظيم ولكل من الرؤية الثورية والقيادة الوطنية المعبرة عن طموحاتها ، فالانتفاضة الشعبية مهما كان حجمها وانتشارها، لا تعني أبداً قدرتها على فرض الحل الثوري الجذري ، طالما بقيت الجماهير أسيرة لعفويتها وفاقدة للوعي الثوري، " أنتفاضة آذار في العراق 1991 خير مثالا وفشلها ! " والآن مصر الثورة ،

الأمر الذي دفع بقيادة الجيش إلى أن تتولى مقدرات السلطة والحكم بالمرحلة الانتقالية في مصر بعد يناير / 25 مفسحة المجال – لأول مرة في تاريخ مصر الحديث- لجماعة الإخوان المسلمين بتشجيع أمريكي ، الوصول إلى سدة الحكم، حيث نجحت بسبب قوة انتشارها وتغلغلها في صفوف الجماهير الفقيرة، في قطف ثمار الانتفاضة وتحقيق الفوز في الانتخابات والوصول إلى قمة السلطة الحاكمة في تونس ومصر، عبر شعارات وبرامج سياسية واقتصادية واجتماعية لم تحمل في طياتها أي شكل من أشكال التناقض مع سياسات نظام الرئيس المخلوع من ناحية، ومع سياسات الولايات المتحدة والنظام الرأسمالي التابع، إلى جانب استمرار اعترافها بالدولة الصهيونية والاتفاقات المعقودة معها من ناحية ثانية . فإن جماعة الإخوان المسلمين بدأت منذ سنوات –وفق العديد من المصادر الموثوقة- اتصالاتها المباشرة وغير المباشرة مع الإدارة الأمريكية .

وصولاً إلى نوع من التوافق بينهما عشية الانتفاضة في 25/ يناير ، ولم يكن فوز د.محمد مرسي في احد تجلياته سوى تجسيد لهذا التحالف على الأهداف المشتركة وخاصة سياسات الاقتصاد الحر والخصخصة ورفض تدخل الدولة في الاقتصاد بذريعة الدفاع عن "الاقتصاد الإسلامي" ضد كل قوى التقدم والحداثة والديمقراطية والتطور الصناعي عموماً وضد قوى اليسار العربي خصوصاً ، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والبطالة والفقر والغلاء والاستبداد في أوساط الجماهير المصرية، علاوة على التزام الإخوان المسلمين باتفاقات كامب ديفيد ومواصلة العلاقة مع الدولة الصهيونية ، والصمت المطبق على جرائم العدو الصهيوني ضد شعبنا الفلسطيني . وفي مثل هذه الأوضاع ، لم يكن مستغرباً ، اشتعال الانتفاضة الثورية من جديد في مصر عبر حــركة تــمرد في 30/6 ضد الإخوان المسلمين بعد أن تكشفت الجماهير زيف شعاراتها ، واستطاعـت -بدعم واضح من الجيش- عزل الرئيس وإسقاط نظام الجماعة والتحرر من الحكم الإخواني وإسدال الستار على مشهد الإسلام السياسي بعد عام واحد فقط من وصوله إلى الحكم .

لقد حسم الجيش موقفه لصالح القوى الديمقراطية الليبرالية ، بعد أن وصل الرفض الشعبي لأخونة الدولة ولحكم الرئيس مرسي وجماعته حداً لا يمكن وقفه إلا عبر الشرعية الثورية، التي استند إليها الجيش لعزل الرئيس وانهاء سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على الدولة ومؤسساتها ، على الرغم من إدراك الجيش والقوى الثورية في مصر حجم وقوة انتشار الجماعة وحركات الإسلام السياسي، في المجتمع المصري عموماً ، وفي أوساط الفلاحين الفقراء في الأرياف، وفي أوساط فقراء المدن، حيث سارعت جماعة الاخوان المسلمين إلى رفض وإدانة قرار الجيش المطالبة بعودة الرئيس المعزول، ومن ثم بدء أشكال جديدة من الصراع الدموي إلى جانب المظاهرات الاعتصامات المؤيدة للجماعة في معظم المدن .

