اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

زيارة الجبير وإقناع البقرة العراقية ان تمد رقبتها للسكين// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

زيارة الجبير وإقناع البقرة العراقية ان تمد رقبتها للسكين

صائب خليل

1 آذار 2017

 

إن أردنا ان نفهم زيارة الوزير السعودي عادل الجبير المفاجئة والسرية للعراق فعلينا ان نرجع قليلا إلى الوراء لنرى ما فعل الوزير وقال وما هي الأحداث المحيطة به. ونحن هنا إزاء منطقة خطرة شديدة الزلق، لقوة المال السعودي وتأثيره على الإعلام الذي سيلعب دور رادارات تشويش شديدة الفعالية لحرف الرؤية العراقية نحو وجهة النظر المناسبة له، حتى إن كانت تلك بعيدة عن الحقيقة. في هذه المقالة سننظر في موقف الإعلام هذا ونختتم برؤيتنا للحقائق والموقف العراقي الصحيح من وجهة نظرنا..

 

من المقالات المفضوحة التوجه، مقالة " ابعاد زيارة الجبير الى بغداد" لعلاء الخطيب، والذي يبدأ بحديث سخيف التفاؤل حول بغداد واستعادة "دورها المؤثر" في رسم سياسة المنطقة، وأن ذلك لا يتم إلا باستعادة "عمقها العربي" وعن "سعودية احست بخطئها"

وإذا لم نسمح للكلام المعسول ان يلعب برأسنا فسندرك اننا امام محتال مبتدئ، او انه يخصص خطابه لجمهور بسيط. فحكومة السعودية تستلم اوامرها من اميركا وليس لها علاقة برسم اية سياسات. أما حاكم العراق الذيلي لأميركا وحتى لكردستان، فلا يكاد يلعب دوراً مؤثرا في رسم سياسة البلد نفسه، ويواجه من قبل الشعب العراقي بأشد احتقار واجهه رئيس حكومة في تاريخ البلاد، فكيف تقفز مثل هذه الحكومة، بمساعدة تلك، إلى رسم سياسة المنطقة؟

 

يرى المتابع ببساطة ان السعودية تضع اليوم كل إمكاناتها لإشعال الصراع مع سوريا وإيران من جديد، لكن الخطيب يحاول اقناعنا بالعكس! وكما يحدث دائما حين يواجه الكاتب بتناقض التاريخ مع تفسيره للأحداث، فإنه يسارع إلى ادعاء حدوث "تغيير" ما. ولم يجد الخطيب ما يقنعنا بوجود التغيير سوى أنه اكتشف أن "السعودية تريد ان تهرب من حالة الابتزاز الامريكي بالتقارب مع إيران"!! (1)

 

هل يتخيل أي متابع بالحد الأدنى من المعرفة أن السعودية تملك من استقلال القرار ما يكفي لتقرر مثل هذا الأمر حتى لو أرادته؟ وهل هناك من يعقل ان اميركا يمكن ان تسمح بمثل هذا لو كان هناك شعرة حقيقة فيه؟ هل هناك أي مؤشر على هذا الفرض الغريب؟

 

الحقيقة في الجانب المعاكس تماما. فالتصريحات عادل الجبير التي ادلى بها الى صحيفة “زود دويتشه تسايتونج” الالمانية قبل أيام، قد كانت من التطرف العدواني في توجهها الأمريكي الإسرائيلي من قضية سوريا، بحيث انها اعتبرت نسفاً لمؤتمر جنيف الرابع، الهادف للتوصل الى حل سياسي في سوريا.

فقد اكدت السعودية استعدادها للدخول إلى سوريا عنوة لتقاتل إلى جانب أميركا ضد “داعش”، وتسليم اي مناطق يتم تحريرها الى قوات المعارضة السورية، حتى لا تقع في ايدي النظام. وأكدت ان لا مجال لانتهاء الحرب في سورية الا باستبعاد اي دور للرئيس السوري بشار الاسد.

