اخر الاخبار:
اطلاق رواتب المتقاعدين لشهر تشرين الثاني - الأحد, 03 تشرين2/نوفمبر 2024 09:39
"انفجار عنيف" يهز قاعدة أمريكية في سوريا - الأحد, 27 تشرين1/أكتوير 2024 20:25
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

القصة القصيرة فن نثري جميل// صبيحة شبر

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صبيحة شبر

 

عرض صفحة الكاتبة 

القصة القصيرة فن نثري جميل

صبيحة شبر

 

النثر هو الكلام الجميل، المكتوب بأسلوب مرسل لايحكمه الإيقاع ، تميزه عدة سمات يشترك في بعضها مع الشعر، منها اختيار اللغة، والفكرة الواضحة الجلية  والمنطق السليم، القادر على التأثير في المتلقي، والنثر أنواع عديدة: القصة ،والمقالة والرسالة والخطبة والسيرة، والقصة القصيرة جدا، والرواية والمسرحية، وكل من هذه الفنون لها مميزاتها الخاصة، وصفات عامة تشترك بها مع الأجناس الأخرى.

 

  القصة القصيرة أشهر الأجناس الأدبية، أخذت تحتل مكانا لائقا بها، بعد ان دخل الناس عصر السرعة، وشرعوا في اختيار الأصناف التي تتميز بالقصر، وهي حكاية أدبية في أصولها القديمة ذات فكرة بسيطة، تعالج موضوعا محددا وتدور أحداثها في لحظة مكثفة من لحظات الحياة، تكون في صفحة واحدة او عدد قليل من الصفحات، فهي تختلف عن الرواية التي تتناول زمنا طويلا قد يمتد إلى عدد من الأجيال.

 

نشأت القصة القصيرة العربية، من أصل عربي تمثل في السير والمقامات والحكايات، وحكايات ألف ليلة وليلة، وكتاب الجاحظ عن الحيوان والبخلاء،  دليل على نشوء هذا النوع من الأدب ، وحين بدأت الترجمة وأخذت القصص المترجمة من الآداب العالمية، تدخل الأسواق والمكتبات العربية، واطلع عليها القاريء العربي، تأثر بها، فيكون للقصة القصيرة العربية أصلان,، أولهما عربي والآخر أوربي.

 

ظهرت القصة العربية الحديثة، بسيطة في أول نشوئها، تهتم بالفكرة على حساب الشكل الفني، وتتخذ أسلوب الوعظ والإرشاد غاية، لكنها تطورت سريعا، بفضل الأقلام العديدة التي امتلكت الموهبة، والقدرة على مواصلة الطريق، والاطلاع على تجارب الأمم الأخرى، فذهب القاصون العرب في رحلات الى العالم المتقدم، الذي قطع شوطا في هذه الفنون، وعادوا الى بلدانهم مزودين بأصول هذا النوع من الأدب، وحاولوا ان تكون قصصهم مناسبة للبيئة العربية، بما فيها من ايجابيات وسلبيات، طمحوا في البداية ان يجدوا الدواء للأمراض العديدة المتفشية، في جسم الوطن العربي، ثم تطورت بعض الأساليب، بأن تصف الداء، دون ان  تذكر الدواء، وتعرض ما يعانيه المجتمع أمام نظار الباحثين ونقاد الأدب، وهذا النوع الذي اصطلح على تسميته بالأدب الملتزم، والذي يتخذ من الكتابة وسيلة لإصلاح الخلل ، الموجود في النفوس والأرواح.

 

وفي الأنظمة المتعددة التي تكون اقرب الى الاستبداد استطاعت القصة القصيرة العربية، ان تضاهي القصص العالمية في جمالها وإتقانها وفنيتها، وتمكن  القاصون العرب ان يسيروا بهذا الفن الجميل، وان يكسبوا لهم القراء المتعددين، بلغات كثيرة عن طريق الترجمة، فاطلع العالم على فنية القصص العربية، وعرفوا ان  العرب او الأقوام الأخرى، الناطقة بالعربية، تستطيع ان تنتج أدبا جميلا، وخالدا ، يمنح القاريء المتعة الفنية بالإضافة الى الأهمية الفكرية والعلمية، التي تعرفه بتقاليد الشعوب وتراثها وبما ساهمت به من اعمار العالم وبناء الحضارات.

