اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

2017 عام طريق الحرير// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

2017 عام طريق الحرير

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

 

عندما يتحدث الرئيس الأميركي مع الروسي يفكر بالصين، و"بوتين" يعرف اللعبة، ويعتبرُ اتهامه بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية "دردشة مطابخ". وفيما تعتبر واشنطن تزايد نمو الصين تحدياً وتهديداً ينبغي تحييده، تعتبره روسيا دينامية تطوير، تعوضها عن خيبات توجهاتها للغرب،  قبل وعقب أزمة أوكرانيا، وهو تعويض لا يُعَوُّضُ. فحدود روسيا البرية مع الصين تبلغ 4200 كلم، وهي أكبر حدود متصلة لقوة كبرى، وأكثرها سلماً في تاريخها، على خلاف حدودها مع الغرب أو تركيا، الحافلة عبر القرون بالصدامات. ويُطلقُ "طريق الحرير" اندفاعة خارقة لتطوير مناطق روسيا في سيبريا والشرق الأقصى، حيث تتركز موارد طبيعية ثمينة يحتاج استغلالها توفر زبائن في الجوار الجغرافي.

وأهم الأشياء في حياة الناس والدول بديهيات لا يُفَكّرُ بها لأنها بديهيات، وينتهي الأمر بعدم رؤيتها. هذا وضع "طريق الحرير"، الذي يعيد رسم خريطة العالم في القرن الحادي والعشرين، وفيه "تنعطف روسيا نحو الشرق، وتنعطف الصين نحو الغرب"، حسب عنوان بحث مسهب للأكاديمي الألماني "هانس-يوهان شبانغر" منشور بالروسية. والطريق بالنسبة للصين "حزام واحد، طريق واحد"، لكنه "ليس أداءً منفرداً، بل سيمفونية تشارك فيها الصين وأوروبا، العاملتان يداً بيد في السوق الأوروآسيوية الكبرى"، وعلى الطريق يصارع عمالقة "الجيوبوليتيك الاقتصادي" مثل "شراكة التجارة والاستثمارات عبر المحيط الهادي"، و"السوق الأوروبية"، و"رابطة بلدان جنوب شرق آسيا"، و"اتفاقية أميركا الشمالية للتجارة الحرة". 

وكما يقول المثل العِبري "إذا كان في جيبك فلوس فأنت حكيم، ووسيم، وغناؤك رخيم". ومَنْ أكثر حكمة ووسامة ورخامة من فلوس الصين التي تستثمر ترليون دولار في "طريق الحرير". وهوَسُ واشنطن باحتوائها يتعدّى أطر التجارة والاقتصاد إلى مسائل عسكرية استراتيجية، بسبب موقع بحر الصين الجنوبي، حيث تبلغ قيمة السلع المارة فيه سنوياً 5 ترليونات دولار، وتعادل ربع التجارة العالمية، تحملها الحاويات البحرية، وناقلات نفط وغاز الشرق الأوسط. وفي بحر الصين الجنوبي يمر 60% من صادراتها واستيرادتها، ولن تتوقف الصين عن بناء جزراً صناعية فيه، لمواجهة انتهاكات الأساطيل العسكرية الأميركية.

وأقامت واشنطن "طريق الحرير الكبير" لإعمار أفغانستان، وكيف تُعمرُّ بلداً أنفقتَ ترليون دولار على تدميره وقتل أهله، فيما "طريق الحرير" الصيني يقيم "الروابط الخمسة للتجارة، كالهيكل الارتكازي، والاستثمار، ورأس المال، والبشر، وينشئ مجتمع شراكة في المصالح، والأهداف، والمصير، والمسؤوليات"، حسب "شويهاو تشانغ" مدير "المركز الدولي الصيني للتجارة والتنمية المستديمة". والطريق شبكة جغرافية عملاقة برية وبحرية تضم 60 بلداً من آسيا وأوروبا وأفريقيا، وتربط بين الصين وآسيا الوسطى وروسيا وأوربا شمالاً، والخليج العربي والبحر المتوسط والمحيط الهندي جنوبا، فيما يمتدّ الطريق  البحري من سواحل الصين حتى أوروبا.

و"طريق الحرير" يضاهي الاستكشافات الجغرافية الكبري في التاريخ، فهو يخدم 4 مليارات و400 مليون انسان، أي نحو 63% من سكان العالم، ويتجاوز إجمالي إنتاجه المحلي ترليوني دولار، ويعادل ثلث الإنتاج المحلي العالمي. والباكستان، كمثال يختصر المرور عبر مينائه البحري "غوادار" 85%  من المسافة بين الصين وأوروبا، والشرق المتوسط، وفيه تستثمر الصين 46 مليار دولار، أي خُمس الانتاج الإجمالي السنوي لباكستان، وعشرة أضعاف مجموع الاستثمارات الأميركية في باكستان.

و"طريق الحرير" يمثل "حكمة الصين" حسب رئيسها "شي". فقناة الطريق عبر "تايلند" تختصر  48 ساعة من الوقت اللازم لشركات الشحن بين آسيا وأوروبا، وتتجنب الممر الذي تسيطر عليه البحرية الأميركية. ويُعَمِّدُ "طريقُ الحرير" عملة "رينمينبي" الصينية، ويفكُ أسرَ احتياطيات الصين المالية من النقد الأجنبي البالغة 4 ترليونات دولار، نحو 60% منها رهينة سندات الخزينة الأميركية، والتي يتضاءل مردودها باستمرار.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.