اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الحزب الثوري : أسسه – مبادئه - سمات برنامجه - حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي كنموذج - صفحة 3

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

3) الوقوف في وجه النظام الإمبريالي العالمي :

 

أ- اقتصاديا : عن طريق بناء الاقتصاد الاشتراكي بناء سليما مسايرا لتطور المجتمع الاشتراكي من جهة، و لتطور الهيمنة الإمبريالية على العالم من جهة أخرى.

 

ب- سياسيا : عن طريق إيجاد مؤسسات ديمقراطية صحيحة تمثل مختلف فئات الشعب الكادح تمثيلا حقيقيا.

 

ج- ثقافيا : عن طريق إيجاد ثقافة تتفاعل فيها مختلف الرؤى و التصورات حتى يساهم الجميع في عملية الإثراء دون أن يلجأ الحزب إلى فرض وجهة نظر طبقية أو فكرية على المثقفين، بل عليه أن يحمي التعدد الثقافي و أن يعمل على إيجاد ثقافة اشتراكية ديمقراطية، مستفيدا من مختلف العطاءات الثقافية ذات الطابع الإنساني، و كاشفة عن الجوانب السلبية للثقافة الرأسمالية المبتذلة، و للثقافات التلفيقية التضليلية التي تنتجها الشرائح البورجوازية الصغرى لعرقلة تطور الثقافة العمالية بقصد إعاقتها عن الارتقاء إلى مستوى مواجهة الثقافة الرأسمالية.

 

د- عسكريا : عن طريق بناء الأدوات و التكنولوجيا العسكرية، و بناء جيش في مستوى التصدي لجيوش النظام الإمبريالي العالمي لحماية البناء الاشتراكي، و الدفاع عن قلاع الاشتراكية في العالم. لكن قبل الوصول إلى تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي بسماته هذه لابد من تحقيق برنامج أو أهداف مرحلية تتسم بالسمات الآتية :

 

1) أن تكون هذه البرامج و تلك الأهداف قابلة للتحقيق، أي مبنية على دراسة علمية ملموسة للواقع الملموس كما يقول الشهيد عمر بنجلون، لأنه بدون تلك الدراسة سوف توضع البرامج اعتمادا على الخيال، أو اعتمادا على قراءة الطبقة الحاكمة للواقع كما تفعل أحزاب البورجوازية الصغرى. و الحزب الذي لا يمتلك نظرية عن الواقع الذي يتحرك فيه يعجز عن وضع برنامج مرحلي قابل للتحقيق، و عجزه ذلك يقيم هوة سحيقة بينه و بين الجماهير الشعبية الكادحة التي لا تقتنع إلا بما هو ملموس، لأنها تكون منشدة للواقع اكثر من غيرها، ولأن تحقيق البرنامج على صعيد الواقع يكسب الحزب الثوري جماهيرية واسعة، و إمكانية التوسع و الاحتضان من قبل الجماهير.

 

2) أن يرتكز البرنامج المرحلي على اهتمامات، و قضايا الكادحين الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية، حتى يضمن إمكانية تحريضهم للقيام بنضالات مطلبية و سياسية في شروط يعمل الحزب على إنضاجها، و بدون التركيز على اهتمامات و قضايا الكادحين يكون قد انفصل عنهم، واخذ يطرح أمورا لا يفهمونها تكلفه الكثير من الجهود غير مضمونة النتائج إن لم تكن هذه النتائج سلبية تدخل الحزب في صراع مع الكادحين.

 

3) أن يراعي البرنامج المرحلي الشروط الذاتية للحزب، و الشروط الموضوعية التي يتحرك فيها محليا و قوميا و عالميا، لأنه بدون مراعاة تلك الشروط قد ينعكس البرنامج على الحزب سلبا، و يجعله منحصرا على نفسه متقوقعا داخل هياكله، و مراعاة الشروط تقتضي معرفة الذات، و معرفة الواقع بكل أبعاده، و بمختلف تجلياته لامتلاك القدرة على اختيار العمل المناسب للمكان المناسب، و في الزمن المناسب، و حتى يكون ذلك العمل مجديا للحزب و للجماهير الكادحة. و معرفة الواقع تقتضي المواكبة المستمرة لمختلف المستجدات التي تستدعي الإحاطة بها، و إدراك شروط إنتاجها، و معرفة سبل التحكم فيها.