 

استطاع الأديب العربي، ان ينشر أعماله ليس بواسطة الطباعة فقط ، والتي تكلف مالا قد لايستطع توفيره الكثيرون، وإنما عن طريق تطور وسائل الاتصال ـ فأصبح العالم مدينة صغيرة، يمكنك أن تطلع على ما يكتب في أبعد الأمكنة عنك، وانت جالس في منزلك أمام جهاز الكمبيوتر.

 

 تعرفنا إلى أدباء كثر، من مختلف أقطار العروبة الممتدة من الخليج إلى المحيط ، تتميز أعمالهم بالروعة الفنية، والتمكن والمهارة في القص والقدرة على التأثير في القاريء ، باختلاف الأساليب التي  تكون طريقا لها في الإبداع  ،والتعبير عما يريدون ، كثرت المواقع الأدبية، وظهرت بالمئات ، بعضها الجيد وهو القليل، ولكنه متطور، وينشط فيه أدباء متميزون، قد عرفوا عربيا وعالميا، واستطاع القاريء ان يطلع على إبداعاتهم، كما كثرت المنتديات الأدبية بعضها تعنى بالأدب الحديث، والبعض الآخر تهتم بكتب التراث، كثرت القصص القصيرة وتعدد كتابها، وأجاد مبدعوها، وأصبحنا نجد أنفسنا أمام ثروة كبيرة ، من القصص القصيرة ، تزهو بها المنتديات الأدبية والملتقيات.

 

• ورغم هذا التطور الذي شهدته الأجناس الأدبية جميعا، الا أننا ما زلنا نسمع ذلك السؤال: هل وصلت القصة القصيرة إلى طريق مسدود؟ وإنها سوف تتراجع لتحل مكانها الرواية؟ والبعض الآخر يطرح سؤالا متناقضا مع الأولين، بان القصة القصيرة جدا بما تتميز به من كثافة، وقصر وقدرة على القص، بأقل عدد من الكلمات، سوف تسحب البساط من تحت أقدام القصة القصيرة، وتسد أبواب النجاح أمام كتابها، والجواب ان الأدب الناجح يفرض نفسه بأي شكل كان، سواء كان النتاج الأدبي قصة ام رواية ام شعرا، لماذا يبقى جنس واحد لتزول الأجناس الأخرى، الفيصل والحكم للقدرة الأدبية، التي يمتلكها الأديب، وليس لنوع معين من الأنواع الأدبية، ان كان ما يكتبه المبدع أدبا جميلا، فانه يحظى حتما بالاهتمام،  ويكون قادرا على البقاء، في بيئة تعطي للإبداع في الكلمة النصيب الأوفى من الرعاية، وان كان لايسمو الى تلك الدرجة فان النسيان يكون نصيبه، حتى لو دبجت عن قدرة كاتبه آلاف المقالات، وأجريت معه الحوارات المختلفة، ودعي الى المؤتمرات، الجودة في الكتابة، والقدرة الفنية وإبراز الحدث، والحوار المقنع، كل هذه الأمور يمكن ان تمنح القصة ديمومتها ونجاحها، وهذا يتطلب مرانا طويلا، وصقلا للموهبة، وقراءة مستفيضة لأمهات الكتب عن هذا اللون، والاستماع الى النقد النزيه ، الصائب ، وعدم التعالي على القاريء الذكي والواعي.

 

ان ما نطلع عليه من قصص جميلة وناجحة، في المنتديات، او في الصحافة الورقية ، يبشر ان أدبنا العربي بخير، وان القصة القصيرة سوف تثبت نجاحها، على أيد مبدعين كبار، لايطربهم النجاح المؤقت، ولا يحزنهم النقد البناء، وان أمامهم الطريق طويل، وان عليهم ان يبذلوا الجهد ويحرثوا، كي يقطفوا الثمار ناضجة في حينها ، فالتسرع لاينتج الا طعاما مضرا.

صبيحة شبر

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.