اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

خفقاتٌ لإضاءةِ الروح// نمر سعدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

خفقاتٌ لإضاءةِ الروح

كتابة: نمر سعدي

 

 لا أعرف لماذا أكتب بالضبط وكيف قادني القدر إلى الشعر.. الناس العاديون البسطاء يسمون الذي يكتب مجنونا.. ربما هذا الرأي المسبق أو الصورة النمطية للكاتب لديهم.. كنت أعتقد أنني أكتب لأخلق ذلك التوازن في روحي القلقة أو لتحرير المياه الجوفية لرتابة الحياة ومللها من بئر الجسد الأرتوازي.. أو ربما لإضاءة نفق مظلم بالحزن غير المفسر في جوانية النفس.. اليوم أضحك من تلك النظريات.. بعد عشرين سنة من اشتعال أصابعي بالحبر وتخبط القلب في مصيدة النصاعة التي تلمع من وراء القصيدة الحقيقية.. لا أعرف لماذا أكتب أو أفكر بالكتابة بالضبط.

 ***

 أنا مهووس بالحبر والورق.. مع احترامي للحاسوب والكيبورد.. (بعد كل هذه الثورة الالكترونية..) حتى أن العديد من الكتاب والشعراء قد نسي رائحة الحبر ولون الورق.. ولكنني أنصاع لعطر الحبر ولوهج الورق حتى إذا أردت كتابة كلمة واحدة أخربشها وبعد ذلك أشطبها وألغيها. حتى أفقر ستاتوس أكتبه على الورق بتذمر أحيانا.. لا أعرف ما هي قصتي مع الحبر والورق.

 ***

قرأت خلال عشرين سنة المئات من المجموعات الشعرية لشعراء عرب وأجانب وملكت تلك الحاسة التي تستطيع أن تميز بن الحقيقي واللا حقيقي.. تستطيع أن تعرف ذلك النوع من الشعر الذي عندما تقرأه تحس بأن قمة رأسك قد انتزعت وأنك تسبح فوق الغيوم على حد اميلي ديكنسون.. شعر محمود درويش ينتمي إلى هذا النوع من الشعر.. هو شعر يبلغ مستوى رفيعا من الجمالية والحساسية.. ومكاشفة الذات.. شعر حقيقي يجوب مساحات شاسعة وعالية جدا من النور.. هذه كلمة حق لا أقل ولا أكثر.. مشهورة بوجوه كل المتخرصين كذابي الشعر الذين لا يروق لهم تربع درويش على هرم الشعر العربي، وهي على كل حال انطباع ذاكرة قارئة.. باحثة أبدا عن أشياء الجمال.

 ***

لتفكيك نص ما أحتاج إلى عدة قراءات قد تتجاوز العشر أحيانا.. ألغي بها نرجسيتي وأمسح هالة الانبهار عن عيني.

 ***

الفرح يرفض أن ينام.. الفرح بالشعر لا ينام أصلا.. في هذا الزمن الخالي من أحلام الشعر عزاء كاتب أو شاعر ما في هذه الحياة أن يحتفى بنصوصه في مكان ما من الأرض وهو لا يدري.. وأشدد على كلمة لا يدري.. لأنها تحمل في طياتها فرحا لا ينام، ولأن هذا الاحتفاء في الجانب الآخر من الأرض يعني لي الكثير من الأشياء الجميلة.

 ***

 موسيقى مرئية مصطلح اخترعته في خريف عام، وهو اسم مجموعة شعرية لي صدرت عام عن مؤسسة ومجلة مواقف، واسم قصيدة لي كتبتها حسب ما أظن في سنة أو بعدها بقليل ونشرتها قبل عام في صحف محلية وعلى النت، أي قبل صدور كتاب يوميات محمود درويش أثر الفراشة، والذي يحتوي على قصيدة نثرية تحمل هذا العنوان.. وقبل اطلاعي على الكتاب.. سبحان الله من توارد الخواطر ووقع الحافر على الحافر.

 ***

يقول لي الشخص الغريب اليوم إنه ممنوع من انتظار أي شيء.. أجيبه أن لا شيء أجمل من الانتظار بالنسبة لي.. الحياة كلها انتظار لما لا يأتي.

 ***

قال الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي مرة في قصيدة: وأنظر الوادي يغطيه الضباب المستنير.. قرأت قصيدة الشابي قبل زمن بعيد، فلم أفهم حينها معنى هذا الضباب المستنير الذي يعنيه الشاعر الرومانسي الحالم الكبير إلا فيما بعد.. اليوم مثلا هذا الضباب المستنير الذي ذكره الشابي في قصيدته قبل عشرات السنين يغطي كل هضاب وجبال المنطقة الخضراء التي أعيش فيها منذ الصباح الباكر.. يا له من جمال أخاذ.. ساحر.. شاعري.. ربيعي.. يمتاز به آذار الذي يشكل جسرا طبيعيا وجماليا.. رومانسيا عذبا بين فصلي الشتاء والربيع.. ضباب أبيض كثيف فراشي تتخلله أشعة شمسية ذهبية خجولة.. كم أحب هذا الطقس منذ الصغر رغم ذرات الغبار الصغيرة المشبعة بالرطوبة في هوائه.. كأنه الطقس المثالي للشاعر الذي يسكنني.

 ***

بعد أن يتحول الطغاة إلى رماد أسود ستطلع وردة العتابا السورية النقية الصافية البيضاء من تحت هذا الرماد وتمتزج بيد صبية.. أقسم أن هذا سيحدث ولو طال رقص الجرافة الأرعن على الأجساد.

***

 

همي الشخصي جدا هو نفسه همي العام الكوني.. أتلاشى في كل شيء.. وكل شيء أيضا يتلاشى في.. يخيل لي وأنا أفكر بالجميع أن الجميع أيضا يفكرون بي.. العصفور الذي حط على مقربة مني يكلمني في صباحي الربيعي الجميل وأنا لا أفهمه.. لكني رغم نفسي أرد له التحية.. أتماهى مع فرحه المقتضب كما تتماهى الكائنات الصغيرة مع صمتي المفتعل.. كل الحياة تماه بتماهٍ إذن. 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.