اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

تأملات في آفة البشرية المسماة الولايات المتحدة// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

تأملات في آفة البشرية المسماة الولايات المتحدة

صائب خليل

4 نيسان 2016

 

من يتخيل أن السعودية يمكن ان تدعم إرهاباً تقف الولايات المتحدة ضده يعيش في الوهم التام. فلا تجرؤ دولة في العالم مهما بلغت قوتها واستقلالها أن تدعم اليوم إرهابا تقف الولايات المتحدة ضده! ففي الولايات المتحدة قانون يعتبر الدول التي تأوي الإرهاب كجزء من الإرهاب ويحق لها وفق ذلك معاملتها على هذا الأساس، أي أنها لن تصمد اياماً امام هجمة أمريكية مشابهة لما فعلت في أفغانستان أو العراق. فحين زأرات اميركا في 11 سبتمبر، ارتجف العالم كله وأعلن مساندته لها، حتى سوريا وإيران تعاونتا فعليا معها، فكيف يتخيل المرء أن تقف دولة منخورة تماما ومكشوفة منذ عشرات السنين بكل تفاصيلها للأمريكان مثل السعودية أو مصر، موقفا من الإرهاب معاكس لأميركا، وهي التي لا تستطيع أن تعين شرطيا دون موافقتها؟

 

خبر يقول "دول الخليج تشتري أسلحة بقيمة 33 مليار دولار من الولايات المتحدة في أقل من سنة" يثير التساؤل الأبدي: من اجل ماذا تصرف دول الخليج ملياراتها بهذا الشكل؟ هل هي في حرب طاحنة مصيرية؟ من الذي يهددها ويجبرها على إهدار ثروة اجيالها، سوى ما أدخلوا في خيالها المريض عن إيران؟ لماذا يجب أن تبذل المليارات من أجل ان تبدل رئيسا لليمن بآخر؟ السعودية تكاد تدخل في أزمة اقتصادية تبيع بها شركة نفط أرامكو، ورغم ذلك تستمر في شراء السلاح كالمعتوه الذي يريد ان يحطم نفسه.. لماذا؟

 

لا ليس حقدا طائفياً، فلم يوجد حقد طائفي حين كان الشاه، ولم يخلق هذا الحقد إلا حين صارت إيران خصماً لإسرائيل والولايات المتحدة، فالأجدر ان نبحث في هذه النقطة الجديدة بدلا من تأثير لم يثبت أهميته لعقود سابقة من السنين، ولم يتغير فيه شيء. لقد خلقوا فيهم الخوف من الآخرين فدفعوهم كالمجانين إلى مقاتلتهم تماما كما يفعلون مع السنة والشيعة في العراق. هل نلومهم إذن لقلة وعيهم؟ الحقيقة أننا نطالبهم بما هو فوق طاقتهم وطاقتنا من الوعي. لقد قال أحد كبار نازيي هتلر لمحدثه في محاكمات نورمبرغ، أن أي دولة تستطيع أن تدفع بشعبها إلى الحرب، بإثارة خوفه من عدو وهمي. وباعتبار السعودية ساحة لعب حرة للموساد والسي آي أي، وكل إعلامها تحت تصرفهما، فإنهما يستطيعان بلا شك دفع شعبها إلى الخوف من الوهم، وإجبار حكامها على شراء السلاح، حتى لو لم يصدقوا الرواية.

 

نعم لقد قاومت بعض الشعوب والحكومات مثل هذه المخططات الشريرة، لكن الظروف مختلفة هنا. فيذكر جومسكي أنه حين طلب كندي من وزير خارجية المكسيك ان يتعاون معه في تغيير نظام الحكم في كوبا باعتبارها تشكل خطراً على المنطقة، أجابه هذا بأنه يود ان يتعاون معه، "لكنني إن أخبرت المكسيكيين أن كوبا تهددهم، فسيموت 50 مليون مكسيكي من الضحك"!

لكن احداً لا يموت من الضحك في أميركا من مثل هذه الترهات، كما يلاحظ جومسكي، لأن الوعي الأمريكي مشبع بالأوهام، ولم يمت أحد من الضحك في السعودية ايضاً حين أكدوا لهم أن تلك الدولة التي لم تعتد على أحد منذ قرون، تهدد أمنهم!

 

إذن فهو ليس الحقد الطائفي بل الخوف المخلوق بأوهام الإعلام. فقد خلقت أميركا وإسرائيل ذلك “الحقد الطائفي” المزعوم خلقاً، ولو عاد الشاه لإيران لطار هذا الحقد وهذا الخوف بقدرة قادر!

 

ثمن الخوف من الأشباح، انهم صرفوا ثروة قرن من الزمان من ضخ النفط كالمجانين لمداراة مخاوفهم من الأشباح، ولم يتمكنوا من ان يبنوا لهم بلدا ومجتمعا كالبشر، وهم مستمرون بشراء الأسلحة التي لا يدرون ما يفعلون بها سوى ضرب هذا وذاك من جيرانهم الذين - "بالصدفة"، يؤشر عليهم الإصبع الأمريكي دائماً! إنني لا أستطيع لومهم. فهي شعوب مسكينة لم يتح لها ان تتطور. وحين اكتشفت ثروة النفط تحت ارضها كان الفارق بينها وبين المتربصين بتلك الثروة هائلاً فقد امسك هؤلاء بخناقهم بل بخناق العالم كله. لقد عانى من هذه الدولة الفتاكة جيرانها قبلنا، من الدول التي تسميها "حديقتها الخلفية". ويشرح لنا كتاب "قتل الأمل" عمليات التدخل الأمريكي بشكل خاص بعد الحرب العالمية الثانية وتدميرها لشعوب الأرض. وهو سجل ثري من الوحشية والحروب والهدم بلا رحمة. ويذهب آخرون أبعد من ذلك فيكتب عنها البروفسور الأمريكي جومسكي كتابه "501 عام والغزو مستمر" يبين فيه أن الولايات المتحدة كانت في غزو مستمر لشعوب العالم منذ تأسيسها وحتى اليوم!

