اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• خارطة.. بلا طريق -//- محمد السهلي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 



خارطة.. بلا طريق

محمد السهلي

حتى اللحظة، لا يمكن الحسم بشأن الانتخابات الإسرائيلية المبكرة، لأنها في هذه المرحلة ترتبط بالقرار الذي يتخذه المطبخ السياسي الضيق المحيط برئيس الوزراء الذي له القرار الفصل في هذا الموضوع. وأمام نتنياهو خياران في تبكير الانتخابات أو تركها إلى موعدها نهاية العام القادم. حيث يفكر في تبكيرها جديا في حال وجد أنه سيواجه لا محالة استحقاقات مؤلمة نتيجة نقاشات ملفات داخلية وخاصة إقرار الموازنة التي ترد في مشروعها تقليصات مالية جدية سيؤدي العمل بها إلى استحقاقات لا يود مواجهتها في العام القادم في حال بقيت الانتخابات على موعدها. ولهذا السبب يفكر في انتخابات مبكرة تضعه في المنافسة مجددا وهو في منسوب قوته الذي يضعه في المقدمة بحسب استطلاعات الرأي.

كما أن البحث في الموازنة وتمرير مشروعها في الكنيست سيضعه أيضا أمام ابتزاز الأحزاب الأخرى وخاصة حزب «شاس» الديني الذي يصر على نيل حصته لدعم مدارسه الدينية، وهي مصدر قوته الأساس الذي يبقي الجمهور المتدين ملتفا حوله وداعما له في أية انتخابات عامة. في حال ترجيح الانتخابات المبكرة الذي من المفترض الإعلان عنه في افتتاح الدورة الشتوية للكنيست في 15/10/2012، فإن المدى المنظور لإجرائها هو شهر شباط/فبراير القادم، أي بعد أربعة أشهر في حال حسم نتنياهو الأمر بذلك.

هذا الاحتمال يدفع إلى إلقاء الضوء على الخريطة الحزبية الإسرائيلية في وضعها الراهن بعد عام من تصاعد الحديث في إسرائيل عن احتمال إجراء انتخابات مبكرة للكنيست، وقد لجأت أحزاب عدة إلى إجراءات داخلية قومت فيها أوضاعها تحسبا لوقوع هذا الاحتمال، كما برزت شخصيات دفعت بنفسها إلى الواجهة الانتخابية كما حصل مع الإعلامي يئير لبيد الذي شكل حزب «يوجد مستقبل» قبل أن تهدأ حركته إثر الصفقة بين نتنياهو وموفاز.

في هذا السياق، تتحدث الأوساط السياسية في إسرائيل عم احتمال قوي لعودة تسيفي ليفني إلى الحياة السياسية بعد سبعة أشهر على إقصائها من رئاسة كاديما على يد موفاز واستقالتها بعدئذ من الكنيست. ويتردد اسم حاييم رامون المخضرم كداعم لعودة ليفني ومشروعها المفترض في تأسيس حزب «يسار وسط» يقدم نفسه كبديل عن نتنياهو ومشروعه السياسي ـ الاقتصادي.

عودة ليفني تشكل بالنسبة لنتنياهو هاجسا موجعا، بغض النظر إن تم تبكير الانتخابات أو بقيت في موعدها. والسبب هو بروز مؤشرات التأييد لعودتها من قبل أطراف عدة من بينها شخصيات كانت مؤثرة في حزب «شينوي» الذي برز دوره في تسعينيات القرن الماضي ومن هذه الشخصيات إبراهام بوراز، الرجل الثاني في الحزب المنتهي. كما برزت مؤشرات قوية على احتمال تعاون فعلي مع الحزب الجديد «يوجد مستقبل» برئاسة لبيد.

من جانب آخر، لا يخفي عدد من نواب كاديما برئاسة موفاز تأييدهم لعودة ليفني، وهؤلاء وغيرهم ربما ينحازون إليها ويتركون موفاز وحزبه الذي تضعه استطلاعات الرأي في موقع متأخر في حال جرت الانتخابات في المرحلة القريبة القادمة. كما أن عودتها تؤثر على ما تبقى من جمهور حزب كاديما الحالي، ويتوقع كثيرون أن تنال حصة لا بأس بها من أصواتهم الانتخابية. ويسعى مقربون من ليفني لدفعها إلى الإعلان سريعا عن عودتها إلى الحلبة السياسية حتى تكسب الوقت الكافي للاستعداد في حال تم إقرار إجراء انتخابات مبكرة.

