اخر الاخبار:
بيان صادر من احزاب شعبنا - الجمعة, 10 أيار 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

فشل ما يسمى بالإعلام الحكومي ودور الإعلام المضاد// مصطفى محمد غريب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

فشل ما يسمى بالإعلام الحكومي ودور الإعلام المضاد

مصطفى محمد غريب

 

يعد الإعلام في اتجاهاته المختلفة من ابرز معالم الصراع الإيديولوجي، السياسي والاقتصادي والاجتماعي  والثقافي، وأصبح الأداة الأكثر فعالة في ظروف التطورات التي أعقبت انهيار الاتحاد السوفيتي وبلدان أوربا الشرقية ونهاية الحرب الباردة وقد أطلق على الفترة ما بعد الانهيار بالعالم ذو القطب الواحد أي أصبح النظام الرأسمالي تقريباً هو المتحكم في أكثرية القضايا العالمية منها الاقتصادية ومنها سياسة والعودة للعصا الغليظة والتدخل الخارجي بأشكاله المختلفة ومنها الاقتصادية والعسكرية  في شؤون البلدان غير الصناعية أو ما يسمى حينها ببلدان العالم الثالث!!  وفي هذه الحالة أصبح الانتقال إلى صراع المصالح الرأسمالية العلني أكثر من السابق وبقى الصراع في جوهر النظام الرأسمالي الذي تحكمه قوانين الاستغلال والربح والهيمنة وتقاسم الأسواق وفق العولمة الرأسمالية التي هدفها جعل العالم قرية صغيرة أمام تدفق رؤوس الأموال وزيادة الاستغلال وسرقة البلدان بالهيمنة على مصادر الطاقة وفي مقدمتها النفط ، ولو تابعنا وسائل الإعلام الغربية والأمريكية المختصة  بفبركة المواضيع وتغييب الحقائق لوجدناها تتحدث بلغة ثانية في تحليلاتها وأخبارها حيث تجعل من دور الأنظمة الرأسمالية وكأنها أداة للتغيير بما تطلقه حول الديمقراطية وهي تعني بالذات  " ديمقراطية راس المال وحقوق الإنسان من وجهة نظرها!!" ولا تتوانى من إطلاق الإشاعات بغرض خدمة مصالح وأهداف القوى التي تهيمن عليها، ولم يختصر دور الإعلام المشابه الذي يصيغ فبركة الأحداث ويشوه الحقائق بهدف تغييب الحقائق وخداع وعي المواطنين في بلدان نامية مثل العراق والذي مر بمراحل سياسية عديدة منذ تأسيس الدولة العراقية وأبان الحكم الملكي ولحد سقوط نظام البعث واحتلال العراق، وقد لعب هذا الإعلام " الحكومي والتابع" أدواراً سلبية في كثير من الأحيان أدت إلى حرف العمل الصحافي المهني عن طريقه وأهدافه اللذان يتبعان نشر الحقيقة ونقل الخبر الصحيح، وبدلاً من أن يكون هذا الأعلام كسلطة رابعة مثلما يقال يتحمل مسؤولية وطنية في الرقابة وكشف الحقائق والانحياز للشعب والدفاع عن مصالحه المشروعة، بدلا من ذلك انحاز إلى جانب الحكومات المتتابعة وأصبح أداة بيد آلات القهر والإرهاب وبيد السلطة.

 

 بعد سقوط النظام ألبعثي تغيرت الصورة والواقع الإعلامي وبخاصة بعدما ظهرت بشكل علني  عشرات الصحف والمجلات والقنوات التلفزيونية والفضائيات والإذاعات التي كان البعض منها قد تم تأسيسه من قبل أحزاب الإسلام السياسي أو أحزاب من تيارات عديدة وطنية وديمقراطية واشتراكية، إلا أن البعض من هذه الصحف كانت موجودة قبل سقوط النظام ألبعثي مثل صحيفة الحزب الشيوعي "طريق الشعب " وغيرها ولا سيما الإعلام في إقليم كردستان العراق، وهكذا بدأت مرحلة جديدة بالنسبة للإعلام العراقي بعد رحلة أل ( 35 ) عاماً من حكم حزب البعث العراقي الجائر الذي هيمن بشكل كامل على الأعلام وبخاصة بعد استلام صدام حسين رئاسة الجمهورية وأطاح بأحمد حسن البكر بحجة المرض.

