اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

المصريون في يومهم العاشر// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

المصريون في يومهم العاشر

صائب خليل

11 نيسان 2016

 

وأنا اقرأ خبر بيع السيسي جزر تيران وصنافير للسعودية (1) وكذلك منشور صديقي منير التميمي الذي نشر الصورة أعلاه قائلا بأن المرة الوحيدة التي قابل فيها عبد الناصر زعماء السعودية كان يرتدي القميص والنعال، تذكرت قصة الأديب زكريا تامر القصيرة "النمور في يومها العاشر". تلك القصة التي طالما كانت في رأيي، من أعظم ما كتب من القصص القصيرة في العالم، إذا نظرنا للأدب بما يمكن ان يقدمه للإنسان من إنارات يكشف بها عالمه ويمكنه من توقع مستقبله!

 

يمكن قراءة قصة النمور في يومها العاشر من الرابط أدناه، ثم العودة لنكمل، أما من يكسل عن ذلك فأقول ان ملخص القصة، ان نمرا وقع في أسر مروض وضعه في القفص وأصبح تحت تصرفه. وتصور النمر في البداية أنه قادر على ان يبقى نمراً، لكن المروض استغل حاجة النمر إليه واستعمل الجوع والزمن لتغيير طباع النمر حتى فقد كل كبرياءه وصار مخلوقاً ذليلا لسيده، يقلد مواء القطط ويأكل الحشيش. (2)

 

ها هو الشعب المصري، الذي طالما كان "النمر" الأكبر والأثقف والأسبق للثورة بين "النمور" العربية - يصل اليوم يومه العاشر من الإذلال المتتالي، اليوم الذي بدأ ببيع أرضه للحثالات ولأعدائه، فكيف وصلت مصر إلى هذا القعر؟

 

لقد بدأ النمر المصري سلسلة التنازل حين قتل عبد الناصر وقبل هذا "النمر" بالسادات زعيما له، وبزيارته لإسرائيل وتوقيع الصلح مقابل إعادة سيناء، وبشروط مذلة ضمنت احتلال إسرائيل الفعلي لمصر كلها، بدلا من سيناء.

 

باع السادات مصر للأثرياء ووضع نفسه تحت الحماية الأمريكية خوفا من شعبه الذي صار عدواً غير مؤتمن. لكن الإسرائيليين سرعان ما وجدوا من هو أكثر خضوعا منه واستعداداً لخدمتهم بلا اعتراض أو مطالبة بمقابل، فقتل السادات في ظروف غريبة وجاء مبارك الذي لم يخيب أملهم أبداً. وفي هذه المرحلة انتشر السرطان الإسرائيلي الأمريكي في كل أركان البلاد الكبيرة ومؤسساتها، واستولى على الإعلام والجيش وملأ البلاد بالجواسيس واخترق الأزهر فصار يخرج الحثالات التي جعلت من مصر ومن الإسلام مسخرة كبيرة، بتعليمات مثل رضاعة الكبير وغيرها وصار الأزهر أداة إسرائيلية لإبعاد السنة عن الشيعة وإثارة الفرقة، مثلما صارت الكنيسة القبطية أيضاً. وعلى المستوى الاقتصادي ربط اقتصاد البلاد بإسرائيل وبشكل متزايد الابتزاز، حتى وصل من الوقاحة التي تزايدت مع الأيام، إلى حرمان مصر من غازها لبيعه لإسرائيل بأقل من كلفة إنتاجه. وفي هذه الأثناء كان “النمر” يبات في المقابر وهو صامت!

 

وبعد عقود من إذلال المروض مبارك، جاءوا للنمر بالمروض الجديد، السيسي بديلا عنه بمسرحية الربيع العربي الدرامية المتقنة، فتم جلد النمر أولاً بسوط الإخوان المسلمين ثم أزاحوه عنه فرقص النمر طرباً. وسرعان ما أطلق سراح مبارك وأعيد كل الفاسدين الذين اضطرهم دورهم في المسرحية أن يبتعدوا لفترة، ثم أعيدت لهم أموالهم وتحول ربيع مصر وكل الهرج الذي أحيط به، إلى نكتة مثيرة للشفقة.. والاشمئزاز ايضاً!

 

وكما هو متوقع، صار المسرح جاهزاً للمرحلة التالية من الإذلال والتحطيم، وهاهو المروض يفرض على النمر المحطم الفاقد للإرادة، بيع أرضه لإسرائيل (فالسعودية ليست سوى إسرائيل مؤجلة الإعلان، سبق نمرها النمر المصري إلى مصيره بزمن طويل).

