اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• ربــان هـــرمـــز - اربعة عشر قرنا .... ديرا للسلام وقلعة للأيمان

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 
 

لطيف بولا

 

ربــان هـــرمـــز

 اربعة عشر قرنا .... ديرا  للسلام وقلعة  للأيمان

 

  

تزدَحم وَهدة ربان هرمز ولفح الجبل والسهل الممتد الى دير السيدة الواقع شرق القوش ,وكل عام وفي  الاحد الثاني بعد عيد القيامة  ويستمر الاحتفال الجماهيري لمدة يومين اي الاحد والاثنين لتؤمه الاف  الزوار ومن كافة انحاء الوطن للمشاركة في الاحتفال السنوي بعيد ربان هرمز ...معبرين بشكل عفوي عن شكرهم الجزيل وإمتنانهم لهذا القديس العظيم الذي يجمع حول ديره التليد وكل عام ابناء الشعب ليغمر قلوبهم اريج المحبة والسلام ويتحسسوا عن كثب قيمة رسالة القديسين ومنهم ربان هرمز الذي كرس اكثر من سبعبن عاما من عمره يجوب البراري في الصحاري والوديان ويتخذ من الصوامع المظلمة مسكنا له ويقضي ايامه بالصوم والصيام ويتحمل الحر والبرد وشظف العيش في سبيل نشر المحبة والسلام بين الشعوب ويسعى بعلمه وايمانه الى القضاء على الامراض الجسدية والنفسية المنتشرة بين البشر ..وكأن  هذا الاحتفال هو إمتداد ليوم اكيتو رأس السنة البابلية الاشورية وعيد نوروز وسري سال وابناء شعبنا من كافة الاطياف والمناطق يواصلون احتفالاتهم معبرين بذلك عن حبهم للحياة وكرههم للصراع والاقتتال ..ينشرون اغاني الفرح ويعانقون الربيع ويشمون عطر الورد الفواح من المحبة

  وينتشون لزقزقات الطير بالحان السلام والأمان والوئام وعبر الشهور الثلاثة التي تهندس عرس الارض وكائناتها الحية وهي اذار نيسان ايار .. لتجسد بهذا التجمع وبهذا الاحتفال حب الشعب للوحدة والمحبة والسلام والامان والتي حاول ويحاول اهل الشر والبغضاء سلبها وزرع بدلا عنها الموت والدمار .. طريق الحرية والسلام والتي رسمها الانبياء والقديسين ومنهم ربان هرمز وكرس جل حياته في سبيلها وها هم ابنائه من البشر يطوفون حول ديره بعد 1400 عام.  الا طوبى لك ايها الراهب الخالد الذي تربع ديره على هذه القمة عبر عشرات القرون متحديا عوادي الزمن وشرور الانسان ليجمع المتعبين في مثل هذا اليوم وكل عام ليلقون بكل اتعابهم واحقادهم وشرورهم في هذا الوادي العميق ويتعطرون بعطر قديس ربان هرمز الفواح وهو يغمر  النفس  ببلاسم المحبة والاخاء والسلام ....أما انا

أكاد أكون مفتونا بدير ربان هرمز التليد كرهبانه الأولين ! أولئك الرهبان الذين ساروا على خطى معلمهم الاول والازلي والذي أدهش القاصي والداني بقوة ايمانه وتعففه وتنسكه , و قهروا مغريات الحياة ومفاسدها وظلمها واستغلالها وعجنوا رغيف خبزهم بعرق جبينهم .  فمنهم الراعي والحائك والفلاح والبناء والمنظف والكاتب والشاعر والخطاط والرسام .  الكل يعمل في خلية اجتماعية يسودها العدل والمساواة والكل يتحمل ضراوة الجوع وقساوة المواسم والطبيعة ويدافعون عن تلك الخلية المقدسة المسالمة بايمانهم اللامتناهي حتى الشهادة . وما اكثر اللصوص الذين هاجموهم وقتلوهم وسلبوا الدير امواله وكنوزه الفنية والادبية والعلمية وما اكثر الغزاة الجبناء الذين يستهلون هجومهم بالسطو على هذه الاديرة لتمويل جيشهم بما جمعه هؤلاء الرهبان وبعرق جبينهم من غلة لسد رمقهم  . إنها الاديرة التي كانت تزرع الايمان والمحبة والعلم والمعرفة والسلام فكانت لقمة سائغة في أفواه الوحوش التي لا تعرف معنى الرحمة والانسانية ولا للسلام معنى في قواميسها  فمسحت من الوجود مئات الاديرة  وصادرت ممتلكاتها وابادت رهبانها ولم يبق منها الا خرائبها واسمائها المشوهة ولم يصمد وينجو من الدمار الا عدد قليل من الاديرة  ومن هذه الاديرة دير ربان هرمز التليد الذي تعرض الى الخراب والدمار مرات عديدة منها على سبيل المثال دمره تيمورلنك مع القوش في حملة ابادة شملت المسيحية  في بلاد الرافدين والمناطق الاخرى التي تمكنت جيوشه من الوصول اليها التي اعلنها وقادها تيمورلنك عام 1400 م ..الحملة الدموية التي قادها والي

