اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (349)- سمات جمالية وفكرية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

يوميات حسين الاعظمي (349)

 

سمات جمالية وفكرية

في حقبة التحول لم يكن المغنون المعاصرون لها على مستوى وإتجاه واحد من التعبير في غنائهم المقامي، فقد كانت معالجاتهم متفاوتة في تأثيراتها الذوقية والجمالية والثقافية نسبة لتوجُّهاتهم في هذا الصدد، وهم على العموم متنوعون في هذا المجال، فمنهم من أتباع الطريقة القندرجية ومنهم من أتباع الطريقة القبانجية ومنهم من إستقى أُسلوبَه الغنائي من الطريقتين أو طرق أُخرى (هامش1) ومنهم من كان مستقلاً بأُسلوبٍ خاص من الغنـــــاء إستقاه من جملة إختلافات الطرق والاساليب في هذه الحقبة.

 

       إن الموقع الفريد الذي تحتله النتاجات المقامية في هذه الحقبة (حقبة التحول) في الغناء المقامي حسب المفهوم التاريخي التراثي في العراق، ليس مردُّه إستعراضاً للحياة او تواصلاً معها بصورة طبيعية فحسب، بل أَنَّها ساهمت في معالجة مشاكل المجتمع النفسية والاجتماعية والعاطفية وعبَّرت عن حقائق الحقب الزمنية التي مرَّت على بلدنا العراق بمختلف ظروفه، فهي بصورة عامة لم تكن تعبـِّر بمجموعها عن تجارب شخصية وذاتية صرفة، ولكنها عبـَّرت عن الحالتين الفردية والجماعية لمجموع أبناء الشعب، وعند سماعنا لنتاجات هذه الحقبة ندرك ان الخط المهيمن في أداء مغنّي هذه الحقبة وبنظرة شاملة كان خط التمسك الصرف بالشكل والمضمون المقامي، أي بالمضمون المقامي المحلي الواضح في تعابير كل مغنّي هذه الفترة الزمنية، وعليه فهم آخر المتمسِّكين بالمحلية الصرفة في غنائهم المقامي، حتى ظهور محمد القبانجي الذي خرج عن هذه التقليدية وأدخل جملاً غنائية جديدة أساسها تأثُّرُه بغناء وموسيقى البلدان حواليه رغم أَنَّه عرَّقها، أي أَنه إقتبس هذه الجمل كشكل فقط ثم غناها بأُسلوبه المقامي العراقي وأعطاها مضموناً تعبيرياً عراقياً، ونستطيع هنا أن نؤشرَ بعضَ من هذه المقامات العراقية التي أدخل فيها القبانجي شيئاً من تطلعاته هذه وأبرزها مقام الرست ومقام الاورفة حتى أَثـَّرت هذه المحاولات بالكثير من أتباعه المغنين الذين حاولوا السير في هذا المنحى التجديدي وهذا الاتجاه الذوقي والجمالي والفكري الذي نما من خلال أعماله المقامية التي سجلها في العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين. وبذلك يكون القبانجي أول الخارجين عن طوق المحلية الصارم والتقليدية البحتة في المضمون الادائي للمقامات العراقية..! فقد حرَّر نفسه في تطوره اللاحق ونتاجاته الادائية المقامية اللاحقة التي أمست على مستوىً أعلى والى درجة كبيرة، وذلك من حيث الاتجاه الجمالي وكذلك في مستوى هذه النتاجات الفني، ولاسيَّما في تسجيله للمقامات التي إستحدثها، مثل مقام الكرد ومقام النهاوند ومقام القطر ومقام الحجازكار ومقام الأَوْج بهذه القصيدة للشاعر عبد الغفار الأَخرس وغيرها من المقامات العراقية بهذا المطلع.

(قدحت  في الماء نـــــــارا / فأحالت ظلمة الليـــــل نهارا)

 

        إضافة الى الروح الجديدة التي أعطاها القبانجي للمقامات التقليدية التي سجلها مثل مقام الابراهيمي ومقام السيكاه ومقام الحجازديوان ومقام البهيرزاوي ومقام الاورفة ومقام الخنبات ومقام البيات بهذه القصــيدة بهذا المطلع.

(وداع دعاني والثريا كأنــــها / قلائد قد علقن خلــــف فتيق)

           فهو في هذه النتاجات لم يكن عاجزاً عن أن يرث أي شيء مقامي له أهميته الجمالية من أسلافه المغنين، ولكن نتاجات محمد القبانجي في هذه الحقبة بأكملها تنطلق من المنحى الجديد الذي سارت به الحياة بكل تطوراتها وتغيـُّراتها وتحوُّلاتها ومنعطفاتها الجمالية فكان المعبـِّر الأصدق عن حقبته.

 

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

سامي عليوي مقام المنصوري

https://www.youtube.com/watch?v=sAccU3btCjY

 

هوامش

1 – هامش1: لدى الكاتب كتاب مطبوع عام 2009 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت بعنوان(المقام العراقي بين طريقتين).

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.