 

4) أن يكون البرنامج المرحلي مرشدا لعمل المناضلين الحزبيين في مختلف المنظمات الجماهيرية النقابية، و الثقافية و الحقوقية، أي أن يجد فيها كل مناضل ما يوجه عمله.

 

5) أن يكتسي البرنامج صفة الشمولية في التعامل مع الواقع، و أن لا يكتفي بالجزئيات الموكولة للمنظمات الجماهيرية.

 

6) أن يكون أرضية لإشاعة الأيديولوجية الاشتراكية العلمية في المجتمع و خاصة في صفوف الشباب، لأنهم اكثر استعدادا لاستيعابه و العمل على تحقيقه.

 

7) أن يحمل بين طياته خطابا تحريضيا، لأنه بدون ذلك الخطاب التحريضي سوف لا تستجيب الجماهير لشعارات الحزب و برامجه.

 

8) أن يعكس رغبة الجماهير في تغيير الواقع حتى تجد فيه ذاتها و إرادتها مما يساعد على استجابتها.

 

9) أن يصب البرنامج في اتجاه إنضاج الشروط لتحقيق البرنامج الاستراتيجي.

 

10) أن يربط بين تحرير الإنسان، و تحقيق الديمقراطية في المجتمع، و السعي إلى تحقيق الاشتراكية.

 

11) أن يكشف عن الممارسات الاستغلالية للطبقة الحاكمة، و أن يعري الممارسات الانتهازية لأحزاب البورجوازية الصغرى.

 

12) أن يطرح البديل الذي يختاره الحزب اقتصاديا و اجتماعيا و سياسيا.

 

13) أن يجعل الجماهير الكادحة تلتف حوله.

 

14) أن يكون قابلا للتفاعل مع ما هو إيجابي في الساحة السياسية، و أن يستقطب حوله الأحزاب و المنظمات التقدمية مما يجعل منه أرضية لقيام جبهة وطنية للنضال من اجل الديمقراطية، لأن الحزب الثوري ليس وحده في الساحة.

 

15) أن يكون البرنامج في مستوى قيادة الحزب لنضالات الجبهة الوطنية للنضال من اجل الديمقراطية.

 

16) أن يكون معبرا عن تراكمات نضالات حركة التحرر الوطني محليا و قوميا و عالميا.

 

17) أن يكون أساسا لحصول تراكمات نضالية في المستقبل.

 

18) أن يكون منطلقا لانجاز مقالات و عروض تحليلية راهنة تساهم في توضيحه للجماهير الكادحة.

 

هذه فقط بعض سمات الهدف الاستراتيجي و الأهداف المرحلية التي تساعدنا على استيعاب مضمون برنامج الحزب الثوري الذي يتميز عن الأحزاب أولا و أخيرا بنوعية مناضليه الذين يتصفون بالتواضع و الاستعداد للبذل و التضحية و العطاء الذي لا ينضب معينه، هؤلاء المناضلون الذين يذوبون في الحزب و يتشخص فيهم الحزب، منكرين لكل ما هو ذاتي باعتباره من أسباب عدد من الانحرافات التي تلحق حركة التحرر الوطني، فتعرقل سيرها في مرحلة معينة، لأنها تشغل المناضلين بها أو بالتصدي لها. و المناضلون الثوريون هم الذين يعملون على بناء الحزب الثوري، لأنه يستحيل أن يكون الحزب ثوريا بمناضلين يقدمون مختلف التنازلات للطبقة الحاكمة و يساومون على المبادئ بدعوى المحافظة على الذات، و تجنب الخسارة "التي لا تعوض" و كأن المنطق الذي يحكمهم هو منطق الربح و الخسارة الذي لا يتناوله إلا ممارسو التجارة و خاصة في مجال السياسة. إن الشهداء الذين يقدمهم الحزب الثوري لا يقدمهم اعتمادا على منطق الربح و الخسارة بقدر ما يقدمهم اعتمادا على منطق التضحية، و لولا تضحياتهم التي تبلغ مداها باستشهادهم  ما امتلك الحزب الثوري شرعية ثوريته في الساحة الجماهيرية، لأن الشهداء يصبحون رموزا للتضحية في الوقت الذي يصبح المساومون رموزا للانبطاح. و الفرق كبير بين أن يصير المناضل شهيدا، و بين أن يصير مساوما على آمال و آلام الجماهير الكادحة.