وفي هذا المناخ، اندفعت حركة حماس باعتبارها أحد فروع الاخوان المسلمين، إلى تأييد الأصل أو المركز القيادي الأم لجماعة الاخوان المسلمين في مطالبتهم بعودة الرئيس مرسي وحكومته ، ووضعت فضائياتها : القدس والأقصى ، في خدمة الجهاز الإعلامي للإخوان المسلمين في مصر ، الأمر الذي خلق حالة من النقد والاستياء، سرعان ما تحولت إلى حالة من العداء لحركة حماس ، وامتدت تداعياتها ضد الشعب الفلسطيني عموماً، وفي قطاع غزة خصوصاً عبر وسائل الإعلام والصحف والفضائيات ومقالات العديد من المثقفين الليبراليين المصريين .

لذلك أقول ان موقف حركة حماس وتداعياته الإعلامية والسياسية والمجتمعية في الذهنية الشعبية العفوية المصرية، سيترك أثراً بالغ السوء على مستقبل القضية الفلسطينية ، عبر مراكمته لمزيد من العزلة والتراجع في أوساط الشعب العربي في مصر الذي يعيش –في معظمه- حالة من الرفض لممارسات جماعة الإخوان المسلمين، ترافقت مع حالة من العداء الشديد لحركة حماس التي استطاعت وسائل الإعلام وبعض القوى السياسية المصرية، تكريس الانطباع في أذهان قطاع واسع من الشعب المصري، وبأساليب لا تخلو من المبالغة، بان حركة حماس مسئولة عن تهديد الأمن القومي المصري ، وهذا هو عين الصواب وفق الواقع الموضوعي وتجلياته الآن عن حماس المجرمة والارهابية وتبا لكل من يؤيدها ويشجعها وينصرها فانها اداة من ادواة الارهاب الاسلامي السياسي .

حماس المسئولة عن تهريب السلاح إلى سيناء ومسئولة عن قتل عدد من الجنود المصريين على حدود رفح، ومسئوليتها عن تهريب المساجين أثناء انتفاضة 25/يناير، وحديث بعض الإعلاميين والمثقفين الليبراليين، بأن "كل تنظيم إسلامي متطرف في سيناء يوجد له نظير في قطاع غزة" وهذا صحيح ، وأن حماس تعرف جيداً التنظيمات الارهابية في سيناء، وتأكيدهم على أن كل ما يحدث في سيناء هو "مشروع متفق عليه بين كل الجماعات الإسلامية التي تحاول الإيقاع بين الناس في سيناء وبين الجيش"، وجاءت تصريحات كل من صفوت حجازي ومحمد البلتاجي (عضوي قيادة الاخوان المسلمين) التي أعلنا فيها على أن "وقف العمليات المسلحة في سيناء مرهون بإعادة الرئيس مرسي إلى الحكم وهذا تأكيد واضح لارتباط حماس مع الاخوانجية "

الأمر الذي أدى إلى تصعيد الحملات الإعلامية المغرضة ضد الشعب الفلسطيني بذريعة تأييد حركة حماس لممارسات الاخوان المسلمين في مصر بعد انتفاضة الجماهير في 30/ يونيو ، على الرغم من أن معظم أبناء الشعب الفلسطيني شاركوا اشقائهم في مصر ، فرحتهم بعزل الرئيس مرسي وحكومته وجماعته . حركة حماس لم تتفاعل او تستجيب لمشاعر الأغلبية من الشعب الفلسطيني ، ولم تبادر إلى بلورة موقف موضوعي ينطلق من المصالح الوطنية للشعب الفلسطيني ، بل وقعت في خطيئة تكتيكية كبرى حينما قررت الانحياز الصريح لرؤيتها الأيديولوجية ولمصالحها الفئوية التنظيمية الضيقة عبر تأييدها السياسي والإعلامي المكشوف دفاعا عن الرئيس المعزول وجماعته ، على النقيض من أماني ومواقف الأغلبية الساحقة من الشعبين المصري والفلسطيني المتضامنة مع الشرعية الثورية للخلاص من تجربة الاخوان المريرة في الحكم رغم قصرها الزمني ، بل إن حركة حماس لم تعرف كيف تخلق حالة من التوازن بين تأييدها للإخوان المسلمين ، وبين التزامها الوطني بقضايا الشعب الفلسطيني ، حيث قامت بتخصيص معظم ساعات البث لقنواتها الفضائية التي أصبحت منبراً رئيسياً للإخوان المسلمين في مصر ، ينقل الصور الحية والمباشرة من ميدان " رابعة العدوية " الأمر الذي أدى الى زيادة الاستياء والتحريض والعداء لحركة حماس وللشعب الفلسطيني .