 

 في الظروف التي استجدت بعد السقوط والاحتلال وعلى الرغم من الحريات النسبية التي اخذ الإعلام يتمتع بها لكن ذلك لم يدم طويلاً، وبدأت رحلة جديدة لإيجاد أطواق لإخضاع من يعارض الحكومة العراقية تحت طائلة " الإرهاب " وقد وصلت في العديد من الحالات في مجال الإعلام إلى حجب الفضائيات  أو اعتقال المراسلين أو الصحافيين، أمام هذه الحالة الشاذة المنافية للدستور ولحرية الصحافة برزت بشكل غريب الإشاعة في مجال نقل الأخبار أو تحريف التصريحات أو إطلاق تصريحات منفلتة تكاد أن تكون بوقاً لرتل خامس يسعى إلى زيادة الاحتقان السياسي والخلافات وزرع بذور الشقاق وتوسيع هوة عدم الثقة وهذه المساعي نجدها قد زادت في ظروف ما بعد الفترة الثانية لرئاسة مجلس الوزراء من قبل السيد نوري المالكي ولعب البعض من المحيطين والمستشارين والحاشية دوراً سلبياً في إشاعة عدم الثقة بما يطلقونه من تصريحات مفبركة ومحشوة بالتضليل لخداع وعي المواطنين وفي مقدمتها قضية الطائفية وَتَتَبع البعض من الوسائل الإعلامية وبخاصة البعض من الفضائيات أسلوبا مزدوجاً في التعامل والعمل، فمن ناحية تراها تبث وكأنها حريصة على العملية السياسية وبالدفاع عن الديمقراطية لكنها بوجه آخر تسعى لتوظيف ما تبثه لخلق حالة من التشويش وتشويه الحقائق وتصطف مع أما قوى الإرهاب أو مع الميليشيات الطائفية، هذا الإعلام مازال موجوداً ويتفاعل مع الأحداث ولكن بشكل سلبي غير منظور ويتمتع بمواقع مهمة إن كان في الدولة أو خارجها وله أجندة داخلية تمويلية وأخرى خارجية تمده بالمال والدعم الإعلامي المميز وتظهره وكأنه إعلام مستقل وحريص على مصالح البلاد لكنها في الوقت نفسه تفرض عليه ما تريده من أهداف ومخططات تخدم مصالحها في العراق وفي المنطقة عموماً.

 

 اليوم بعد الانتكاسة في نينوى ومناطق أخرى يتوجه هذا الإعلام بإطلاق الإشاعة تلو الأخرى بحجة الدفاع عن وحدة البلاد بينما يقف الإعلام الحكومي وشبه الحكومي عاجزاً عن نقل الحقيقة كي يتسنى للمواطن معرفة ما يجري على ارض الواقع وبدلاً من ذلك نراه يرتكب الحماقة باتهام كل من يعارض الحكومة بأنه إرهابي أو " داعشي " مثلما كان أثناء فترة الاحتلال وتراجعه  بعدما تفاهم مع فصائل عديدة كانت تحمل السلاح ولم تكن ضمن القاعدة أو المنظمات الإرهابية بل العكس فأنها كانت السبب الرئيسي في طرد القاعدة والقوى الإرهابية وتقليص نفوذها باعتراف الحكومة نفسها وعلى المنوال نفسه فقد أكد وزير الخارجية الأمريكي  جون كيري أثناء لقائه بنوري المالكي بالرد "صحيح أن داعش منظمة إرهابية بل ومتطرفة، لكن المعلومات الدقيقة تفيد بأن المسلحين والمتمردين ليسوا كلهم من داعش ولا من المنظمات التكفيرية وبعضهم قاتل معنا ضد القاعدة.. كما أننا قلقون جدا من التدخل المباشر لإيران" وهنا يجب أن تعالج القضية وفق منظار واقعي والفرز بين المنظمات الارهابية وداعش وما بين القوى المعارضة التي هي في الوقت نفسه بالضد من داعش.

 

