كـتـاب ألموقع
البديل- قصة قصيرة// صبيحة شبر
- المجموعة: صبيحة شبر
- تم إنشاءه بتاريخ الإثنين, 11 أيلول/سبتمبر 2023 20:39
- كتب بواسطة: صبيحة شبر
- الزيارات: 1333
صبيحة شبر
البديل- قصة قصيرة
صبيحة شبر
إنها لحظتُك السعيدة، انتظرت طويلا، الساعة الثانية ظهرا وقد خلت الشوارع من الفضوليين، ودنا منك من كنت تتمنين أن تلتقي به، شهور طويلة مرت عليك وأنت تتفقدين أخباره، وتتابعين بشوق كبير ما يقولون لك من صفاته، يشبهه كثيرا، أيكون هو من فقدته يوما، وطال انتظارك لأوبته، ولم تحصدي إلا أشواك الصبر، عزيزك الذي خرج يوما قبل سنتين غاضبا منكما لأنكما لم توافقا على اقترانه بسلمى، الفتاة اللعوب التي وقع جميع شبان حيكم بحبها، وهي تتلهى بمشاعرهم، عشرات من الشبان يخطبون ودها، والمعشوقة لا تود أحدا منهم، وتتمنى أن تجعلهم يموتون غراما ويعانون ألام الوجد والفراق، لتتلهى بأوجاعهم، جاءك يوما يزف لك البشرى
- أريد أن أكمل نصف ديني يا أمي ..
- إنها فرحة العمر يا بني، يسرني أن اخطب لك من اختاره قلبك لتشاركك رحلة الحياة..
- سوف تخطبينها رغم من تكون ؟
- لا يهمني من تكون ، مادام قلب ولدي الحبيب يطلبها
- إنها سلمى جارتنا يا أمي
تسكتين، أخذت على حين غرة، لم تكوني تتوقعين إن ابنك البار والذي رضع مكارم الأخلاق، وشب على احترام المبادئ والقيم، يريد سلمى الخارجة على العادات والتقاليد ..
- ماذا قلت يا أمي ؟
- أعطنا فرصة لنفكر أنا وأباك
- لا داع للتفكير يا أمي، لقد اتخذت قراري
تعود بك ذكريات ذلك اليوم الحزين، هل عاد ابنك بعد غيابه، واشتاق قلبه الى حنانكما الكبير وعطفكما العظيم، إنكما الآن وحيدان في الزقاق الضيق، وقد آوى الناس إلى منازلهم في هذا الحر اللافح، تتمنين أن تتحدثي معه، هو لم يرك كنت تتابعين أخباره، لا يعلم بأمرك، يسكن عند عمته المريضة، تشكين بصدق كلامها، من أدراك أن ما تدعيه صحيح؟، لم تكن تخبركم شيئا عن ابن أخيها، المسافر إلى بلاد أجنبية ثم عاد إلى وطنه فجأة، ألا يمكن أن تكون كاذبة ، هذا الشاب الوسيم هو ابنك الذي فقدته فبل عامين حين خرج غاضبا
- مستحيل يا ابني أن أوافق على هذا الزواج، اختر أي فتاة أخرى من بنات العائلات ، وسوف اذهب لخطبتها فورا، سلمى لن اقبل بزواجك منها، أنت ابني وعليك طاعتي..
نفس ملامح الوجه، ابتسامته التي تغمر قلبك بالسعادة، لم يخفت توهجها، عين الوسامة والمظهر الأنيق، سمرة البشرة الجميلة، إلا إن ابنك لم يكن غامق اللون، الفراق كان عامين اثنين، ولا تدرين كيف عاشهما ، تعذب حتى حصل على عمل، سهر الليالي وتحمل الصعاب من أجل الرزق، هل وجد المعاملة الجميلة التي كان يلقاها في منزل الوالدين، كل شيء ينقلب ما إن يغادر المرء موطن الحب والحنان، هل نفذ قراره، وتزوج سلمى، ثم خبر سلوكها الفاحش، فأراها ما تستحق من حزم؟
- انه ابني وقد تعبنا في تربيته، سوف يكون مسرورا حين يراني بعد عامين كاملين، كنت حنونة دائما معه، وأكثر من كل الأمهات الأخريات، علمته على الاعتزاز بالنفس واحترام الآخر..
