اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• تعليق حول ما كتبه د. سيار جميل مع نداء للقيادة الحزب الشيوعي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد علي الشبيبي

·        تعليق حول ما كتبه د. سيار جميل مع نداء للقيادة الحزب الشيوعي

 

قبل أن أثير بعض الملاحظات حول دعوة د. سيار الجميل، بودي تقديم مقترح أو نداء لقيادة الحزب الشيوعي العراقي، والمقترح قابل للتطوير.

 

المقترح [أن تشكل قيادة الحزب (لجنة) تكلف بأعداد دراسة تفصيلية عن تلك الأحداث. وتشكل هذه اللجنة من قياداته السابقة والحاضرة ومن الأصدقاء ذوي الاهتمام بالدراسات التاريخية والسياسية. ومهمة هذه اللجنة جمع المعلومات والكتابات السابقة التي تناولت أحداث الموصل، وأحداث كركوك وربما غيرها من أحداث. وأن تقوم هذه اللجنة وبمساعدة الحزب والأصدقاء بالاتصال بالشهود الأحياء الذين عاشوا مآسي تلك الأحداث لتدوينها، قبل أن يرحلوا إلى جوار ربهم. وأن تعمل هذه اللجنة على جمع الوثائق المهمة والمفيدة للبحث، وجمع الكتابات والمذكرات المهمة و (الجادة) التي تحمل أفكارا مغايرة أو معادية لما طرحه الحزب وشهوده من وجهات نظر حول هذه الأحداث. ليقوم الحزب بعد أنجاز هذه المهمة في نشرها بكتاب مع دراسة ونقاش موضوعي لأهم الكتابات والآراء والملاحظات المعادية كي تبقى وثيقة مهمة يستفاد منها المؤرخون. ولا أعتقد أن الحزب عاجز في الوقت الحالي عن تشكيل هذه اللجنة وتكليف رفاق عاشوا تلك السنوات ومازالوا يواصلون نشاطهم السياسي من خلال كتاباتهم الحريصة أمثال الأستاذ جاسم حلوائي، د. كاظم حبيب، الأستاذ عادل حبه، الأستاذ عبد الرزاق الصافي، الأستاذ حامد الحمداني، الأستاذ عزيز سباهي، سكرتير الحزب السابق الأستاذ عزيز محمد باعتباره كان في تلك السنوات مسؤولا عن المنطقة الشمالية، وغيرهم كثيرون.]

 

أثار قبل أيام د. سيار الجميل بتأريخ 5/1/2010 في موقع "الناس" دعوة تحت عنوان (مشروع ذاكرة تاريخية عراقية ...1 و2) يدعو فيها إلى تناول أحداث الموصل التي وقعت في 8 مارس 1958، وكذلك لتناول أحداث كركوك التي حدثت خلال الاحتفالات في الذكرى الأولى لثورة 14 تموز 1959.

 

وقد بادر البعض للكتابة عن الموضوعين وأخص منهم الأستاذ جاسم حلوائي، والأستاذ حامد الحمداني وربما آخرون أعتذر عن ذكر الجميع. وأعتبر هذه المساهمات في الكتابة عن هذا التأريخ الحساس ضرورية، خاصة لأجيال السبعينات وما تلاها. حيث سيطر حزب البعث على مقاليد الحكم وخاصة بعد تولي صدام حسين رئاسة الدولة. وقد عملت سلطة البعث على السيطرة المطلقة على جميع وسائل الأعلام، وجعل الشعب العراقي خاضعا بشكل مطلق إلى الأعلام السلطوي البعثي. حتى تمادى النظام في منع الستلايت والموبايل إضافة لمراقبة التلفونات والبريد، كل هذه منعت هذه الأجيال من معرفة الحقيقة عما جرى في السنوات الماضية، ومقابل هذا أنفرد النظام البعثي بصياغة تأريخ تلك السنوات بما يخدم فكره وتأريخه. ومن هنا تبرز أهمية الكتابة عن تلك السنوات وما صاحبها من تصادمات وانتهاكات ومآسي، مازلنا نعاني منها لهذا اليوم.

 

وأنا أتفق مع العزيز (أبو شروق) جاسم حلوائي بأن الشيوعيين لم يصمتوا. والمشكلة ليست في الكتابة فقد كتب الشيوعيون حينها الكثير، وإنما المشكلة بجدية المتابعة والبحث عن كتابات الشيوعيين وأصدقائهم.

