اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

يوميات حسين الاعظمي (517)- كتاب احمد حجي بصرة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حسين الاعظمي

 

عرض صفحة الكاتب 

يوميات حسين الاعظمي (517)

 

كتاب احمد حجي بصرة

       في مطلع السبعينات –سقى الله ايام ذلك الزمان–  جاءني الأديب الصحفي باسل عبد الجبار القادري(هامش 1) حاملاً معه جهاز تسجيل وشريط كاسيت يعودان لصديق له وقال لي. هذه مقامات بصوت صديق عزيز عليَّ، أريد أن تسمعَها جيداً وتعطيني رأيك به. سمعت الشريط بعد حين، فكان به مقامي الشرقي رست ومقام المدمي، وسمعته أكثر من مرَّة، وأنا مندهشاً كل الدهشة، فسألت قريبي الذي جاءَني بالشريط، مَن هذا الشاب  الذي يُغني..؟ وإذا بي أعرفُ عائلته وأقرباءَه فقلت لقريبي، هذا نِعْمَ المُغنّي ونِعْم العائلة والاهل والعشيرة. لاتعجب عزيزي القارئ..! فإن تلاوة القرآن الكريم وقراءة المناقب النبوية الشريفة والاذكار ليست بعيدة عن عائلته وأهله، فهم يمارسوها وان يكن دون إحتراف، فهو إبن بيئته ومحيطه بعد موهبته. قلت لقريبي، أود لقاء هذا الشاب حسين في أقرب وقت، خذني إليه فإن مطرباً مقامياً جديداً يوشِكُ أن يولد..!! لكن العجب ظل يساورني..! منذ لاحظتُ الاصالة في أدائه المقامي، ولاحظتُ منذ البداية انه يريد أن يختط  لنفسه طريقاً خاصاً به، وكان له ما أراد..! وسألت نفسي، كيف إختار هذا المغني الناشيء مقامين أحدهما مفرح والآخر حزين..؟

 

       كان معي الاديب باسل عبد الجبار الذي هيّأ موعداً لنا في مقهى أبي صباح المعروفة في منطقة السفينة بالاعظمية مع صديقه حسين، وعند وصولنا في الموعد المحدد وجدنا الشاب الطموح حسين الاعظمي في انتظارنا، تحدثنا في بعض الامور حتى قلتُ لحسين.

-    انك أدهشتني بصوتك الجميل الذي سمعته من شريط الكاسيت الذي ارسلته اليَّ عن طريق صديقك باسل، ولم تتوقف دهشتي لجمال الصوت فقط، وانما غنيتَ مقامين(الشرقي رست ومقام المدمي) كاملين دون أي نقص اصولي، فقد كان غناؤك متقناً ومضبوطاً وكأنني أستمع الى مطرب خبير متمرس في هذا المجال، أي انك مطرب دون ان تنتبه انت الى ذلك..! وعليه ياحسين، اقولها لك منذ الآن ومن هذا اللقاء الطيب، انك تمتلك مقومات المطرب المقتدر بغناء المقام العراقي رغم انك لم تقدم نفسك الى وسائل الاعلام بعد..! فأنا أتوقع لك مستقبلاً باهراً في هذا المجال، فاذا ما اجتهدتَ وواظبتَ في طموحك الغنائي، فإنك ستغزو الاذواق والاوساط المقامية في العراق وخارجه. وانا ابشـِّرُكَ وابشـِّرْ كل المقاميين، ان مطرباً مقامياً جديداً سيظهر قريباً إن شاء الله..!

 

        إرتسمت على مُحيـَّا حسين الاعظمي الكثير من علامات الخجل وأنا أحدثه بهذا الكلام، ولكنني من ناحية أخرى، ولقناعتي بما تحدثتُ به لحسين، فقد أثرْتُ إنتباهه الى مجمل أشياء لابد ان يدركها وهو في خطواته الاولى في مسيرته المقامية، وهي في مجملها، ان المسؤولية كبيرة جداً في تحمل اعباء المسيرة الفنية، فلا تنسَ يوماً، انك تغني باسم الاعظمية وبغداد والعراق والعرب، فانتبه الى تفكيرك وسلوكك واختياراتك، وايـَّاك ان تأخذك نشوة الشباب في أي ظرف تمر به، الى مهاوي ما يسمعه الناس عن سلوك البعض ممن سموا بالفنانين..! في السهر والرذيلة واجواء المجون، وان عائلتك واهلك واصدقاءَك ووطنك لا يحتمل أي خطأ قد تجرك ثورة الشباب اليه..!