يدنو منك، اختلافات قليلة، خلقتها المعاناة الطويلة، وهو بعيد عن حضن الأبوين وعطفهما، سيكون بارا بك، ويخفف من وحدتك، فبعد إن فارقك الابن مات الأب مقهورا، فلم يكن لهما سواه، وسوف يعرف قدرك ويشفق على حرمانك من وحيدك..
- مساء الخير
- مساء النور سيدتي
اختفى الصوت الدافئ، والنبرات الهادئة الواثقة، والنظرات التي تتوهج حنانا ومحبة، سلم عليك وحاول أن يمضي قي طريقه لا مباليا بما تشعرين به من أحاسيس متعارضة..
- ما اسمك يا بني
- كريم
ابنك كان محمودا، هل مازال غاضبا ويدعي اسما آخر، يختلف كثيرا عن ذلك المخلوق الحبيب، شتان بين حبيبك وهذا الغريب، أين ذهب ابنك؟ أنسيك حقا؟ وهل استطاع قلبه الكبير ان يسلوك؟ ،أنت أمه.. تحبينه أكثر من أي مخلوق آخر، لم يسأل عنك، ولم يهتم بمعاناتك وآلامك وهو بعيد، تناسى كل تعبك من أجله وسهرك الليالي الطوال لتنويمه، تهدهدينه وتغنين له، تنكر لكل تضحياتك ، كيف يمكن ان تتحملي هذا العقوق، لم تسيئي إلى ولدك، أبوه لم يوافق على خطبة سلمى، وحاولت إقناعه، فلم يستمع إليك، فما ذنبك أنت؟ تودين أن تجدي مبررا لكل هذا الجحود الذي يقابلك به.. ابنك تعرفينه، تمام المعرفة، هل تتوه الأم عن ابنها الوحيد، عمن قضت الليل تناجيه وتعتني به ، تسهر على راحته ، هل نسيك حقا؟ أم إن عارضا قويا ألمّ به، أين هو الآن، هل مضى ككل الآلاف من أبناء قومك بطرق مجهولة، وغيبته الأرض اليباب التي لم ترحم أحدا؟ وهل مضى لأنكما لم توافقا على طلبه؟ أم هناك أمر آخر اجبره على الذهاب؟ من يمكنه أن يعرف، والغموض يحيط بك من كل جانب، ومئات المفقودين تنبؤك ان سبب غياب حبيبك لم يكن كما توهمت، مالك ولهذا المخلوق، وكيف تريدين ان يكون ابنا لك؟ هل نستطيع ان نوجد محبة الابن من أناس مجهولين نجدهم في الشوارع؟
- الوحدة قاسية، وقد قضيت عمري غريبة منبوذة.. سأعتني بهذا الإنسان، وسيكون لي ابنا تعويضا عمن فقدت.. حزن طاغ يظهر عليه، قد أجد معه بديلا عن عزيز اختفى.
ينطلق السؤال رغما عنك :
- ألا تعرفني ؟
- لا ..مع الأسف.. سيدتي
تكتمين آلامك وشعورك المتواصل بالخيبة :
- هل نسيت أمك يا بني ؟
- ماذا ؟ ماذا تعنين سيدتي ؟
- هل تذكر أمك ؟
- لا ادري سيدتي ليس لي أم
يبتعد عنك ، يتجاهل آلامك، ويستخف بمتاعبك ، يستهزئ بلوعتك واشتياقك الى أن تحضني ابنك الوحيد وتضميه الى صدرك الظامئ، هل أنسته معاناة عامين كيف يمكن للام ان تصبر حين يتنكر لها ابنها الوحيد ..
يلتفت إليك
- عذرا سيدتي ، ماتت أمي وأنا رضيع ، كيف يمكن لي أن أتذكرها..
... صبيحة شبر
المتواجون الان
409 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع