اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• تحالف اليسار الديمقراطي: ثلاثية الإيديولوجية والشكل التنظيمي والسياسة..

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد الحنفي

مقالات اخرى للكاتب

تحالف اليسار الديمقراطي:

ثلاثية الإيديولوجية والشكل التنظيمي والسياسة..

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

إلى الرفاق في:

§ حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي.

§ الحزب الاشتراكي الموحد.

§ المؤتمر الوطني الاتحادي.

محمد الحنفي

 

إن حديثنا عن تحالف اليسار الديمقراطي، هو حديث عن مشروع وحدة اليسار في المستقبل. هذه الوحدة التي كانت، ولازالت، وستبقى حلما، يحمله اليساريون الصادقون، على اختلاف الأحزاب التي ينتمون إليها، نظرا للشروط الذاتية، والموضوعية، التي تعيشها الأحزاب اليسارية الصادقة، التي بادرت إلى تشكيل تحالف اليسار الديمقراطي، لمواجهة تحديات المرحلة، التي تفرض البحث عن الوسائل المساعدة على تجاوز العقبات الصعبة، كعقبة الانتخابات البرلمانية، والانتخابات الجماعية.

 

غير أن العمل المشترك في الانتخابات البرلمانية، أفرز أن التحالف يجب أن يتحول إلى تحالف استراتيجي، قابل للتطور من تحالف انتخابي، آني، إلى تحالف له هياكله التقريرية، والتنفيذية، وله تنظيمات محلية، وإقليمية، وجهورية، ووطنية، من أجل الوصول إلى إيجاد قاسم مشترك: إيديولوجيا، وسياسيا، وتنظيميا، حتى يفعل، ذلك القاسم المشترك، في صفوف التنظيمات المكونة لتحالف اليسار الديمقراطي، من أجل أن تصير منطلقا لتطوير تنظيم التحالف، إلى تنظيم ما بعد التحالف، وما قبل الاندماج، ولإتاحة الفرصة أمام مكونات تحالف اليسار الديمقراطي، من أجل خلق جسور للتواصل العميق: إيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، في أفق بلورة التصور الإيديولوجي المشترك، والتصور التنظيمي المشترك، والتصور السياسي المشترك، إلى جانب بلورة رؤى متقدمة للتحالف، حول القضايا الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وطنيا، وإقليميا، ودوليا، حتى يصير ما هو مشترك أساسا، ومنطلقا للوصول إلى مرحلة الاندماج، التي لا بد أن ينبثق عنها حزب اشتراكي كبير، منفتح على كل التوجهات الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، ومتفاعل معها، إلى درجة التحالف، في إطار خاضع لنفس المنهجية، الهادفة إلى تحقيق نفس التطور. وهكذا... إلى أن يتحول الحزب الاشتراكي الكبير، إلى حزب اشتراكي أكبر.

 

والمنهجية التي ينهجها التحالف، في أفق الاندماج، يجب أن تهدف إلى:

 

1) تحقيق الوحدة الإيديولوجية، من خلال فتح حوار إيديولوجي عميق، بين مكونات تحالف اليسار الديمقراطي، من أجل معرفة الأطروحات الأيديولوجية لكل مكون، والبحث في تلك الأطروحات، على مستوى المرجعية، وعلى مستوى الرؤيا الأيديولوجية، وعلى مستوى التعبير الأيديولوجي عن مصالح طبقة معينة.

 

ونحن لا نشك، أبدا، أن مرجعيات مكونات التحالف، لا يمكن أن تكون إلا أدبيات الاشتراكية العلمية، بقوانينها المتمثلة في المادية الجدلية، والمادية التاريخية، وفي تطور تلك القوانين، وفي استيعابها لتحولات الواقع، وفي قدرتها على إكساب المتفاعل معها وعيا متقدما، يرقى إلى المستوى العلمي، الذي يجعله يدرك أهمية امتلاك تصور علمي لمصالح مجموع الطبقات الاجتماعية، ولطبيعة الصراع بين الطبقات، في مستوياته الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والأيديولوجية، والسياسية، وللأدوات المعتمدة في قيادة ذلك الصراع، وللمطالب المرحلية، التي تطرحها التنظيمات السياسية، لتقليص حدة الاستغلال، الذي يعاني منه المقهورون في المجتمع المغربي، وللمطالب، والأهداف الإستراتيجية، التي يتحقق، بتحقيقها، القضاء على الاستغلال الممارس في الواقع، وفي مختلف تجلياته، في أفق تحقيق كرامة الانسان، في إطار تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.