 

حزب الطليعة الديموقراطي الاشتراكي  كنموذج :

 

فهل يمكن أن نعتبر حزب الطليعة ثوريا ؟ و هل يمكن أن تتوفر فيه سمات الحزب الثوري ؟ إن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي باعتباره استمرارا لحركة التحرير الشعبية، و الحركة الاتحادية الأصيلة و باعتباره شكلا متقدما من أشكال تطور حركة التحرر الوطني، يسعى باستمرار، و من خلال تاريخه، و نضالاته المريرة و تضحيات مناضليه و شهدائه، تسجيل محطات نوعية تتناسب و التطور النوعي الذي يعرفه المجتمع المغربي، كما تتناسب و عملية الفرز الطبقي داخل الحركة الاتحادية. فمنذ 59 إلى 62 إلى 71 إلى 78 ثم 83 و حزب الطليعة يتطور في اتجاه الارقى، من حزب يضم جميع الطبقات، و يفتقد الوضوح الأيديولوجي، و يتخذ له تنظيما يعكس الوضعية الطبقية و الأيديولوجية داخله، إلى حزب يقوم بالممارسة النقدية لذاته، و لتاريخه، و لعلاقته بالمجتمع المغربي. هذه الممارسة التي تنتج لنا تلك التحولات  النوعية التي تعرف المقاومة لكل أشكال التحريف، و التضليل، كما تعرف في نفس الوقت مواقف رائدة تكلف الحزب الكثير من التضحيات الجسام خلال الستينيات و السبعينيات و الثمانينيات مقابل الحفاظ على هويته التي هي هوية حركة التحرير الشعبية في هذه البلاد. و منذ تكون الحركة الاتحادية و مناضلوه الأوفياء يسعون بكل إمكانياتهم التنظيمية و الأيديولوجية و السياسية لجعل الحزب حزبا ثوريا. إلا أن الشروط الموضوعية لقيام حزب ثوري كانت غير متوفرة، و على رأسها وجود طبقة عاملة كثيفة و واعية نظرا لطبيعة الاقتصاد المغربي إذ ذاك باعتباره اقتصادا زراعيا رعويا حرفيا، و تختفي فيه الصناعات الثقيلة التي توظف يدا عاملة  بشكل مكثف، و ما هو موجود من الصناعات لا يعدو أن يكون استخراجيا أو تحويليا، و الطبقة العاملة التي كانت موجودة إذ ذاك كانت مرتبطة بالبادية و ذات حمولة فكرية سلفية. لذلك كان على المناضلين أن ينضجوا الشروط أولا. فكان الاختيار الثوري للشهيد المهدي بنبركة، و المذكرة التنظيمية للشهيد عمر بنجلون و قرارات 30 يوليوز 1972 المؤدية إلى قطع الطريق على الجهاز البرصوي، و المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 الذي تبنى بشكل رسمي الاشتراكية العلمية التي أصبحت أيديولوجية الحزب مما ساهم إلى حد كبير في جعل المناضلين الحزبيين يتشبعون بالفكر الاشتراكي العلمي الذي اصبح يوظف في تحليل الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية للبلاد، و الذي اصبح كذلك منطلقا للتفكير في بناء الحركة الاتحادية بناء يتناسب و تبني الاشتراكية العلمية التي تعتبر في نفس الوقت أيديولوجية الكادحين و في مقدمتهم الطبقة العاملة. و هكذا يأتي تبني الحزب لهذه الأيديولوجية في شروط عرف فيها المجتمع المغربي تحولا من الإنتاج الزراعي إلى الإنتاج الصناعي و اتساع قطاع الخدمات، و رسملة قطاع الفلاحة، و تحديثه ليلبي حاجيات البورجوازية المغربية التابعة، إلى التراكم الرأسمالي، و الربح السريع، كما يأتي بعد الحسم مع الجهاز البيروقراطي، و العديد من الشرائح الطفيلية، و الإقطاعية ليدخل في صراع من نوع آخر مع شرائح البورجوازية الصغرى التي توظف جميع الإمكانيات البشرية و الأيديولوجية  التلفيقية لتحريف الحزب عن خطه الصحيح، فبرز إلى السطح شيئا فشيئا صراع بين خطين متناقضين : خط نضالي ديمقراطي و خط انتخابي. و قد ساد هذا الصراع أشغال المؤتمر الوطني الثالث الذي اصدر بيانا يشكل برنامجا مرحليا. و بعد ذلك بدأت الهوة تتسع بين الخطين : الخط الانتخابي الذي يمثله المكتب السياسي، و الخط النضالي الديمقراطي و يقوده أعضاء من اللجنة الإدارية. فبدأ التوقيف و الطرد من مختلف المستويات التنظيمية، و خاصة في صفوف الشبيبة، و بدأ المكتب السياسي يعرقل اجتماعات الأجهزة التقريرية، و يعطل تنفيذ مقررات المؤتمر الوطني الثالث. و في مارس 1982 يشرع المكتب السياسي في طرد أعضاء اللجنة الإدارية الممثلين للخط النضالي الديمقراطي، و أعضاء العديد من الكتابات الإقليمية ليتوج عمله باستقدام الشرطة للقبض على أعضاء اللجنة المركزية الشرعيين للحزب ليتم  بذلك الحسم مع الخط الانتخابي.

