اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• لغم المفاوضات -//- محمد السهلي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد السهلي

مقالات اخرى للكاتب

لغم المفاوضات -//- محمد السهلي

تحمل صيغة طلب عضوية دولة فلسطين في المنتدى الدولي ألغاما عدة، كان من الممكن تجنب زراعتها في صيغة الطلب حرصا على وصول المسعى الفلسطيني إلى أهدافه المرتجاة.

في مقدمة هذه الألغام النص على الاستعداد الفوري للعودة إلى المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، وكأن هذا الاستعداد يعطي دفعا لتمرير الطلب في الجمعية العامة، مع معرفتنا بأن خريطة المواقف فيها لا تحتاج إلى ذلك على الإطلاق بعدما حصل المسعى الفلسطيني على تأييد معظم أعضاء المنظمة الدولية.

فما الذي يجعل القائمين على صياغة نص طلب العضوية يلجأون إلى إشهار هذا الاستعداد في متنه في وقت تم فيه التحذير مسبقا من محاولة الولايات المتحدة وحلفائها إقتناص هذا الإعلان وتقديمه في سلم التنفيذ على مصادقة الجمعية العامة على عضوية الدولة الفلسطينية في رحابها؟.. أو وضعه شرطا مسبقا لهذه العضوية؟

وفي الوقت الذي يكرر المفاوض الفلسطيني استعداده المسبق للعودة إلى المفاوضات تحت يافطات متعددة بمناسبة وبغير مناسبة، لا ينفك الجانب الإسرائيلي وعلى لسان نتنياهو تحديدا يواصل إقصاء كل عوامل نجاح عملية التسوية السياسية ووصولها إلى الحل المتوازن والشامل للصراع.

فقد أعلن بعيد إلقائه خطاب إفتتاح الدورة الشتوية للكنيست استعداده لتبني تقرير ليفي الذي دعا إلى تشريع الاستيطان، وعلى قاعدة أن الضفة الفلسطينية ليست أرضا محتلة. وبعد أقل من أسبوعين على ذلك أوعزت الحكومة الإسرائيلية عبر وزير دفاعها بإطلاق حملة استيطانية جديدة بدأت بتوسيع مستوطنة إيتمار كمقدمة لسيل من العطاءات الاستيطانية في جميع المستوطنات القائمة وخاصة في مدينة القدس.

لذلك فإن الحديث المتكرر من قبل المفاوض الفلسطيني عن استعداده للعودة للمفاوضات في حال توقف الاستيطان أو جرى تجميده لا قيمة سياسية عملية له. بل إنه في أوقات كثيرة كان يبدي هذا الاستعداد مقابل إجراءات إسرائيلية لا تمت بصلة إلى وقف السياسة التوسعية الإسرائيلية، من نمط إطلاق عدد من الأسرى الفلسطينيين مع تقديرنا بالطبع لأهمية وحيوية مطلب إطلاق جميع الأسرى من معتقلات العدو وسجونه.

لكن الأهم من كل ذلك ـ برأينا ـ هو كيف يتم النظر إلى خطوة تقديم طلب عضوية دولة فلسطين. فهي من زاوية الالتزام بالبرنامج الوطني الفلسطيني التحرري تعني خوض معركة سياسية مفتوحة مع الاحتلال. سياسيا وشعبيا وعلى جبهات مختلفة ومتعددة. ويتطلب خوض هذه المعركة إرادة سياسية تواجه الاحتلال وسياساته، كما يتطلب إعتماد سياسات اجتماعية واقتصادية تجعل هذه المواجهة خيارا وطنيا شاملا.

من هذا الفهم يمكن للمسعى الفلسطيني نحو الأمم المتحدة أن يأخذ مكانه الطبيعي كحلقة مفصلية في سياق تحقيق البرنامج الوطني، وإنجاز يفتح للبناء عليه من أجل استكمال المعركة السياسية والدبلوماسية والانتقال بعضوية دولة فلسطين إلى العضوية الكاملة في المنتدى الدولي.