 

واعتماد أدبيات الاشتراكية العلمية منطلقا لصياغة إيديولوجية حزبية معينة، يدلل الصعاب، ويسهل أمر إيجاد القواسم المشتركة، بين مكونات التحالف الديمقراطي، وصولا إلى صياغة إيديولوجية مشتركة، تصير أساسا للانطلاق في اتجاه امتلاك التصور المشترك للتنظيم، الذي تندمج مكونات التحالف في إطاره، نظرا للعلاقة القائمة بين الإيديولوجية، والتنظيم. فبدون الإيديولوجية، لا يكون تنظيم، وبدون التنظيم، لا تكون الأيديولوجية فاعلة، ومتطورة، وبدون تفاعل التنظيم مع الأيديولوجية في واقع معين، لا ينبثق وعي اقتصادي، واجتماعي، وثقافي، وسياسي، في الواقع الذي يتحرك فيه التنظيم، ولا يتوسع التنظيم إلى ما لا نهاية، ولا يتطور، ولا يتوسع، ولا ينبثق عن مؤسساته رؤى تنظيمية متقدمة، وواسعة، حول مختلف القضايا الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي يعرفها المجتمع.

 

ولذلك، فاهتمام مكونات التحالف بضرورة إيجاد قواسم إيديولوجية مشتركة فيما بينها، وإلزام كافة مناضلي هذه المكونات باستيعابها، من القيادة، إلى آخر ملتحق بها في القاعدة؛ لأن ذلك من شأنه أن يقرب بين مناضلي حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، ومناضلي الحزب الاشتراكي الموحد، ومناضلي حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي. وعملية التقريب، تلك، سوف تجعل التحالف، في حالة اندماجه، يزداد توحدا، ويزداد انضباطا للتنظيم، الذي لا بد أن يكون محكوما بمبادئ الاشتراكية العلمية، وبنظامه الأساسي، والداخلي، وبتقارير مؤتمراته، وبقراراته، وأجهزته التقريرية، والتنفيذية، وبالمساهمة، انطلاقا من كل ذلك، في الحياة النضالية الميدانية، الساعية إلى تحقيق الأهداف المنسجمة مع أهداف التحالف المرحلية، والإستراتيجية.

 

وبتحقيق عملية الانسجام، والتواصل، بين المناضلين المنتمين إلى مكونات التحالف الديمقراطي الثلاثة، تتبين أهمية الأساس الإيديولوجي، لبناء الحزب الاشتراكي الكبير، الذي لا بد أن يقود إلى إيجاد تصور تنظيمي مندمج، تذوب في إطاره الانتماءات السابقة، التي تتحول إلى انتماء واحد، هو الانتماء إلى تنظيم الحزب الاشتراكي الكبير، المنفرز عير صيرورة من العمل المشترك بين المكونات الثلاثة، سعيا إلى بناء أداة صلبة، وقوية، ومتفاعلة مع الواقع، ومتطورة به، وفاعلة فيه، ومتوسعة في امتداده، وعاملة على تغييره، بارتباط مع كادحيه، وطليعتهم الطبقة العاملة، من أجل نفي كل الأمراض الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تنخر كيان مجتمعنا، وتعرقل تطوره، في أفق تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، كأهداف كبرى.

 

وما قلناه في الأيديولوجية، يمكن أن نقوله، كذلك، في التنظيم المشترك، الذي تذوب في إطاره مكونات تحالف اليسار الديمقراطي.

 

فما نحن متأكدون منه الآن، أن لكل مكون تصوره التنظيمي، وان التصورات التنظيمية الثلاثة، لا بد أن تكون مختلفة، اختلافا قد يرتفع في بعض فقرات التصورات الثلاثة، إلى درجة التناقض. وهو ما يقتضي من مكونات تحالف اليسار الديمقراطي، إخضاع التصورات التنظيمية، في أبعادها التاريخية، والواقعية، والمستقبلية، للنقاش العميق، سواء تعلق الأمر بتصور حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، أو بتصور الحزب الاشتراكي الموحد، أو بتصور حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وصولا إلى خلاصات حول التصور التنظيمي المشترك، المنسجم مع القواسم الأيديولوجية المشتركة، والمنفتح على التصورات التنظيمية للأحزاب الديمقراطية، والتنظيمية الأخرى، التي قد تنخرط في تحالف اليسار الديمقراطي، وقد تقبل بتطوير التحالف في اتجاه الاندماج.

