اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

عرس عراقي إيراني في «رودس»// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

عرس عراقي إيراني في «رودس»

محمد عارف

 

«أنا كاتب مختص بالعلوم والتكنولوجيا، وهذه أول مرة في حياتي أكتب كلمة تهنئة بالعرس، وما كنت أتصور صعوبة ذلك كأنني أنا العريس». بهذه الكلمات افتتحتُ كلمة العائلة في عرس «مصطفي الجيبجي»، حفيد أخي الراحل مدحت وعروسه الإيرانية ليلى رشيدي المولودة في الدمام بالسعودية. جرت مراسيم العرس في فندق «الشيراتون» بمدينة «رودس» اليونانية على ضفاف البحر المتوسط، حيث تداخلت الأقوام والحضارات عبر القرون كتداخل أهل العروس الإيرانيين الذين يعيشون في الدمام منذ أكثر من نصف قرن ويتقنون العربية كأهلها، وعائلة العريس العراقيين المقيمين في كندا.

 

واستهلت مراسيم العرس بآيات من الذكر الحكيم، تلاها صديق لعائلة العروس يرتدي الزَّي المحلي، وافتتحت كلمتي بقول العالم والفيلسوف عمر الخيام: «كونوا سعداء بهذه اللحظة، فهذه اللحظة هي حياتكم». وسعادة العرس مضاعفة لنا نحن الذين عارضنا الحرب العراقية الإيرانية واعتبرناها أكبر خطأ في تاريخ العراق والوطن العربي؛ فأنت لا تحارب بلداً تملك معه أطول حدودك، وتربطك به أروع مشتركات حضاراتك العربية الإسلامية، وتختلط فيه أصول أكبر علمائك، وفلاسفتك، وأدبائك. قلت ذلك للشاعر حميد سعيد عندما حمل لي والمثقفين العراقيّين المقيمين في الخارج في ثمانينيات القرن الماضي دعوة لحضور «مهرجان المربد». وكانت بواكير الانقسام الطائفي قد لاحت في الأفق، وزعزعت الحرب المشؤومة دور الطائفة الشيعية كقوة يباري بها العراق القوى الإقليمية والدولية.

 

ونرى جسامة خسارة إيران والعراق في السيرة العلمية والمهنية لكل من أفراد العائلتين. فالعروس ليلى حاصلة على شهادة الماجستير في القانون من جامعة نيويورك، وتعمل محامية في كندا، وأبوها «شادمان رشيدي» حاصل هو أيضاً على شهادة الماجستير في الهندسة الميكانيكية من «جامعة الملك فهد للبترول والمعادن»، ويملك ويدير مصنعاً في الدمام. والعريس مصطفى حاصل على الماجستير في الهندسة الميكانيكية، وكذلك أمه شيرين البياتي مهندسة في الميكانيك، وأبوه سعد مهندس إنشاءات، وجده لأبيه الدبلوماسي الراحل «ثامر الجيبجي»، الشخصية الفريدة في تاريخ العراق الحديث، فهو سفير في وزارة الخارجية مختص بالمراسيم، وسجين سياسي سابق.

واعتذرت عن الإطالة في كلمتي، فاحتفالات العرس ليست للكلام، بل للمصافحة والاحتضان والقبل والرقص والأغاني. وأغاني حفلة العرس ورقصاته مهرجان ساحر جمع بين الطرب الإيراني والخليجي والعراقي والعالمي في حدائق فندق «الشيراتون» في «رودس»، حيث شواهد الآثار الإسلامية قائمة في جوامع ومكتبات، وحتى شوارع وأزقة عربية الاسم. وانفجر التصفيق والهتافات حين افتتح العروسان الحفل بتابلو رقصة ثنائية على أنغام أغنية «قمر جديد» الأرجنتينية، وأعقبتها أغانٍ خليجية وإيرانية وعراقية وغربية، أنطلق معها رقص المدعوين مع أغنية «مبروك» للمطربة الخليجية بلقيس: «اديم الصلاة على الحبيب فصلاته نوراً وطيب». وتتالت تسجيلات أجمل الأغاني، وبينها ناظم الغزالي «يا أم العيون السود ما جوزن أنا، خدك القيمر أتريق منه». والنصر في حفل العرس للأغاني المستميتة في حب العراق، ولم أتمالك نفسي فاندفعت أرقص مع أغنية «حسين الجسمي» المشهورة «كلنا العراق»، ومطلعها «حبيبه أم كذيله رائعه وجميله، ألف ليله وليله حب وغرام. هي حلوه هيه، كأنها مزهريه».

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.