 

أثار د. سيار الجميل في مقالته تساؤلا حول مدى ضرورة عقد مؤتمر سياسي كبير لأنصار السلام في الموصل، حيث كتب:{ إنها أحداث انفصال ذاتي عن مركز العاصمة بغداد التي أصّرت بقرار من الزعيم عبد الكريم قاسم إلا بعقد مؤتمر سياسي كبير لأنصار السلام الشيوعيين على ملعب الإدارة المحلية بالموصل ، وإذا كان البعض من الأصدقاء قد علّق سائلا : ولماذا لا ينعقد المؤتمر ؟ وبأي حق إلغاء انعقاده في أي بقعة من العراق ؟ فقد أجبته ، إن اختيار مدينة الموصل بالذات ، والإصرار على عقده فيها هو قرار خاطئ بحكم احتقان أوضاعها السياسية في الداخل ، والانقسام الحاد الذي طرأ في مجتمعها بين قوميين وشيوعيين .. وان كل طرف منهما كان يتحّين الفرصة للانقضاض على الآخر ، إذ سبقتها حرب باردة دعائية وشعاراتية في الشوارع والمقاهي والدوائر وحتى في الجيش} إن رأي د. سيار الجميل على عدم ضرورة عقد المؤتمر (الحقيقة هو ليس مؤتمرا وإنما مهرجانا لأنصار السلام) ومبرراته لإلغاء المهرجان، كما يذكرها في الفقرة أعلاه، هو مجرد اجتهاد واعتقاد وتصور أثبتت السنوات التالية عدم صحته وعدم واقعيته. فقد أثبتت هذه القوى إصرارها على تصفية مكتسبات ثورة 14 تموز ومن يقف في الدفاع عنها بعقد المهرجان أو بدونه. فهي كانت مستعدة للقيام بكل الجرائم من اغتيال وتآمر. وما حدث في الموصل سوى تأجيل لهذه المجازر التي كانت تخطط لها قوى الردة التي دشنت حركتها باعتقال المناضل الوطني كامل القزانجي ثم تصفيته وتصفية آخرين.

 

كما أحب أن أذكر المهتمين بإثارة هذا السؤال، أن مهرجانات أنصار السلام عقدت في أكثر من مدينة، في كربلاء والديوانية، والناصرية والبصرة ومدن أخرى لا تحضرني. إذن هي مسيرات سلمية لم يحدث خلالها أي أصطدامات بالرغم من بعض الاستفزازات. أما منعها بسبب الاحتقان داخل مدينة الموصل، فهذا اعتقاد خاطئ واستجابة لضغوطات القوى الرجعية والإقطاعية، لأن قوى الردة ستزداد شراسة في هجومها على قوى ثورة 14 تموز، وسوف تختلق الحجج والأعذار لشن هجومها. وما مواصلتها لحملة الاغتيالات بعد الأحداث والتي تواصلت حتى في أيام الحكم العارفي. ولم ترتوي هذه القوى من الدماء التي سفكتها من خلال محاكمها الصورية خلال فترة حكم البعث الأولى أو خلال الحكم العارفي. ومثلما يرى د. سيار الجميل أن إلغاء المهرجان كان يجنب مدينة الموصل الكثير من الضحايا، وهذا مجرد اعتقاد لم تختبره الحياة، فأن هناك من يطرح من الشيوعيين وأصدقائهم رأيا آخر، لو أن ألحزب سمح للشيوعيين وأصدقائهم في الموصل بالرد على الاغتيالات والدفاع عن النفس لتمكنت القوى التقدمية من إيقاف الهجمة عليها في الموصل. تبقى كل هذه التصورات والأطروحات خاضعة للاجتهاد ولكن لا يمكن أن نؤكد صحتها لأنها لم تختبر في الواقع. ولكن هذا لا يمنع من مناقشة هذه الأفكار والاستفادة منها كي لا تتكرر المآسي. 

 

