اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الرئيس .. ودستور النوايا الحسنة// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

 

الرئيس .. ودستور النوايا الحسنة

عادل نعمان

مصر

 

ماذا كان يقصد الرئيس حين صرح بأن الدستور الحالى كُتب بحسن نية؟ وهل كان الرئيس يقصد حسن نية أطراف صناعة الدستور من أعضاء لجنة الخمسين، وأيضاً من قال من الشعب نعم؟ هذا ما عند السيد الرئيس، وما عندى أطراف حسنة النية أخرى تطلب التعديل، تنضم دون قصد إلى من يحاول إرباك المشهد الذى بدأ يعود إليه الاستقرار نوعاً ما، وشغل القوى المدنية عن معركة الانتخابات، إن سبب طلب تعديل بعض مواد الدستور (ولهم الحق فيه) هو خطورة وصول التيار المناهض للدولة المدنية من السلفيين والإخوان بالمال السياسى والرشاوى إلى البرلمان، وتعطيل بناء الدولة الحديثة ثم إسقاطها، وأيضاً وصول أعضاء من الحزب الوطنى بذات المال السياسى إلى البرلمان، لتصفية حساباتهم مع ثورتين هدمتا أركان نظامهم، ومن ثم وجب تعديل المواد التى تؤدى إلى تغول الفريقين على سلطات الرئيس وإفشاله، ثم الالتفات إلى باقى أركان الدولة المدنية والإجهاز عليها، ولا أعتقد أن أعضاء «الوطنى» سيكون لهم دور فى هدم الدولة المدنية عن قصد، ولكن بحسن نية، فلن يلتفتوا أثناء تصفية الحساب إلى طرف آخر ينتظر لحظة الانقضاض كما حدث مع أطراف فى الخامس والعشرين. (واضح أن حسن النوايا يهدم الأمم ولا يبنى كالسيئ منها).

التعديل يتم من خلال آلية التغيير كما جاء فى الدستور، المادة (226) وهى (حق رئيس الجمهورية، أو خُمس أعضاء المجلس طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور..) وتكون خطوة التعديل كما يرى أنصاره، هى تجهيز البنود المراد تعديلها ورفعها إلى الرئيس لعرض طلب التعديل على المجلس بعد انتخابه، ما المواد التى نرى تعديلها؟

أولاً: تعديل المادة 140 الخاصة بمدة الرئاسة لتتوافق مع مدة مجلس النواب فى المادة 106 من أربع سنوات إلى خمس سنوات، أو تعديل مدة مجلس النواب إلى أربع سنوات، لتتفق مع مدة الرئاسة لتوحيد الفترتين، على أن تسبق انتخابات الرئاسة انتخابات البرلمان، الصراع بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المنتمى للأغلبية أمر جائز، فإذا أضفنا عدم إقالته إلا بالرجوع إلى البرلمان للموافقة على تغييره أو حتى تغيير وزير واحد يصبح الصراع بين الاثنين حتمياً، ولذلك توحيد المدتين وانتخاب البرلمان بعد الرئيس يجعلان الأغلبية فى البرلمان تسير فى خطى الرئيس وحزبه، ويشكل الحكومة دون صدام (يحق للرئيس الانتماء لحزب فترة الترشح فقط) تم تعديل الدستور الفرنسى لمواجهة هذا الصدام.

ثانياً: المادة الخامسة التى تؤكد مبدأ الفصل بين السلطات، هذه المادة تجور عليها المادتان (146 - 147) فلا يحق لرئيس الجمهورية تغيير رئيس الوزراء أو وزير واحد فى وزارته إلا بعد موافقة ثلثى الأعضاء، الإشكالية أن البرلمان رقيب على أداء الوزراء وهم أدوات الرئيس، فكيف إذا رأى الرئيس تغيير الخلل لدى وزرائه بتغيير وزير يقيد بموافقة البرلمان؟ هذا يتعارض مع مبدأ التوازن بين المسئولية والسلطة، وإذا عدنا إلى المادة 146 حين يعرض الرئيس تشكيل الحكومة على المجلس ويرفض البرلمان التشكيل، يكلف الرئيس رئيساً لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على الأغلبية، فإذا لم تحصل الحكومة على ثقة أغلبية المجلس عد المجلس منحلاً، ما الحل إذا جاءت الأغلبية من السلفيين والوطنى وشكلوا ائتلافاً (بالمال السياسى) وشكلوا الوزارة؟ كيف للرئيس أن يعمل مع أيديولوجية تختلف عن منهجه وفكره، وهو المسئول عن أدائها، وتسحب الثقة منه إذا فشلت حكومته وهى ليست من اختياره؟ ولذلك فإن تغيير هذه المادة بأن يكون تشكيل الحكومة من سلطة الرئيس وإجراء التعديل الذى يراه تمشياً مع مبدأ توازن السلطة والمسئولية، على أن يقوم المجلس بدوره فى الرقابة الجادة والصارمة، دون مهادنة مع السلطة التنفيذية، وشراء رضاها بطلباتهم الخاصة وصفقاتهم الفاسدة، والمقارنة الدائمة بين خطة الحكومة وبرنامجها وما تحقق من إنجاز على أرض الواقع، وهذا هو معيار نجاح الحكومة، المعادلة تقول (رقابة برلمانية جيدة مع نظام مطلق اليد فى العمل تساوى نجاح، رقابة ضعيفة مع سلطة مقيدة تساوى فشل، رقابة جيدة مع سلطة مقيدة تساوى نصف نجاح) لا يلومنا أحد أننا نصنع ديكتاتوراً. (من صنع الديكتاتور هى مجالس شعبية لم تراقب أداء الحكومة واكتفت بإفساد المجتمع وعقد الصفقات المشبوهة وانشغلت عن أداء واجبها).

الثالثة: حذف شرط (عدم جواز إقامة الأحزاب على أساس دينى) وإطلاق حرية إقامة الأحزاب دون هذا القيد، لأن المنع فى المادة (74) ليس ملزماً للأحزاب الدينية الإسلامية فهى موجودة بالذوق وبالعافية، فندعها تعلن عن برنامجها صراحة، ونطلق حرية تكوين الأحزاب الدينية، ويصبح للجميع الحق فى إنشاء حزب على أساس دينى أو غيره، على أن الضمان هو تغليظ العقوبة على استخدام الترهيب أو التخويف أو السلاح أو الإرهاب المادى والمعنوى وذلك لاعتناق فكر حزب دون إرادة ودون إقناع.

لكنى حين كنت مؤيداً لهذه التعديلات البسيطة والمحدودة مع بعض الزملاء، وفقاً للآليات التى وضعها الدستور، رأيت ضجيجاً وصراخاً حول بنود الدستور كله، واتهامات لمن وضع الدستور بالعمالة وسوء النية، مما يجعلنى غير مطمئن لمصير الوطن على هذا النحو فى هذه المرحلة، ومن ثم فإن هذه اللحظة الفارقة تتطلب منى ومن كافة القوى المدنية تأجيل أمر التعديل إلى حين، حتى لا تنشغل الأحزاب المدنية فتتمكن الأحزاب الدينية بالفوز بالأغلبية، وهذه دعوة لكل الزملاء.

 

 

"الوطن" المصرية

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.