وأشار عبد الباري عطوان إلى أن هذه التصريحات التي "تعيد الازمة السورية الى المربع الأول"، تزامنت مع عزم الولايات المتحدة تشكيل تحالف سداسي سني يضم أربع دول عربية، هي السعودية ومصر والاردن ودولة الامارات وتركيا، الى جانب "اسرائيل"، تكون مهمته الاولى اقامة مناطق آمنة في كل من سوريا واليمن، تكون منطلقا للإطاحة بنظام الرئيس الاسد، والقضاء كليا على التحالف “الحوثي الصالحي” في شمال اليمن." وأن هذا المشروع قد قدم من قبل نتانياهو إلى ترامب الذي طلب من وزير دفاعه تقديم مشروع جديد للتدخل العسكري في سوريا. وقدر عطوان بأن هذا المشروع يضع المنطقة "على حافة، ان لم يكن، قلب حرب اقليمية، وربما دولية شاملة."(2)

 

حسين كركوش كتب بشكل يبدو معاكسا تماما لطريق علاء الخطيب فلم يراوغ الحقائق ولم يأتي بالأكاذيب اللذيذة، بل العكس ربما بالغ بالخطر، وبدا وكأنه سيقف موقف احتجاج قوي، لكنه استدار في السطر الأخير من مقالته بعيداً عن الاستنتاج المنطقي للحقائق ليصل إلى نفس ما وصل إليه علاء الخطيب، ويخبرنا بأن علينا ان نفعل بالضبط ما أوحى لنا به الخطيب ان نفعله!

إنهما يوصلانا إلى نفس النتيجة. الأول بإغرائنا بـ "جزرة" السعودية، والثاني بمحاولة ارعابنا بـ "عصا" اميركا!

 

يدخل حسين كركوش في الموضوع مباشرة متسائلا عن القصد من "إعادة العراق إلى وضعه الطبيعي"، فيؤكد أن المطلوب هو تغيير "العلاقات الخارجية وفي مقدمتها علاقة العراق مع إيران، وعلاقاته مع دول الجوار الأخرى."، مؤكداً ان السعودية، الحليفة المعتمدة لأميركا، قد جاءت بدفع منها في مشروع "لذبح البقرة الإيرانية"!

 

ويوضح كركوش أن الجانب العراقي حاول في أكثر من مرة التملص من التصريح بهذا الهدف الأمريكي في المحادثات الثنائية، إلا أن الأمريكان كانوا يفضحون ذلك في كل مرة، ورغم أن العبادي قد صرح بأن "العراق لا يريد أن يكون طرفا في أي صراع إقليمي أو دولي." فيجيب البيت الأبيض "أننا لن نسمح لإيران بتهديد استقرار حلفائنا في المنطقة، بما في ذلك العراق".

ويكتب كركوش بصراحة أن الأمريكان يريدون أن تقر الحكومة العراقية بأن إيران ليست حليفة، وليست حتى دولة محايدة، وإنما هي دولة معادية."

ويحذر “ومن العبث الخطير أن تحاول الحكومة العراقية والائتلاف الشيعي الذي يقودها، نكران هذا الواقع الجديد، أو حتى تجميله أو تخفيفه.” فالأمريكان يقولون: "عليكم أن تقولوا إن إيران عدو، وليسمع من يريد أن يسمع في العراق وفي إيران.... الآن فورا"!

 

وهنا، وبدلا من أن يستنتج كركوش الاستنتاج الطبيعي بأن العراق يجب ان يرفض ذلك المشروع والفخ الجهنمي لأنه سيكون "البقرة التالية" للذبح، فإنه يستدير 180 درجة ليكتب: "ليس أمام من (يقود) الحكم في العراق سوى طريقين: أما الانتحار ونحر ملايين العراقيين معه، أو إحداث تغيير جذري دراماتيكي أشبه بالتوسنامي الذي حدث بعد وصول ترامب للحكم."!! (3)

 

وحين سألت الكاتب عن التماهي مع ترمب، اجابني بأنه ضده، وسبق ان وصفه بـ "خليط من الفاشية والنازية والتعصب الديني والمواقف اليمينية المتعصبة المتطرفة"، فأجبته: "ورغم كل ذلك، تقترح أن نقف مع هذا الـ "خليط من الفاشية والنازية والتعصب الديني والمواقف اليمينية المتعصبة المتطرفة"، بل تريدنا ان نحارب اصدقاءنا معه لكيلا يغضب علينا؟

هل ننتظر من "خليط من الفاشية والنازية والتعصب الديني والمواقف اليمينية المتعصبة المتطرفة" ان يعترف بـ "الجميل" (التملق) ويعاملنا بشكل أفضل من إيران بعد ان تنتهي المهمة؟ هل سيمتنع عن ذبح البقرة الأخرى المتملقة، والشديدة الضعف والتي لم يخف شهوته للحمها؟"