 

وككل عصرة جديدة تقع عليه، صرخ النمر صرخة مكبوتة من ألم الذل الجديد – فسخر البرلماني السابق زياد العليمي ملخصاً طريق الأيام العشرة المذلة قائلا: "النيل لأثيوبيا، والأرض للسعودية، والاستثمار للإمارات، والقرار للي هيدفع، والتصالح للفاسدين، والسجن للأحرار".

 

وسخر آخر مذكرا السيسي: "الاتفاق إنك تبيع نفسك من اجل مصر مش تبيع جزرك يا باشا!"

لكنها صرخات المحتضر. إنها ليست سوى المسكن الذي يسبق كل رضوخ جديد ويسهله على صاحبه، ومازال طريق الرضوخ مليء بالمفاجآت.. غير السارة!

 

صاح البعض أن "السيسي فقد شرعيته". وكانت صيحة نفاق، فالسيسي لم يكتسب يوما شرعية ولم يأت إلا بالمراوغة الكاذبة على الدستور والضغط من جانب، والجبن والتجاوز على الحق من الجانب الآخر، فقد استولى رجل إسرائيل الجديد الذي اختير لحكم مصر، على تلك "الشرعية" بتظاهرات وعسكر، وبحد السيف الذي لم تشهد له مصر مثيلا من قبل. سكت الكثيرون، بين سعيد بالتخلص من أعدائه وخصومه وبين مستفيد، بل راحت الأغلبية من المثقفين المنافقين ترقص فرحا لديمقراطية السيف التي حققها السيسي، وتغاضى عن كل الحقائق.

 

لم يكن الإخوان المسلمون أشرافا ولا كانوا مبدئيين ولا يسهل لشعب تحملهم ايضاً، لكنهم وصلوا الى الحكم بشرعية، وكان يجب على الشعب ان يحترم نفسه وصوته وينتظر إبعادهم بشرعية أيضاً. لكن هذا لن يناسب إسرائيل وأميركا، فلا بد من أن تكون الإزالة تحت سيطرتهم، فكان السيسي: وزير دفاع مبارك، المعروف بتبعيته التامة لإسرائيل، وبالتالي تبعية كبار ضباطه أكثر منه.

 

حاول البعض التبرير، وراح النمر في محنته يدعي أن الجزر لم تكن ضمن أملاكه، لكن الأدلة المعاكسة، لسوء حظه كانت كثيرة، من كلمة للقائد السابق عبد الناصر(3) أو من قصة خارطة على سجادة أثرية (4)

وحين فشلت الحجة، حاول التقليل من أهمية الحدث: صحيفة الوفد المصرية حاولت تخفيف الأمر بالتقليل من أهمية بيع الجزر بالقول إن جزيرتي تيران وصنافير تقعان في جزء من "المنطقة ج" وفقا لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، بحيث لا توجد فيهما سوى الشرطة المدنية المصرية.

(قال المروض: "لا تكن متسرعاً فطلبي بسيط جدا. أنت الآن تحوص في قفصك، وحين أقول لك: قف، فعليك أن تقف".

قال النمر لنفسه: "انه فعلا طلب تافه ولا يستحق أن أكون عنيداً وأجوع".)

وحين ذكر البعض أمجاد مصر ومركزها العربي، لم يجد سوى صدى يتناقص مع الزمن... (قال المروض: "ولكنك الآن لست نمراً. أنت في الغابات نمر، أما وقد صرت في القفص فأنت الآن مجرد عبد تمتثل للأوامر وتفعل ما أشاء".)

 

وبينما كان النمر يموء كالقط ويتناول الحشيش كالخروف، كانت نمور أخرى وصلت تواً، تنظر من اقفاصها وقد اقفل الرعب فمها، وهي تشاهد ما يحدث لمن سبقها، كأنها تشهد مستقبلها. احتضنت أم صغيرها بقوة، وأغمضت عينيها، فسالت منها دمعة حائرة، فالنمور لم تبك قبلاً!

 

 (1) القاهرة: تيران وصنافير سعوديتان.. مغردون: 'عواد باع أرضه'

  http://www.alhurra.com/content/egypt-saudi-arabia/301807.html

(2) أدب.. زكريا تامر: قصة النمور في اليوم العاشر

http://www.adab.com/literature/modules.php?name=Sh3er&doWhat=shqas&qid=83555&r&rc

(3) جمال عبد الناصر : "تيران" و"صنافير" مصرية ولا نقبل المساس بسيادة الدولة https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=206407966407011&id=100011134260134

(4) قصة سجادة حدود مصر التي توضع خلف الرؤساء

https://www.facebook.com/KLMTY/videos/1156319767764433/

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.