اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مبدعون وابطال الحرية

• من الأربعة الذين لم يصوتوا للدكتاتور في اسsتفتاء 1995

 

محمد مؤنس

من الأربعة الذين لم يصوتوا للدكتاتور في اسsتفتاء 1995حكاية رجل  قال: لا ... 

محمد مؤنس:

الآن وقد انتهت الانتخابات بخير وسلام على كل العراقيين رغم تهديدات الإرهابيين الذين فشلوا واندحروا بإرادة شعبنا البطل، دعوني -اعزائي القراء - اعود بكم قليلا الى الوراء، وبالتحديد الى انتخابات (القائد الضرورة عام 1995) التي كانت نتائجها معروفة مسبقا قبل البدء فيها، واغلب هذه النتائج كانت تظهر برقم مئة بالمئة إلاّ في عام 1995 حين اراد (القائد الضرورة) ان يجعل فيها بعض المصداقية، كما يظن هو طبعا، فكانت نتيجة الاستفتاء عام (1995) هي %99,99 وخرج يومها من على شاشات التلفاز ليقول هناك اربعة فقط لم يصوتوا لي.. وهم من ابنائنا الذين ضلوا (وسنعيدهم الى رشدهم).

 وكان ثلاثة من هؤلاء الاربعة الذين صوتوا وقالوا (كلا) على ورقة الاقتراع بشكل سري لا أحد يعرفهم ويعلم بهم.. اما الرابع وهو موضوع الحديث هنا فهو احد الاصدقاء الذين تربطني بهم وشائج كثيرة وكبيرة، الا وهو الشيوعي عباس جبر جلوب، الذي قال (كلا) بالعلن وامام الجميع.. قالها وقد وضع روحه على كفه وهو على دراية ويقين بان (كلا) التي وضعها في صندوق الاقتراع تعني موته وحتفه..

والحكاية بدأت في مركز سنحاريب الانتخابي في منطقة الدورة معهد المعلمات في الوقت الحاضر.. وكان عباس جبر قد فصل من عمله موظفا في أمانة العاصمة واتجه الى الاعمال الحرة ليعيل عائلته بمحل لبيع الادوات الاحتياطية في نفس منطقة الدورة، وعندما حان وقت الانتخابات المزعومة كان قد اعد العدة لذلك واخرج عائلته بعيدا الى الريف في منطقة (الدغارة)، ثم رجع هو ليدلي بصوته، فوجد التطبيل والتزمير في اوجّه، فتداخلت بنفسه تلك المشاعر الغاضبة وزادته إصراراً للرفض على ان يقول (كلا للطاغية). فتقدم الى سجل الناخبين وكان المسؤول الحزبي هو الذي يجير ورقة الاقتراع للناخب وما على الناخب الاّ ان يضعها في الصندوق كما هي.. وفعلا ناولها لعباس جبر وقال اذهب الى الصندوق وضعها هناك، فدار بينهما جدال

 قال له عباس جبر: هل انا (أمي) لا اقرأ او اكتب حتى تصوت بدلا مني ..ام ماذا؟ عندئذ رفع المسؤول الحزبي عينيه وقال لعباس بإصرار: ضعها بالصندوق واسكت خيرا لك.. فما كان من عباس الاّ ان امسك ورقة الاقتراع ومزقها امام الجميع وطالب بورقة اخرى غيرها ليضع عليها ما يمليه ضميره وإرادته.. فأعطوه الورقة الثانية على مضض وهم يتوعدونه.. وأراد احد الحزبيين الواقفين ان يقتله في نفس اللحظة وقد سحب مسدسه.. غير ان قاضيا صوريا او رمزيا منعه من ذلك مخاطبا المسؤول الحزبي (مو وكتهه)، أي هناك ايام اخرى لقتله ولكن ليس في هذه اللحظة.

 وبعد مرور ايام قليلة جاءت سيارتان بداخلهما مجموعة من الاشخاص كلهم مسلحون ونادوا على عباس بإسمه وهو في محله وعندما اجاب بنعم اطلقوا النار عليه فاصابته مجموعة من العيارات النارية في بطنه وقدميه، فخر ساقطا على الارض، فظنوا انه قد توفي فدخلوا الى المحل ونهبوا ما فيه، ليبدو الامر كأنه سرقة ولصوص.. وهم رجال (مخابرات طبعا) ثم غادروا المكان، وكل ظنهم انه قد مات. وهنا انتشله احد المارة من اصحاب المروءة ونقله الى مستشفى اليرموك ليعالج هناك مدة ثلاثة اشهر برعاية الدكتور طلال شوكت الذي تعاطف معه بالسر، والجميع يظنونه قد مات.

وبعد ثلاثة اشهر خرج من المستشفى وهو غير معافى ليبيع بيته وسيارته كي يوفي الديون التي في ذمته جراء نهب المحل العائد له، ثم ذهب وراء عائلته متخفيا الى منطقة (الدغارة) واغلبهم ممن تربطهم به صلة رحم ليعيش هناك مع الفلاحين والكادحين لحين سقوط الصنم..

 بعدها عاد ليأخذ حقه الطبيعي في الاستحقاق الوظيفي وليمارس عمله الحزبي الذي يؤمن به. هذه ببساطة حكاية رجل عاش ومازال يعيش بيننا، رجل يستحق بأن يحتل اسمه مكانا ًفي صفحات التأريخ، رجل قال (كلا) في وقت كان الجميع فيه صامتين

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.