اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

"صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ"// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

"صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ"

محمد عارف

مستشار في العلوم

 

بعد انشقاق أكثر من ألف عام حدثت في هافانا، عاصمة كوبا الشيوعية، معجزة التقاء رئيسي الطائفتين المسيحيتين الرئيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية، اللتين يقرب عدد أتباعهما من نحو ملياري نسمه. وكأنّ «صَوْت صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ» الذي ارتفع قبل ألفي عام في أرض فلسطين يتردد من جديد حول العالم. و«الرسالة البابوية» التي ألّفَها «البابا فرانسيس» في 30 ألف كلمة، تضاهي «البيان الشيوعي» الذي ألفه ماركس، وهذا منطق التاريخ. فالفارق بينهما نحو قرنين من تطور الوعي البشري، والتقدم العلمي، الذي تفقه «الرسالة البابوية» تفاصيله الدقيقة والمعقدة، من «الاحتباس الحراري»، وحتى «الجينات». والرسالة المعنونة «كُنْ مُسّبحاً» ترى «العالَمَ أكثر من مجرد مشكلة تحتاج لحلٍّ، إنه سِرٌ مُفرِحٌ نتأمله في غبطة وتسبيح».

ومزيج «روسي» من روح الإيثار الأرثوذكسية، والعلاقة الخاصة بالإسلام يبصم خطاب البطريرك «الروسي كيريليك» عبر فضائية «آر تي». فمن يجرؤ على الحديث من هافانا للأميركيين عن مأساة الإرهابيين المسلمين: «ينبغي فهم الأسباب التي تجعل ناساً شرفاء يصبحون إرهابيين». يقول ذلك «البطريرك»، المشغول بالسؤال «كيف يمكن تجنيد شخص شريف في الغالب، وتحويله إلى إرهابي». فهؤلاء الناس يُجَنَدون، حسب «البطريرك» عن «طريق استخدام أفكار.. ولأجل جعل شخص يتقبل الموت، ويميت معه آخرين ينبغي إلهامه بقوة، وحفزه بشدة». والحافز الذي يزرعه زعماء الإرهاب في النفوس كلمة حقٍ يُراد بها باطل، يُلخصها «البطريرك» كالتالي «العالَمُ غارق بالشر، والحضارة الغربية المعاصرة شرٌ، يُقصى منها الله، وأنتَ وحدك يمكن أن تقهر بانتصارك هذا الشر، هذه فريضتك الدينية. أنت تحارب قوة ظلامية، وتقهر الشيطان. إنك تقف في صف الله».

و«بطريركية موسكو» تضم 100 أسقفية، و26 ألف أبرشية، و100 مليون عضو رسمي، أي «روسيا الروحية» يُعَبِّر عنها «البطريرك» في تأكيده الدائم على علاقة الإرهاب بالحروب، وحين يُسألُ عن اضطهاد المسيحيين في «الشرق الأوسط»، يُذكّرُ بأن «المسيحية ولدت في الشرق الأوسط، وتُضطهدُ الآن في الغرب المسيحي نفسه، وتُقصى من الحياة العامة. ويمكن الحديث اليوم عن شعور المسيحيين بالمضايقة في بلدان متطورة، تفرضُ الحصار على الدين في وسطها الاجتماعي».

وعلاقة الكنيسة الأرثوذكسية بالإسلام هي بالأحرى علاقة روسيا بنفسها. أوضَحَت ذلك مقالتي «روسيا الروسيا»، التي تصدر في عدد قادم من مجلة «المستقبل العربي» ببيروت، وفيها أشرحُ الفارق اللغوي والأنطولوجي بين «الإسلام الروسي» Russkii Islam الذي يمثل أقلية ضئيلة، و«الروس الإسلامي» Rossiiskii Islam ويمثل الأغلبية المسلمة الموجودة عبر أكثر من ألف عام من التاريخ الروسي، وتُعتبرُ جزءاً أساسياً من الهوية الروسية.

و«البابا فرانسيس» الأرجنتيني الأصل حمل إلى روما ثورية كنائس أميركا اللاتينية. «صلاة من أجل الأرض»، التي تختتم «الرسالة البابوية» تدعو «الله القدير، يا مَن أنتَ حاضرٌ في الكونِ كلِّهِ، وفي أصغرِ خلائِقك، أنتَ يا مَن تَغمرُ بِعطفِك كلَّ ما هو موجود، أُسكُب فينا قوّةَ محبَّتِك كي نعتني بالحياةِ وبالجمال. أفِضْ علينا السَّلامَ، كَي نعيشَ كإخوة وأخوات، دونَ أن نتسبَّبَ بِضَررٍ لأيٍّ كان. يا إله الفقراء، ساعِدنا على إعانَةِ المَتروكينَ والمَنسيّينَ في هذهِ الأرض، فقيمتهم عظيمة في عينيك. إشفِ حياتَنا، كَي نحمي العالم لا ننهبه، كَي نَزرعَ الجَمال لا التَلوُّثَ ولا الدّمار. إلمَسْ قلوبَ الذينَ يلهثون فقط وراء الأرباح على حسابِ الفقراءِ والأرض. عَلِّمنا أن نَكتَشِف قيمةَ كلّ شيء، وأن نَتأمَّلَ بإعجاب، وأن نَعتَرِفَ بأنّنا مُتَّحِدونَ اتِّحاداً عَميقاً بِكلّ الخَلائِق في مَسيرتِنا نحوَ نورِكَ اللامتناهي. نَشكُرُكَ لأنّكَ مَعَنا كلّ الأيام. أعضُدْنا، نَرجوك، في نضالنا من أجلِ العدلِ والمَحبَّةِ والسَّلام».

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.