اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

"ريو" الأولمبية تواصل الرقص"// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

"ريو" الأولمبية تواصل الرقص"

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

 

تاريخ العالم يعيد نفسه مرتين في «ريودي جانيرو» بالبرازيل، مرة يُلاحَقُ فيها رئيس الجمهورية بتهمة الفساد، وثانية تُلاحَقُ فيها رئيسة الجمهورية بتهمة الفساد. ويطمئنني حضوري المرة الأولى، وكانت «القمة العالمية للبيئة» عام 1992، إلا أن «الأولمبياد» الذي يُفتتحُ غداً، لن يؤثر على «كرنفال ريو» الراقص في فبراير القادم، ذلك لأني «أعيش دون أن أخجل من سعادتي، وأعرف أن الحياة يمكن أن تكون أفضل، وستكون. ومعرفة ذلك لن توقفني عن الغناء: الحياة جميلة، الحياة جميلة، جداً»، تقول ذلك أغنية «السامبا»، أشهر الرقصات البرازيلية.

وحملات الإعلام الغربي لم تتغير منذ عام 1992. آنذاك كنتُ أخشى مغادرة الفندق عندما أقرأ تقارير عن جثث عشرات الأطفال مرمية في شوارع «ريو»، كجزء من خطة البوليس للتخلص من شحاذ ولصوصية الأطفال. وعندما حلَّقتْ فوقي على ارتفاع منخفض مروحيات حراسة «القمة» توقعتُ اعتقالي، لأنني صافحتُ زميلي سابقاً في مدرسة «الإعدادية المركزية» ببغداد، وزير الخارجية العراقي آنذاك طارق عزيز، وكدتُ أقع أرضاً من الضحك عندما أدركتُ أن طياري المروحيات يشاركونني الاهتمام بفتيات مكسيكيات مستلقيات بمايوهات «البكيني» على شواطئ «كوباكبانا»!

وعندما تقرأ عناوين تقارير الصحف العالمية عن «أولمبياد ريو» تستغرب كيف لا يُصدرُ «مجلس الأمن الدولي» قراراً بإلغاء «الأولمبياد»، حيث «المياه بالغة العفونة»، و«سباحو المسافات الطويلة سيخوضون في نفايات المراحيض»، و«ابقِ فمك مغلقاً عندما يصيبك رذاذ الماء». وتُرفق «نيويورك تايمز» صورة جثة طافية على مياه ستجري فيها سباقات الزوارق والتزحلق فوق الماء، وتذكر أن «فحوصات علماء البيئة كشفت عن تلوث المياه بفيروسات تسبب الإسهال والتقيؤ، وجراثيم فائقة تسبب الوفاة».

وأخيراً «الزيكا» الذي يقال إنه يسبب ولادة أجنة مشوهة، دفع بعض المشاركين في «الأولمبياد» إلى اتخاذ إجراءات معينة لضمان ولادة أطفال أصحاء في حال الإصابة. وأعتقدُ أن «زيكا» أصابني عندما هاجمني جيش بعوض وأنا أهرول بسروال الرياضة القصير في «ريو» عام 1992. بعدها أُصبتُ بالحمى، وطمأنني طبيب «القمة» إلى أن البعوض لسعني بسبب طعم دمي «الأجنبي»، وأعطاني «اسبرين»، واختفت الأعراض، وفقد البعوض اهتمامه بفصيلة دمي. وعلى حد علمي لم أُصبح سبباً في إنجاب أطفال «الزيكا» برؤوسهم المنتفخة، رغم أني عربي أعزب أعيش في لندن، التي تسكنها «زيكا» من كل الجنسيات!

وأستعين برأي المتسابقين في «الأولمبياد»، ليس الروس الذين تستهدفهم حملة اتهامات لا مثيل لها في تاريخ تناول «المنشطّات»، بل الأميركيين «الأبرياء» من المنشطات. بطلة فريق التجديف الأميركي «ميغان كالمويه» تقول: «أنا مستعدة للتجديف عبر القاذورات لأجلكِ يا أميركا»، وتعتبر «إلحاح الصحافة على نوعية المياه في ريو إهانة للمدينة المُضيفة، وللرياضيين الذين قضوا سنوات لتحقيق أحلامهم. حان الوقت لقلب الصفحة». و«نحن الرياضيين لن نستطيع الوقوف على هامش الدفاع عن العدالة»، قال ذلك «كارملو أنتوني» بطل فريق كرة السلة الأميركي، وطالب كل من يركز اهتمامه على القاذورات في المياه: «كفّوا، كفّوا عن تخريب الأولمبياد علينا».

ولا أتوقع أن يكُفّوا لأن الموضوع يخص سمعة واشنطن، إذا صدّقنا تعليق قارئ «نيويورك تايمز» الذي ذكر أنه عاش 10 سنوات في «ريو» دون أن يتعرض لأيّ حادث، وخلال ثلاثة شهور من عودته إلى مدينته «ويسكونسن» تعرض لحادثي إطلاق نار. وبغض النظر عمّا سيحدث في «الأولمبياد» أو بعده، سيرقص مليونا برازيلي في «كرنفال ريو» في فبراير المقبل أروع مما رقصوا في أيّ وقت آخر. فكما يقول أحد أبرز المعماريين في التاريخ، وهو «أوسكار نيمير» باني العاصمة «برازيليا»: «لا يساورني أيّ وهم حول أهمية عملي، لكن إذا كانت له أيّ قيمة، فذلك لأنه يعبر حقاً عن الناس البرازيليين».

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.