   بغداد برياق المغولي عام 1508 م  ..والحملة التي قادها طهماسب نادرشاه عام

1732 م  ...كذلك حملة ميراكور على القوش والدير عام 1842م..  ناهيك عن الدمار الذي اصاب الدير جراء  الغزو والحروب والمعارك التي شنتها الانظمة الرجعية  على كردستان فكان نصيب دير ربن هرمز القصف بالمدفعية والطائرات والدبابات وطرد رهبانه وسرقت ممتلكاته وامواله وحرق كنوزه من مخوطات  وتحف وانزال الدمار بببناء الدير وكرومه وبساتينه.. تلك كانت مكافئة البرابرة للدير الذي جمع المؤمنين لخدمة الرب وكان فيهم العالم والخطاط والرسام والشاعر وكان الدير يجمع في صوامعه المنيرة بالايمان اليتامى والفقراء ومن تقطعت بهم سبل الحياة  والكل نذر نفسه للصوم والصلاة ولا يمتلك شيء في هذه الحياة سوى ذلك المسوح الخشن  وموائد مفروشة  للضيوف والجياع .. الا انهم مع ذلك لم يزكهم كل ذلك ولم يفلتوا من سيف الغزاة الدموي .. أجل ظل دير ربان هرمز وكما هو اليوم كالنسر باسطا جناحيه على تلك القـِمًة الازلية وإن كان مهيضا بفعل الضربات المميتة إلا انه لازال شاهدا لعظمة مؤسسه ربان هرمز وقوة وجبروت رهبانه الذين صمدوا بوجه الغزاة والبرابرة 1400 عام والفضل يعود الى اُمًه القوش التي ذادت ولازالت تذود عنه  رغم كل المصائب والاعمال التخريبية والاهمال الذي شهده ويشهده .  شهد هذا الدير التليد بروز خطاطين وكتاب ورسامين وشعراء وبنائين ومهرة نحتوا في تلك القمة الوعرة مئات الصوامع لا زالت تحكي قصة رهبان لم يعرفوا الكلل في رفع اسم الدير ونشر افكار مؤسسه عشرات القرون وقد ظل تأثير ربان هرمز القدسي يشد من همم تلاميذه الى حد هذا اليوم ..وكل من زار الدير يقرا من هذا الشموخ قوة ذلك الرجل الراهب الناسك الذي خلده  هذا الاثر التليد  1400سنة ..

فمن هو ربان هرمز ؟؟؟

ولد ربان هرمز في مدينة لافاط احدى مدن مقاطعة الاحواز من بلاد فارس من ابوين  مؤمنين هما يوسف وتقلا سنة 579 م . وعندما بلغ العشرين من عمره ترك العالم واعتكف وتامل وتنسك وتفرغ للصوم والصلاة . ولما بلغ الثانية والعشرين من عمره شد الرحال الى بيت المقدس لزيارة قبر يسوع المسيح له المجد . ومن هنالك شد الرحال الى برية الصعيد في مصر للتنسك والتعبد في تلك البراري وبعد مسيرة سبعة وثلاثين يوما التقى برهبان ينتمون الى دير ربان برعيتا . رافقهم الى ديرهم المذكور وشاركهم في تنسكهم ولمدة سبع سنوات في دير برعيتا ( بر عدةًا )