أما حزب «العمل» برئاسة يحيموفيش، فقد دارت تساؤلات عما يحدث في داخله بعد بروز خلافات داخل الحزب على ضوء الحديث الذي نقل عن رئيسته وفيه لم تستبعد إمكانية الانضمام إلى حكومة نتنياهو، فيما يعتبر كثيرون داخل الحزب أن الأخير ومعه إيهود باراك هما المسؤولان عن شق الحزب وإضعافه وخروج أربعة من نوابه في الكنيست مع كتلة باراك التي شكلها عقب انفصاله عن الحزب.

وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي تعطي حزب العمل 20 مقعدا في الانتخابات القادمة، إلا أن عوامل كثيرة قد تخفض منسوب التوقعات، وخاصة عندما تحتدم المنافسة بين الأحزاب وتبرز أحزاب وكتل انتخابية جديدة، عدا عن احتمال عودة ليفني إلى الساحة السياسية وتأسيس حزب يسار وسط يمكن أيضا أن يأكل من حصة العمل الانتخابية، هذا إذا لم تكرر ليفني تجربة شارون عندما أسس كاديما واستولى على عدد واسع من كوادر وأعضاء أحزاب أخرى من بينهم شمعون بيريس، أحد قادة العمل التاريخيين.

وربما تختلف إلى حد ما التوقعات بخصوص حزب «إسرائيل بيتنا» الذي يقوده ليبرمان، فهو الحزب الوحيد الذي لم تتراجع قوته الانتخابية منذ تأسيسه عام 1999، وحتى الآن لم تبرز خلافات جدية في داخله تهدد زعامة ليبرمان، كما أن خطابه السياسي المتطرف أبقى على دعم جمهوره الذي اتسع باضطراد مع اتساع المد اليميني والتطرف في المجتمع الإسرائيلي. وإذا كان ليبرمان قد مرر قبل أشهر صفقة نتنياهو ـ موفاز دون ردات فعل حادة، فإن التوقعات لا تنبئ على استمرار هدوء ليبرمان في حال تكررت التجربة مع أحزاب أخرى وصفقات مماثلة إذا ما سعى نتنياهو لإطالة عمر الائتلاف الحكومي على حساب ليبرمان وحزبه. ويرى مراقبون كثر أن ليبرمان بانتظار فرصة مناسبة للخروج من الائتلاف فور الإعلان عن انتخابات مبكرة وينضم إلى خصوم نتنياهو لإضعافه وتعزيز فرصته هو للمنافسة على رئاسة الوزراء.

الحلقة الأضعف في الخريطة الحزبية الإسرائيلية الحالية، وبلا منازع، هو إيهود باراك رئيس حزب «الاستقلال» الذي انشق به عن حزبه الأصلي «العمل». فمنذ أشهر بات مصير باراك بيد نتنياهو، وجعله ينتظر من الأخير مكافأة على خدماته الجليلة دعما للحكومة وللمشاريع السياسية لنتنياهو، وهو ما أدى للحديث عن إمكانية وضع اسم إيهود باراك في موقع متقدم على قائمة «الليكود» في أية انتخابات قادمة.

لكن الوضع انقلب تماما هذه الأيام، التي تشهد أزمة في العلاقة بين الرجلين بعدما قام باراك بعقد اجتماع من خلف ظهر نتنياهو مع رام عمانويل، محافظ شيكاغو والمقرب من أوباما، مما أثار حفيظة الأخير ومعه قيادات في الليكود ووصل الأمر إلى حد التفكير بإقالة باراك بسبب التقرب من أوساط أوباما في الوقت الذي يؤيد فيه نتنياهو المرشح المحافظ بيت رومني وتجمعه معه علاقة صداقة قديمة.

وعلى الرغم من التباينات التي تظهر بين الأحزاب الصهيونية الإسرائيلية فإن خريطتها السياسية تتوافق في عدم وجود خارطة طريق جدية، على الأقل بما يتصل بسبل حل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي والموقف من القضايا الرئيسية للصراع مثل اللاجئين والقدس والاستيطان.. فهي تنوع في مواقفها من زاوية الإعلان اللفظي.. لكن في الموقف العملي والسلوك السياسي تتحد في مشروع إعلاء السياسة التوسعية الإسرائيلية وقواعدها الأمنية على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.. وهو ما ليس منظورا لأن يتغير في المدى المجدي.. إن حصلت انتخابات مبكرة.. أو جاءت في موعدها المحدد.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.