اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• في الذكرى السادسة عشرة لرحيل المناضل البارز

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

حامد الحمداني

مقالات اخرى للكاتب

في الذكرى السادسة عشرة لرحيل المناضل البارز

الدكتور خالد محمد خالد

حامد الحمداني

                                                  29/2/2012

تمر علينا اليوم التاسع والعشرين من شهر شباط / فبراير 1996 ذكرى رحيل المفكر المصري التقدمي البارز خالد محمد خالد، الذي يعتبر واحدا من أبرز المفكرين الإسلاميين في العالم العربى، هذه الشخصية الوطنية البارزة التي رفعت راية النضال من أجل تحرر الفكر الإسلامي من ما علق به من أفكار ظلامية متخلفة أساءت إلى الإسلام بما الحقته من الشوائب الغريبة التي قادت المجتمعات الإسلامية نحو التخلف الذي ساد في العصور الوسطى، وسعى عبر مؤلفاته القيّمة إلى تحرير العقل العربي والإسلامي من تلك الأفكار التي لا علاقة لها بجوهر الدين، وإشاعة المثل الإنسانية النبيلة الداعية إلى تحرر المجتمع من الخرفات التي لصقها بالدين أولئك الجهلة، وأنصاف المثقفين الإسلاميين لأهداف وغايات سياسية لم تعد تنطوي على أحد. 

ولد الدكتور الراحل خالد محمد خالد في الخامس عشر من حزيران/ يونيو عام 1920، في قرية العدوة بمحافظة الشرقية بمصر، والتحق بكتاب القرية لسنوات، وحفظ قدراً من القرآن، ثم اصطحبه أبوه إلى القاهرة حيث تولى شقيقه الأكبر حسين تحفيظه ما بقى من القرآن كشرط الالتحاق بالأزهر، فأتم خالد محمد خالد حفظ القرآن، والتحق بالأزهر، وظل يدرس لستة عشر عاماً وتخرج فيه من كلية الشريعة في عام 1945، وعمل بالتدريس، ثم تركه عام 1954، حيث عين في وزارة الثقافة كمستشار للنشر، لكنه قرر ترك العمل الوظيفي واعتذر عن قبول أية وظائف أخرى في عهد جمال عبد الناصر، وعهد أنور السادات، حيث وجه نقداً لقادة ثورة 23 يوليو 1952 مطالباً حكومة الثورة بتطبيق الديمقراطية في البلاد، من خلال كتابه الأول [من هنا نبدأ] والذي كان له دوي كبير في العالم العربي، وذاع صيته ككاتب إسلامي تقدمي متنور، ثم جاء كتابه الثاني [الديمقراطية أبداً] الذي دعا فيه إلى إشاعة الديمقراطية في مصر وسائر البلاد الإسلامية، وإطلاق الحريات الديمقراطية كشرط للنهوض بحياة شعوبها، ثم جاء كتابه الثالث [مواطنون لا رعايا] الذي دعا إلى العدالة الاجتماعية والمساوة بين المواطنين بصرف النظر عن الدين والقومية والطائفة، ومعالجة مشاكل المجتمع وفي مقدمتها الفقر والبطالة ومعالجة الأمراض، والنهوض بمستوى حياة الشعب المعيشية، ثم توالت كتبه التالية [رجال حول الرسول] و[أبناء الرسول في كربلاء] و[كما تحدث القرآن] و[دفاع عن الديمقراطية] و[معاً على الطريق] و [محمد والمسيح] و[أزمة الحرية فى عالمنا] و[الدولة فى الإسلام]، وكان شديد الحرص على تنقية الدين مما لحق به من أفكار وفتاوى لا تمت للدين بصلة بل شكلت عبئاً عليه، ومؤكداً على التسامح الديني والمساواة بين ابناء الشعب بمختلف طوائفه وأديانه في الحقوق والواجبات.

 وكان للراحل الكبير موقفاً معارضاً لسياسات حكومة الثورة، وطالب الثورة بالعدل السياسي بدلا من العزل السياسي، وكان كتابه الأول [من هنا نبدأ] سببا فى ذيوع اسمه فى مصر والعالم العربي ككاتب إسلامي متحرر يؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، وتهافت القراء على اقتنائه.

 

لقيت كتبه محاربة شديدة من قبل الأنظمة الحاكمة في مصر والعالم العربي، ومن قبل الأزهر حيث اعتبره الأزهر خارجاً على مبادئ الدين الإسلامي!!.

 

كما جرى منع تداول كتبه في مختلف الدول العربية، واتهم الدكتور خالد محمد خالد بالشيوعية تارة، وبالردة عن الإسلام تارة أخرى، وباتت كتبه وثيقة إدانه لحامله أو المحتفظ به في بيته بالانتماء للحزب الشيوعي.

 

 وهو ما جرى معي بالذات حيث كنت قد اشتريت كتبه سراً من احد أصحاب المكتبات التقدميين في مدينة الموصل، حيث كانت ُتجلب تهريباً إلى العراق، وتباع للأشخاص الموثوقين منهم سراً، وفي عام 1953 عندما كنت مديراً لمدرسة الحضر الأثرية، وكانت وقتذاك مركزاً لمديرية شرطة البادية، فاجأني مأمور المركز بالدخول بغرفة الإدارة، وكان على منضدتي كتاب [ الديمقراطية أبدا]حيث قال لي بالنص:

أستاذ حامد هذا الكتاب شيوعي وممنوع !

وقد أجبته على الفور أنه كتاب لعالم أزهري، فكيف يكون الأزهري شيوعياً؟

وقد رد عليَّ قائلاً :{انه كتاب ممنوع وأنا متأكد من ذلك عندما كنت اعمل في الشرطة الخاصة بالأمن، وأنا أنصحك بالابتعاد عن ذلك، وأنا احترمك وأرجو أن تخلص من هذا الكتاب}.

 وما كاد يخرج من غرفتي حتى بادرت إلى إخفائه في مكان آمن، فهو وأمثاله من أفراد الشرطة لا يؤتمنون، وبعد أسبوع أعدته إلى البيت بالموصل.

 

هكذا كانت كتب الدكتور خال محمد خالد ترعب الأنظمة العربية، لأنها تفتح أذهان أبناء وبنات الشعب لإدراك الحقيقة، والمطالبة بحقوقهم المشروعة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وتنقية .

 

اتسمت حياة الدكتور خالد محمد خالد بالزهد فلم يفكر المال والمناصب، وكان موقفه من الإخوان المسلمين معارضا لفكرهم  قبل الثورة، ولكنه رفض الهجوم عليهم لاحقا حينما كانوا فى المعتقلات حتى وافته المنية فى مثل هذا اليوم التاسع والعشرين من شباط/ فبراير سنة 1996 ودفن فى قريته.

 إن خالداً بما قدمه من كتب وبحوث قيمة، ومواقف جريئة في نقده لأدعياء الدين المتخلفين يبقى خالداً في قلوب كل من عرفه أو قرأ له أو سمع عنه.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.