اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• حق العودة: رأي شخصي أم قرار ملزم؟ -//- معتصم حمادة

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

معتصم حمادة

مقالات اخرى للكاتب

حق العودة: رأي شخصي أم قرار ملزم؟

عن مجلة الحريّة: التأويل؟ يقول مستشارو (الرئيس محمود عباس)، في محاولة منهم للتخفيف من وطأة تصريحاته إلى القناة الثانية في إسرائيل والتي أسقط حق اللاجئين في العودة [كما أكد في السياق نفسه رفضه اللجوء إلى انتفاضة ثالثة، وتمسكه بما أسماه «المقاومة الشعبية السلمية»] أن الهدف من هذه التصريحات هو التأثير في الرأي العام الإسرائيلي، عشية ذهاب الإسرائيليين إلى انتخابات تشريعية جديدة، سوف تنتج، بالضرورة، حكومة جديدة.

ويضيف هؤلاء أن الرئيس عباس أراد أن يمد يده للسلام، داعياً، ضمناً، الإسرائيليين للتصويت للتيارات السياسية المعتدلة، وبما يؤدي إلى قيام حكومة معتدلة [بديلاً لائتلاف الليكود ـ إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف]ـ تفتح أفقاً لاستئناف المفاوضات والوصول إلى حل لقضايا الصراع، كما هي مدرجة على جدول أعمال مفاوضات الحل الدائم.

تفسير مستشاري الرئيس لتصريحاته، تبدو محاولة واضحة لتبرير ما صدر عنه، ووضعه في الإطار التكتيكي. كما هي، في الوقت نفسه، اعتراف بأن الرئيس قد تنازلات، على حساب حق العودة، لكن مقابل أن يكسب الفلسطينيون ثقة التيار المعتدل في الخارطة الحزبية في إسرائيل. وفي اعتراف ضمني كذلك أن التيار اليميني لا يريد الوصول إلى تسوية للصراع.

ليست هي المرة الأولى التي يحاول فيها المفاوض الفلسطيني أن يلعب دوراً مؤثراً في رسم نتائج الانتخابات الإسرائيلية. فلقد سبق وأن حاول القيام بذلك الدكتور سري نسيبة، مسؤول ملف القدس في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية آنذاك، داعياً الإسرائيليين للتصويت لحزب العمل، باعتباره حزباً معتدلاً، وحجب الأصوات عن الليكود، باعتباره حزباً متطرفاً. ولم يجد نسيبة ما يقدمه من تنازل، في محاولة كسب الرأي العام الإسرائيلي آنذاك، سوى التنازل، علناً، عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، داعياً إلى حل يقف عند حدود دولة فلسطينية منقوصة السيادة، [بالموافقة على رقابة دولية على المعابر الحدودية البرية والجوية والبحرية للدولة] ومنقوصة المساحة المفترض أن تكون خطوط 4 حزيران 1967 هي حدودها الدولية [الموافقة على مبدأ تبادل الأراضي (!)] وملتبسة في الوضع القانوني للقدس [باعتبارها كما قيل عاصمة للدولتين الإسرائيلية والفلسطينية معاً]. طبعاً.

سقط حزب العمل، وفاز الليكود، وتوارى نسيبة عن الأنظار، لكن الدعوة لإسقاط حق العودة إرضاء للتيارات الإسرائيلية «المعتدلة» دخلت القاموس السياسي، وأصبحت واحدة من المواقف المعلنة للمفاوض الفلسطيني، والتي يقدمها في عملية مقايضة [كما يعتقد] بينها وبين الدولة الفلسطينية: أعطونا دولة فلسطينية لنتخلى لكم عن حق العودة.

وما قام به نسيبة كرره الرئيس عباس؛ الذي قال لفضائية «الحياة 2» المصرية [السبت في 3/11/ 2012] أنه عازم على عدم الترشح لولاية رئاسية جديدة في أية انتخابات قادمة. ما يعني أن الرئيس عباس قد ينسحب من المسرح السياسي [كما قال]، لكن موقفه بشأن حق العودة بات واحداً من عناصر الموقف الفلسطيني الذي من الصعب محوه.

* * *

يقول مستشارو الرئيس عباس [أيضاً في محاولة للدفاع عن حديثه إلى القناة الإسرائيلية]، إن من يعتقد بإمكانية عودة خمسة ملايين لاجئ فلسطيني إلى ديارهم واهم، ويضيفون، بلهجة ساخرة: إن من يدعون لهذه العودة يعتقدون أنهم احتلوا تل أبيب وانتصروا على الإسرائيليين الانتصار الساحق.

