اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الحب والوطنية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

ذياب مهدي آل غلآم

مقالات اخرى للكاتب

الحب والوطنية

 

لقد ارتبط الإنسان منذ وجوده بشيئين هما المكان والزمان، فالإنسان مرتبط بالمكان من حيث وجود ذاته، وإذا كان المكان يدل على وجود الإنسان في جزء معين منه فإن الزمن هو الذي يحدد مدى هذا الوجود وكميته، ولذلك فالمكان هو الوطن والانتماء المكاني هو الانتماء الوطني .  

اوالوطنية ، فهو حب يتغلغل في القلب والوجدان والمشاعر والشعور لذلك فالوطني الصادق الحب للوطن لا يفرط بذرة تراب من تراب وطنه ومقياس الوطنية أيضاً ان يفتخر ويعتز بالأرض التي ينتمي إليها .
الوطن والوطنية والوطني والمواطن ... كلها مترادفات خلقتها روح التقسيم للعالم الجديد بعد الحربين العالميتين الاولى والثانية للقرن التاسع عشر الميلادي ، وبغض النظر عن ماهية الفلسفة القانونية لهذا وذاك التقسيم العالمي للاوطان الا ان هذه التقاسيم الجغرافية انشأت وانتجت فيما بعد مفاهيم ومصطلحات وقيم اعتبارية اخلاقية وسياسية واقتصادية تحكمّت بشكل كبير في العالم الانساني اليوم ، فالثروة بعد تلك التقاسيم اصبح لها اسم الثروات الاقتصادية الوطنية ، وكذا الاخلاق الاجتماعية والتقاليد والعادات الانسانية ايضا اصبحت تتميز بطابعها الوطني الجغرافي المحدود فالعراقي له تقاليده الخاصة واعرافة واخلاقياته المختلفة تماما عن اخلاقيات ابن هذا الوطن او ذاك ، وكذا في الحيز السياسي اصبح لدينا مواطن له حقوق وعليه واجبات تجاه هذا الوطن ، كما ان هذا الوطن ايضا عليه واجبات وحقوق تجاه مواطنيه ... وهكذا في اشكالية الدولة والمجتمع ، اصبح العالم اوطانا ليصبح الانسان مواطنا بالدرجة الاولى بغض النظر عن دينه ولونه ولغته وماشاكل ذالك ، فالوطن هو الاطار الجامع في العصر الحديث لجميع مكونات الاجتماع الانساني داخله والمواطنة هي هوية الانسان داخل الاوطان ، والوطنية هي الشعور الجامع للامة داخل هذه او تلك من الجغرافيات الانسانية الحديثة !.
وعليه كان ولم تزل موضوعة الوطن والوطنية والمواطنة والوطني ... هي مفاهيم وقيم ومبادئ وافكار ومشاعر اضحت اليوم من البديهيات الطبيعية المفهومة للفرد الانساني العالمي مابعد التقسيم الكوني للعالم ، ولكنّ ومع ان هذه المصطلحات السياسية الحديثة تبدو من البديهيات الطبيعية في قواميس الافكار الانسانية اليوم