علينا ان نسأل أنفسنا بهدوء: الم يعلن ترامب في كل مناسبة انه سيدعم إسرائيل وكل ما تريده إسرائيل؟ أو لم تعلن إسرائيل ان العراق وسوريا وإيران هم أعداؤها؟ أو لم يرفع نتانياهو امام العالم كله، خارطة صبغت بها هذه البلدان الثلاثة باللون الأسود؟ فأية حماقة، ان نتصور اننا دون الآخرين، لسنا معنيين بالهجوم والذبح؟

 

موقف حسين كركوش ومن يدعو بمثل دعوته، هو في الحقيقة الدعوة إلى "قادسية ثالثة". ويجب ان لا ننسى أن "القادسية الثانية" لصدام، كانت أيضا بتحريض ودعم أمريكي، وأن اميركا صارت بعد اشعال الحرب، تدعم الطرفين لإطالتها قدر الإمكان.

ودعوة حسين كركوش عودة إلى تلك الأصوات البشعة التي دمرت العراق في الماضي القريب ومازال يدفع ثمنها، وهو يعرف ذلك جيداً. فعندما يحرج أحد القراء حسين عن خطر دعوته، فان حسين يجيبه: "نعم، بالتأكيد. ليس من مصلحة العراق أبدا معاداة إيران مهما كان نوع النظام السياسي فيها، لأن الإيرانيين هم وحدهم من يقرر ذلك. والعراقيون عانوا كثيرا من تلك الحرب الدامية العبثية التي أشعلها صدام حسين، تلبية لرغباته ونزواته. وكما تقول فأن الحل يكمن داخل العراق ومن قبل العراقيين أنفسهم"

ولا نرى في هذا النص إلا انقلابا عجيبا آخر إلى دعوته.. فكيف يقول إن "ليس من مصلحة العراق ابداً معاداة إيران" وقد قال تواً أن عدم وقوف العراق في الخندق الأمريكي الذي يدعوه صراحة إلى إعلان معاداته لها، سوف يكلفه ملايين الضحايا؟

 

إن نظرنا جيداً فسنرى أن حسين كركوش يعمل في فريق ترمب، سواء كان ذلك بوعي أو بغير وعي، تماما مثل علاء الخطيب! بل، إن كان علاء الخطيب يتبع الأساليب الاحتيالية المعتادة من كذب وإيحاء، فإن حسين كركوش يتبع أسلوب ترمب ذاته. فمثل ترمب، لا ينكر كركوش كل الصفاة السيئة التي اتهم بها رئيس العصابة، بل يعترف بها ويبالغ ايضاً، آملا أن يرهب ضحاياه للخضوع!

 

وفي النتيجة، فإن جناحي الإعلام هذان يتعاونان بشكل ممتاز لإقناع الضحية بالسير نحو الحفرة المعدة لها. إن كل منهما يضعف إرادة المقاومة بشكل مختلف: أحدهما بالترهيب، والثاني بالوعود الوردية الكاذبة التي يمكن فقط للمرعوب الباحث عن قشة الأمل، ان يصدقها.

 

إن عقلا صاحياً لا يمكن ان يقع في الفخ. والمنطق يقول بأنه يفترض برئيس الحكومة العراقي ان يمتنع عن المشاركة في هذا المشروع الذي ليس هناك أي شك في أن العراق سيكون ضحيته الثالثة بعد إيران وسوريا، إن لم يكن الأولى. فالعراق هو الحلقة الأضعف في قائمة الضحايا، فهو الوحيد الذي لا يملك حكومة ولا يملك حلفاءاً حقيقيين، ويخترقه الجزار من كل جانب.