طبعاً إن مثل هذا القول، بتقديرنا، أساء إلى الرئيس عباس نفسه، بدلاً من أن يخدمه. لأن هذا القول يعكس، للأسف، حالة انهزامية مفككة المفاصل، شديدة الرخاوة، تعمل على نشر أجواء العجز في الفضاء الفلسطيني، وتوحي بأن الانتصار على العدو الإسرائيلي أمر مستحيل، وأن علينا أن نسلم لهذا الواقع وبه، وبالتالي فإن قدرنا أن نقدم التنازلات المطلوبة منا، وأن كل محاولة للعناد، والتصلب ستبوء بالفشل، فنحن طرف ضعيف أمام عدد قوي، موازين القوى مختلة لصالحه، ولا بد من التنازل، في كل الأحوال هذه العقلية السياسية تعكس حقيقة الأجواء السائدة لدى صف واسع من أعضاء الفريق المفاوض، وتعكس حقيقة الأجواء التي تهيمن على عقول هؤلاء إلى طاولة المفاوضات. يحاولون أن يؤكدوا حسن نواياهم نحو الطرف الآخر، وكأن الإسرائيلي هو الذي يحتاج إلى من يطمئنه، وكأن الإسرائيلي هو الواقع تحت العدوان، وكأن الإسرائيلي هو الضحية. إنها إستراتيجية تفاوضية، تنطلق، للأسف من قياس حدود الموقف بما يرضي الإسرائيلي، والحرص على عدم تجاوز هذه الحدود، والالتزام بها التزاماً صارماً. أنها إستراتيجية تفاوضية يقدم بها المفاوض الفلسطيني تنازلاته حتى قبل أن يجلس إلى طاولة المفاوضات. إنها إستراتيجية تفاوضية تحكم فيها وعي المفاوض أنه هو الوحيد المطلوب منه تقديم التنازلات، وأن تقديم التنازلات هو السبيل الوحيد للقبول في المفاوضات وجزءاً من المعادلة السياسية في المنطقة.

* * *

يبقى السؤال: هل يحق للرئيس أن يقول «رأياً شخصياً» في قضية كبرى كقضية حق العودة للاجئين الفلسطينيين؟

أم أن الرئيس يجب أن يكون مؤتمناً على حقوق شعبه الوطنية، كما صاغتها البرامج الوطنية في المؤسسة الفلسطينية.

المجلس الوطني الفلسطيني لم يتنازل عن حق العودة، وما زال هذا الحق واحداً من الثوابت الوطنية في سياسته. هذا ما جاء في بيانات المجلس الوطني. ولجنة شؤون اللاجئين برئاسة الدكتور زكريا الآغا، تؤكد في بياناتها الدورية عن حق العودة للاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم. ووثيقة الوفاق الوطني(2006) كما صاغتها الفصائل والهيئات المستقلة أكدت هي الأخرى على هذا الحق، وبالتالي فإن مواقف الرئيس يجب أن تعكس هذه المواقف وأن تلتزم بها، وأن أي تجاوز لهذه المواقف، هو انتهاك قانوني وسياسي. المشكلة الفلسطينية تكمن في غياب المؤسسة. فالمجلس الوطني الفلسطيني مغيب بقرار واعِ من أصحاب القرار، حتى لا يشكل قيداً على الفوضى السياسية التي يتبعها الفريق المفاوض في إدارته للشأن الوطني. والمجلس المركزي، الذي يشكل محطة وسيطة بين المجلس الوطني ولجنته التنفيذية، تحول إلى ورقة استعمالية، يستدعى عند الحاجة، ويغيب عندما يرى المفاوض في تغييبه خدمة لسياسته التنازلية. واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ـ وكما قلنا سابقاً ـ تحولت إلى هيئة استشارية لا يؤخذ حتى برأيها الاستشاري، تجتمع «لتطلع» على مجريات الأمور، «وتتداول» بالأوضاع، وتقول «رأيها» كأفراد وليس كهيئة، ثم ينفرط عقدها تاركة للفريق المفاوض أن ينفرد بإدارة الشأن اليومي، ليس وفقاً لخط وطني عام متوافق عليه، بل وفقاً لرؤية خاصة بهذا الفريق. حتى اللجان والهيئات التي تشكلها اللجنة التنفيذية، لمتابعة بعض القضايا الحساسة، والتي تحرص أن يكون في تشكيلها ألوان سياسية تعكس تعدد وجهات النظر في «التنفيذية» نفسها، هذه اللجان، يجري تهريبها، أو إفراغها من مضمونها، وتهميشها، فتفقد دورها، وتعود الأمور إلى الوضع المعتاد: فريق يدير مطبخاً سياسياً له وحده صلاحية وحرية صياغته. أما الدعوات للإصلاح فقد بقيت مجرد شعارات ما دامت لم تتحول إلى مطلب شعبي تحتشد لأجله الشوارع كما احتشدت في أيلول الماضي دفاعاً عن لقمة العيش.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.