على حركة حماس أن تدرك دلالات ونتائج وتداعيات الانتفاضة الشعبية العارمة في 30/ يونيو التي بددت أوهام الشعور بالقوة والسيطرة الطويلة الأمد لجماعة الاخوان المسلمين ليس في مصر فحسب، بل ستشتعل الانتفاضات الثورية الجماهيرية في تونس ومجمل أقطار الوطن العربي إلى جانب تركيا ، وذلك عبر تأثر هذه البلدان سياسيا واجتماعيا بدروس وعبر السقوط المدوي للإخوان المسلمين في مصر، عبر شرعية ثورية، لم يكن ممكناً التصدي لها بما يسمى بشرعية الصندوق أو الديمقراطية الشكلية الهشة، التي لا تستند إلى ميثاق أو عقد اجتماعي مدني وديمقراطي يلتزم بمصالح الأغلبية الساحقة في تطلعها صوب التنمية المستقلة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وفصل الدين عن الدولة، بما يضمن تحقيق الوحدة العضوية لوجهي الديمقراطية ، السياسي والاجتماعي معا، وتكريسها في خدمة الهوية والدولة الوطنية الديمقراطية تمهيدا لبلورة الهوية القومية الديمقراطية العربية كهوية مستقبلية وإطارا سياسيا أو اجتماعيا موحداً .على حركة حماس مواجهة الأمر الواقع الجديد في مصر بعد سقوط جماعة الاخوان المسلمين، وهذا يقتضي منها سؤالاً صريحاً لذاتها بعيداً عن أوهام القوة والاستعلاء والتفرد، التي لم تعد قائمة أو مجدية لدى الفرع طالما سقط الأصل، والسؤال هو : ماذا عن مستقبل حركة حماس؟ هل ستبقى مصرة على الانقسام في "امارة غزة" ؟ أم أنها يجب أن تبادر إلى التقاط دروس وعبر اللحظة الراهنة، لكي تخطو خطوات جدية وعاجلة صوب انهاء الانقسام وفق وثائق الوفاق الوطني الفلسطيني ، قبل أن يُفرض عليها بالاكراه شكلا خارجيا من المصالحة يتعامل معها كفريق مهزوم، أو أن يُفَرَض عليها وعلي قيادتها وكوادرها حصاراً سياسياً واقتصادياً وجغرافياً يؤدي إلى مراكمة العديد من العقبات والتعقيدات التي لن تستطيع حركة حماس تجاوزها بسهولة ، حتى نهايتها القريبة وقيادتها ومصيرها المحتوم في مزبلة التاريخ وبأس المصير . إننا أمام مشهد ما بعد 30/حزيران ، الذي يحمل في طياته إمكانيات لإعادة تشكيل بلدان النظام العربي في إطار أوضاع جديدة من التبعية للسياسات الأمريكية والنظام الرأسمالي العالمي، بما في ذلك استمرار الاعتراف والتطبيع مع دولة دولة اسرائيل أو الدعوة لمهادنتها لآماد طويلة قادمة ، باسم الاعتدال السياسي وفي إطار الديمقراطية السياسية الشكلية أو الليبرالية الرثة ، بما يحقق مصالح القوى الطبقية الكومبرادورية والطفيلية والبيروقراطية العسكرية والمدنية، التي لم تتغير أحوالها ومصالحها على الرغم من سقوط رأس النظام في هذا البلد أو ذاك .

استفدنا كثيرا من المداخلة السياسية للأديب الرفيق غازي الصوراني  " الحالة الثورية في مصر وتداعياتها على حركة حماس  " وجب التنويه .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.