 

ومعلوم أن كل شيء يتطور في هذا الكون، وأن التطور لا يأخذ دلالته الحقيقية إلا بالاتجاه إلى الأرقى. وتطور أحزاب تحالف اليسار الديمقراطي، لا يأخذ دلالته إلا في إطار التحالف، الذي لا يأخذ بدوره دلالته إلا بالعمل من اجل الوصول إلى مرحلة الاندماج.

 

والتنظيم الذي تندمج في إطاره مكونات تحالف اليسار الديمقراطي، يجب أن يكون قادرا على استيعاب جميع مكونات التحالف، وإطارا للذوبان الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي.

 

والذوبان لا يتم في الإطار، إلا إذا كانت العلاقة القائمة بين التنظيم، والأيديولوجية من جهة، والتنظيم، والسياسة من جهة أخرى، علاقة جدلية؛ لأن هذه العلاقة، هي وحدها، التي يمكن أن تنتج الانسجام بين الإيديولوجية، والتنظيم، والسياسة، وبين مكونات تحالف اليسار الديمقراطي في نفس الوقت، الذي تذوب بفعل الانسجام في إطار تنظيم تحالف اليسار الديمقراطي المندمج، الذي قد يأخذ اسما آخر، غير اسم تحالف اليسار الديمقراطي، المستوحى من مفهوم الحزب الاشتراكي الكبير.

 

والتصور التنظيمي المشترك، الذي يشكل قاسما مشتركا بين مكونات تحالف اليسار الديمقراطي، لا يمكن أن يكون كذلك، إذا لم يتحول إلى إطار للذوبان. وكلمة الذوبان، لا تعني إلا شيئا واحدا، وهو القطع مع الشكل التنظيمي السابق، الخاص بمكون معين، والانخراط الصادق، والعميق، في الشكل التنظيمي للحزب الجديد، المنبثق عن مكونات تحالف اليسار الديمقراطي؛ لأنه إذا لم يقع القطع مع الماضي التنظيمي، يبقى التنظيم الجديد مرشحا للعودة إلى ما قبل التحالف. وهو ما يعني انه لا جدوى من العمل على الاندماج في تنظيم واحد، ما لم يكن هذا التنظيم محصنا إيديولوجيا، وسياسيا، وتنظيميا، ضد العودة إلى ما قبل تنظيم تحالف اليسار الديمقراطي.

 

وقد رأينا ان من عوامل هذا التحصين، إيجاد قواسم إيديولوجية مشتركة، وقواسم تنظيمية مشتركة.

 

وهذان العاملان المشار إليهما، يجب أن يضاف إليهما عامل القطع مع الفصائلية داخل التنظيم الواحد؛ لأن الفصائلية هي المفرخة المنتجة للحلقية المخربة للتنظيم، أيا كان هذا التنظيم، ما لم يستمد قوته من أساسه الأيديولوجي، وأساسه التنظيمي، وأساسه السياسي، ولا شيء غير ذلك.

 

ولذلك، لا بد من القطع مع الفصائلية، قبل الإقدام على الاندماج، في تصور تنظيمي يضمن احترام الآراء المختلفة، ويحرص على أن يحضر جميع المنتمين إلى المكونات التي تصير سابقة، بعد وجود تنظيم تندمج فيه تلك المكونات، في الخلاصات المتوصل إليها، والتي تعتمد لاتخاذ قرارات تنظيمية، وبرنامجية: اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، بالإضافة إلى اتخاذ مواقف سياسية، للتنظيم الجديد، تجاه القضايا المختلفة، المتفاعلة في المجتمع.

 

وفي نظرنا، فإن التنظيم الذي تندمج في إطاره مكونات التحالف، لا بد أن يراعي:

 

1) خضوع الأقلية للأغلبية في القرارات التي لا يحصل فيها الإجماع، الذي لا يمكن أن يصير شرطا في اتخاذ القرارات. وإلا، فإن الشرط سوف يتحول إلى عرقلة الحزب الاشتراكي الكبير.

