اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

نعم.. توثيق الطلاق من حق ولى الأمر// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

نعم.. توثيق الطلاق من حق ولى الأمر

عادل نعمان

كاتب من مصر

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

أثار طلب الرئيس فى خطابه من شيخ الأزهر إعداد قانون لتوثيق الطلاق بعد وقوعه، حفيظة أصحاب الحق الإلهى، وحملة الأختام الربانية ووكلاء الله على الأرض، واعتبروه خروجاً على الحكم الشرعى، وانقضاضاً على حق الرجل الذى اختصه الله وقوّاه على الأنثى المقهورة الضعيفة، وتغولاً من القانون الوضعى على القانون الإلهى الذى أطلق يد الرجل فى الطلاق دون تبرير، وأخلع الرجل لباساً ألبسه الله إياه، ونسى هؤلاء الوكلاء أن هذا الحق الإلهى ربما يتنازل عنه الرجل للمرأة فى تطليق نفسها إذا طلبت، واشترطت عليه ذلك، أو فوض الرجل ووكل غيره فى تطليق امرأته، فهل أساء الرجل استخدام الحق الإلهى؟ أو خلع عن نفسه ما ألبسه الله؟ أو أناب ووكل عنه ما ليس له الحق فى توكيله؟ أليس حقاً منفرداً له لا وكالة فيه ولا بيع ولا شراء ولا مشاركة ولا مناصفة؟ ومع ذلك فليس توثيق الطلاق سلباً لسلطان الرجل، أو إهداراً لحقه، أو إضعافاً لهيبته أمام الضعاف من النساء، فليس التوثيق المطلوب سوى إثبات الطلاق بعد وقوعه، وبعد استخدام الرجل حقه المصون وجب عليه استيفاء حقوق الغير للمرأة وللمجتمع. وأكاد أجزم أن الزواج لو كان موثقاً فى العهد النبوى، لكان توثيق الطلاق أيضاً أمراً مقضياً، وملزماً للرجل، وذلك تمشياً مع مبدأ التابع والمتبوع، وهو مبدأ ينشأ عن تبعية الفرع للأصل وانسحابه له، فكما أن الشراء يوثق، فالبيع يتبعه فى التوثيق، ولتوضيح الحاجة إلى هذا التشريع وأهميته، فإن الزوجة فى أحوال كثيرة تطلّق وتراجع دون علمها، بل قد يصل الأمر أن بعض الرجال يعاشرون أزواجهن مع وقوع الطلاق لأكثر من مرّاته الثلاث، ولا تحل له، ويعاشرها وينكر طلاقها، وتعلم الزوجة بتجاوزه الطلقات الثلاث ولا تستطيع إثباته ويكون الزوج قد تجاوز الشرع، وتجاوز فى حقها إذا ما كان رجوعها بعقد جديد ومهر جديد. آلاف القضايا فى المحاكم لزوجات حائرات فى إثبات واقعة الطلاق حال وقوعه، وحال إنكاره من الرجل وما يترتب عليها من آثار. ونتساءل ونجيب عن مسئوليتنا الشخصية. هل إثبات الطلاق من سلطة ولى الأمر؟ نعم وأكثر من ذلك، فولى الأمر له حق تعطيل الحكم، وله حق وقف العمل بالحكم لفترة تطول أو تقصر، وله حق تعديل الحكم. ونأخذ الأولى تعطيل الحكم نهائياً: وفى هذا قد عطل الخليفة أبوبكر الصديق (وليس عمر كما يقال) حكماً من أحكام الله واضحاً وصريحاً، وتنزيلاً يتلى على الناس قرآناً يصلى ويتعبد به، وعطل العمل به لعدم الحاجة إليه، ووافقه على هذا عمر، وقال: «كنا ضعفاء، ولم يعد لنا به حاجة بعد قوة» وهو حكم المؤلفة قلوبهم، وأوقف الخليفة صرف الزكاة لهذا المصدر، وأصبحت قاعدة شرعية تدور مع الفقهاء «أن الحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً». وهذه الثانية، وهى وقف العمل بالحكم: فهذا الخليفة عمر بن الخطاب أيضاً قد أوقف العمل بحد قطع يد السارق فى عام المجاعة، فلم يكن من العدل والرحمة إقامة الحد فى حالة عجز الدولة عن توفير لقمة العيش للرعية، فلا يجوز «درء مفسدة بمفسدة مثلها أو بأفسد منها، وإنما يزال الضرر بما يمحوه أو يخففه». وهذه الثالثة: وهى تعديل الحكم: فهذا أيضاً عمر بن الخطاب قد أوقع الطلاق ثلاثاً فى المرة الواحدة إذا نطقها الرجل، وكان قاصداً أو غير قاصد، وخالف بذلك ما كان معمولاً به فى عهد الرسول، إذ تقع الطلقة لمرة واحدة حتى لو كان اللفظ الخارج من الرجل ثلاثاً أو حتى مائة مرة قاصداً متعمداً أو غير قاصد، وقالوا فى هذا الشأن: إن عمر رأى إسرافاً واستهتاراً واستخفافاً لدى عموم المسلمين وإفراطاً فى استخدامه، فأراد أن يوقع الطلاق حسب ما نطق به الرجل، وكان تأديباً وإصلاحاً من الخليفة لمن استهتر واستخف بأمر الطلاق، وهانت عليه نساؤه، حتى إذا عاد المستهترون إلى جادة الصواب أعاد الحكم إلى أصله. وهذا ما قالوه أيضاً» أينما توجد مصلحة الأمة، فثم شرع الله».

 

سلطة ولى الأمر مطلقة فى تعطيل الحكم، وفى وقف العمل بالحكم، وفى تعديل الحكم، ليس منفرداً فى قراره، بل بعد دراسة واستشارة أصحاب الشأن والمتخصصين من العلماء كل فى تخصصه، ولم يكن الخلفاء قد عطلوا أو أوقفوا أو عدلوا الأحكام، وغيرها كثير، بحكم علاقتهم بالسماء، فليس لهم فى هذا حق، فلقد انقطع وحى السماء عن الأرض بموت النبى، ولم يكن القرار مستمداً بقربهم من النبى يشاورهم فى الأمر ويرفعه إلى السماء، فلقد انقطع الوصل والحبل ولم يعد بينهما واصل، لكن كان قرارهم اجتهاداً بشرياً صرفاً لا دخل للسماء فيه، أصاب منهم من أصاب وأخطأ منهم من أخطأ، وكان قراراً سياسياً لحاكم أو لرئيس يرى فى الأمر مصلحة لعموم الناس، فدار مع المصلحة وابتغاها لنفع الناس ودرأ بها المفاسد. إن حياة البشر لا تقف عند نقطة تاريخية جامدة، والمصلحة تستوجب النسخ، كما نسخت الأحكام أيام الرسول، ولا يمكن أن يقف النسخ حال موت الرسول، فحركة الحياة بين الناسخ والمنسوخ علاقة دائمة ومستمرة استمرار الحياة ودوامها. إن مصلحة الأمة أقوى من التاريخ وأحوج إلى التغيير، وإلا سوف يأتى يوم على الأجيال المقبلة تختار حياتها وفق إرادتها وحاجتها دون التفات إلى ما حللنا وحرمنا.... بيدنا لا بيد أولادنا.

 

"الوطن" المصرية

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.