أما خارج هذا الفهم، فتكمن الخطورة في أن يكون هدف المسعى الفلسطيني لدى البعض هو مجرد استدراج عروض تفاوضية أخرى لا تخرج من زاوية الأسس المستندة إليها عن تلك التي كانت تقوم عليها الجولات العبثية المديدة من المفاوضات السابقة. ومن تداعيات ذلك أن يشجع تل أبيب وواشنطن على إحكام شروطهما تجاه عملية التسوية، تحت سيف التهديدات والعقوبات المالية وغيرها، ولا ننسى هنا أن الرئيس أوباما ردّ على التهنئة المقدمة من الرئيس عباس بولايته الجديدة بإعادة التذكير بالرفض الأميركي للمسعى الفلسطيني وهذا يعني استمرار الموقف الأميركي بكلّ ما يحمل من تداعيات وتهديدات.

ولا يمكن الفصل تماما بين ردّات فعل واشنطن على المسعى الفلسطيني عن ما ينشط باتجاهه دينيس روس المبعوث السابق للرئيس الأميركي تجاه عملية التسوية، وقد قدّم مجموعة من الاقتراحات إلى الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، في محاولة لتنشيط أجواء التسوية السياسية، ليس فقط بشروطها المجحفة السابقة بل يحمل في هذه الاقتراحات إملاءات موجهة للجانب الفلسطيني يطالبه فيها بتأهيل الفلسطينيين لقبول السياسات التوسعية الإسرائيلية على حساب حقوقهم الوطنية. ومن ضمن هذه الطلبات، دعوى صريحة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن لجوئهم أي باختصار شطب حق عودتهم إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها إبّان النكبة.

وعلى الرغم من أن هذه المقترحات لم تقدم حتى الآن بشكل رسمي، لكن عناوينها الرئيسية تؤكد مجددا أن سقف المواقف الأميركية من عملية التسوية تتجه نحو التطابق مع مواقف دولة الاحتلال الإسرائيلي وشروطها تجاه عملية التسوية ومستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما يعني إدامة الاستيطان وتأبيده من خلال ضم البنية الاستيطانية بالأرض الفلسطينية إلى دولة الاحتلال وانعكاس هذا الموقف على مستقبل مدينة القدس كعاصمة مفترضة للدولة الفلسطينية المستقلة كما نص على ذلك طلب عضويتها في المنتدى الدولي.

ومن هذه الزاوية نعيد القول، بأنه من الأخطاء الفلسطينية الكبرى أن تندرج موضوعة المفاوضات ضمن طلب العضوية، لأن المسعى الفلسطيني من حيث الأساس انطلق بعد أن استخلص الاجماع الوطني أن هذه المفاوضات لن تؤدي إلى حل شامل ومتوازن للصراع، بل تشكل غطاء للسياسة التوسعية الإسرائيلية والتجربة المديدة الماضية تؤكد صحة هذا الاستخلاص.

وما يحتاج إليه الفلسطينيون هو إستراتيجية نضالية جديدة تنطلق من مبدأ إعادة الاعتبار للبرنامج الوطني التحرري بكل ما يستلزم هذا الأمر من تحضيرات واستعدادات تبدأ بتحصين الوضع الفلسطيني الداخلي، وحل مشكلاته المزمنة وخاصة ما يتصل باستمرار الانقسام الداخلي.

هذا يعني بالضرورة إنهاض الجهود الوطنية والصديقة، من أجل إنجاح مسيرة استعادة الوحدة، من خلال حوار وطني شامل تحت عنوان الخطر الدائم على الجميع في ظل العدوانية الإسرائيلية المستجدة التي انفلتت من عقالها من جديد تجاه قطاع غزة وسكانه تحت دعوى الرد على الصواريخ الفلسطينية. ومن الطبيعي القول إن هذه الجولة الجديدة من العدوان تستلزم البحث في إستراتيجية دفاعية أساسها تشكيل غرفة عمليات موحدة للمقاومة الفلسطينية المسلحة، إلى جانب خطوات سياسية واقتصادية واجتماعية تمكن من الصمود في وجه هذا العدوان، الذي لن يتوقف وخاصة على أبواب الانتخابات الإسرائيلية المزمعة أوائل العام القادم. ويشكل التمادي فيه مادة خصبة للدعاية الانتخابية.

فالتصعيد الأمني ضد الشعب الفلسطيني واستشراء الاستيطان وانفلات المستوطنين، مظاهر مرغوبة من قبل الناخب الإسرائيلي في ظل اتساع المد اليميني المتطرف في المجتمع الإسرائيلي..

كل ما جرى ويجري على جبهة الصراع مع الاحتلال يستدعي منّا القيام بخطوات عاجلة ومدروسة لمواجهة المخاطر المتعاظمة التي تهدد الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.