 

2) احترام آراء المنتمين إلى نفس التنظيم القاعدي، أو القيادي: محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، لأن عدم احترام الآراء، وإقصاءها، هو الذي سوف يقود إلى تفشي الحلقية. والحلقية هي التي سوف تستعيد الفصائلية، الفصائلية هي المدخل للعودة إلى ما قبل الاندماج.

 

3) احترام الديمقراطية الداخلية في البناء التنظيمي، وفي انتخاب الأجهزة، وفي اتخاذ القرارات؛ لأنه بدون احترام الديمقراطية الداخلية، لا يمكن لتنظيم الحزب الاشتراكي الكبير أن يستمر.

 

4) تفعيل مبدأ المركزية الديمقراطية، كمبدأ يأخذ به التنظيم اليساري، لكونه يساعد على تجاوز الكثير من المشاكل التنظيمية، بإشراكه لجميع مناضلي التنظيم اليساري، في مناقشة القضايا المطروحة، وتقديم المقترحات، التي تعتمد في بلورة قرارات معينة ذات طابع محلي، أو إقليمي، أو جهوي، أو وطني، يصير ملزما لجميع المنتمين إلى تنظيم الحزب الاشتراكي الكبير، تحت إشراف الأجهزة التنفيذية لهذا التنظيم.

 

5) تفعيل مبدأ المحاسبة الفردية، والجماعية، الهادف إلى تتبع تنفيذ انجاز المهام، التي يتكلف بها الأفراد، أو تتكلف بها الهيئات، في أفق الحرص على تفعيل القرارات الحزبية، التي يتخذها الحزب في مختلف مستوياته التنظيمية.

 

6) تفعيل مبدأ النقد، والنقد الذاتي، بالنسبة للأفراد، أو الهيئات، بعد القيام بأفعال تسيء إلى التنظيم، وخارج المبادرات الفردية، والجماعية، التي تخدم التنظيم، وبعيدا عن القرارات التنظيمية للحزب الاشتراكي الكبير، من أجل حماية التنظيم المذكور، من كل ما قد يؤدي به إلى التفتيت، والتشرذم، وتفشي الحلقية قبل العودة إلى ما قبل التحالف، لتصير تنظيمات التحالف تنظيمات منغلقة على نفسها، وضعيفة، لا تقوى عل الفعل في الواقع.

 

7) جعل أدبيات الحزب الاشتراكي الكبير في متناول جميع مناضلي الحزب، مهما كان مستواهم التنظيمي، ماداموا منظمين، ويتوفرون على بطاقة الانتماء، ويساهمون في النقاش، ويؤدون الاشتراكات، ويفعلون القرارات الحزبية، ويلتزمون بالتوجيه الحزبي، إذا كانوا عاملين في الإطارات الجماهيرية، ويساهمون في الحياة السياسية العامة، التي يشارك فيها الحزب، ويعملون على تحقيق أهداف الحزب المرحلية، والإستراتيجية.

 

فالأدبيات التي ينتجها الحزب الاشتراكي الكبير، الذي تندمج فيه مكونات تحالف اليسار الديمقراطي، تعتبر مرجعا فكريا، وموجها للممارسة، ومنطلقا للتكوين الذاتي، والجماعي، وإطارا للتفاعل مع الواقع: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل تطويره، وسعيا إلى تطوير تلك الأدبيات نفسها، حتى تستجيب لمتطلبات الواقع، وحتى تصير قادرة على توجيه الصراع، القائم في الواقع، توجيها سليما، في أفق تحقيق الأهداف المرحلية، والإستراتيجية للحزب الاشتراكي الكبير، الذي لا نشك في أن أهدافه المرحلية، لا بد أن تكون في خدمة الأهداف الإستراتيجية، وأن أهدافه الإستراتيجية، لا يمكن أن تكون إلا بالعمل على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.

 

8) الالتزام بتفعيل التنظيمات التنفيذية، والتقريرية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية؛ لأنه بدون تفعيل التنظيمات الكبيرة، يبقى تنظيم الحزب الاشتراكي الكبير جامدا، لا ينمو، ولا يتطور، ولا يمتد في الأفق؛ لأن قراراته، ومواقفه السياسية، تبقى رهينة بمدى قدرة التنظيم على إشاعتها في المجتمع المغربي.

