اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

كلمات رثاء الى المحامي القدير عبدالرحيم اسحق قلو// باسل شامايا

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

ألموقع الفرعي للكاتب

كلمات رثاء الى المحامي القدير عبدالرحيم اسحق قلو

باسل شامايا

 

اعتدت بين فترة واخرى ان استذكر رموزنا الذين يغادرونا الى عالم البقاء وأقف بكل اجلال واحترام امام عظمة عطائهم ودورهم البارز والمتميز الذي قدموه بكل نكران الذات مضحين بالغالي والنفيس من اجل بلدهم وشعبهم، في هذه الايام جاء شبح الموت ليخطف من بين اهله وناسه ومحبيه علم من اعلام النضال الوطني (المحامي القدير عبدالرحيم اسحق قلو) الذي ما فتا حضوره يطرق كافة المسامع، نجم ساطع في سماء الوطن، سطع سنين طوال في ربوعه التي اكره على مغادرتها والهجرة الى بلدان الشتات، ليسطع نجمه مرة اخرى هناك في سماء الغربة.. رجل تجسدت فيه كافة مزايا الطيبة والعدل والسلام، انطفأت شمعته التي بقت موقدة ما يقارب قرناً من الزمن لخدمة الانسانية..

 أبا سعد ذلك الرمز المعطاء من رموز التضحية، والمقارع للظلم والاضطهاد رغم ما كان يتعرض له من الملاحقات والسجون والتعذيب من قبل ازلام الأنظمة الرجعية المتعاقبة التي جثمت على صدر العراق ردحا من الزمن .. المحامي الكبير عبدالرحيم قلو شخصية وطنية بامتياز ومناضل غيور اخلص لوطنه وشعبه، لم يساوم يوما ولم يهادن مع توجهت ازلام النظام البائد ورموز ثقافتهم الذين عملوا على اشاعة ثقافة الخوف والولاء المطلق والعبودية للفرد الحاكم .. كان هادئا متواضعا تواقا لأغتراف المعرفة، طيب المعشر رقيقا بتعامله مع الصغار والكبار  حريصا على خدمة الناس خصوصا الذين لا حول لهم ولا قوة .. كان حبه لوطنه وعشقه لشعبه كل ما كان يشغله ويملأ فراغه في غربته، هذا الوطن الذي لازمه منذ ان وطأت قدماه ارض الغربة الا ان رحيله الابدي حال دون ذلك فرحل ليحل ضيفا جديدا ودائما على الخلود غادرنا قبل ايام وهو يعاني في بلد الشتات من آلام الشــوق الى بلده.. رحل عنا بعد ان فارقت روحه الطاهرة هذه الحياة البائسة، متألما على ما أصاب بلده من الكوارث والمحن التي تعرض لها  خلال غزوات وممارسات البرابرة الاوباش بحق الابرياء قبل اكثر من عام.. وبفقدانه  مني شعبنا عموما وبلدتنا الحبيبة القوش خصوصا بخسارة فادحة  لأنه كان طيلة سني حياته مكرسا جلّ وقته  لخدمة المحتاجين من الفقراء والكادحين.. رحل حاملا معه عشقه للعراق وتاركا في قلوبنا لوعة وفي الذاكرة صور لمواقف لا تنسى  جسد فيها معاني الصدق والعزيمة والوفاء لقضية وطـــنه العادلة.

لقد حمل فقيدنا العزيز هموم الوطن المبتلى بحكامه منذ عهود السيطرة الاستعمارية حتى عهد الدكتاتورية البغيضة،مقاوما القمـع والتعذيب الوحشي في زنزاناة الطغاة حيث كانت حصته منها لا يحسد عليها .. ولم تثنه تلك المآسي والويلات عن التواصل والأستمرار في ذات الطريق بل زادته عزما واصرارا وقوة في النضال من اجل عراق ديمقراطي حر، أبا سعد ايقونة التضحية والعطاء، احبه الناس من مختلف شرائح المجتمع العراقي ونال ثقة العمال والكادحين الذين كانوا بأمّس الحاجة اليه .. كما نال اعجاب ابناء شعبه لتلك المواقف الشجاعة التي تحدى بها جبروت السلطات الرجعية الغاشمة .. حيث كان يزرع في نفوسهم الامل مؤمنا بالحياة الحرة الكريمة لشعبه، حياة خالية من الاحتـلال والاضطهاد والظلم، خالية من الخوف والارهاب ومن الفسـاد والمحاصصة الطائفية. منذ صباه أحب العمل والأختلاط بالناس خاصة العمال وكسب محبتهم .. حيث كان مجداً بعمله يؤديه على أحسن ما يرام .. أما اندفاعه في الدفاع عن حقوق العمال فكانت سمة ملازمة له على الدوام، خصوصا حينما كان قريبا منهم في نقابة عمال كركوك .

كنت التقيه بين فترة واخرى عبر الهاتف  لأطلب منه مقالا لجريدة صوت القوش أو مجلة بيرموس، فكان يتحدث بلهفـة وشوق عن القوش واهلها وتغمره الفرحة والبهجة حينما يسمع اي جديد عنها، ويؤكد دوما على اهمية توظيف الشباب ليأخذوا مكانتهم الطبيعية في عملية تطوير وتقدم المجتمع وفي مختلف مناحي الحياة.. ولم تمر الا ايام بعد الاتصال به الا ويلبي الطلب بمقالاته الرائعة التي كان يكتب دوما عن الوضع الراهن فـي الوطن ويتوغل احيانا الى عمق التأريخ محدثا عن مواقف بطولية للحركة الوطنية في العراق .. كانت كتاباته تطرز صحيفتنا ومجلاتنا في القوش ولم يتاخر عن ارسال مساهماته الادبية والسياسية يوما خصوصا الى (صوت القوش وبيرموس) ويتابع صدورها في كل عدد جديد. لقد بكى وذرف الدمـع على بلده الذي احرقته الحرب .. بكى على ابناء العراق الذيـن خضبوا تراب الوطن بدمائهم الزكية .. بكى وبكى على وطنه الذي ذُبح من الوريد الى الوريد . وداعا وسلاما أبا سعد وانت تفارقنا الى دار البقاء تاركا لنا ارثا ثقافيا ومواقفا انسانية حقة .. وداعا ايها الراحل الذي حافظ على اصالته ونظافته في زمن لوثت الدكتاتورية  كل شيء .. وداعا ابن القوش البار فانك لم تمت بل ستبقى كما كنت نبعا صافيا ونجما لا يافل .. فمثلما كنت حاضرا في افراح الناس واتراحهم هكذا ستبقى بالرغم من غيابك خالدا في قلوبنا وضمائرنا على مر السنين، وحيا في نضال العراقيين الذين عرفوك بمواقفك وانسانيتك التي رافقتك ستٌ وتسعين سنة، هذا العمر المبارك الذي توجته بعطائـك وتجربتك الثرة التي ستنهل منها الاجيال لبناء الوطن المزدهر. ارقد بسلام ايها الوطني الممهور بحب الناس ونم قرير العين فانك رغم رحيل كلماتك ومشاركاتك ستبقى حاضرا معنا وبيننا وفي ذاكرتنا أبد الدهر. اتقدم الى عائلتك واهلك وذويك بأحر التعازي واعمق مشاعر المواساة راجيا للجميع جميل الصبر والسلوان ولفقيدنا العزيز دوام الذكر الطيب .

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.