اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• .. لكنه لم يطرق الباب الفلسطيني بعد

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

معتصم حمادة

مقالات اخرى للكاتب

.. لكنه لم يطرق الباب الفلسطيني بعد

 

مشكلة المفاوض الفلسطيني أنه يعزل العملية السياسية عن الشارع. لإدراكه أنها غير مقنعة للحركة الجماهيرية, ولتخوفه في الوقت نفسه أن يفقد السيطرة على الشارع، وأن تذهب الحركة الجماهيرية, أبعد مما يريد أن تكون.

 .. والمقصود «به» استحقاق أيلول الفلسطيني ويأتي هذا العنوان، مكملاً لعنوان المقال في العدد السابق من «الحرية», حين رأينا أن هذا الاستحقاق بدأ يطرق أبواب العالم، ولاحظنا كيف أن الأميركيين، والأوروبيين، والإسرائيليين، يتحضرون لمواجهة هذا الاستحقاق، إما باللجوء إلى حق النقض الفيتو (أميركا) أو بالدعوة إلى استئناف المفاوضات (أوروبا) أو بالتحضير لتطويق هذا الاستحقاق سياسياً وأمنياً (إسرائيل). أما العرب، فقد ناموا على وسادة من الحرير، بعد أن أصدرت لجنة المتابعة بياناً دعمت فيه (لفظاً) الموقف الفلسطيني، دون أن يتحول هذا الدعم اللفظي إلى أفعال.

المهم، في رأينا، هو الموقف الفلسطيني، والذي يمكن اعتباره قاعدة أساسية تبنى عليها كل المواقف الأخرى. وبالتالي بقدر ما يكون الموقف الفلسطيني حاسماً في معركة الأمم المتحدة، بقدر ما ستكون المواقف العربية والدولية جادة في التعامل مع الفلسطينيين في خيارهم هذا، وبقدر ما يكون الموقف الفلسطيني مائعاً، ورخواً، بقدر ما سوف ينظر إليه عربياً، ودولياً، نظرة هزء وسخرية ويتم التعاطي معه بلا مبالاة سياسية.

والملاحظة الرئيسية على الموقف الفلسطيني، أن طريقة إدارته للمعركة مازالت «فوقية»، وعلى مستوى اللجنة التنفيذية، واللجنة السياسية (المنبثقة عنها) وكذلك على مستوى الاتصالات السياسية عبر الأقنية الدبلوماسية التقليدية. كل هذا يدور بعيداً عن اشراك الشارع الفلسطيني في هذه المعركة، وكأن هذا الشارع غير معني بما يدور حوله، علماً أن القضية هي قضية مصير هذا الشارع، بما هو شعب ومصالح وطنية وقومية، وبما هو «أرض» وأملاك، ومياه.. ووطن. ولا نعتقد أن استبعاد الشارع عن هذه المعركة هو مجرد خطأ، أو هفوة، ارتكبها المفاوض الفلسطيني، بل نجزم أن هذا الاستبعاد تمّ بقرار واعٍ ومدرك لما يفعله. لأننا نقرأ، على الدوام، في تصريحات المفاوض الفلسطيني، ما يؤكد حرصه على استبعاد الشارع، وتحييده، وعدم اشراكه في المعركة السياسية. خلفية هذا الموقف هي تخوف المفاوض الفلسطيني أن يتحول تحرك الشارع هذا إلى انتفاضة ثالثة، مازال المفاوض الفلسطيني يؤكد لكل من يعنيه الأمر، أنه سيعمل بكل جهد لمنع اندلاع هذه الانتفاضة، وكأنه يقايض بين دوره هذا لمنع ولادة الانتفاضة، وبين ضرورة أن يقدم له الأميركيون والإسرائيليون ما يبرر موقفه من هذه الانتفاضة.

***

في معركته السياسية أكد المفاوض الفلسطيني (على لسان رئيس الحكومة سلام فياض) أن إستراتيجيته تستند إلى ثلاث دعائم: الأولى المفاوضات. الثانية توفيره البنية التحتية لقيام الدولة المستقلة أما الثالثة فهي المقاومة الشعبية السلمية للاحتلال.

الدعامتان الأولى والثانية تبدوان جليتين للعيان. أما الدعامة الثالثة، ورغم ما نشر حولها من دعاية، فإنها تبدو شبه غائبة بل إن «أصحابها» توقفوا عن ذكرها، وبدؤوا يتجاهلونها مع العلم أن بعضاً ممن روج لهذه المقاومة السلمية حاول أن يسقط التجربة التونسية والمصرية على الواقع الفلسطيني، بالإدعاء أن ثورتي تونس ومصر كانتا سلميتين، وأنهما نجحتا في إطاحة رموز النظامين وبالتالي، مادامت التجربة قد نجحت في القاهرة وتونس، لا بد لها أن تنجح في المناطق الفلسطينية المحتلة. ولعل هؤلاء تجاهلوا أن هاتين الثورتين لم تكونا سلميتين، وإلا فكيف نفسر وقوع مئات الشهداء هنا وهناك على يد رجال الأمن، ثم لماذا نتجاهل أن الجيش، في البلدين، حسم الأمر لصالح الثورتين، منعا لوقوع حرب أهلية في البلاد. نحن هنا لسنا في معرض تقييم الثورتين وتجاربهما، لكننا نود أن نقول إن تجارب مصر وتونس تعود لبلدين مستقلين، لكل منهما مؤسساته الوطنية بما في ذلك الجيش، وقد لعبت هذه المؤسسات دوراً في حسم المعركة، بينما يعيش الفلسطينيون في ظل احتلال دموي فاشي، له برنامجه الخاص بالأرض الفلسطينية المحتلة، المتعارض تعارضاً جذرياً مع هدف الاستقلال والعودة. ثم كيف نفسر أن دولاً عربية أخرى، تعيش حرباً أهلية، أو ما يشبه الحرب الأهلية، مع أن التحرك الشعبي فيها انطلق باعتباره تحركاً سلمياً.

