اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• عندما يتناقض الرئيس .. مع نفسه!

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

عندما يتناقض الرئيس .. مع نفسه!

 

إذا كانت نتيجة المفاوضات تحصيل حاصل لميزان القوى السائد فهذا يعني أن الفلسطينيين لن يحصلوا على أكثر مما هو مسمى الآن تحت «ولاية» السلطة الفلسطينية ومن غير صلاحيات سيادية

هذه المرة، لم تستدع بوادر الخلاف بين نتنياهو وأوباما انقضاء أسابيع حتى تتحد ضفتا الموقف بينهما بشأننا، فقد «حُل» الموضوع سريعا وفي المكان نفسه، بعد أن عاد أوباما إلى أصول العلاقة الإستراتيجية التي تربط واشنطن بحليفتها تل أبيب، واتضح للرئيس الأميركي أن هذه العلاقة لا يصح أن تغرق مجددا بالتجاذبات الثنائية، مراعاة للجانب الفلسطيني في عنوان هنا أو جزئيه هناك، في ما يتصل بمستقبل التسوية وملامح الدولة الفلسطينية التي ستتمخض عنها.

لكن بعض المحللين السياسيين لا يتفقون مع هذا الاستخلاص الحاسم. ويرون بعض العذر للرئيس أوباما وفق قاعدة «لكل مقام مقال». وبأن الحديث مع جمهور متعصب لإسرائيل كما هو الحال في «إيباك»، يتطلب من الرئيس الأميركي بعض «المرونة» وبأن ما فعله أوباما لا يتجاوز تأجيل المواجهة مع نتنياهو لحين نضوج مقدمات التفاوض الذي يدعو إليه.

إذا كان الأمر كذلك، فما هو تفسير التفاعل المتبادل بين نتنياهو وأعضاء مجلسي الكونغرس والذي قوطع بالتصفيق كلما شدد من هجومه على الفلسطينيين وأوغل في تطرفه ضدهم إلى درجة بدا فيها أن تل أبيب ستتعرض للإبادة في حال قيام دولة فلسطينية مستقلة على الأراضي التي احتلت في العام 1967!

ومع ذلك، ما سبق لا يلغي أن أوباما وهو يخاطب الحاضرين في مؤتمر «إيباك» كانت عينيه على صندوق الاقتراع الذي سيتوجه إليه الناخبون الأميركيون نهاية العام القادم، وقد قدم نفسه مرشحا رئاسياً لولاية جديدة. وهو فعل مثل ذلك قبيل الانتخابات النصفية وشكلت إدارته غرفة عمليات من أجل تجاوز تلك المحطة بنجاح واستخدمت التشدد في وجه الفلسطينيين ومطالبهم بشأن الاستيطان عنوان بارزاً لاكتساب المزيد من الشعبية.. لكن دون جدوى وجاءت نتائج الانتخابات بغير ما يريدون.

بعض أركان إدارة أوباما أحالوا بعض أسباب خسارتهم إلى التعثر الذي أصاب المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وألمح بعضهم إلى أن أوباما يتحمل مسؤولية في هذا الأمر عندما افتتح الحديث عن الاستيطان في خطابه الشهير بالقاهرة في منتصف العام 2009، ويزيدون بأن المفاوض الفلسطيني كان دائما داخل قاعة المفاوضات ولم يشترط لدخولها أي سبب له علاقة بالاستيطان، وهم حتى يستشهدون بكلام للرئيس محمود عباس (أبو مازن) الذي قال في إحدى مقابلاته الصحفية إن أوباما أصعد الفلسطينيين إلى الشجرة ومن ثم نزل وحده وتركهم عالقين!

يوجد الكثير من المغالاة لدى أصحاب هذا الخطاب، لأسباب كثيرة أقلها أن الإدارة الأميركية «الجديدة» ومنذ قدومها لم تتوقف يوما عن إعلان استعدادها لدعم أمن إسرائيل وضمان تفوقها العسكري على كل جيرانها فلسطينيين وعربا. وأن الحديث (مجرد الحديث) عن وقف جزئي ومؤقت للاستيطان تم وفق دفع فاتورة باهظة من قبل الإدارة الأميركية تضمنت عروضا أمنية وعسكرية وضمانات سياسية، في الوقت الذي تم التعامل فيه مع الجانب الفلسطيني من موقع التهديد إن هو لم يلتزم المفاوضات المباشرة ويبتعد عن أي خطوة يمكن تفسيرها بالإجراء أحادي الجانب من بينها إعلان استقلال الدولة الفلسطينية واللجوء إلى الأمم المتحدة للاعتراف بهذا الإعلان.

