اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

• شئ عن ثورة العشرين وأهازيجها الشعبية ( 1-3 )

حامد كعيد الجبوري

مقالات اخرى للكاتب

شئ عن ثورة العشرين وأهازيجها الشعبية

( 1-3 )

القسم الاول

* المقدمة :

---------------

         ليس من السهل الخوض بما قيل ويقال عن ثورة العشرين  وقد بحث فيها أكاديميون واختصاصيون تاريخيون كُثر ، لست بصدد ذكر أسمائهم ، وقد تشكل لي مما قرأت عن ثورة العشرين مجمل رؤى واستـنتاجات شخصية سأوردها من خلال سطور هذه الموضوعة  ، والكثير يدعي أنه هو من أجج شرارة الثورة متناسيا أدوارا أخرى لشرائح ، وطوائف ، وأعراق   عراقية مساهمة بهذه الثورة الخالدة .

* دخول القوات البريطانية للعراق :

-------------------------

         أيلول سنة 1914 م دخلت القوات البريطانية الغازية الى العراق من منفذ الفاو الذي يطل على الخليج العربي ، ولدخول القوات البريطانية عام 914 م ودخول القوات الأمريكية الغازية عام 2003 م ومن نفس المنفذ اعتبارات إستراتيجية كثيرة ، أولها أنها المنفذ البحري الوحيد للعراق ،و معلوم أن تكاليف النقل البحري أيسر بكثير من غيره ، وثانيهما أن القوات البريطانية تتمركز في مستعمرة الهند ، ومعنى ذلك تجنيد الرجال الهنود  للقتال مع الجيش البريطاني بأجر زهيد يقل عن أجر الجندي البريطاني بكثير ، وليس غريبا ان تتفق آراء الطرفان البريطاني والأمريكي لدخول العراق من الفاو لاعتبارات كثيرة أهمها المذهبية ، لتوقع لا حقا بتلك الطائفة الخسران الكبير ، ولتخلق جوا من الاتهامات غير المبررة إلا لدى الجهلة من الطوائف والأعراق ضد تلك الطائفة التي دخلت القوات من خلال منفذها الواسع والمهيأ  لدخول السفن  والجند  الى البلاد ، ومعلوم للجميع ما حدث في الفاو من معارك طاحنة قادتها أبناء تلك الطائفة المتهمة وتاريخنا الحديث يذكرها بشئ من الخجل والتناسي لما قدم من ضحايا بشرية على مصارع الحرية في مدينة الفاو الباسلة ،  وغاية القوات البريطانية آنذاك هي احتلال العراق ودحر الإمبراطورية العثمانية للسيطرة على خيرات البلد أولا ، ولحماية منابع النفط والسيطرة عليها جنوب غرب إيران ( عبادان ) ثانياً وهي الغاية الأساسية .

* معركة الشعيبة :

     تحركت عشائر العراق الجنوبية ، وعشائر حوض الفرات الأوسط ، ومتطوعون كرد بقيادة الشيخ ( محمود الحفيد ) عام 1916 م بعد ان بسطت القوات البريطانية سيطرتها بعد معارك طاحنة على مدينة البصرة وعسكرت تلك العشائر والمتطوعون في منطقة ( الشعيبة ) بعد ورود معلومات مؤكدة لنية القائد البريطاني الجنرال (مليس) التقدم نحو بغداد ،  وفعلا بدأت حملة تلك القوات البريطانية صوب بغداد ، وبدأت معركة طاحنة بين الطرفين ، وبسبب ضعف قيادة القائد التركي ( سليمان باشا ) ، وقلة الإمدادات التي تصل لساحة المعركة ، وعدم تسليح العشائر بسلاح يقارب سلاح الجيش الغازي ، والانسحاب التكتيكي للقائد الانكليزي ( مليس ) ، كل ذلك مجتمعا أدى الى خسران المعركة وانتحار القائد التركي ( سليمان باشا ) وإيقاع الخسائر الفادحة بالقوات المتحالفة ، مما أدى بسط نفوذ القوات البريطانية على الناصرية والكوت والعمارة والتوجه  بالزحف نحو بغداد .