 

فإذا كانت التنظيمات الحزبية مفعلة، فإن القرارات الحزبية، والمواقف السياسية للحزب، تشيع من خلال العروض، والندوات، والمهرجانات، ومن خلال توزيع البيانات، والبلاغات، ومن خلال الإعلام المرئي، والمسموع، والمقروء، والالكتروني، وعن طريق شعور كل مناضل حزبي بمسؤوليته تجاه الحزب الاشتراكي الكبير؛ لأن الحزب لا يتحمل مسؤوليته التاريخية، إلا تحمل مناضليه لمسؤوليتهم.

 

وتفعيل تنظيمات الحزب الاشتراكي الكبير، الذي سوف ينبثق عن أحزاب تحالف اليسار الديمقراطي، لا يتم إلا من خلال اعتماد آليات محددة:

 

ا ـ تتبع الأجهزة العليا لممارسة الأجهزة الدنيا، من خلال التقارير التي تتوصل بها، ومن خلال القيام بزيارتها في الميدان، ومن خلال تكليفها بانجاز مهام معينة، ومن خلال حضورها في الأجهزة التقريرية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، حتى يحصل التفاعل الضروري في أي تنظيم، وكيفما كان هذا التنظيم، وخاصة في التنظيم القائم على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، والاقتناع بطليعية الطبقة العاملة، المستهدفة بالاستغلال المادي، والمعنوي، بين القيادة، والقاعدة.

 

ب ـ إلزام الأجهزة الدنيا، برفع تقارير إلى الأجهزة الأعلى، والتزام الأجهزة العليا بتبليغ كل ما يصدر عنها إلى الأجهزة الدنيا، لتحقيق التواصل التنظيمي اللازم، لتحقيق وحدة الحزب: الأيديولوجية، والتنظيمية، والسياسية، التي يمكن اعتبارها ضرورية لقوة، واستمرار الحزب الاشتراكي الكبير.

 

ج ـ إيجاد إعلام يومي، مرئي، أو مسموع، أو مقروء، آو الكتروني، لتحقيق الأهداف الآتية:

 

الهدف الأول: الاستجابة لحاجة مناضلي الحزب، إلى إيجاد إعلام حزبي، يربط الحزب بالجماهير المعنية بالنضال، من أجل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.

 

والهدف الثاني: إمداد الجماهير الشعبية الواسعة بوجهة نظر الحزب، في مختلف القضايا: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، ومن أجل أن تتفاعل معها الجماهير المذكورة، التي قد يقتنع بعضها بها.

 

والهدف الثالث: إيجاد استعداد كبير في صفوف الجماهير الشعبية بالخصوص، من أجل التفاعل مع القرارات الحزبية، والاستجابة لها في شروط معينة.

 

والهدف الرابع: إيجاد إمكانية للتوسع الحزبي، وإيجاد مواقع جديدة للحزب الاشتراكي الكبير، على مستوى مواقع الخريطة الوطنية، التي ليس فيها تواجد للتنظيم، أو المنتمين إليه.

 

د ـ إبداع آليات للتواصل مع الجماهير الشعبية الكادحة، المعنية بخطاب الحزب الاشتراكي الكبير. ومن تلك الآليات نجد:

 

أولا: فتح مقرات الحزب أمام الجماهير، من أجل تلقي الشكاوي الجماهيرية، و القيام بالإجراءات الضرورية، فيما يخص تلك الشكاوى، سواء تعلق الأمر بالجهات المسؤولة، أو بنشرها على المستوى الإعلامي المتوفر للحزب، سواء كان مرئيا، أو مسموعا، أو مقروءا، أو الكترونيا، حتى يعرف الجميع بتلك الشكاوى، وحتى يصير ذلك وسيلة للضغط، في أفق إيجاد حلول لتلك المشاكل.

 

ثانيا: وضع استبيانات مختلفة والعمل على ملئها من قبل عينات معينة من المجتمع المغربي، من أجل إيجاد وسيلة لقياس الرأي العام، ومن أجل معرفة رأيهم ومواقفهم من قضايا معينة، والوصول إلى نتائج تصلح للاعتماد من قبل الحزب الاشتراكي الكبير، حتى يتأتى للحزب الاشتراكي الكبير، أن يعبر فعلا عن رأي الجماهير الشعبية على مستوى كل جهة، وعلى المستوى الوطني.

 

ثالثا: استحضار الاهتمامات الجماهيرية المنسجمة مع التوجه الحزبي، في الإعلام الحزبي، وفي المواقف، والقرارات الحزبية، وعلى جميع المستويات التنظيمية، سعيا إلى جعل تلك الاهتمامات حاضرة في الحزب، وعلى أوسع نطاق.

