اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• نحو مفهوم جديد للرسالة الأعلامية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

جودت هوشيار

مقالات اخرى للكاتب

         نحو مفهوم جديد للرسالة الأعلامية

 

يرى  بعض المفكرين و فى مقدمتهم رائد التنظير الأعلامى مارشال مكلوهان ( 1911 – 1980 ) م أن تأريخ البشرية هو تأريخ أتصال و اعلام بين اليشر ، و أن التقدم العلمى – التكنولوجى هو الذى يسهم فى المقام الأول فى تشكيل و تطور المجتمعات الأنسانية ، و أننا من دون فهم الأساليب التى تعمل و سائل الأتصال بمقتضاها ، لن نكون قادرين على أدراك التغيرات الأجتماعية و الثقافية التى تطرأ على المجتمعات المعاصرة . و أن الوسائل الجديدة تشكل أمتدادا لأعضاء جسم الأنسان . .. فعلى سبيل المثال ، يعتبر الهاتف النقال أمتدادا  لأذاننا و الميكروفون أمتدادا لألسنتنا و التلفزيون أمتدادا لعيوننا ، و أجهزة الكومبيوتر توفر الجهد الذهنى و تؤدى الى امتداد الوعى .

و يقول مكلوهان فى كتابه الشهير " كيف نفهم وسائل الأتصال " الصادر فى أواسط الستينات من القرن المنصرم ان " ان أهمية الرسالة -  فى عمليات الأتصال الأعلامية -  تكمن في وسيلة نقلها " ، بمعنى أن طبيعة كل وسيلة و ليس مضمونها هى الأساس فى تشكيل المجتمعات الحديثة .

 

فالرسالة الأساسية فى التلفزيون هى البث  التلفزيونى ، كما أن الرسالة الأساسية فى الكتاب هى المطبوع ، لذا فأن المضمون – حسب رأيه – غير مهم ، بل المهم هو الوسيلة التى تنقل المحتوى ، كما أن لكل وسيلة جمهورا من الناس ، يفوق حبهم للوسيلة ، اهتمامهم بمضمونها . و التلفزيون كوسيلة تستقطب أهتمام جمهور عريض من المشاهدين بفضل الشاشة التى تعرض الصورة و الصوت و الحركة و الألوان فى آن واحد معا  . كما يحب الناس القراءة من اجل الأستمتاع بتجربة المطبوع . و تؤثر وسيلة الأتصال الأعلامية فى المضمون الذى تنقله ، و ربما تستطيع الوسيلة أن تشوه المضمون ، و هذا ما تفعله مثلا  الفضائيات الرسمية  فى دول التخلف ، عندما تحول الواقع البائس الى انجازات للقائد الضرورة  أو  الفضائيات الحزبية ، التى تشوه مضمون ما تعرضه و تحرفه على نحو يتطابق مع أيديولوجية الحزب .

لقد تجلت أهمية التلفزيون – عند ظهوره فى أحتواء الراديو . أما اليوم فأن الشركات الرائدة فى مجال تقنيات الأتصال تسعى الى دمج الخدمات الأعلامية ,

و تعد شيكة الأنترنيت ذروة الأنجازات التكنولوجية لعصرنا الراهن  فى مجال الأتصال و الأعلام  . بل ان البعض يعتبرها " وسيلة الوسائل الأتصالية " لأنها تطوى بداخلها الوسائل الأخرى ، الى جانب استخداماتها المعروفة فى تبادل الملفات و تصفح قواعد البيانات عبر الشبكة و البريد الألكترونى و و أفلام الفيديو و فى الترفيه و الدعاية ، كما تؤمن التفاعل بين المشتركين فى ما بسمى بخدمة المؤتمرات و غرف المحادثة أى الحوار بين أتجاهين أو أكثر ، أى ان شبكة الأنترنيت حلت محل الأتصال أو الأعلام الأحادى الجانب ,

و ثمة اليوم انجازات تكنولوجية  جديدة فى طريقها الى الأنتشار لدمج الأنترنيت و التلفزيون الرقمى أو الأنترنيت المتلفز لخدمة عدد أكبر من المستخدمين . و كذلك دمج الهاتف و التلفزيون و الأنترتيت و الكومبيوتر الشخصى النقال فى جهاز صغير .اضافة الى ظهور " الكتاب الألكترونى " و لا نقصد بذلك تحميل الكتب من الأنترنيت و حفظه فى الكومبيوتر  ،  بل الخزنالألكترونى  لمحتويات الكتب الورقية فى جهاز الكترونى جديد لا تزيد ابعاده عن أبعاد كتاب ورقى خفيف و صغير و يمكن حمله فى الجيب و يتسع لحفظ مئات الكتب و من ثم قراءتها فى أى مكان وزمان ( خلال السفر او على الشاطىء او أى مكان آخر .بدلا من حمل الكتب الثقيلة . و الطريف فى الأمر ان الأنارة فى شاشة هذا  الجهاز أشبه بمصباح منضدى مخفى ، كما يتميز بتقنية الحبر الإلكتروني (بورل) الذي يشبه الورق فيخفف من حدة إجهاد العين ولا يؤثر سلبا على النوم في المساء. ويمكن أيضا استخدامه خارجا في الشمس، وهو أمر مهم بالنسبة إلى القراءات خلال العطل أى ان القارىء يشعر و كأنه يقرأ كتابا عاديا ، لأن القراءة عن طريق هذا الجهاز ، لا يختلف ظاهريا عن قراءة أى كتاب آخر .

 

 و فى ضؤ ما تقدم لم يعد تقسيم و سائل الأتصال الأعلامية  ألى أتصال أو أعلام مطبوع و مسموع و مرئى مقبولا و هو فى طريقه الى الزوال ، و لم تعد " صاحبة الجلالة " أو " السلطة الرابعة " تحتل الا جانبا واحدا داخل المنظومة الأعلامية ، يختلف حجمها من مجتمع الى آخر .

و أذا كانت الوسائل "  القديمة " تسعى الى أضفاء الطابع الشخصى على عملية التلقى و تفرض على المتلقى مضامين من طرف واحد فى توقيتات محددة ، فأن الوسائل الجديدة تتيح للمتلقى أختيار رسالته الأتصالية – الأعلامية من حيث الشكل و المضمون و وقت الأستقبال .

 أن عملية الأندماج المتواصلة بين الوسائل المختلفة ، ليست مسألة تكنولوجية فحسب ، بل لها أيضا  فاعليتها المؤثرة فى تكوين الأنماط الأجتماعية و الثقافية .  

أن المجتمعات المتخلفة التى لا تسهم الا بقدر ضئيل أو لا تسهم على الأطلاق فى التقدم العلمى – التكنولوجى لعصرنا الراهن ، تخضع شاءت أم أبت  لما ينجم عن هذا التقدم  من تغيير فى نمط الحياة و وتيرتها المتسارعة و هى لحسن الحظ تغييرات ايجابية عموما ، يمكن ( لو أحسن استخدامها ) أن تسهم فى تطوير و تحديث تلك المجتمعات ، و لن يتم ذلك ، الا بالأدراك الواعى و الفهم العميق لجوهر  التقدم العلمى – التكنولوجى المعاصر ..

 

جودت هوشيار

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.