اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• اللعب في الوقت الضائع

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

 اللعب في الوقت الضائع

 

ألغت الولايات المتحدة الأميركية اجتماع اللجنة الرباعية الذي كان مقررا منتصف الشهر الجاري، بعد أن كانت قد رحَّلت الموعد السابق للجنة (15/3) إلى الموعد الذي تم إلغاؤه مؤخرا. ولم يكن خافيا للمتابعين أن القرار الأميركي هذا تم اتخاذه بالتنسيق مع تل أبيب، وفي الوقت الذي يحضّر فيه بنيامين نتنياهو لإطلاق مناورة إسرائيلية جديدة يعتمد لتسويقها دوليا على الدور الأميركي الذي يثبت دائما أنه يشكل عربة إسعاف جاهزة لنجدة حكومة نتنياهو كلما ضاقت حولها دائرة الانتقادات، وانفتحت أمام الجانب الفلسطيني قنوات واسعة للتقدم على طريق نيل الاعتراف الدولي بدولة فلسطين المستقلة على حدود 4 حزيران / يونيو 1967 وعاصمتها القدس.

وبقدر ما يثبت ما سبق استمرار تواطؤ واشنطن مع السياسة التوسعية الإسرائيلية، فإنه يثبت في الوقت نفسه هامشية دور اللجنة الرباعية الدولية وبقاءها أسيرة السقف السياسي الذي يحدد منسوبة الموقف الأميركي.

ومنذ أن أعلن الجانب الفلسطيني رفضه استمرار المفاوضات بشروطها القائمة، تنشط حكومة نتنياهو في طرح صيغ واقتراحات بشأن التسوية السياسية بهدف جذب الاهتمام الإقليمي والدولي، وحشد التأييد الذي يمكنها من إيجاد جبهة مواقف ضاغطة تمنع الطموح الفلسطيني من الوصول إلى مؤسسات الأمم المتحدة واستصدار قرار أممي يعترف باستقلال الدولة الفلسطينية.

ووجد نتنياهو في الفيتو الأميركي في مجلس الأمن ضد مشروع قرار يدين الاستيطان أساسا لتوحيد الموقفين الأميركي والإسرائيلي ضد التوجه الفلسطيني الذي تم اعتباره بقاموس تل أبيب وواشنطن إجراء من طرف واحد يتناقض مع الأسس التي انطلقت بموجبها العملية التفاوضية. وقد أبرزت وسائل الإعلام العبرية تخوف نتنياهو مما سماه «تسونامي سياسي» في إشارة إلى التأييد الدولي المتسع للاعتراف بالدولة الفلسطينية وبخاصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي من المفترض أن تبدأ دورة اجتماعاتها في شهر أيلول/ سبتمبر القادم.

وكالمعتاد، يجمع بنيامين نتنياهو بين الدعوة لاستئناف المفاوضات وبين تحديد وبلورة نتائجها. وهو في هذه المرحلة يطرح انسحابات إسرائيلية من مناطق في الضفة الفلسطينية تؤدي إلى زيادة المساحة التي من المفترض أن تكون تحت «سيادة» السلطة الفلسطينية من خلال زيادة المناطق (أ) وتقليص تلك التي تسمى (ج) وفق قاموس اتفاقات أوسلو. لكنه يربط هذه الانسحابات إن حصلت بإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي في الضفة. وكان المحلل السياسي الإسرائيلي المعروف ألوف بن قد أوضح في مقال له («هآرتس» ـ 13/4) بعد يوم واحد من الإعلان عن مبادرة (مناورة) نتنياهو أن المقصود من هذه الخطوة هو رسم طريق خروج من الأزمة التي تعانيها الحكومة الإسرائيلية يتلخص في عرض انسحاب إسرائيلي من مناطق في الضفة يستهدف رسم حدود الدولة الفلسطينية وليس إجراءات «زرع ثقة» يمكن البناء عليها وتوسيعها. والانسحابات هذه لا تقترب من البنية الأساسية للاستيطان وتبقي الوجود العسكري الإسرائيلي في غور الأردن، وتجاوز الحديث عن إجراءات ذات مغزى في القدس الشرقية، أي باختصار فإن ما يسمى بـ «خطوات نحو السلام» لا تتجاوز الحديث عن ترسيم دولة فلسطينية بحدود مؤقتة لا تتجاوز مساحتها الفعلية 60% من مساحة الضفة الفلسطينية، والإبقاء على القضايا الرئيسية الأخرى للصراع قيد البحث والتفاوض على امتداد سنوات طويلة.