 

لهذا فإن الجزار يحتاج إلى مثل أوهام واشباح هذين الإعلاميين لإقناع الضحية بمشروع يذبحها. وأوهام الخطيب لا تستحق المناقشة، لكن اشباح كركوش الإرهابية تستحق مراجعة سريعة لكشف حقيقتها. فهل حقا أن العراق مخير بين "نحر ملايين العراقيين" أو ان يكون “سركالاً” بيد رجل عصابات؟

 

ما هو السيناريو الذي يمكن ان يسبب قتل ملايين العراقيين؟ هل سيعلن العراق الحرب على اميركا مثلا فتضربه اميركا بالقنابل الذرية؟

لا اظن ان هناك مجنون يتخيل مثل هذا. فما الذي يمكن أن يفعله ترمب إن رفضت الحكومة العراقية دعوة مبعوثه؟

هل سيعيد ترمب احتلال العراق؟ ليكن! فذلك اهون بكثير من مشاركة الجزار في عملية ذبحك. ثم ما الذي سيفعله ترمب بقواته في العراق؟ وما الذي يضمن له ان مقاومة عراقية لن تكون شديدة الكلفة عليه وهو في حالة ضعف داخلي شديد بعد ان كشف نفسه كشخص عدواني وطامع بشع؟ سيقصف المدن؟ سيحاصر البلاد اقتصاديا؟ كيف سينفعه كل ذلك في مشروعه؟ وإلى متى يستطيع إقناع الداخل الأمريكي بمثل هذه الحركات المجنونة التي لا يستطيع ان يبين لها اية نتائج إيجابية؟

هل سيهدد رئيس الوزراء بإبعاده عن منصبه، او حتى بالقتل؟

ممكن جدا طبعا، لكن رئيس الوزراء يستطيع ان يعلن فوراً انه غير قادر على أداء مهامه ويستقيل، واضعا ترمب وأي عميل بديل للمنصب، في موقف شديد الإحراج، وبدون أية كلفة سوى كرسيه! والحقيقة ان الورقة الأساسية التي يلعب بها الأمريكان هو كرسي الرئاسة. فالعبادي مثل الذي قبله، لم يجلس على الكرسي بالانتخابات، بل نتيجة مؤامرة أمريكية ازاحت من كان قبله. لكن الكرسي لا يجب ان يكون مسألة حياة او موت بالنسبة لرئيس الحكومة ولا يفترض ان يكون عنصر ابتزاز إلى حد تدمير البلاد والمنطقة تماما.

 

في كل الأحوال، إننا لم نر أي سيناريو لقتل الملايين كما يحذرنا كركوش! إنها سيناريوهات خرافية وكل أمل ترمب ومن يقف وراءه أن شكل الثور المتظاهر بالهيجان سيثير الرعب في ضحيته التي لا يجد طريقة أخرى لإجبارها على شيء، فتقفز بنفسها في حفرة نحرها. وما يفعله أمثال علاء الخطيب وحسين كركوش، كل من جانبه وبطريقته، هو محاصرة الضحية العراقية بالأوهام والإرهاب، ودفعها إلى ذلك الخيار الانتحاري، لتأخذ دورها في صف الذبائح التي تنتظر.

 

إن المشهد يشبه بشكل مرعب، المشهد الذي سبق الحرب العراقية الإيرانية التي تسببت في اشد دمار شهده البلدان، فقد كان أيضا بإسناد سعودي أمريكي ولنفس الأهداف وبالنتائج الكارثية التي نعرفها جميعاً، والتي اغرقت العراق بالضحايا والديون وانتهت ببيعه اجزاءاً من أراضيه إلى كل الدول العربية المجاورة من أصدقاء أميركا بالذات، والذين دفعوا بالأهوج صدام إلى تلك المجزرة، وهاهم يريدون إكمال تلك المهمة.

 

هذا هو الانتحار الحقيقي للعراق، والذي قد يكلف الملايين ارواحها، بالموت جوعاً أو بمذبحة كبيرة حين تكتشف الضحية بعد فوات الأوان، أنها خدعت. يجب على الشعب وكل ساسته وقادته، أن يسعون إلى تجنب هذه الكارثة وإجبار الحكومة على ذلك إن لم تفعل بنفسها، وأن تقول "لا" بسيطة واضحة وممتنعة لترمب، يدرك من خلالها هو، ومن جاء به لتحطيم المنطقة، أنه يطلب المستحيل!

 

(1) علاء الخطيب: ابعاد زيارة الجبير الى بغداد

http://www.qanon302.net/in-focus/2017/02/26/93126

(2) عبدالباري عطوان: هل نحن أمام "عاصفة حزم" خماسية أو سداسية في سوريا؟

http://www.alalam.ir/news/1929340

(3) حسين كركوش - وزير الخارجية السعودي وصل بغداد

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=1400228043382911&id=100001871868952

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.