اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مفارقة طريفة (4)// سعيد شامايا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعيد شامايا

 

عرض صفحة الكاتب 

مفارقة طريفة (4)

سعيد شامايا

 

كنا نخبة من طلاب الثانوية والمعاهد المهنية ودور المعلمين (منهم سعيد شامايا، في الصف الخامس دار المعلمين الريفية) نلتقي في المقهى الوحيد في بلدتنا القوش ونتحدث في امور ثقافية او عن الكتب والاخبار الثقافية أدبية او فنية وكثيرا ما كان يسبب جدالنا ومناقشاتنا ارباك او إزعاج مزدوج لممارسي الالعاب الدومنو او الورق او الطاولة ومن جانبهم صياحهم او خصوماتهم مقابل ارتفاع صوتنا ايضا في جدال او رأي، مما انتبه بعضنا الى تفادي هكذا موقف إحتراما لرواد المقهى الاكبر عمرا، رحنا نفكر ونردد لو ظفرنا بموقع خاص بنا، وامتد الطموح لو كان لنا مكتب او غرفة صغيرة نسميها مكتبة، كان هذا في صيف 1947 وتوالت المقترحات، زاوية في الكنيسة او غرفة في مارقرداغ او مغارة في جبلنا القريب وتوفير هذه الفكرة صعب بالنسبة لدورنا لاوضاع عوائلنا المتواضعة! هنا بادر احدنا (سالم عيسى تولا) قائلا: ساحاول أن أجد حلا لمشكلتنا، وأخبرنا في اليوم الثاني أن والده وافق ان يخصص لنا غرفة في الطابق العلوي من دارهم المتكون من غرفتين بينهما ايوان واسع، شرط أن تكون قضايانا مفيدة ومحترمة ترفع الرأس، وبالسرعة الممكنة قررنا أن يشارك كل منا بما يتيسر لديه من كتب مفيدة واستطاع سبعة او ثمانية منا لم تسعفني الذاكرة لاسمائهم (سوى  ميخا ججو بجوري /عبد بتي صفار / حبيب شدا/ صبري جهوري...) أن يزود كل منا مكتبتنا الثقافية ببعض الكتب، وكانت حصتي ستة كتب من مكتبة والدي المتواضعة (منها لجرجيس زيدان/ للمنفلوطي/ وكتابان لجبران خليل جبران، أما كتاب النبي لم يفرط به الوالد، وروايات بولسسية لارسين لوبين) وكنا سعداء ونحن نلتئم بمجلس هادئ كل يفتح كتابا ولنا فترة النقاش او الرأي او التسلية، ( وأتذكر زارنا يوما المرحوم ياقو شكوانا الاكبر عمرا معه صديق واعجب بما رأى وشجعنا قائلا: إنه عمل عظيم، ولكن كونوا حذرين) خلال أيام ازداد عددنا واستولينا على الايوان وامتد العدد الى اكثر من تلاثين مشتركا وبصعوبة اقنع سالم والديه لينتقلا الى الطابق الارضي الغير مريح، لنزحف الى الغرفة الثانية، في الساعة التاسعة دخلتُ يوما الدار وكان العم عيسى الطيب وأم سالم يتناولان فطورهما، والمعروف عن العم ابو سالم المحبوب في القوش بصراحته وطرافته وكثيرا ما كان المعلمون او الموظفون يتزاحمون أمام دكانه في السوق يمازحونه ويثيرونه ليسمعوا نوادره ونكاته ومسباته الالقوشية المازحة. سلمت عليهما معتذرا للزيارة المبكرة، نظر الى ما كنت احمله وقال: ماهذا ياسعيد؟ قلت صورة لرجل طيب رسمتها لمكتبتنا. قال: ممكن أن نراها، ونشرتها، كانت صورة ماركس رسمتها بقلم الفحم وسبقتْها صور للحكماء والفلاسفة /سقرا/ روسو/ غاليلو وغرهم، تعجب الرجل قائلا: وهل تحبون القسان وتحترمونهم؟ قلت هذا ليس قسا إنما رجل مشهور صالح يحب الحق والعدالة... قاطعني بسرعة قائلا: هل كان نقلي وهذه العجوز من الاعلى الى الاسفل من العدالة التي تؤمنون بها؟ قلت مرتبكا وخائفا: عملك افضل من عملنا ياعم وهو تضحية سيذكرها اولادنا واحفادك في المستقبل، التفت الى زوجته وقال بلغتنا: (شميلخ كتِّ؟ إيخول بختا إيخول ليبن إللي) ترجمتها (هل سمعت كتّي اكلي يا امرأة ما نقدر عليهم ). اوردت هذا كمفارقة بين ذلك الزمان وزماننا السيئ، مفارقة بما كان يشغل الطالب وبين ما يشغل معظمهم اليوم، كان الطالب في دور المعلمين وفي المعاهد المهنية في الاعدادية وهو دارس يتمنى أن يغذي طموح اهله بجدارة ولدهم الذي سيوفر لهم حياة افضل ويكونوا خيرة الشباب ليفتخر بهم الاهل، قد لا يصدق القارئ إن قلت أن بعضنا كان يكتب في حاشية الكتاب المستعار رايه المتواضع كنا قد أو مقيّم يتم مناقشته في جلسة حوار، ولست مبالغا إن قلت أن من بين أولئك ظهر كتاب وفنانون ومهنيون مبدعون رغم عدم استطاعتهم حينها دخول الجامعات. بينما اليوم الكثير من طلاب الجامعات في عطلهم والبعض في ازدحام واجباتهم ينشغلون بهواتفهم المحمولة وليته البحث عن معلومة او عن مصدر يغذي دراستهم، ولا حرج إن قلت ان الاباء اليوم حائرون في معالجة هذا الامر الذي طال ايضا طلاب الثانويات والابتدائية حتى الاطفال فيؤولون الممارسة  للتسلية لكنها الممارسة القاتلة لقيمة الوقت الثمين..

 

             المفارقة القادمة في1960

  سعيد شامايا     29/5/2020

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.