لقد مرّ شعبنا بأحداث ومآسي كثيرة، وللأسف أن كثير من المؤرخين لا يحاولون دراسة هذه المآسي وجذورها، وإنما يحاول البعض القفز على الأحداث ويهملون طبيعة الترابط بينها. ما حدث في الموصل وكركوك، لا يمكن عزله عن انتصار ثورة 14 تموز 1958 والتي وجهت ضربة قوية لقوى الاستعمار والإقطاع في ذلك الوقت، كما أن أسباب الثورة وما حدث خلالها لا يمكن فصله عن معاناة شعبنا من استبداد وقهر النظام الملكي الشبه أقطاعي. أضف إلى ذلك التعدد الأثيني والتفاوت الطبقي الذي كان سائدا. ويجب أن لا ينسى أي مؤرخ محايد في دراسة التاريخ المذكور تضرر المصالح الطبقية والأثينية وحتى المذهبية (يجب أن لا ننسى فتاوى التكفير سيئة الصيت) في تأجيج تلك الصراعات واستغلالها. أما موقف القوى الاستعمارية من ثورة 14 تموز والتحولات الجذرية التي أحدثتها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (وخاصة قانون الإصلاح الزراعي*) كان لها الدور والتأثير القوي في شراسة الصراع والعنف في تلك الحقبة لإسقاط الثورة أو حرفها عن نهجها وقد تكلل لهم ذلك. وقد أعترف أحد قادة انقلاب 8 شباط 1963 بمجيئهم بقطار أمريكي. وهذا يؤكد الجهود الاستعمارية لإعادة الحصان المنطلق إلى حضيرته، لكي لا يكون أشعاعا لشعوب المنطقة تحتذى به، كما حدث لحكومة الدكتور مصدق. وقد زاد الطين بلة دخول العربية المتحدة بتوجهات جمال عبد الناصر (القومية) وطموحاته الضيقة والأنانية، مما أضر بحركة التحرر العربية ضررا كبيرا تعاني منه ليومنا هذا. أضف إلى ذلك مستوى الوعي والمفاهيم الثقافية السائدة في مجتمعنا في طريقة حل المشاكل والخلافات وتأثير الحرب الباردة وعوامل أخرى عالمية وإقليمية. ولهذا أن دراسة وكتابة تأريخ تلك السنوات عملية ليست سهلة ومعقدة خاصة إذا افتقدت للوثائق والشهادات الموضوعية. ويجب أن لا ننسى في دراستنا التحيز بدرجات متفاوتة في الشهادات من كل الأطراف، والأسلوب والظرف الذي تم الحصول فيه على تلك الشهادات الشخصية، خاصة تلك الشهادات التي تم الحصول عليها في ظروف سياسية قاهرة وتحت الترهيب والتهديد والتعذيب والتي كانت ثمنا للحفاظ على حياة الشاهد (كما في حالة عدنان جيلميران وغيره).

 

وهنا أحب أن أثير تساؤلا أضعه أمام المهتمين من المؤرخين. هل أن ما حدث بعد ثورة 14 تموز من انتهاكات ومآسي ليس له علاقة بالانتهاكات التي مورست ضد القوى الوطنية أيام العهد الملكي. وللتذكير فقط أذكر كيف كانت حكومة العهد الملكي تتعامل مع التظاهرات والانتفاضات والإضرابات  السلمية (كإضراب كاورباغي)، وكيف كانت تتعامل مع الديمقراطيين والشيوعيين، حتى أقدمت على إعادة محاكمة قادة الحزب الشيوعي (يوسف سلمان وزكي بسيم وحسين الشبيبي) لإنزال عقوبة الإعدام بهم وتنفيذها بعد أربعة أيام من صدور الحكم! أو أن تقوم بتعذيب الشيوعي يهودا صديق تعذيبا بربريا (حيث قطعت أذنه وحتى أجزاء من أنفه) لإجباره على الاعتراف ومن ثم تنفيذ حكم الإعدام به! ولم تكتف سلطات الحكم الملكي في اضطهاد الوطنيين وممارسة الضغط عليهم من خلال محاربتهم بأرزاقهم بالفصل والنفي، بل واصلت أساليبها البربرية حتى داخل السجون فشنت مجازرها في سجني الكوت وبغداد وسقط عشرات الشهداء والجرحى وهم عزل!

 

كل هذه الأحداث لا يجوز لأي مؤرخ تجاوزها ليقيم أحداثا جرت بعدها بسنوات، وهي أحداثا متلازمة ومتأثر ببعضها ولا يمكن فصلها، ولها علاقة بمستوى الوعي والثقافة السائدة في تلك السنوات وبطبيعة المجتمع العراقي بكل خصائصه الطبقية، والاجتماعية، والأثينية والمذهبية.

 

*- ذكر المؤرخ الراحل حنا بطاطو في كتابه (العراق/ الكتاب الثالث) في الصفحة 183 ما يلي: (وكان من بين شخصياتها الأبرز أحمد عجيل الياور شيخ عشائر شمر الأكبر. وكان قانون الإصلاح الزراعي الجديد قد هدد موقعه الاجتماعي في قلبه. ولم يكن ليفقد بهذا القانون إجمالي الـ 346747 دونما التي يملكها هو وعائلته فحسب، بل كانت سيطرته على رجاله القبليين الثلاثين ألفا ستتهدد أيضا......) 

 

محمد علي الشبيبي

السويد 2010-01-18

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.