 

إن الخط النضالي الديمقراطي هو الذي انتصر في محطة 8 ماي 1983، و انتصاره يعني :

 

1) انتصار الاشتراكية العلمية التي هي أيديولوجية الطبقة العاملة.

 

2) انتصار الطبقة العاملة المغربية لأن الصراع داخل الاتحاد الاشتراكي افرز لها حزبها الذي يتبنى أيديولوجيتها.

 

3) انتصار التصور التنظيمي الثوري الذي يخضع لضوابط و قواعد معينة تحكم العلاقات بين المناضلين و تمنعهم من الانفلات و التسيب، و الحلقية من اجل خلق الوحدة التنظيمية المعبرة عن الوحدة الأيديولوجية.

 

4) انتصار الموقف السياسي الصحيح الذي اتخذ بناء على تحليل الحزب الملموس للواقع الملموس ضد المواقف المتذبذبة المتخاذلة  المبنية على المساومة و الحسابات المركنتيلية الضيقة، و ممارسة التضليل على الطبقة العاملة و كل الكادحين.

 

5) انتصار التطور الذي حاول الخط الانتخابي كبحه بواسطة التنظيم، و بذريعة الحفاظ على وحدة الحزب.

 

6)انتصار الديمقراطية الحزبية الداخلية في تفاعلها مع النضال من اجل الديمقراطية ككل.

 

7) انتصار الأمل في بناء حزب قادر على قيادة الصراع في مختلف مستوياته.

 

8) انتصار التاريخ الذي لا  يعترف إلا بالتقدم و التحول نحو الارقى.

 

فمحطة 8 ماي 1983 لم تأت باختيار المناضلين الأوفياء، بل جاءت نتيجة شروط ذاتية و موضوعية متفاعلة تفرض ضرورة وقوع فرز معين، في اتجاه معين. و لذلك لا نشاطر رأي من يقول أن محطة 8 ماي ماهي إلا محطة مفتعلة أريد بها ضرب الحزب و تقسيمه و شرذمته مما لا يفيد الا الطبقة الحاكمة، بل نذهب إلى أن هذه المحطة أعطت دفعة قوية لحركة التحرر الوطني على صعيد المغرب، و على صعيد حركة التحرر الوطني العربية و العالمية، و هذا ما تؤكده مختلف المحطات النضالية رغم الحصار المضروب على حزبنا من قبل الأحزاب التي تدعي الوطنية و الاشتراكية، كما تؤكده الوتيرة التي يسير عليها التنظيم منذ 8 ماي 1983 و إلى يومنا هذا سواء على مستوى الهيكلة المحلية و الإقليمية و الوطنية، أو على مستوى البناء الأيديولوجي، و التحليل السياسي مما يعطي لمناضلي حزبنا قوة الفعل و التفعيل في الساحة الجماهيرية.