ثم انفرد في صومعة قريبة من الدير المذكور وقضى فيها وحده تسعة وثلاثين عاما  ومن ثم انتقل الى دير ماريعقوب المعروف بدير عابى ( دير دبية عًبٍْا) . ثم انتقل الى الدير المعروف بدير دريشا ( ديرا درٍشًا ) ومن هناك ذاع صيته ومعجزاته وبطولاته الروحية والنسكية ومكث هنالك سبع سنوات .. بعدها جاء الى جبل القوش ليحقق نبؤة مارميخا النوهدري  والذي سبقه بالمجيء الى جبل القوش بمائتي عام قادما من صحراء سيناء وتتضمن نبوءة مارميخا بأن سيأتي نسر عظيم ليعشعش في جبل القوش ويكون له افراخ روحية , ومن يطلب دعاءه يتغلب على السموم وشر الحيوانات ويدعى هذا الجبل اورشليم العلوية ...اجل وبعد مائتي عام تحققت نبوءة مار ميخا النوهدري بوصول ربان هرمز الى جبل القوش وبنائه لديره التليد الذي اشتهر برهبانه الذين زاد عددهم الثلثمائة راهبا ..وكان عمر ربان هرمز عند قدومه الى جبل القوش يناهز الثمانية وستين عاما .. أما صديقه الراهب ماراورها سافر الى باطنايا قريب من نينوى وشيد هوالاخر ديره التليد المعروف باسمه دير مار اوراها والذي لازال قائما متحديا الزمن وبفضل المؤمنين الذين اعادوا له الحياة كلما حاولت يد الاشرار وعاديات الزمن العبث فيه .

بدأ الربان هرمز يجترع المعجزات وكانت الاوبئة منتشرة في المناطق القريبة والبعيدة من ديره فقد قصده الناس ومن كافة المستويات والاجناس  لنيل الشفاء  وفي مقدمتهم امير الموصل انذاك عـُتبة بن فرقد السُلمي  640 م والذي عينه عمر بن الخطاب حاكما على الموصل كما ورد في قصيدة كتبها البطريرك ايشو عياب الاربيلي ( ايشوع يىب) اواسط القرن الخامس عشر الميلادي جاء فيها ان عتبة بن فرقد السُلمي امير الموصل حمل ابنه المريض من الموصل الى جبل القوش حيث صومعة الراهب الشهير ربان هرمز وتم شفائه بيديه الكريمتين فامر عُنبة ببناء ديرا للراهب ربان هرمز وبقرب من صومعته في جبل القوش واوقف له املاكا واراضي واسعة لسد احتياجات الدير .. فذاع صيت ربان هرمز ليلتحق به خمسون من طلاب مدرسة مارايث الاها (مراية الًىًا).. وشرعوا معه ببناء الكنيسة واندفع كل من سمع باعمال ربان هرمز الباهرة للمعاضدة ومساعدة الدير .. وكان في مقدمة من قدم المساعدة السخية للدير ويذكرهم التاريخ بفخر هو خواري شيحي من قرية باقوفا إذ قدًم سبع وزنات من الفضة لبناء الكنيسة وتوسيع الدير وبدأت المساعدات تنهال على الدير من كل حدب وصوب ..وعندما سمع  امير

    الموصل عُتبة بن فرقد السُلمي ببناء كنيسة الدير منحه إجازة البناء وارسل إبنه

(شيبين ) ومعه ثلاث وزنات من الفضة اعترافا منه بالجميل الذي قدمه ربان هرمز بشفاء ابنه ومئات من المرضى وبدوره في نشر الايمان وتبنيه العلماء والخطاطين وإيوائه المقطوعين والمحتاجين واليتامى . وتم توسيع الدير الذي شرع ببنائه منذ عهد البطريرك ايشو عياب الجدالي ( ايشوع يىب ) 628—648 م  . والبطريرك المذكور عاصر الخليفة الراشدي ابا بكر الصديق وعمر بن الخطاب .. وكان الراهب ربان هرمز قد بلغ الرابعة والتسعين من عمره عندما انتقل الى الأخدار السماوية قضى منها اثنتي وسبعين عاما راهبا متبتلا ينشر الايمان يعلم ويربي ويعالج المرضى ويسمو بالنفس البشرية بالتقشف والزهد والتنسك ...