 

      في سياق هذا الكلام وباسل يستمع ويشارك فيه، والاعظمي ينصتُ بهدوء الشخص العاقل والمؤدب والحكيم رغم حداثة سنه..! فقد جئتُ له بمثل حقيقي من الوسط المقامي كي اؤكد ما كنت اصبو اليه من الملاحظات، وقلتُ ان احد المغنين المقاميين عمل عملاً سيئاً لا يغتفر، وقد ثبتَ ضمن تاريخه الشخصي والفني، ولا داعي ان نذكر من هو هذا المغني المقامي، لكنني ذكرتُ اسمه لحسين الاعظمي في حينها، ورغم ان ذلك المطرب لم يفعلها مرة اخرى، إلا أن ذلك لا يفيد كثيراً، فالتاريخ قد ثبتَ عليه، وهو لو تاب أو حج مئة مرة، فإن التاريخ يبقى ولا يمحى، بأن له سلوكاً وتفكيراً سيئاً يوماً ما..!! فانتبهْ الى نفسك ياحسين وتذكر دائماً كل هذه المسؤوليات لأنك ستمثلنا جميعاً.

 

        مرَّت على لقائي الاول بحسين الاعظمي في مقهى ابي صباح في محلة السفينة مطلع السبعينات من القرن العشرين، سنوات طوال قاربت العشرين عاما ندر ان إلتقينا خلالها، وبصراحة لم أعد أتذكر بدقة ما دار من حديث في ذلك اللقاء الاول في مقهى ابو صباح مع فناننا الكبير حسين الاعظمي، ربما ندرة لقاءاتنا الاخرى، فأنا رغم اهتمامي بالقراءة والكتابة النقدية والادبية والفنية والمقامية بالذات، أعمل في مجال الطابو والعقاري، وحسين يعمل في الفن كما تعرفون، فضلاً عن ظروف حياتنا القاسية التي نعيشها في العراق..! ولكنني كنت اراقب مسيرة حسين الاعظمي عن كثب من خلال وسائل الاعلام المختلفة التي اسهبتْ في الحديث عن أخباره الفنية وانجازاته الرائعة وجولاته العالمية سفيراً حقيقياً للمقام العراقي في كل بقاع العالم، فقد فاجئني حسين يوماً ونحن نلتقي مصادفة في احدى مجالس الفاتحة او مجالس (العزاء) كما تسمى في غير العراق. حيث كان حسين جالساً بجانبي، فاجئني إذ اشعرني بموقف فيه الكثير من الأخلاق والشجاعة والوفاء، وقال موجِّها كلامه لي.

-    أُستاذ أحمد، إنَّ لكَ عليَّ فضلاً كبيراً لم ولن أنساه طيلة حياتي، وأرى نفسي عاجزاً تماماً عن شكري وإمتناني لك من جراء قيمة الملاحظات التي كنتَ قد اسديتـَها لي ونبَّهْتـَني عليها في لقائنا الاول مطلع السبعينات، فقد كانت ولا تزال جرساً يرن في كياني يمنعني من إتخاذ أي سلوك قد يضر بسمعة كل المسؤوليات التي ذكرتها لي زمنذاك، وكأنه وحياً يراقـبني دائماً أينما حللت. والحمد لله على كل شيء، فقد كان ذلك من حظي الكبير ..

 

       بصريح العبارة أقول، ان كلام حسين الاعظمي هذا كان قد افعمني كثيرا، حيث فيه من رفعة الاخلاق والوفاء والالتزام الشيء الكثير، وأنا إذ أُحيي موقف الاعظمي هذا واهنؤه عليه ، لكنه أفرحني كثيراً بصورة خاصة ، فقد نسيتُ ما دار بدقة في لقائنا الاول، ثانياً تباعد لقاءاتنا، وفضلاً عن ذلك فقد تحدث حسين الاعظمي عن هذا الموضوع أكثر من مرة في الصحافة والاذاعة والتلفزيون بعدئذ، وهذه هي القوة العظيمة التي يصنعها الفنان لشخصيته ونفسه، فلا شيء يعلو على الاخلاق والوفاء والقيم السمحاء، ولنا في ذلك قول ربنا العظيم في نبيه الكريم (وإنَّك لعلى خُلق عظيم) مثل ٌعظيم لهذه القيم، وفي الحقيقة أقول، ان مرحلة جديدة بدأتْ في علاقتي الشخصية بهذا الفنان الكبير حيث تعددتْ لقاءاتنا بعد هذا اللقاء المصادفة، وفيها اطلعتُ عن قرب على الكثير من تفصيلات مسيرة الفنان الاعظمي الفنية.

والى حلقة اخرى ان شاء الله.

 

اضغط على الرابط

حسين الاعظمي / مقام الشرقي رست من تلقزيون الجمهرية العراقية 1983. كلمات الزهيري أ.د.رشيد عبد الرحمن

https://www.youtube.com/watch?v=FBaAXdCmIok

 

مقام الحجاز ديوان

https://www.youtube.com/watch?v=NYullfRAKvg

 

هوامش

1 – هامش 1: باسل عبد الجبار القادري: صديق للفنان حسين الاعظمي منذ حداثة سنهما، وهو أديب وصحفي معروف، وبالتالي هو خال اولاد المؤلف.

 

 

مؤلف الكتاب احمد شاكر سلمان في يسار الصورة مُستضافا في ملتقى الأعظمي

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.