 

ففي ماذا تتجلى سمات الحزب الثوري في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ؟

 

1) حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي جاء إفرازا لحركة الصراع داخل الحركة الاتحادية كاستمرار لحركة التحرير الشعبية.

 

2) و هو في تنظيمه ينحو إلى أن يكون تنظيما يستمد مبادئه و أسسه من مبادئ و أسس الاشتراكية العلمية، و يعتمد مبادئ المركزية الديمقراطية بالنقد و النقد الذاتي، و خضوع الأقلية لقرارات الأغلبية، و القيادة الجماعية، و المحاسبة الفردية و الجماعية.

 

3) و أيديولوجيته هي الاشتراكية العلمية التي هي أيديولوجية الطبقة العاملة.

 

4) و موافقة السياسية مستمدة من برنامجه الاستراتيجي و المرحلي.

 

5) يسعى إلى امتلاك نظرية عن المجتمع المغربي عن طريق إغناء مقررات مؤتمره الوطني الرابع والخامس .

 

6) يسعى في ممارسته التنظيمية و الأيديولوجية و السياسية إلى الارتباط بشرائح الكادحين و في مقدمتهم طليعة المجتمع المغربي الطبقة العاملة.

 

7) برنامجه الاستراتيجي تحقيق المجتمع الاشتراكي، و برنامجه المرحلي يهدف إلى تحقيق الديمقراطية الحقيقية في المجتمع، التي تتمحور حول الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الثقافية، و بالممارسة الديمقراطية يمكن تثوير المجتمع الكادح عن طريق امتلاك الوعي الطبقي.

 

إلا أن مكونات التنظيم داخل حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي يغلب عليها طابع الشرائح البورجوازية الصغرى. ففي صفوفه توجد مختلف الشرائح الاجتماعية من عمال و فلاحين فقراء، و تجار و صناع و حرفيين صغار بالإضافة إلى كادحي القطاعات الخدماتية و العاطلين، و غالبا ما نجد أن القطاعات المهنية و الخدماتية هي التي تحتل مراكز القيادة، و ذلك ليس عيبا في حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، لأن المناضلين من مختلف القطاعات يقتنعون بالاشتراكية العلمية، و بضرورة بناء الحزب الثوري، و بالتركيز على ضرورة هيمنة الطبقة العاملة، و سعي كهذا من قبل مناضلي الحزب يعتبر حماية للحزب من التحريف الأيديولوجي و الانتهازية السياسية.

 

و نظرا للاعتبارات أعلاه فإننا نومن بأن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي مشروع حزب ثوري، و إيماننا ذاك يعني المزيد من النضال، و المزيد من الارتباط بالجماهير الكادحة، و المزيد من العمل في صفوف المنظمات الجماهيرية، و الحرص على القيام بالمهام الموكولة إلى المناضلين في مختلف المستويات التنظيمية للوصول إلى بناء الاداة بناء تنظيميا و أيديولوجيا و سياسيا في نفس الوقت الذي يتم فيه تثوير الجماهير الشعبية الكادحة في المدن و القرى، و تقوم هذه الجماهير و من خلال منظماتها الجماهيرية النقابية و الحقوقية و الثقافية بتقرير النضالات اللازمة لفرض ممارسة ديمقراطية حقيقة، و جعل الطبقة الحاكمة تقدم التنازلات تلو التنازلات، و يبقى دور الحزب هو قيادة تلك النضالات، و توجيهها و التحكم فيها بواسطة برنامجه، و بواسطة مناضليه الذين يناضلون إلى جانب الجماهير مسترشدين ببرنامج الحزب حتى يزداد الحزب التحاما بها، و عندما يتحول الحزب فعلا إلى حزب ثوري يقود نضال الجماهير و يحيل مركز الطليعة بينها على مستوى الممارسة النظرية.