وعلى الرغم من تشكيك المراقبين (بمن فيهم إسرائيليون) بجدوى هذه الاقتراحات وقدرتها على جذب المفاوض الفلسطيني مرة أخرى باتجاه طاولة التفاوض، فإن نتنياهو لا يخفي أن الهدف الأساسي من طرحه هو محاولة إيجاد «أقلية نوعية» في الجمعية العامة للأمم المتحدة من الدول الأعضاء «الوازنة» في مواجهة الأغلبية من الدول الأعضاء التي يسميها «الأغلبية الكمية» التي يمكن أن تؤيد المسعى الفلسطيني باستصدار قرار يعترف بالدولة الفلسطينية.

ويشير المراقبون إلى أن رهان نتنياهو الحقيقي ينصب على مجلس الأمن في حال نجح في تجميع مواقف دول من أعضاء مجلس الأمن تمنع حشد عشرة أصوات لصالح قرار الاعتراف بالدولة الفلسطينية بحيث لا تضطر الولايات المتحدة لاستخدام الفيتو لإحباط مشروع القرار، مع أن نتنياهو كما يقول المحيطون به واثق من أن واشنطن ستشهر الفيتو مجددا.

ويلاحظ من اطروحات نتنياهو المستجدة أنه يتهرب من الحديث العلني عن أي وقف للاستيطان أثناء دعوته لاستئناف المفاوضات. ويترك هذا الأمر لتسريبات غير رسمية تمرر كبالون اختبار لأية ردات فعل فلسطينية يمكن أن تصدر بهدف جرها إلى بورصة الاقتراحات والاقتراحات المقابلة في معرض البحث عن صيغ «مناسبة» لعودة المفاوضات إلى المشهد السياسي.

ويشير متابعون إلى أن حكومة نتنياهو تعتقد أنه على الرغم من انشغال الإدارة الأميركية وأقطاب المجتمع الدولي بما يجري في المنطقة العربية من تطورات عاصفة، إلا أن إدارة أوباما ستكون معنية بالاهتمام الجدي بملف التسوية في الشرق الأوسط وتوظيفها مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي ترشح فيها باراك أوباما لولاية جديدة، وربما يجد الحزب الديمقراطي نفسه أمام توظيف هذا الملف إلى جانب ملفات داخلية وخارجية أخرى من أجل ألا تتكرر انتكاسة الحزب التي وقعت في الانتخابات النصفية خريف العام الماضي.

كما أن حكومة نتنياهو تتوقع أن التصعيد العسكري الذي قامت به ضد قطاع غزة مؤخرا كفيل بأن يضع أمام المجتمع الدولي بؤرة توتر مفتوحة على احتمالات صعبة، مما يدفع لتنشيط الجهود من أجل إعادة مشهد المفاوضات التي يضمن نتنياهو بحكم التجربة وموازين القوى أنها لن تخرج عن القواعد والأسس التي تم إرساؤها في المحطات التفاوضية السابقة. وبالتالي يضع الجانب الفلسطيني مجددا في خانة الرفض من أجل استثمار هذا الاستخلاص للمضي بالمشروع الإسرائيلي في فرض الرؤية  التوسعية بما يخص مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان العام 1967.

ونرى أنه من الضروري الإشارة إلى قراءة إسرائيلية «مستحدثة» للأحداث الجارية في المنطقة العربية واستثمار إلتفات دول المنطقة نحو أوضاعها الداخلية، بحيث يعتبر البعض في إسرائيل أن المناخ مناسب لترسيم حدود الدولة الفلسطينية بشكل عملي من خلال البدء بالتحضيرات «القانونية» داخل الكنيست تحت يافطة الرد على ما يقوم به الجانب الفلسطيني بالتوجه نحو الأمم المتحدة باعتباره خطوة أحادية الجانب وبالتالي يأتي الرد من خلال خطة أحادية «مضادة». ويستهدف المخطط الإسرائيلي ـ برأي الكثيرين ـ القدس الشرقية وغور الأردن وتعزيز البنية الاستيطانية في الضفة والتعامل معها «قانونيا» كأراض إسرائيلية وترسيم الولاية عليها تحت مسميات مختلفة تبدأ بالولاية الأمنية «دفاعا» عن أمن المستوطنين ومصالحهم، والدفاع عن إسرائيل في مواجهة الأخطار الخارجية بما يخص الإجراءات في غور الأردن ومواقع منتقاة داخل الضفة الفلسطينية. وربما تعامل تل أبيب مع ما يمكن أن يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص الاعتراف  بالدولة الفلسطينية على أنه مجرد قرار صادر عن أغلبية كمية لا أكثر، وكانت قد شنت حملة على الأمم المتحدة ومؤسساتها عقب تراجع غولد ستون عن مضمون تقريره وتوصلت إلى أن هذه الهيئات غير صالحة لمناقشة قضايا الصراع في الشرق الأوسط!.

كل ما سبق، يدفع للحديث مرة أخرى عن ضرورة ترتيب الوضع الفلسطيني والانتقال العملي في التحرك السياسي والدبلوماسي باتجاه تسليحه بحراك شعبي مفتوح على مقاومة الاحتلال والاستيطان.. وهذا ضروري.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.