كـتـاب ألموقع
• انتخابات مبكرة... إجراءات متأخرة
جاسم الحلفي
انتخابات مبكرة... إجراءات متأخرة
يشهد الوضع العام توترا غير مسبوق، جعل المزاج العام للمواطنين يتسم بالقلق والخوف من قادم الأيام. فأزمة نظام الحكم تتواصل وتدخل دربا ذا نهايات محفوفة بالمخاطر، والصراع بين الكتل السياسية لم يعد مقتصرا على كتلتي العراقية ودولة القانون، مثلما كان في الفترات السابقة، وإنما يشمل الكتلة الكردستانية أيضا، فيما يعبر نواب من التحالف الوطني عن قلقهم من حدّة الأزمة، وتذمرهم من عدم البحث عن حلول مناسبة.
المواطن لا يتوقع حدوث انفراج، ولا ينتظر من القوى المتنفذة مبادرة تضع العراق على شاطئ الأمان، بل ان حدة التراشق بالتصريحات بين المتنافسين والاتهامات المتبادلة غدت تميز إطلالة المتنفذين اليومية على صباحات المواطنين ومساءاتهم، ما يزيد المشهد قتامة. صحيح ان هدف المتصارعين لم يعد خافيا على احد، فهو السلطة بكل ما توفره من امتيازات ووجاهة ومال سياسي، ولا شيء فيه يخص امن المواطن وتطمين احتياجاته. لكن لا احد يستطيع ان يتصور ما ستؤول إليه الأوضاع مع اشتداد الصراع، وتصلب مواقف المتصارعين، وتمترسهم بعناد عجيب، دون التوجه الى حل ما، ينزع فتيل الأزمة المتفاقمة.
وأصبحت فكرة عقد المؤتمر الوطني، مادة جديدة للمناكفة. فما ان يطرحها طرف من أطراف الصراع، حتى يسفهها الطرف الآخر، مستخدما شتى الحجج. وبدا الأمر وكأن الاختلاف على كل شيء هو السياسة الوحيدة التي برع المتنفذون في مواصلتها، وأصبح "حل الأزمة" بخلق أزمة جديدة الطريقة الوحيدة لإدارة الصراع.
حينما عجز الجميع عن إيجاد حل سلمي غير الانتخابات المبكرة، يخرج البلاد من الأزمة الخانقة، أصبح ذلك مادة جديدة لاختلاف القوى المتنفذة. فإجراء الانتخابات المبكرة، الذي تلجأ إليه عادة أنظمة الحكم الديمقراطية، التي تحترم إرادة مواطنيها، قابلته القوى المتنفذة بالتجاهل، ولم تبذل أي جهد للتوقف عنده. وحتى الذين تبنوا هذا الحل في مشاريعهم، لم يقدموا على اي خطوة عملية في هذا الاتجاه. ومعروف ان هذا الخيار، كي يوضع موضع التطبيق بصورة سليمة، يتطلب تأمين عدد من المستلزمات، التي من دونها يصبح غير فعال. ومن بين هذه المستلزمات الإسراع بتشريع قانون الأحزاب، وإصدار قانون انتخابات عادل، واختيار مجلس جديد للمفوضية العليا للانتخابات بعيدا عن المحاصصة الطائفية والولاءات الحزبية. وإصدار بطاقة الناخب.
المؤسف في هذا كله هو ان قادة الكتل، الذين يطرحون فكرة الانتخابات المبكرة، لا يكلفون أنفسهم في الوقت ذاته متابعة نوابهم، وحثهم على التذكير بتلك المستلزمات، وأهمية انجازها دون تأخير. فلا معنى لكلامهم في الواقع عن الانتخابات المبكرة، من دون ان يكون لهم حراك فعلي في البرلمان يسهم في انجاز مستلزمات إقامتها.
ان ما يصرح به قادة الكتل بشأن الانتخابات المبكرة، من دون ان يسرعوا في اتخاذ الإجراءات المطلوبة، هو دوران في حلقة مفرغة، بل هو قصر نظر، وعدم جدية في صنع الحل الممكن.
المتواجون الان
507 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع