اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

الماسنجر مقفل- قصة رمزية قصيرة// رانية مَرجيه

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

رانية مَرجيه

 

للذهاب الى صفحة الكاتبة 

الماسنجر مقفل- قصة رمزية قصيرة

رانية مَرجيه

 

مقدّمة

في زمنٍ تتكلّم فيه الشاشات أكثر من القلوب، وتُقاس المسافات بسرعة الإنترنت لا بحرارة اللقاء، تجلس ليلى أمام شاشةٍ صغيرةٍ، تبحث عن أثر إنساني في عالمٍ مكتظّ بالإشعارات…

لكن الماسنجر مقفل.

 

الجزء الأول – الماسنجر مقفل

الماسنجر مقفل…

لكن الصمت مفتوح على مصراعيه. كأننا جميعًا نسكن في غرفٍ صغيرةٍ من الضوء، نحرس شاشاتنا كما كان القدماء يحرسون نيرانهم في الليالي الباردة، نخشى أن تنطفئ.

 

في زمنٍ كان القلب يكتب رسائل على الورق، كانت الكلمات تعرف طريقها إلى العيون. اليوم، تسافر الحروف في أسلاكٍ باردة، وتعود بلا حرارة، بلا أثر.

 

لم يعد بيننا من ينتظر الرسالة، لأن الجميع متصل… لكن لا أحد حاضر.

 

الماسنجر مقفل،

لكن الأرواح هي التي عطّلت الإشعارات، وأغلقت آخر نافذة للبوح. صرنا نتبادل “الوجوه الصفراء” بدل الوجوه الحقيقية، ونقيس الحب بعدد النقاط الزرقاء التي تومض ثم تختفي.

 

 

 

أصبحت المحادثات مقابر مفتوحة، دفنا فيها ضحكاتٍ قديمة، ووعودًا لم نُكملها، وصداقاتٍ أُطفئت ببرود الضغط على “حذف المحادثة”.

 

لكنه لم يكن يومًا طريقًا إلى الآخر، بل مرآةً صغيرة تكشف وحدتنا بوضوحٍ أكبر.

 

فحين لا يأتي الرد، نرى أنفسنا كما نحن: عالقين بين خطوةٍ نحو الحياة ونجمةٍ لا نبلغها.

 

الجزء الثاني – ليلى والنافذة المغلقة

كانت ليلى تنظر إلى شاشة هاتفها كما لو أنها تنظر في بئرٍ لا قاع له.

كل شيء على ما يرام من الخارج:

الشبكة متصلة، الإشارة قوية، البطارية شبه ممتلئة… لكن الماسنجر مقفل.

 

لا إشعارات، لا رسائل، ولا ومضات زرقاء تقول لها: “ما زلتُ هنا.”

 

تفتح التطبيق وتغلقه، كأنها تطرق باب بيتٍ مهجور، تنتظر من الداخل صوتًا يعرفها. لكن لا أحد يفتح. ولا أحد خرج منذ زمنٍ بعيد.

 

تذكّرت آخر مرة كانت فيها “المحادثة مفتوحة”. كلمات كثيرة، بعضها من حبّ، وبعضها من خوف، وبعضها من كبرياءٍ لا يليق بالحُبّ. ومن يومها، لم تعد الرسائل تصل — لا لخللٍ في التطبيق، بل لأن الأرواح قطعت الاتصال.

 

قالت لنفسها:

“ليس الماسنجر هو الذي أُغلق… بل قلبي.” في المساء، حين هدأ كل شيء، ظهرت على الشاشة رسالة غريبة:

 “تم تسجيل الدخول من موقعٍ غير معروف.”

خافت في البداية، ثم ابتسمت.

ربما لم يكن اختراقًا رقميًا، بل تَسلّلًا من ذاكرتها،

من تلك النسخة القديمة من نفسها التي كانت تكتب دون خوف، وترسل القلوب الحمراء دون حسابٍ للكرامة أو الخيبة.

فجأة، انفتح التطبيق. لكن الرسائل التي ظهرت لم تكن جديدة. كانت كلماتها القديمة تعود، واحدةً تلو الأخرى، تذكّرها بكل ما لم تَقُلْه، بكل وداعٍ لم تكتبه، بكل شخصٍ ظلّ في خانة “آخر ظهور منذ زمن”.

 

في منتصف الليل، كتبت رسالة قصيرة إلى نفسها:

“إذا أُغلق الماسنجر غدًا، افتحي قلبك.

إذا انقطع الاتصال، تواصلي مع النجمة.

إذا صمت الجميع، تحدّثي مع الصدق.”

 

ثم أغلقت الهاتف، وفتحت النافذة.

السماء كانت مليئةً بالنجوم،

 

واحدةٌ منها كانت تُشبه الضوء الأزرق الصغير الذي يلمع عندما يدخل أحدهم إلى المحادثة.

ابتسمت وقالت:

“ربما… هناك، بين الخطوة والنجمة، ما زال أحدٌ يكتب لي.”

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.