وعلى هذا الاساس نحن ندعوا جميع المفكرين العراقيين والسياسيين كذالك والعلماء والفنانين الى ملاحظة لحمة شعبهم الوطنية وادراك مفهوم المواطنة والوطن والوطنية ، على اساس انها منظومة حقوقية متكاملة لايجب ولاينبغي ادخال اي عامل زائد او متحجر على عناوينها القانونية ليقال اعلاميا لهذه الشريحة او تلك : انهم من اهل العراق الاصليين !. او ان يقال ان هذه الطائفة ممن وفد قريبا وهذه الطائفة سكنت العراق منذ الف سنة ... وغير ذالك من المصطلحات المفككة للمجتمع والقاتلة لوحدته الوطنية ، بل وندعو الى تجريم من يستخدم مصطلحات التمييز العنصري او التاريخي او الطائفي قانونيا ، ليستهدف المواطن العراقي بمواطنيته التي هي الجامع الحقيقي لجميع ابناء الوطن ومهما اختلفت الانتماءات والالوان والالسن ، وهي كذالك الملمح الحضاري لروح عصر المواطنة ايضا !.
في كلمة من كلمات عليّ بن ابي طالب ع ابن عم رسول المسلمين محمد ص ووصيه الفكري والسياسي ، وصاحب الفكر الذي حيّر العالم القديم والحديث ... لهذا الرجل نظرية مختلفة تماما بقواعد المواطنة القانونية وكيفية النظر الى المواطن الحقيقي من غيره غير الحقيقي لهذا الوطن اوذاك !. ومفهوم الانتماء الوطني وراثي يولد مع الفرد من خلال ارتباطه بوالديه وبالأرض التي ولد فيها، ومكتسب كذلك وينمو أكثر من خلال مؤسسات المجتمع المتمثلة في المدرسة والأسرة والإعلام ؛ فإن حب الوطن واجب على كل فرد تجاه وطنه.   لقد استقر التراث على اعتبار الوطنية – وهي المشاعر التي تربط بروابط الحب بين الإنسان ووطنة ، فطرة فطر الله الإنسان عليها .
فعليّ بن ابي طالب يرى ان اساس وقاعدة وقانون وهوية المواطنة الحقيقية هي : ليست فقط بالسكنة ولابالولادة فحسب ولاحتى بالفائدة وكذلك هي ليست بالتاريخ فقط ، وانما هي (( بالحبّ)) العنوان الجامع لكل تلك العناوين المذكورة انفا !.
يقول عليّ :(( بحب البلدان تعمّر الاوطان )) !.
ونظرية الحب هذه تربط بين الانسان عاطفيا وبين الاوطان من جهة اخرى ، فالانسان عندما يحب الوطن الذي ينوي او نوى او هو ساكن فيه على الحقيقة يصبح انسانا معمرا لهذا البلد ، فعندما يحب الانسان وطنه لايخونه ولايدمّره ولايجلب الضرر اليه ، فهو مواطن نافع لهذا الوطن ، كما ان الانسان عندما يحب وطنه يحب المواطنين فيه ايضا فهو لايفرق بطبيعة الحال بين مواطن أصلي واخر طارئ ، ولابين مواطن بلسان عربي واخر بلسان كردي ، وكذالك لايفرق من يحب وطنه بين مواطن خلقه الله بلون واخر خلقه بلون مغاير ، وهكذا من يحب الوطن هو ليس بحاجة لفترة قانونية زمنية معينة ليمنح هوية المواطن ، فكم من مواطن عاش في هذه الارض اكثر من خمسين الف سنة لكنه مستعد بيع هذا الوطن للاعداء بلحظة عين ، بينما يكون المواطن لايسكن داخل جغرافية هذا البلد ولكنه بسبب حبه لهذه الارض هو على استعداد ان يموت من اجل هذا الوطن ، ومن هنا كان الحب جواز المواطنة لهذا المواطن قبل الزمن والتاريخ ومصطلحات المتاحف التي لاتقدم ولاتاخر بوطنية المواطن !.
نعم ان علياّ بن ابي طالب ع ينظّر للمواطنة والوطني والوطن والوطنية.. على اساس انها او ماهي الا عبارة عن حب الانسان لبلده ، وهذا المفهوم لايتصادم مطلقا لامع ايمان الانسان الايدلوجي او الديني او حتى التاريخي ، فحب الانسان لبلده جزء من حب الانسان لدينه وهو جزء من حب الانسان للامانه واحترام الارض والمجتمع الذي ينشأ فيه الانسان ويتمتع بخيرات هذا الوطن ، ومن هنا رأى عليّ بن ابي طالب ع انه: بحبّ البلدان تعمّر الاوطان بمختلف الناس الذين يعيشون في هذا الوطن ، فالمسلم بحبه لبلده يعمره ، والمسيحي كذالك واليهودي هو الاخر ان احب بلده عمرّه ، من منطلق ان المواطنة بحقوقها القانونية والدستورية لاتجعل حب الوطن حكرا على ايدلوجيا او اختصاصا بدين ، بل ان المواطنة ربما قدمت اليهودي الذي يعيش في مجتمع مسلم على حب بلده واعماره ، بينما يكون المسلم خائنا وطنيا لانه يسعى لتدمير هذا الوطن والعبث بامنه واستنزاف اقتصاده ونهب ثرواته ، نموذجا  الأحزاب الحاكمة للعراق حاليا !؟ وهكذا !.
وهكذا كان الحبّ العنوان الكبير الذي اغفلته الحضارة الحديثة بمسميات المواطنة ، ولكن علّي ع ذكره كشرط للوطنية والمواطنة والمواطن والوطن ، وكشرط ليس فقط لعمران الاوطان ولكنه شرط لحقوق وواجبات المواطنة الحديثة ، وبهذا قضى عليّ ع صاحب الفكر المطلق بوطنيته هذه على جميع العناوين العنصرية والاخرى التاريخية والثالثة المتخلفة والمتحجرة التي تريد قتل المواطنة بالتمييز والكراهية بين البشر

 

  

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.