اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مع سبق الإصرار والترصد: قصة قصيرة// صبيحة شبر

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صبيحة شبر

 

عرض صفحة الكاتبة 

مع سبق الإصرار والترصد: قصة قصيرة

صبيحة شبر

 

القاعة مزدحمة، الملل من الانتظار والترقب يعلو الوجوه، العيون متلهفة، متشوقة، والناس جالسون في أماكنهم، يتحدثون بهمس، نادى الحاجب:

- محكمة

وقف الحاضرون ، وأنا الانسانة الخجولة التي لم تعتد الكلام أمام شخصين, صرت أتلعثم، كيف لي أن أحسن الدفاع عن قضيتي في هذا المكان؟ وأمام الخضم الهائل من البشر؟ كيف يتأتى لي إقناعهم بحججي وان ابرهن على صواب أدلتي وحولي خصوم عنيدون يشهد لهم بطول الباع بمثل هذه القضايا؟

أيها القاضي .... أيها السيدات والسادة، يامن جربتم الغربة، وذقتم مرارة الوحدة وسهرتم ليالي طوال، تتساءلون عن مستقبلكم في هذه الحياة، حيث لا أليف يقف بجانبكم يشد أزركم ولا حبيب يضمك إلى صدره، فيجلب لكم الدفء.

كنت سعيدة يسكنني السرور، ويكحل عيني الحبور، وكان يملأ علي حياتي رضا وسلاما، أستيقظ في الصباح مسرورة على صوته الجميل، حيث يوقظني بأعزب الألحان، ما إن يراني أدخل غرفته حتى يتهلل فرحا، ويرحب بقدومي، وجسمه كله ينطق بالسعادة، كنت أعتني بطعامه وشرابه، أسعى إلى أرقى الأسواق، كي أبتاع ما يلذ له وما يطيب من أنواع الطعام، وأسرع إلى الطبيب، حين تلم به أولى علامات الوعكات، اهرع إلى أقرب الصيدليات، وأنفذ تعليمات الطبيب بكل عناية واهتمام، كم شاركني سهري في ليالي الشتاء الطويلة، وكم منحني معنى جديدا لحياتي المجدبة، أجده وحيدا، فابحث له عن أنثى تشاركه الحياة، وتجلب الدفء لحياتنا الباردة، فكانت دنانير الرقيقة الرفيقة لدربه، يتناجيان معا، ويبثان بعضهما لواعج القلوب، ولكن .... لايمكن للفرحة أن تستمر، ولا للسرور إلا أن يتحول شقاء، ومن هنا بدأت نكبتي، إني أيها الرئيس وأيها الحاضرون الكرام قد جني على حياتي، وقضي على مبعث سعادتي، ووئدت فرحتي، ما إن حدثت جاري بأمر رفيقي حتى اقترح أن يشاركني فرحتي، وان يقدم الطعام لصديقي، فوافقت بعد إلحاح، فانا طيبة أيها الرئيس لا استاثر بالفرحة، لكن الجاني لم يبال بما يسبب لي من الآلام ..... لهذا أرجو من سيادتكم ان تعاقبوه على عمله الشنيع، وعلى اقترافه إثما، مع سبق الإصرار والترصد، كي يكون عبرة لغيره.

القاضي : ماذا تقول أيها المتهم؟ أبريء أنت أم مذنب؟

- أنا بريء يا حضرة القاضي، أنا بريء ياحضرات المستمعين، كانت هذه السيدة تحدثني عن ضيفها، وهي مسرورة بجماله يملؤها الفرح بصوته الفريد وغنائه الشجي، كانت تجلس الساعات الطوال، تراقب حركاته، وتستمع إلى طربه، كانت تجده صديقا حانيا، يملأ حياتها بهجة، وأنا مثلها أيها القاضي أرنو إلى الجمال، استعذب الاصوات الجميلة، وتطربني حلاوة الألحان، كنت اجلس والسيدة تراقب الضيف الحالم الحنون، وزوجته الناعمة، وهما يتحركان برشاقة ليس لها مثيل، في السكن الصغير الذي منحتهما إياه جارتي، أنا أيضا وجدت سعادتي في تلك الصحبة الجميلة، عرضت عليها يوما أن أساعدها في تقديم الطعام للضيفين الحبيبين، فوافقت، فحدث يوما أن سهوت وأنا إنسان، فنسيت الباب مفتوحا فهرب الضيفان ولم يعودا.

- القاضي: هرب الضيفان؟

- الداعية: نعم سيدي القاضي، كان ضيفاي بلبلين جميلين صداحين، عندما فتح لهما الباب طارا معا وتركاني وحدي، انتظر عودتهما, فلا شك أنهما قد فقدا معالم الطريق.

 

صبيحة شبر

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.