* معركة سلمان باك :

          حفاظا على بغداد من أن تسقط بيد المحتل الانكليزي تحصن الجيش التركي بمنطقة ( سلمان باك ) لصد الهجوم ودارت معركتان طاحنتان أدت الى فرار الجيش الانكليزي صوب الكوت ، وتعد تلك الهزيمة أسوأ خسارة للجيش البريطاني بمعارك الحرب العالمية الأولى ، وحوصرت القوات البريطانية من قبل العشائر والأتراك في الكوت لمدة ستة أشهر مما أدى الى استسلام القائد الانكليزي الجنرال ( تاوزند )  وهروب جيشه فتعقبتها العشائر العراقية لتوقع فيها الخسائر الفادحة في ( الحي ) و( النعمانية ) و ( الصويرة ) ، ورغم خسائر الجيش البريطاني فقد أستطاعوا احتلال بغداد من محاور أخرى وهرب الجيش العثماني صوب سامراء بعد أن أحرق مخازن العتاد المخزنة ب ( باب الشيخ )  من بغداد  ولم  يسلمها  للعشائر العراقية وسقطت بغداد  بيد  القائد الانكليزي ( ستانلي مود )  في 11 / 3 / 1917 م .

•     الإدارة المدنية في العراق :

    بعد السيطرة على بغداد عام 1917 م بقيادة ( ستانلي مود ) قررت الحكومة البريطانية تشكيل ( الإدارة المدنية في  العراق ) وترأسها السير (ارنولد ولسن) حتى عام 1918 م  ، فتبعه السير (بيرسي كوكس) الذي ألغى العديد من المؤسسات الإدارية العثمانية ، وانشأ محلها مؤسسات عسكرية لإدارة الشؤون المدنية ، ونصب عليها ضباط انكليز برتب عالية ، فحكموا بشكل صارم ومهين للعراقيين  .

•     أسباب اندلاع ثورة العشرين :

        من أهم أسباب ثورة العشرين هي السياسة البريطانية التي عزمت على ( تهنيد العراق ) وضمه لاحقا الى بريطانيا العظمى ،  وشن حملة واسعة كما ذكرنا سالفا وربط العراق بمنظمة ( الكومنويلث )  ، والسياسات الجائرة من قبل المحتل البريطاني ، وامتهان الكرامة العراقية الممثلة بعدم احترام شيوخ العشائر ورجالات الدين وشرائح المجتمع الأخرى ، وقد أستدعي الشيخ ( شعلان عناد ابو الجون ) شيخ عشيرة ( بني حجيم ) في الرميثة  لمقر الإدارة المدنية في بغداد يوم 30 / 6 / 1920 م ، ودار حديث غير مؤدب معه من قبل الحاكم المدني الذي أمر بتوقيفه وإرساله مخفورا الى سراي  ( الرميثة ) ، ومعلوم ان الشيخ شعلان كان رأسه يرتعش من  مرض مصاب به ، فأعتقد الحاكم البريطاني أن شعلان كان خائفا منهم ويرتعش من خوفه ، وقال البريطاني له  ( نحن  لا نخاف من رجل خائف يرتعش ) ، فأجابه شعلان ابو الجون وهو العارف ب ( الهوسات )  العراقية والكاتب لها ( أرعش ما أرعش هذا آنه ) ، ويقال أن شيخ عشيرة آخر أسمه الشيخ شعلان العطية هو من أرتجل هذه الأهزوجة ( أرعش ما أرعش هذا آنه ) ، ولا يصح لدي مما تقدم أن الأهزوجة ( أرعش ما أرعش ) للشيخ شعلان العطية ودليلي لذلك لعدم وجود أهازيج أخرى تنسب له ، في حين أن الشيخ أبو الجون له أكثر من أهزوجة مسجلة باسمه سنوردها بمحلها ،   وحينما علمت رجالات العشيرة بحبس شيخهم - شعلان ابو الجون -   هبوا لنجدته واقتحموا السراي وأنقذوا شيخهم شعلان من سجنه بعد مقتل عدد من حراسه وهروب العدد الآخر ، أضف لأسباب ثورة العشرين الوعي الوطني والديني لرجالات العشائر ومما ينسب الى شعلان ابو الجون قوله هازجاً ( حل فرض الخامس كوموله ) .

•     بغداد و ثورة العشرين :

      لم تكن بغداد بمعزل عما تدور من أحداث وسط العراق وجنوبه وشماله ، ففي رمضان عام 1920 م اجتمع شيوخ و أعيان وشعراء وأدباء ومثقفون في  بغداد ب ( جامع الحيدرخانه ) بشارع الرشيد ، وقاموا بإلقاء الخطب الرنانة  وقصائد الشعر الحماسية من قبل شاعر الثورة  ( د محمد مهدي البصير ) الحلي ، والشاعر ( عيسى عبد القادر ) ، وبحضور مفتي بغداد آنذاك ، و ( عبد الوهاب النائب ) ، و ( جعفر أبو التمن )  الذي أنتدب للاتصال بكافة العشائر العراقية ، وحررت كتب تحض على الثورة ونصرة المنتفضين ،  فتحركت العشائر لذلك وصمموا  على قطع طريق سكة الحديد بين بغداد و السماوة  لقطع إمدادات الجيش البريطاني القادمة من البصرة ، وكانت جوامع بغداد وحسينياتها وبخاصة في الكاظمية المقدسة منبرا حرا للثوار للتضامن مع الثورة  .