 واستطاع إعلام الإشاعة أن يدس السم في العسل في نقل الأخبار وتصوير الانتكاسة واحتلال الموصل وغيرها بعدما سلمها قادة ضباط كانوا بعثيين كبار أعيدوا بموافقة رئيس الوزراء "حسبما أشارت له قائمة وزعت أخيراً على وسائل الإعلام وغيرها بدون أي نفي من قبل رئيس الوزراء السيد نوري المالكي متكونة من ( 77 )  ضابطاً اقل ما فيهم برتبة لواء وعضو فرقة حزبية " وقد تمت إحالة البعض منهم بعد الهروب في الموصل للتحقيق لتقديمهم للمحاكمة، ومن جهة استغل تصريحات البعض من ائتلاف دولة القانون حينما  تطلق الاتهامات غير المسؤولة وذات الأغراض التدميرية للوحدة الوطنية بتحالف الكرد مع القوى الإرهابية  وان الكرد وحكومة الإقليم استغلوا الأحداث وسيطروا على كركوك والمناطق المتنازع عليها المشمولة بالمادة 140 وسيعلنون عن دولتهم وهم يسرقون النفط  أو يبيعونه إلى إسرائيل وهذا الاتهام بدون أي سند مادي بالرغم من نفي علني من قبل حكومة الإقليم لهذه التهمة حيث أشار حميد بافي عضو التحالف الكردستاني " إن الإنباء التي تتحدث عن التعامل مع إسرائيل مجرد دعايات من بغداد يطلقها المفلسون " وأشار في الوقت نفسه عن تعامل الكثير من دول المنطقة النفطية بشكل ما مع إسرائيل،  ولو تتبعنا مصادر هذه الاتهامات والإشاعات لوجدناها على ألسنة البعض من المقربين لرئيس الوزراء ودولة ائتلاف القانون أو حتى من  قبل الدعاية الحكومية بواسطة حاشية إعلامية فاشلة لرئيس الوزراء الذين خلقوا ذعراً لدى المواطنين وهروبهم بما أشاعوه عن مخاطر احتلال " داعش " بغداد وغيرها من المحافظات وسط التفكك الذي أصاب الوحدات العسكرية وهروبها في مناطق الموصل وتكريت وغيرها والملاحظ على قناة العراقية الفضائية التي تدعي بأنها حكومية لم تكن موفقة في التصدي للإعلام المضاد وبخاصة إعلام داعش وأهملت المواطنين العراقيين لا بل زادت من مخاوفهم وقلقهم بعدما استطاع الإعلام المضاد وداعش بالذات من اختراق الرأي العام داخلياً وخارجياً، وكعادتها انشغلت الفضائية العراقية بتعدد مناقب الحكومة والأشخاص بدون رؤية ما يجري على ارض الواقع من تغيرات وانقسامات وبدون التدقيق في المرحلة الحرجة وآفاق مستقبل العراق وأثبتت بامتياز أنها ليست حكومية حتى بـ 50% وأنها منحازة لرئيس الوزراء وحزبه وائتلاف دولة القانون، بينما يجتمع الإعلام المنحاز خلف شعار طائفي مبرقع ببرقع  مكشوف حول الوطنية ومصالح الشعب إلى غيرها من الشعارات التي أضرت بالعملية السياسية وساعدت على توسع رقعة الإرهاب وتفشي مرض الميليشيات الطائفية. وبقى لدى هذا الإعلام هاجس الخوف من الآخر وزرع عدم الثقة واعتماد المقولة حول الأكثرية والأقلية بطريقة خبيثة طائفية " للكشر " مما سهل التخندق الطائفي لدى الإعلام المضاد والذي يتبنى أيضاً الطائفية تحت شعارات إسلامية وقومية وبعثية .

 

 

لقد أثبتت الوقائع التي ظهرت في عمل الأعلام الحكومي والإعلام المضاد أن حرباً ضروساً طائفية وذات مصالح ذاتية وحزبية بقت مشتعلة منذ البداية وزاد أوارها بمرور السنين وعلى الرغم من الميزانية الضخمة لشبكة الإعلام العراقي الحكومي فان هذا الإعلام لم يكن بالمستوى المطلوب ولم يثبت استقلاليته وعدم تبعيته لجهات وكتل سياسية حتى انه لم يستطع الارتقاء بالخطاب الإعلامي الذي من المفروض أن يقف نداً ضد الإعلام الذي يعد إعلاماً معادياً للعملية السياسية ويتبنى نهج الإرهاب والتحريض على العنف والقتل، كما إن انتشار الفساد والتناقض والإهمال شكل ركناً مهماً في عملية إخفاق شبكة الإعلام العراقي وفشلها وهذا يتطلب بعد تشكيل الحكومة الجديدة إعادة النظر في عمل هذه الشبكة والتدقيق في شخوصها القيادية إضافة إلى إعادة بناء الفضائية العراقية على أسس وطنية باعتبارها مؤسسة حكومية لا تميل إلى طرف دون آخر أو طائفة دون أخرى، ولسنا بالضد من أذان الصلاة وليكن في محطات أخرى غير الفضائية العراقية كي تتخلص من هذه المحاصصة الطائفية حتى  في الأذان وكأنه قضية لا يمكن تجاوزها وربطها بالدين الإسلامي والشريعة ولكن التدقيق في خطابها يجدها طائفية حتى في التكبير لله وللصلاة هذه الحالة غير الطبيعية ولدت منذ بداية المحاصصة وإدارة الدولة والحكومة.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.