 

خــــــاتمة :

 

و خلاصة القول أن الحزب وحده لا يمكن أن يكون ثوريا لأن ثوريته ستبقى مفصولة عن الجماهير صاحبة المصلحة في الثورة، بل لابد لثوريته هذه أن تجد لها شرعية نضالية جماهيرية شعبية كادحة يتفاعل معها الحزب و يؤثر فيها. و إلا فإن الحزب الثوري سيبقى مفصولا عن الجماهير التي من واجبه كذلك أن يعلمها في إطار تلك العلاقة الجدلية بين الحزب الثوري و الجماهير الشعبية الكادحة. و فصل الحزب عن الجماهير معناه الحكم عليه بالانحسار داخل قوالب تنظيمية و أيديولوجية و سياسية جاهزة مما يؤدي بالضرورة إلى أن يصبح هذا الحزب في ذمة التاريخ أو يحاول البقاء اعتمادا على تحالفات تدخله في مساومات، و تقديم تنازلات ضدا على مصلحة الجماهير كما يحصل لبعض الأحزاب التي تدعي الماركسية اللينينية و تمارس عكس ما تدعيه.

 

كذلك نجد أن الجماهير الشعبية الكادحة (الطبقة العاملة و حلفاؤها) لا يمكن أن تكون ثورية بدون حزب ثوري، و لن تكون حركتها في هذه الحالة إلا عفوية محدودة بالزمان و المكان، و أي حركة من هذا النوع تكلف الجماهير الكادحة كثيرا، و لا تفيدها شيئا، لأنها :

 

1) تفتقد القيادة الثورية.

 

2) تفتقد التنظيم.

 

3) تفتقد وضوح الأهداف التي يراد تحقيقها.

 

4) تفتقد الرؤيا الشمولية.

 

و لأنها كذلك فهذه الجماهير لابد لها من :

 

1) التنظيم الذي يتخذ مستويين رئيسين :

 

أ- المستوى الجماهيري الصرف النقابي و الثقافي و الحقوقي وفق المبادئ المتعارف عليها.

 

ب- المستوى السياسي الذي لا يصل إليه إلا العناصر الأكثر استعداد للتضحية من الجماهير الكادحة.

 

و الفصل بين المستويين يعتبر ضروريا لإكساب الجماهير قدرة على الحركة المنظمة الهادفة.

 

2) تحديد الهدف أو الأهداف التي يراد تحقيقها. و هذه الأهداف تختلف باختلاف التنظيم، فالتنظيم الجماهيري النقابي له أهدافه، و التنظيم الحقوقي له أهدافه، إلا أن أهداف التنظيم الجماهيري لا تتجاوز أن تكون إصلاحية لأنها مرهونة بتحسين أوضاع الجماهير الشعبية في ظل النظام القائم أما التنظيم السياسي، تنظيم الحزب الثوري فأهدافه تتخذ صيغتين : صيغة الأهداف المرحلية التي لا تتجاوز تحسين الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الحقوقية و السياسية في ظل النظام القائم بهدف جعل الجماهير الكادحة تمتلك القدرة على انتزاع حقوقها مما يفجر قدراتها المادية و المعنوية فتشعر بإمكانياتها الضخمة من اجل انتزاع المزيد من المكاسب. و صيغة الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في الوصول إلى السلطة و القضاء على علاقات الإنتاج الرأسمالية التبعية، و تحقيق المجتمع الاشتراكي. و الربط في المنظمات الجماهيرية بين النقابي و السياسي، و الحقوقي و السياسي، و الثقافي و السياسي، يعتبر معبرا إلى امتلاك الجماهير الشعبية الكادحة وعيها الطبقي الذي هو وعي جماعي يشد الجماهير إلى بعضها، فتحقق في الساحة وحدتها النضالية والأيديولوجية و السياسية و التنظيمية التي تؤهلها للارتباط بحزبها الثوري الذي سيكون بالضرورة هو القائد الفعلي لنضالات الجماهير الشعبية الكادحة.

 

فالعلاقة إذن بين الجماهير الكادحة و الحزب الثوري هي نفسها العلاقة بين الحزب الثوري و الجماهير و الفصل بين الجماهير و حزبها الثوري يؤدي بها إلى متاهات لا تخرج منها، و على رأسها متاهة التضليل الذي يعتبر اشد أنواع القمع لأنها تجعل الجماهير تجري وراء السراب في الوقت الذي تجني فيه الطبقة الحاكمة المزيد من المكاسب.

 

المغرب ابن جرير في: شتنبر 2004

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.