اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

في حوارٍ معها (الجزء الثاني والثلاثين)// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

في حوارٍ معها (الجزء الثاني والثلاثين)

د. سمير محمد ايوب

الاردن

 

إن إبتَدَأتَ ، ثِقْ ...

ما تطلبه المرأة  في الحب، لم يعد يا شيخنا، فارساً كما يعتقد البعض. ولا ثراءً ماديا ، كما يقول بعض دهاقنة المال. ولا جِداراً تَتكئُ عليه كما تقول ألأمثال. فالمرأة المعاصرةُ، باتت قادرةً على تأمين كل إحتياجاتها ألمادية بنفسها، بِلا فارسٍ وبِلا رجلٍ حتى.

 

لكنّها عاجزةٌ عن الحُبِّ لِوحدها. الحبُّ قانونٌ يربطها مع شريك. فارساً كان ذاك الشريكُ، أو غيرَ فارس. غذاءُ المرأةِ ألذي يُبقيها ملكةً، هو الحب وليس المال ، ولا الفرسان ولا الرجال.

 

قلتُ مُتساءِلا: ولكن ما الحب بالنسبة لها؟

قالت: ليس سلعةً يُساوَمُ عليها، أو متاعا لشاريه. فالمتاعُ كما تعلم، ويعلم جُلُّ عقلاءِ الناس، يُقَوَّمُ بِما يُدْفَعُ أو يُبْذَلُ فيه، غالِياً أو رخيصا كان. ألشريك للشريك قلبٌ لِقلب ،لا يقوم أيٌّ مِنهما إلا بما يكون فيه.

 

لا يُقال للحب سحابةُ صيفٍ تزول. ولا نَصِفَهُ بِفَصلٍ من الفصول. وليس ورقةً تَسقط من شجرةٍ، أو دمعةٍ نَزَّازةٍ من عين، ولا حتى أحلاما تتبدد بالهَبَلِ أو تضيعُ بالعَبث.

 

الحُبُّ ليس لقبا إجتماعيا، يُؤطرُك برقاعِ دعوةٍ مُزَخرفة. وفاتحةٍ بعد شكلياتِ فِنجالٍ من قهوة، تُتمتم بها مواكبُ جاهاتٍ إستعراضية ، قبل توثيقِ العقود، وتوقيع الوثائق، وقسائم الملكية ،وقواشينِها.

 

وهو بالتأكيد، ليس مهرجانات إستعراضٍ للثراءِ والتسابق للبذخ العبثي، في صالات مكيفة مزينة، أو أسواق عكاظ في مضارب معاصرة، تحف بها وصلات من النق والإستغابة والتحاسد والتبسم المتكلف، على إيقاع ضجيجِ الفِرَقِ الصاخبة والتصوير الملون ثلاثي الأبعاد. 

 

قلت مغلفا إستنكاري ببسمةٍ حَيرى: قليلُ تلك الهيصة أوكثيرها، لا يعدو أن يكون زيطةً أو زمْبَليطة، تومئ إلى مناسبةٍ وإشهارٍ جمعي لها. تماما كالإيماء إلى الرجولة ، أو الأنوثة وقدرتها على التناسل.

 

قالت متابعة دون أن تلتفت إلى وجهي: أو قل يا شيخي، كالسيف إيماءٌ إلى القوة. يستطيع كل إمرئ أن يحمل سيفا. غير أنه ليس كل ذوي السيوف سواء. فقد يحمل ألجبان في كل يد سيفا. ويملك في داره مائة سيف. كلها إيماء للقوة، ولكن البطل ليس هناك؟

 

قلت وانا احدق في عينيها تعمدا: الحب الصحيح، ليس الذي يأخذه أو يقوله كل شريك للآخر، قبل أن تتسع لهم جنبات الدار. لكنه ذاك الذي يجدوه بعد أن يدلفا معا، العتبات إليها. وتُغلق وراءهم الأبواب .الحب معاملات جارية ، يسحب الشريكان من نبعها ، كل يوم.

 

سألَتْ وهي تركز في عيني : كيف ترى الحب أنت؟

قلت مُعابِثاً: الحب يا سيدتي كاشِفٌ، كالعطر تماما. لا يُمكن للإنسان أن يُخبّئهما لو أراد. ولكن الحب، لا يُكْتَفى بإستنشاق طيبه. لله دره، إنه كتابٌ ضخمٌ من الطلاسم والأحجيات، مكتوبة بعدة لغات، منطوقة وأكثرها مُشَفَّرٌ. يحتاج البصير الحصيف، ممن يتوسله أو يتوسده، لملكاتِ وحكمةِ نبي الله سليمان علية السلام، ليعجم كنانته ويروضه قبل أن يتذوق ثمار كل صفحة من صفحات ذاك السفر.

 

سألِتْ مُتعجلة : بم تنصح يا شيخي؟

قلتُ متمهلا: بعد إتقان ألكثير من لغات الحب، أنصحك بفنونِ ومهاراتِ ألتغابي ألذكي. فَمِنَ الذكاء أحيانا، أن تكوني غبية لبعض الوقت. فما على ضفاف وحواف المرآةِ إلا زبَدْ. والزبد كما تعلمين لا يَسقي العِطاش ، لا يرويهم ، لا يشبع أو يغني من جوع.

 

وأضَفْتُ وأنا أُنَقِّلُ بصري بين عينيها والأفق البعيد: ليغمرَكِ دفءُ المشترك، إبحثي عنه مع شخص مُختلف، عن كل من حولَك، وضَعيه بين قوسين ، لتشيخي معه.

 

إن كنتِ الشريكَ المناسب في الحب، إذهبي حتى الأقصى فيه. ولكن إياك أن تُمْنِني أو أن تنتظري مُقابل. ألوصول إلى قطوفه الدانية، بعد العتبة الأولى  ليسَ عسيراً.

 

الأصعب، هو التوقف في أنصاف معارجه، أوالتردد في جنبات أرباعها. أوالجلوس على أرصفتها وضفافها. والكوارث في العودة مُبْتَلة من حياضه، أو السقوط في قيعانه، فهي إن كنت لا تدرين ، بلا قَرار يا سيدتي.

 

الأردن – 5/3/2018

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.