•     الكورد وثورة العشرين :

      لم يكن الكورد بمعزل عن ثورة العشرين فقد تحركت القبائل والعشائر الكردية تضامنا مع العشائر العراقية وهب ثوار كردستان في السليمانية وهاولير – اربيل – وعقرة وخانقين وكفري ، وفي كفري وقعت معارك طاحنة بقيادة القائد الكردي ( إبراهيم خان ) نهاية ت1 1920 م واستولوا على مدينة كفري من البريطانيين وقتل قائدهم البريطاني ( كاردن ) بعد 23 يوما من القتال الدامي ، وكبد الكرد القوات البريطانية الخسائر الفادحة في خانقين وديالى ومندلي وبدرة والصويرة والحي والنعمانية وهذا ما أكده الشيخ ( صلال الموح ) بمذكراته عن ثورة العشرين كأحد قواد لها ، ودليل آخر هذه الأهزوجه التي قالها رجل من الحي بعد أن تبرعت  أمرأة     كردية بحليها الذهبية لثوار العشرين ( تجار الحي فدوه الشانه ) والمرأة الكردية أسمها ( شانه ) ، وأهزوجة أخرى تقول (ثلثين الجنه لهادينا وثلثه الكاكه احمد واكراده) .

•     اشهر المعارك

معركة الرارنجية

حصار مدينة الكوفة من قبل الثوار

معارك العارضيات والهاشميات

معارك الكفل والحلة

معارك عشائر زوبع وقطعهم سكك الحديد بين بغداد وسامراء

معارك العشائر الكردية في السليمانية وخانقين وعقرة وكفري وغيرها من المناطق .

المعارك التي اشتركت فيها عشائرمن الكورد الفيليين مع اخوانهم من العشائر العربية في ديالى ومندلي وخانقين وبدرة والحي والنعمانية والصويرة

* ( الطوب أحسن لو مكواري )

أهزوجة مشهورة رددها الثوار عند قنطرة الرارنجية بعد أن غنم الثوار مدفعا بريطانيا بأسلحة بسيطة وهي الفؤوس و ( المكاوير مفردها مكوار) وهو عبارة عن عصا غليظة تنتهي بكتلة من القار المتماسك . 

* معطيات ثورة العشرين :

     بعد اندلاع ثورة العشرين في العراق والتي أمتدت لستة أشهر ، وحدوث ثورات عربية أخرى مصر ، سوريا ، فلسطين ، اليمن عقد مؤتمر القاهرة الذي حضره وزير المستعمرات البريطانية ( ونستون تشرشل ) لمناقشة الوضع وتقرر منح هذه الدول استقلالا محدودا تنفيذا لمعاهدة ( سايكس بيكو ) وتجزئة الولايات العثمانية ومنحها استقلالا صوريا وهيمنة فرنسا وبريطانيا على هذه الدول . وقد أظهرت هذه الثورة صعوبة استمرار الحكم البريطاني المباشر في العراق. ونتيجة لانتقادات الساسة البريطانيين في مجلس العموم البريطاني لسياسة بريطانيا في العراق، قررت الحكومة البريطانية أن تحكم العراق بصورة غير مباشرة ، وذلك بإقامة حكومة وطنية فيه.

* الحكومة المؤقتة وتأسيس الملكية :

     باشرت بريطانيا  بما يسمى بالحكم الأهلي في العراق وشكلت حكومة وقتية برئاسة ( عبد الرحمن النقيب ) ووزعت الوزارات طائفيا وعشائريا في البلاد وأعلنت بريطانيا رغبتها بإقامة ملكية في العراق ورشحت لها الأمير فيصل بن الشريف حسين بعد خروجه من سوريا وتوج فيصل ملكا للعراق 23 / أيلول عام 1921 م بعد استفتاء شعبي صوري حصل بموجبه الملك على نسبة 96 % تأييدا له ، ومعلوم التدخل البريطاني في شؤون المملكة ، لذا واجه فيصل الكثير من المصاعب بذلك ، ناهيك عن الوضع الداخلي وتشكيلة العراق الطائفية والعرقية ، وأعقب عبد الرحمن النقيب  عبد المحسن بيك  السعدون ، ودخل العراق لعصبة الأمم المتحدة عام 1922 م وسمح الملك فيصل بنفس العام تشكيل الأحزاب على النمط الأوربي  .

-------------------------------

يتبع القسم الثاني

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.