موقع الدير

يقع دير ربان هرمز في إحدى قمم جبل القوش بين وهدة نيربا دديوي ( نٍاربًادديوٍْا ) ووهدة برسمل ( برسملِا) وعلى بعد ثلاثين ميلا شمال الموصل وعلى بعد ساعة مشيا شمال شرق القوش .. يبلغ ارتفاع الدير 900م  ويتكون من مئات الصوامع تناهز الخمسمائة حفرتها اذرع الرهبان الفولاذية عبر 1400 عام وفي صخور جبلية صلبة ولأغراض شتى . يطل الدير من القمة كنسر باسطا جناحيه على السهل الفسيح الخالد والذي يمتد حتى الموصل ..إن دير ربان هرمز ووهدته ورغم ما اصابهما من خراب ودمار جراء المعارك والحروب والتي لا ناقة كان له فيها ولاجمل الا انه نال ما ناله من حرق وقصف واهمال ,  اقول رغم كل ذلك فإن الوهدة لا تزال تسحر الزوار بتكوينها الطبيعي الرائع ..وكأني بها وكلما أزورها اسمع اصداء التاريخ التليد ومن خلال افواه تلك المغارات الموغلة في القِـدَم ترتل في اذاني مزامير اولئك الرهبان العـِظام الذين لم يستسلموا لليأس والفقر والعبودية بل زرعوا الحياة والامل والابداع بطريقتهم الروحية وبارادة لا تعرف النكوص فحفروا في الجبل مئات الصوامع والكهوف ليس لتكون مكانا هادئا لصلاتهم بل كانت في الظروف العصيبة ملجأ ومأوى ووسائل دفاعية التجأ اليها ضحايا الغزاة ومنهم الالقوشيون الذين خاضوا معارك مصيرية واستماتوا في سبيل الحفاظ على وجودهم  . ومن خلال تلك الصوامع قدموا التضحيات الجسام في الذود عن الدير وعن حريتهم .وبامكان الزائر الكريم ان يجد قبورا كثيرة في معظم جهات وهدة ربان هرمز هي شهادات المعارك والحروب التي وقعت في هذه الوهدة

الحمراء بورودها المستمدة احمرارها من دماء مئات ان لم نقل الاف من الشهداء ... اجل هذا ما تبقى من الدير الخالي من الرهبان .. والذي كان كخلية نحل لا تعرف السكون زرعوا الكروم حفروا الصوامع كتبوا الاف الكتب , رسموا نحتوا ثم اُجبروا على الرحيل ليبقى هذا الدير الشامخ يحكي قصة الايمان والابداع بدموع لاتزال تسقي الامل الدامي ليزدهر فرحا لكل من يؤمه ..انه دير ربان هرمز التليد والذي تحتفل كل الجماهير اليوم الاحد والاثنين  8-9---5 -2011 بعيده المجيد ... ولطالما حملت قيثارتي وتسلقت تلك القمة التي ينتصب عليها ذلك الدير لمدة اربعة عشر قرنا لانشد مع طيور الجبل قصائدي الكثيرة عن الدير وطيوره واشجاره  . وقد احس نفسي لكثرة ترددي وغنائي في هذه الوهدة واحدا من تلك الطيور والصخور والاشجار والتي تسكن وهدة ربان هرمز منذ الازل لنحكي للاجيال قصة تنشدها كل الاطيار من جيل الى جيل..واليكم نشيدا من تلك الاناشيد التي غنيتها مع طيور الدير وأطربهم بركوتا

بجليًا دربًن ىرمزدّ كم شًراٍ   

                            زويًخًا امينًيًا بايقًذاٍ

منّ ديرًا دبةٌولةًا  مريم لبرأجًذاٍ     

                             بجو خوبًا وزمًرا كل شىوًا كأشًرٍا

خلًفكي قَـقوًنًا سقطًا لسنسًذٍا

                         عينكي أكومٍْا كأمًخيلي بخَنجًذٍا

 وانًا بولبول أسوريًا لاكأبًرٍا

                           دمي لنقروزًكي سموقًا ةًا دجًرٍا

سبوري ديـَسقن لجيبكي لسفندًذٍا

                              دبًنخ لن قنًا دخوبًا دلا فًذٍا

 دزمريلن طيذٍا بكل شنٍْا ودًذٍا

                              وكْلًةًْا زَنجٍْا وبيبونٍْا خوًذٍا

  شمشًا دخيوةًٌا قدخةًا لطوذنٍا

                               كأ فلطيْ ؤفذٍا مشوشويٍْا لايلًنٍْا

  واناً مفَرفوذٍا بينة سوَنًنٍْا

                                          ملَعبوطٍا لبي بس جٍبكي قًرٍا

 شٍارًا دبرذيًةًا بنيسن كم شًرٍا

                                  بذكوةٍْا وزَذخٍا وقًلًا دىورىًذٍا

 نشمًةًا دوَذدٍا ولعزٍْا دكنًذٍا

                                  وانًا بكٌييٌ زمرةًا دزمًذٍا

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.