لقد صرخ سياسي مكسيكي يوماً ينعى حظ بلاده العاثر: "إيه أيتها المكسيك المسكينة. ما ابعدك عن الله وأقربك إلى الولايات المتحدة"!

 

والحقيقة ان "بركات" اميركا لا تقتصر على الشعوب المتخلفة فهي تمسك بخناق الدول الأوروبية ايضاً وتجبرها على ما لا تريد. وليس ذلك فقط بالضغط لشراء الأسلحة والمشاركة في حملات أحلافها العسكرية التي لم يكن لها أي مبرر في أي وقت، ومغامراتها في أفغانستان رغما عن إرادة شعوبها الرافضة تماما لذلك، وإنما أيضا ً بإجبارها على مشاركتها حصارها الاقتصادي على أية دولة، وليس على الدول الصغيرة مثل كوبا والعراق، بل على دول أوروبية كبرى مثل روسيا، وهي سياسة كلفت الدول الأوروبية التي لا ناقة لها فيها ولا جمل، إضافة إلى التوتر الأمني الشديد والخطر، مئات المليارات من الدولارات في وقت تعاني فيه من الأزمات المتتالية. وكان الضرر ابلغ ما يكون لدى ألمانيا التي يتبع ساستها الأوامر الأمريكية كالخادم المطيع. وفوق هذا وذاك فهي تتبع سياسة عدوانية هددت مرات عديدة بفناء العالم في حرب نووية لا تبقي حياة على الأرض، وما تزال حتى اليوم تفعل بإثارة صراعات لا يمكن التأكد من السيطرة عليها، كما في سوريا.

 

يدهشني هنا بعض الكتاب السفلة من العرب خاصة، الذين مازالوا من قلة الحياء والإحساس والضمير، أن يستمروا بامتداحها وتعريض شعوبهم للمزيد من التضليل ليكونوا ضحية أسهل وأطيع لها.

 

ليس الإحراق المستمر لثروات البشرية وتفويت فرص اجيالها هي الجريمة الكبرى الوحيدة لهذه الدولة طبعا، فنحن نعرف جميعا كيف ابادوا الهنود الحمر وكيف لعبوا برؤوسهم كرة القدم في عيد الشكر وكيف كانت فروة رأس الهندي مسعرة والهندية نصف السعر والطفل ربعه وكذلك الجنين. ونعرف فظائعهم في الفلبين وكيف ضربوا هيروشيما رغم انها كانت تحاول الاستسلام واختاروا الضربة في وسط المدينة، وساعة الدوام الصباحي الأشد ازدحاماً بالناس، ثم سارعوا لتوجيه قنبلة ثانية من نوع آخر على ناكازاكي خشية ان تستسلم اليابان فتضيع فرصة إكمال التجارب النووية على البشر.

 

هذه نعرفها كلنا ولكن يذكر التاريخ حادثة صغيرة لم ينجم عنها أي قتل، ربما يمكننا ان نفهم منها عن الوحوش التي تسيطر على هذه الدولة، أكثر مما يعلمنا إياه تاريخ حروبها الوحشية وعدد ضحاياها، وقصص ساستها التي لا يصدقها العقل في التعامل مع الهنود الحمر والعراقيين واليابانيين وكل ضحاياهم. تلك الحادثة هي أن الولايات المتحدة حين كانت تبني قنبلتها الذرية الأولى، وقبيل إجراء التفجير النووي التجريبي الأول، أكتشف أحد علماء الفريق النووي أن التفاعلات سوف تشعل الهيدروجين والنتروجين في الغلاف الجوي الأرضي وتحرق الأرض! أسقط في يد هؤلاء، فهم يريدون التمتع بمشاهدة قنبلة تحطم مدينة كاملة! لكن حسابات الرجل كانت واضحة، ولم يستطع العلماء أن يجدوا فيها ثغرة لعدة أسابيع من المحاولات.

 

وأخيرا اكتشف أحدهم تلك الثغرة. ففي حساب الطاقة المتحررة، لم يحسب العالم الأول الطاقة التي سيستهلكها تفكيك ذرات النتروجين والهيدروجين. ولكن حتى بحساب الأرقام الجديدة، لم ينته احتمال اشتعال الغلاف الجوي الأرضي تماما، إنما انخفض إلى احتمال ضئيل يساوي ثلاثة من مليون. فرح العلماء السفلة بالحسابات الجديدة وأجروا بالفعل التجربة الأولى مخاطرين باحتمال أن يتم شوي كل كان حي على الأرض بثلاثة من مليون احتمال. لكن الأرض لم تحترق ونجى البشر وبقية الأحياء هذه المرة! (1)

فعلوا كل هذا وهم لم يكونوا مهددين بشيء، فكيف لو كانوا؟ وما هي فرصة البشرية في البقاء على قيد الحياة وقد انجبت مثل هذه الآفة المهووسة بالعدوانية التي تبلغ حد الجنون، وصار بيدها قوة عسكرية تعادل جيوش بقية العالم مجتمعة؟

 

 

(1) كتاب (The untold history of the United States, Oliver stone)

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.