كما أن الطلب الفلسطيني الذي طرح كان تجميد الاستيطان بشكل تام وشامل دون استثناء القدس وهو ما لم يفعله نتنياهو في إعلانه الشكلي عن تجميده الجزئي لمدة عشرة أشهر. لكن الأهم أن المطلب الأساسي كان يتعلق بتحديد مرجعية المفاوضات وإرساء قيام الدولة المستقلة على أساس حدود الرابع من حزيران/ يونيو 67. وهذا هو المبدأ الذي انضم فيه أوباما إلى نتنياهو من موقع الرفض عندما تحدث في خطابه أمام «إيباك» عن ضرورة أن «تؤخذ المتغيرات السكانية» بنظر الاعتبار عند الحديث عن حدود الدولة الفلسطينية.

يمكن فهم موقف بنيامين نتنياهو عندما رأى أن المصالحة الفلسطينية بمثابة «شر مستطير» لأن من شأن إتمامها تصويب الوضع الفلسطيني وتجميع عناصر قوته. وهذا يؤدي إلى بدء الإخلال بالمعادلة التي تكرست خلال سنوات الانقسام التي وجد فيها نتنياهو ومن سبقه فرصة ذهبية للضغط على المفاوض الفلسطيني من جهة وبالعدوان والاستفراد بقطاع غزة والعدوان على أهله وإحكام الحصار من حولهم من جهة أخرى، كما أدى إلى تلكؤ المجتمع الدولي في إدانة ممارسات الاحتلال على اعتبار أن الدم الفلسطيني يجري على يد أصحابه أيضا.

لكن أن تنضم الإدارة الأميركية إلى دائرة الحذر من جهود استعادة الوحدة الفلسطينية فهذا يعني أنها تنشط في رعاية المفاوضات من زاوية الوصول إلى حل يترجم ميزان القوى الفعلية على الأرض وليس من زاوية الاعتراف بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة كما أعلن الرئيس أوباما بلسانه عندما خطب فينا بالقاهرة قبل عامين. وإذا كانت نتيجة المفاوضات كتحصيل حاصل لميزان القوى الذي ذكرناه فهذا يعني أن الفلسطينيين الذين دخلوا المفاوضات وهم منقسمون، لن يحصلوا على أكثر مما هو مسمى تحت «ولاية» السلطة الفلسطينية ومن غير صلاحيات سيادية.

كل ما سبق يؤكد ما ذكرنا من قبل وهو عدم أهلية الولايات المتحدة لأن تكون راعية حصرية للتسوية السياسية. وما يحصل وحصل مجددا في مواقف الإدارة الأميركية يؤكد أن عملية التسوية السياسية المطروحة نفسها غير صالحة للتداول وأن على الحالة الفلسطينية مجتمعة أن تقرر المضي بخياراتها الوطنية بعيدا عن هذه المعادلات المجحفة. 

وهذا ما يحيلنا إلى ما تشهده الحالة الفلسطينية من حراك تجاه البحث في آليات تنفيذ اتفاق إنهاء الانقسام، وقد شهدت العاصمة الروسية، موسكو اجتماعات هامة على هذا الصعيد، أضافت إلى جهود استعادة الوحدة ودعمها قوة دولية رئيسية تتجاوز أهميتها الوزن الاقتصادي والسياسي الذي تتمتع به على امتيازها أنها عضو دائم في مجلس الأمن، كما هي عضو في الرباعية الدولية التي طالما انتقدنا دورها كهيئة جماعية تنعقد للمبادرات التي تتجاوز الموقف الأميركي المنحاز للاحتلال الإسرائيلي.

وشكلت مشاركة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في هذه الاجتماعات علامة بارزة أكدت أن موسكو تنظر بجدية واهتمام وترحيب إلى جهود المصالحة الفلسطينية، وهذه رسالة واضحة إلى كل من الإدارة الأميركية شريكة موسكو في الرباعية وإلى حكومة نتنياهو مفادها بأن استعادة الوحدة الفلسطينية نقلة ايجابية في مساعي التسوية السياسية في حال رسوها على قاعدة قرارات الشرعية الدولية.

وعلى الرغم من أن موسكو تؤكد أهمية الحل التفاوضي إلا أنها لم تخف وعلى لسان لافروف بأنها مستعدة لدعم المساعي الفلسطينية للتوجه نحو الأمم المتحدة. وكلام روسيا هذا يأتي من موقع قناعتها بأن من يفشل المفاوضات هو الموقف الإسرائيلي الذي ينظر إلى مستقبل الأراضي الفلسطينية من منظار سياساته التوسعية فقط. ويحاول تأليب أطراف من المجتمع الدولي على الفلسطينيين وتصوير إقدامهم من استعادة الوحدة بأنه هروب نحو «الإرهاب» ورفض للتسوية السلمية كما يقول.

مشهد سياسي بصور مختلفة تتجمع لتشكل معادلات سياسية ربما مختلفة إلى حد ما. تل أبيب وواشنطن تستخدم منظار واحدا في التعامل مع القضية الفلسطينية، ومناظير أخرى بدأت تستخدمها بشكل فعال أطراف دولية لا تقل أهمية. ومن شأن تطور الموقف الروسي وتحرك الموقف الأوروبي أن يشكل مدخلا ليجد الجانب الفلسطيني نفسه في فضاء آخر.. هو تفاؤل .. لكنه مطلوب!

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.