 

رابعا: اعتبار الاهتمامات الجماهيرية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، موضوع البلاغات، والبيانات الصادرة عن الهيئات الحزبية في مستوياتها المختلفة.

 

ه ـ عقد اجتماعات مسؤولة مع الفئات الاجتماعية المتضررة، إما مباشرة، أو من خلال الجمعيات، أو النقابات التي تمثلهم، من أجل إشراكهم في بلورة القرار الحزبي، الذي يصير لصالحهم، والذي يكون موضوعا للنضال إلى جانبهم، سعيا إلى التعبير الحزبي عن:

 

أولا: الإخلاص للجماهير في جميع القطاعات، وعلى المستوى العام، ومن أجل أن يتحول الحزب الاشتراكي الكبير إلى حزب جماهيري.

 

ثانيا: إرادة الجماهير، من خلال الممارسة اليومية، ومن خلال مواقفه، وقراراته، حول مختلف القضايا الجماهيرية المطروحة في الميدان، ومن خلال النضالات التي يقودها الحزب، ومن خلال الأهداف المرحلية، والإستراتيجية، التي يسعى الحزب الاشتراكي الكبير إلى تحقيقها.

 

وكلامنا عن التنظيم الحزبي المنسجم مع القواسم الأيديولوجية المشتركة، هو الإطار، والمقدمة للكلام عن المواقف، والقرارات السياسية للحزب الاشتراكي الكبير.

 

فلا يمكن أن تكون للحزب الاشتراكي الكبير قرارات ومواقف سياسية متطورة، ما لم يكن الحزب يساريا، وما لم يكن يسعى إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية، وما لم يكن تحليله، للواقع، في تجلياته المختلفة، قائما على أساس التحليل الملموس، للواقع الملموس، موظفا، في سبيل ذلك، القوانين العلمية الدقيقة: قوانين المادية الجدلية، والمادية التاريخية، وصولا إلى المعرفة العلمية بالواقع، حتى يمتلك القدرة على بناء نظريته المنسجمة مع مرجعيته الاشتراكية العلمية، ومع إيديولوجيته، ومع طبيعة تنظيمه، ومع مواقفه السياسية، ومع الأهداف المرحلية، والإستراتيجية، التي يسعى إلى تحقيقها.

 

وانطلاقا من هذا التصور المشار إليه، فإن الحزب الاشتراكي الكبير، يهدف إلى بناء مواقف سياسية دقيقة، ومعبرة عن الواقع، وعن إرادة المعنيين بتلك المواقف، نظرا لكون الحزب الاشتراكي الكبير، كمشروع، لا يمكن أن يكون كذلك، إذا لم يتوفر على القدرة على امتلاك المعرفة العلمية بالواقع، حتى تصير تلك المعرفة العلمية منطلقا لاتخاذ قرارات، ومواقف سياسية، تستجيب لإرادة الجماهير الشعبية، ولطموحات الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة.

 

ويشترط في الموقف السياسي، وفي القرار السياسي الصادر عن الحزب الاشتراكي الكبير، الذي سوف ينبثق عن مكونات تحالف اليسار الديمقراطي في مرحلة الاندماج، أن يراعي فيهما:

 

1) أن تكون مرجعيتهما اشتراكية علمية، حتى لا تنفلتا إلى مرجعية غير علمية، لقطع الطريق أمام إمكانية تسرب المرجعيات الأخرى إلى صفوف المناضلين في الحزب الاشتراكي الكبير، لتجعل منه حزبا متعدد المرجعيات، التي يبنى عليها الموقف السياسي، والقرار السياسي.

 

2) أن ينسجما مع القواسم الأيديولوجية المشتركة، التي يبنى على أساسها تنظيم الحزب الاشتراكي الكبير، باعتباره تشكيلا للقواسم الأيديولوجية المشتركة، من منطلق  أن القواسم الأيديولوجية المشتركة، هي التعبير الأيديولوجي عن مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى لا تنسجم المواقف السياسية، والقرارات السياسية، مع توجهات إيديولوجية أخرى، لا علاقة لها بالقواسم الأيديولوجية المشتركة بين مكونات تحالف اليسار الديمقراطي، كأيديولوجية للحزب الاشتراكي الكبير.