نحن لسنا مع العنف وإراقة الدماء، والقتل والخطف، لكن الأماني شيء وواقع الأشياء شيء آخر، ومن الضار بمكان، أن نحل الأمنية بدل الواقع، وأن نقدم الأمنية ونتعامى عن الواقع، ففي ذلك ضرر خطير بالمصلحة الوطنية.

***

وبالعودة إلى الموضوع الفلسطيني، يمكن أن نلاحظ أن المفاوض الفلسطيني، لم يستقر على خيار واحد وحيد، بما يتعلق بمعركة الأمم المتحدة. تحدث بداية عن اقتحام المنظمة لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، واحتلال مقعد في الجمعية العامة, ثم عندما تبين له أن هذه المعركة لن تكون ضد إسرائيل فقط، وأن الولايات المتحدة سوف تعترض طريقه باللجوء إلى حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن لمنع وصول الأمر إلى الجمعية العامة، بدأت الأصوات تعلو داعية إلى التخلي عن مقعد الأمم المتحدة لصالح كسب المزيد من الاعتراف بدولة فلسطين. هذا التراجع لم يقف عند حدود معينة بل إن هذه الأصوات نفسها أكدت أنها لم تسقط المفاوضات كخيار رئيسي، وأنها على استعداد لتجاوز الأمم المتحدة إذا ما توفرت الفرصة للعودة إلى المفاوضات. وكي يسهل المفاوض الفلسطيني على نفسه، وعلى الولايات المتحدة لأمر، تخلى عن شرط وقف الاستيطان، ورضي بخطاب اوباما في الخارجية الأميركية أساسا لاستئناف المفاوضات. الأمر الذي يعني (مجدداً) أن خيار المفاوض الفلسطيني مازالت طاولة المفاوضات، وأن خيار أيلول يكاد يتهاوى، ويصبح مجرد وهم لا أساس سياسياً له في حسابات المفاوض الفلسطيني وجعبته.

مشكلة المفاوض الفلسطيني، كما قلنا، أنه يعزل العملية السياسية عن الشارع، وأنه يستبعد الشارع من حساباته, ولأسباب عدة أهمها أنه يدرك أن تحركاته السياسية ليست مقنعة للشارع، وأن الشارع فقد الأمل في الوصول إلى حل عبر طاولة المفاوضات وبالصيغة التي تدار بها هذه المفاوضات. وأهمها أيضاً أن المفاوض الفلسطيني يخاف أن يفقد السيطرة على الشارع، وأن يفلت الشارع من بين يديه. لا نقصد بفقدان السيطرة، الجانب الأمني منها، بل نعني بالأساس الجانب السياسي أولا وقبل كل شيء. ولا نذيع سراً أن فريقاً وازناً في السلطة الفلسطينية لا يحترم الشارع ورأيه، بل يرى في حركة الشارع تصرفاً غوغائياً، من شأنه أن يثير الغبار في وجه العملية السياسية. بل لا نذيع سراً إن قلنا إن بعض الفريق المفاوض يرى في الشارع خصماً سياسياً له، لذلك تراه يمسك بإستراتيجية استبعاد الشارع وتهميشه.

إن من يراقب أحداث الأيام الأخيرة، خاصة وقائع يوم النكبة (15/5/2011) في الأراضِي المحتلة وعلى خطوط التماس مع العدو في الشتات، لابد أن يقرأ الأمر بوضوح، ويدرك أن الشعب الفلسطيني فقد الأمل بالعملية السياسية، وأنه يدفع باتجاه إعادة الصراع إلى أساسه، أي مجابهة العدو بكل الوسائل، كي لا يبقى «احتلالاً ذا خمسة نجوم»، وكي لا يبقى يتصرف بهمجية وتجاهل للحقوق الفلسطينية.

إن الذهاب إلى الأمم المتحدة لاقتحامها واحتلال مقعد فلسطين، يتطلب أن يدرك من يهدد بالفيتو، وبعرقلة المصالح الفلسطينية، أن مصالحه هو الآخر مهددة في المنطقة، وأن شرارة اللهب سيكون مصدرها المناطق الفلسطينية المحتلة ومخيمات الشتات. فمن يا ترى سينقل إلى هؤلاء هذه الرسالة؟

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.