اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

لماذا الهجرة؟ - قصة قصيرة// مارتن كورش تمرس

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

مارتن كورش تمرس

 

عرض صفحة الكاتب 

لماذا الهجرة؟ - قصة قصيرة

مارتن كورش تمرس

 

هاجر السيد أشور إلى مملكة السويد بسبب إصابة زوجته بورم سرطاني حميد في رأسها، بعد أن فقد العلاج لها في الوطن. في مساء يوم من أيام الصيف حيث كان الطقس ميالاً إلى الإعتدال في مناخه، جلس مع زوجته على مقعدين في شرفة شقتهما السكنية. نهضَ وجلب من المطبخ قدحين من الشاي العراقي الزنكيل الساخن. قالَ لزوجته بينما لم يزالان يحتسيان الشاي:

§        دعينا نخرج وقوم بجولة على رصيف المشاة المؤدي إلى مركز المدينة كما نفعل كعادتنا منذ أن وطأت أقدامنا أرض بلد المهجر.

 

أجابته بكلمات الحب معجونة بهواء نيران الحنين إلى الوطن:

§        أشعر كأني سأموت في بلد المهجر ولن يأتي اليوم الذي به سنعود إلى الوطن!

 

نهض وحضنها وقبلها من خدها وقال لها:

§        لقد كتبت وصية وأودعتها في مكتب إدارة المستشفى ونسخة منها في دائرة البلدية، لو أي أحد منا توفى نائما على رجاء القيامة، ينقل جثمانه إلى الوطن.

 

أجابته:

§        خيرا فعلت يا زوجي حبيبي.

 

دون أن ينهض من الكرسي الذي كان يجلس عليه دفعه بمقده وجنبه حتى التصق بالكرسي الذي كانت تجلس عليه، حضن رقبتها بذراع يده اليمنى. أغمضت عينيها وألقت برأسها المصاب بسهم ورم حميد  على ذراعه. وهو ينظر إلى السماء جذب نظره مجموعة من الطيور المهاجرة وهي تطير نحو الجنوب كأن صوبها هي جنوب أوروبا. فكر في أمرها وهو يسأل نفسه: " ما الذي يجبر الطيور على الهجرة؟ هل الهجرة مطلوبة لها من أجل إستمرارية حياتها وتكاثرها؟ أن كانت الطيور تهاجر وهي تقطع ألآف الأميال من أجل تحقيق هدف يخص حياتها وعيشها، لكن ما الذي يجبر بني البشر على الهجرة؟ طبعًا لا داع إلى الحيرة! لأن الجواب موجود لدى أبناء كل الدول الشرقية: وهو ما دامت هناك محفزات عامة وشخصية تدفعان الشخص على الهجرة التي تولد من الحروب.

 

بعد ما يقار ساعة نهضت زوجة السيد أشور من الكرسي الذي كانت تجلس عليه ثم نهض هو وقال لها:

§        أريد أن أخرج إلى الأسواق في حينا لشراء بعض الحاجيات.

 

خرج يسر نحو تلك الأسواق إذا به يصادف صديقا من أبناء الوطن، قال له بعد أن ألقى التحية عليه:

§        قبل قليل شاهدت مجموعة كبيرة من الطيور وهي تهاجر نحو الجنوب.

 

أجابه:

§        هي عادتها في كل فصل، لكنها تعود من حيث أتت دون أن تترك أوطانها.

§        إذا كانت عادة الطيور كذلك، لماذا نحن البشر نقبل بالهجرة ونترك بلداننا بعد أن نمزق صور طفولتنا ونحرق سجلات ذكرياتنا ونعود لا نذكر أعز أصدقائنا بل ما عدنا نلتقي مع معارفنا ومتى ما سألنا أحدهم عن السبب ندعي غير صادقين بأننا مشغولين. 

 

§        أكيد بعد أن تطأ أقدام كل مهاجر أرض بلد المهجر يسارع ويسأل نفسه: ما الذي دفعني على الهجرة؟ نجد الجواب يأتي تلقائيا من لسان أي مهاجر: لو كنت قد تريثت وفكرت على الأقل بتأجيل موعد هجرتي ما كنت سأقع رهين سؤال سيبقى يدور في رأسي طيلة سنوات حياتي في المهجر. قرار الهجرة الذي خسرني وطني وأصدقائي بعد أن بعت الغالي قبل الرخيص من ممتلكاتي وحملت يومها حقيبة سفري ويسير لوحده أو مع أفراد عائلته وقد علقَ مصير حياته وحياتهم بيد مُهربٍ قد فقد ضميره. ويوم يصل إلى بلد المهجر يسأل نفسه نادمًا: " لماذا تركت وطني؟"

 

§        أقول لكل من لا زال في الوطن: هيا يا كل من تريد الهجرة وترك الوطن قف لحظة وإسأل نفسك: " هل سأرتاح إذا غادرت وطني؟ هل سأرتاح إذا وصلت إلى بلد المهجر؟" اعلم أيها المواطن علم اليقين إن الوطن لن يسحب منك جنسيتك. لن ينكرك. لن يكرهك. بل يظل فاتحًا ذراعي نهريه دجلة والفرات منتظرًا عودتك.

 

أنا كاتب هذه المقالة سمعت بقصة مرض زوجة السيد أشور وبمعاناته في بلاد المهجر، فبحثت عن أية طريقة بها أتصل عليه، وجدت خدمة السكايب Skype دخلنا في حوار:

 

 سألته عن يوم عودته إلى الوطن؟

أجابَني واثقًا:

§        لو بقي يوم من عمري فإني سأعود بعون الرَّبِّ.

§        لو حدث يا سيد أشور ولم يتحقق ما تتمناه ما الذي تتمناه إذًا؟

§        إذا لم تتحقق عودتي إلى وطني في حياتي، أتمنى أن يدفن جسدي في تربة وطني بعد مماتي."

 

غلبني الحزن وأنا أغلق خط الإتصال بالفيديو مع السيد أشور. ثم انفردت بنفسي وقلت:

ظل ابلدك لا تغادر

ظل على العبرات صابر

ما تلكى مثل العراق وطن

حاضنك ومعزيك في كل المحن

لا تهاجر تراك تندم

تتوجع وتتألم

ثق بالله تجيك أيام بيها تبجي

عن وجعك لأي أحد ما تحجي

ما تلكى بالغربة صديق

نيران الحنين للوطن حريق

ما تلكى أحد يطفيها

لا طفيها! مشتعلة خليها.

 

المحامي/ مارتن كورش تمرس لولو

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.