 

3) أن ينسجما مع طبيعة تنظيم الحزب الاشتراكي الكبير، باعتباره حزبا للعمال، وباقي الأجراء، وباعتباره يسعى إلى تغيير الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، لصالح عموم الكادحين، ويعمل على محاربة مظاهر الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، من أجل مجتمع بلا فساد، ويناضل من أجل تحقيق تمتيع الانسان بكافة حقوقه: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، ويناضل انطلاقا من برنامجه المرحلي، في أفق تحقيق البرنامج الاستراتيجي، المتمثل في تحقيق الحرية، والديمقراطية، والاشتراكية.

 

4) أن يعبر عن إرادة الكادحين، وطليعتهم الطبقة العاملة، المستهدفين بنضال الحزب الاشتراكي الكبير، والذي، بدون النضال من أجل رفع الحيف عنهم، لا داعي لوجود تحالف اليسار الديمقراطي، وما قد ينفرز عنه من حزب اشتراكي كبير؛ لأن المواقف، والقرارات السياسية، عندما لا تعبر عن إرادة الكادحين، لا يمكن أن تكون مواقف، وقرارات الحزب الاشتراكي الكبير.

 

5 ـ أن تصير وسيلة لربط الحزب الاشتراكي الكبير، في حال تحققه بأوسع الجماهير الشعبية الكادحة، التي يتحول الحزب الاشتراكي الكبير،   إلى قائد لنضالاتها، في أفق تحسين أوضاعها المادية، والمعنوية، وفي أفق  القضاء على كل أشكال الاستغلال المادي، والمعنوي، والشروع في بناء الدولة الاشتراكية، باعتبارها دولة ديمقراطية، علمانية، ودولة وطنية، ودولة للحق والقانون، ودولة للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وعلى أساس دستور شعبي ديمقراطي يضمن سيادة الشعب، ويجعل منه مصدرا لجميع السلطات، ويمكنه من تقرير مصيره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، بما يخدم مصلحته في تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، التي لا يمكن أن تتحقق إلا في إطار الدولة الاشتراكية، والمجتمع الاشتراكي.

 

6) أن تكون المواقف، والقرارات السياسية، متفاعلة مع واقع الشعب المغربي، في تجلياته: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وفاعلة فيه وعاملة على توجيه حركته، في اتجاه صيرورته في خدمة مصالح الكادحين على المستوى القريب والمتوسط والبعيد، حتى تصير مواقف وقرارات الحزب الاشتراكي الكبير، قبلة لجميع أفراد المجتمع، وللمنظمات الجماهيرية: النقابية، والحقوقية، والثقافية، وغيرها من أجل أن تستعين بها، لتطوير مواقفها، في مجالات عملها.

 

7) أن تكون المواقف، والقرارات السياسية للحزب الاشتراكي الكبير، متناقضة مع مواقف الدولة الرأسمالية المخزنية،التابعة، اللا ديمقراطية، واللا شعبية، حتى تعتمد في خوض الصراع السياسي، ضد مواقف الدولة السياسية، ومواقف أحزابها، والأحزاب المؤيدة لها. ذلك الصراع الذي ينخرط فيه معظم كادحي الشعب المغربي، وطليعتهم الطبقة العاملة، من أجل قلب ميزان القوي لصالح الكادحين على المستوى السياسي على الأقل، لإتاحة الفرصة أمام إمكانية قلب ميزان القوي لصالح الكادحين على باقي المستويات.

 

8) أن لا يصير في مواقف، وقرارات الحزب الاشتراكي الكبير تناقض معين، مع مواقف الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، من خارج مكونات تحالف اليسار الديمقراطي؛ لأن ذلك التناقض، إذا تجاوز أن يكون تناقضا ديمقراطيا، فإنه سيدخل الحزب الاشتراكي الكبير في صراع مع الأحزاب المذكورة، في الوقت الذي يفترض فيه الانفتاح عليها، من أجل التحالف معها، سعيا إلى جعلها جزءا لا يتجزأ من الحزب الاشتراكي الكبير، الذي يصير حزبا لجميع الديمقراطيين، وجميع التقدميين، وجميع اليساريين، وجميع العماليين، من أجل أن يصير سائدا في المجتمع، وقويا على مواجهة التحديات الصعبة، وقائدا محنكا للصراع، من أجل تحقيق الأهداف المرحلية، والإستراتيجية.

