اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

نَفْخَة سَّحَريَّة!// يوسف أبو الفوز

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

نَفْخَة سَّحَريَّة!

يوسف أبو الفوز

 

تعددت وتعالت الانتقادات والادانات لما جرى للطائرة اللبنانية، وعدم السماح لها بالهبوط في بغداد وعودتها من حيث اتت. البعض من المنتقدين وجدها فرصة لتصفية الحسابات واستغلالها في ماكنة الدعاية الانتخابية التي  تستغل كل ما يحدث ويجري ليدخل في مطحنتها، وحتى ما اشيع من كون وزير النقل السيد هادي العامري قدم استقالته من منصبه وأنه طالب بمحاسبة ابنه، على خلفية الحدث ـ وحتى لو حصل هذا بالفعل ـ ، فهو يمكن اعتباره جزءا من المناورات الانتخابية للظهور بمظهر السياسي النزيه، اذ كيف يمكن لابنه ان يجرؤ ويقدم على هذا التصرف الارعن، لو كان يعرف ان ابيه حقا أنسانا ملتزما بالقوانين ورجل دولة يحترم منصبه وسلطاته؟. أما انصار الدولة المدنية والمؤسسات والقانون، فمن جانبهم، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وفي تصريحاتهم وتعليقاتهم، فضحوا الحال الذي وصلته الدولة العراقية على يد قوى الاسلام السياسي التي حولت "العراق الجديد" الى دولة طوائف، فكل وزارة صارت ملكا مشاعا للوزير وعائلته وحزبه وطائفته، بحيث ان ابن وزير يملك كل هذه السلطة، وتكون ردة فعل غضبه ، بسبب اقلاع الطائرة بدونه، فوق النظام والقانون!ّ

ومع تسجيل الادانة الكاملة، لما حصل، لكني في هذه السطور اود الحديث عن جانب أخر من القضية، الا وهي السرعة في تنفيذ طلب ابن الوزير المدلل!

فنقلا عن وكالة البي بي سي، فأن السيد مروان صالحة، القائم بأعمال رئيس شركة خطوط الشرق الأوسط للطيران، قال في تصريحات للصحافة، "إن الرحلة، التي كان من المقرر إقلاعها في الساعة 12:40، بحسب توقيت غرينتش، تأخرت ست دقائق بينما كان موظفوها يبحثون عن مهدي العامري وصديقه في استراحة رجال الأعمال." واضاف صالحة "اتخذنا الإجراءات الضرورية في ما يتعلق بالإعلان، والنداء على المسافرين وأقلعت الطائرة، ولكن تبين لنا أن ابن وزير عراقي، لم يتمكن من اللحاق بها". ويواصل صالحة "أن العامري ـ يقصد ابن الوزيرـ  كان غاضبا عندما وصل إلى البوابة، وقال "لن أسمح للطائرة بالهبوط في بغداد "!! .

ويبدو ان ابن الوزير الغاضب اجرى اتصالا هاتفيا لجهة ما في "بغداده" ـ فهي ملكا مشاعا له  كما يبدو ـ أذ بعد نحو عشرين دقيقة من إقلاع الطائرة، تلقت شركة خطوط الشرق الأوسط إبلاغا من مدير محطتها في مطار بغداد بأنه لا يوجد تصريح بهبوط الطائرة في مطار بغداد، وهذا بحسب ما قاله السيد مروان صالحة. عادت الطائرة إلى مطار رفيق الحريرى الدولى فى بيروت، وأنزلت ركابها الواحد والسبعين وسط ذهول الجميع!.

ولو كان السيد نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، جديا في توجيهه، بطرد ومحاسبة من تثبت مسؤوليته عن عدم السماح للطائرة بالهبوط في مطار بغداد الدولي، ـ وهذه دعاية انتخابية  تليق برجل دولة ـ فليس أمامه سوى العثور على جواب سؤال: من يملك سلطة ارجاع طائرة وعودتها الى محل اقلاعها؟ وعندها سيكتشف السيد رئيس الوزراء أيضا ان اجهزة دولته تعمل بكفاءة عالية، على عكس ما يشاع عنها، من فساد وبيروقراطية وتخلف، بحيث ان عشرين دقيقة فقط استغرق الحال لتنفيذ مكالمة ابن الوزير المدلل والغاضب!

دورتان انتخابيتان، تولى الحكومة فيهما السيد نوري المالكي، ومعه حلفاؤه من قوى الاسلام السياسي ـ والسعي قائم لدورة ثالثة ـ والدولة العراقية الحالية تشكو من التعثر في تنفيذ المشاريع الخدمية التي تعلن عنها الحكومة وتوعد بتفيذها ، لكن الوعود تبقى حبرا على ورق. والمواطن العادي لاجل انجاز شأن ما، معاملة بسيطة في دائرة ما من دوائر دولة الطوائف، يبقى يدور اياما وشهورا وربما سنوات لانجاز ما يريد، يسفح عرق كرامته امام موظف فاسد او متعالي او بيروقراطي من طراز طائفي، لكن طائرة من نوع آيرباص 320 ، برحلة رقم 322 ME  تقل واحد وسبعين راكبا تم اعادتها بنفخة واحدة ـ اقصد مكالمة ـ ! فأي كفاءة وسحر تملك هذه النفخة ، بحيث ركضت الاوامر عبر الخطوط والهواتف وتجاوزت المكاتب واحد بعد الاخر ليصدر الامر من الجهة المعنية بعدم جواز هبوط طائرة شركة خطوط الشرق الأوسط على مدرجات مطار بغداد مملكة السيد مهدي العامري ؟!

 

سماوة القطب  8 اذار 2014

*جريدة المدى ـ صفحة أراء ـ العدد رقم (3030) بتاريخ 2014/03/13

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.