 

وهكذا نكون قد أتينا على تناول الأسس الثلاثة، التي يقوم عليها الحزب الاشتراكي الكبير، والتي يجب أن تحضر في مناقشات الهيئة التنفيذية لتحالف اليسار الديمقراطي، وفي مداولاته، وفي مداولات اجتماعات المكاتب السياسية، وفي الندوات الموسعة، وفي اجتماعات لجن تحالف اليسار الديمقراطي: المحلية، والإقليمية، والجهوية، وفي كل الجن المتفرعة عنها، حتى يساهم الجميع في بلورة التصور الأيديولوجي، والتنظيمي، والسياسي، كل من موقعه الحزبي، ومن إطار تحالف اليسار الديمقراطي، الذي ينتمي إليه، وصولا إلى بناء حزب اشتراكي كبير، يذوب في إطاره الشعور بالانتماء إلى التنظيمات السابقة،  ويصير ما يجمع بين مناضلي الحزب الاشتراكي الكبير، هو الأيديولوجية القائمة على أساس الاقتناع بالمرجعية الاشتراكية، وبالشكل التنظيمي المتناسب معها، وبالمواقف، والقرارات السياسية المنسجمة مع إيديولوجية الحزب، ومع شكله التنظيمي.

 

وإذا كان سعي تحالف اليسار الديمقراطي، إلى بناء الحزب الاشتراكي الكبير، ينسجم مع المرحلة التي تفرض قيام هذا الحزب، لتجاوز تفتت اليسار، وضعفه، فإن وجود هذا الحزب، في حد ذاته، هو قوة للجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، وقوة لليسار، وقوة كذلك للتحولات الايجابية، التي يعرفها المجتمع المغربي، التي من بين إفرازاتها الإيجابية، والتي قام في إطارها شباب تحالف اليسار بصفة عامة، وتحالف اليسار الديمقراطي بصفة خاصة، بالمساهمة في حركة 20 فبراير، التي تناضل، وبكل صدق، من أجل مغرب جديد، مغرب الحرية، ومغرب الديمقراطية، ومغرب العدالة الاجتماعية، الذي لا وجود فيه لشيء اسمه الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، والذي تحضر في ميادينه، وفي قوانينه، وفي دولته، وفي قضائه، وفي أجهزته التنفيذية، كرامة الانسان بالدرجة الأولى، وباعتبارها قيمة القيم الإنسانية الأولى، التي تدفع المغاربة إلى الخروج إلى الشارع، من أجل فرض احترامها على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، حتى يصير الشعب المغربي سيد نفسه، ومتمكنا من تقرير مصيره بنفسه، وعلى جميع المستويات.

 

فهل تدرك أحزاب اليسار الديمقراطي أهمية إيجاد قواسم إيديولوجية مشتركة؟

 

هل تدرك أهمية الوصول إلى تصور تنظيمي مشترك؟

 

هل تدرك أهمية انسجام المواقف، والقرارات السياسية، مع الأيديولوجية، ومع الشكل التنظيمي المتناسب معها؟

 

هل تصير علاقة الحزب الاشتراكي الكبير مع الواقع، علاقة جدلية؟

 

هل يصير هذا الحزب منفتحا على كل الديمقراطيين، واليساريين، والتقدميين، والعماليين، وعلى الجماهير الشعبية الكادحة في المجتمع المغربي؟

 

هل تستجيب قرارات هذا الحزب إلى المجالات الاقتصادية، والاجتماعية،  والثقافية، واليسارية، إلى طموحات كادحي الشعب المغربي؟

 

هل يحارب الممارسة الانتهازية في صفوف مناضليه، ويقطع مع كل الممارسات التي تتناقض مع مبادئ الحزب، ومع الأهداف التي يسعى الحزب إلى تحقيقها على ارض الواقع؟

 

وهذه الأسئلة التي طرحناها، بقدر ما هي تأكيد على ضرورة أن يبني الحزب بناء سليما، ومتماسكا، ومن مناضلين أوفياء، يتنكرون لذواتهم، ويستميتون في نضالهم، ويتفانون من اجل تحقيق الأهداف المرحلية، والإستراتيجية للحزب، التي تنقل المجتمع المغربي من واقع مترد، ومتدهور، إلى واقع متقدم، ومتطور، تحضر في إطاره كرامة الإنسان بالدرجة الأولى.

 

ابن جرير في:08/04/2011

بقلم:محمد الحنفي

 

 

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.