اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

في الذكرى الثالثة والأربعين لرحيل عبد الناصر: عبد الناصر والسادات وحرب اكتوبر 73 (2-3)

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

اقرأ ايضا للكاتب

في الذكرى الثالثة والأربعين لرحيل عبد الناصر:

عبد الناصر والسادات وحرب اكتوبر 73

الحلقة الثانية 2-3

حامد الحمداني

1-10-2013

 

قرار الحرب

هكذا اتخذ السادات قرار الحرب لكنه لم يكن يرمي إلى نفس الهدف الذي ناضل من أجله عبد الناصر، بل كان يرمي إلى تحقيق غايتين هما:

1 ـ  التخلص من ضغط الجيش الذي كان ينتظر المعركة بفارغ الصبر، والضغط الشعبي العارم التواق للنصر على إسرائيل، ورد كرامته المهانة.

2 ـ تحريك حالة اللا سلم واللا حرب، وإيجاد الذريعة للتفاوض مع إسرائيل، وعقد معاهدة سلام معها، فلو كان السادات جاداً في حربه مع إسرائيل، لما أقدم على إخراج الخبراء والعسكريين السوفييت من مصر قبيل الحرب، وهو يعلم حق  العلم أن الولايات المتحدة تقدم كامل الدعم لإسرائيل، ويجرأ على الاستغناء عن الدعم السوفيتي !!،الذي سعى بكل جهوده من أجل إعادة تسليح  وتدريب الجيش المصري ما لم يكن يهدف إلى هدف آخر، وهذا ما أفصح عنه لهنري كيسنجر في رسالته التي أرسلها له ولما يمضي على نشوب الحرب سوى 20 ساعة، حيث أبلغه أنه لا ينوي تعميق الهجوم وتوسيعه، وأنه يرمي إلى تحقيق السلام مع إسرائيل.

 

لقد أراد السادات تلك الحرب أن تكون [ حرب تحريك ] لا حرب تحرير، ليقول لشعبه وللأمة  العربية أن العرب غير قادرين على محاربة إسرائيل والانتصار عليها،  وأن من الخير لهم أن يتصالحوا معها وهم خانعون !!.

 

هكذا إذاً قرر السادات أن يخوض الحرب، وجري الاتصال مع الرئيس السوري حافظ الأسد، واتفق معه على التنسيق بين الجيشين، لكي يجعلا الجيش الإسرائيلي يحارب على جبهتين في آن واحد، مما يجعل مهمة الجيش الإسرائيلي عسيرة، كما جرى الاتفاق على ساعة الصفر، وهي الساعة الثانية بعد الظهر يوم الجمعة المصادف السادس من شهر اكتوبر.

 

لم يبلّغ السادات الاتحاد السوفيتي بساعة الصفر، بل أكتفى بإبلاغه عن عزم مصر على خوض الحرب مع إسرائيل. أما البلدان العربية فلم يتم إبلاغ أي منها بالحرب بداعي السرية ومفاجئة إسرائيل، وسواء كان ادعاء السادات صحيحاً أم لا فان الذي يقدم على خوض حرب كهذه لا يمكنه أن يلجأ  إلى تلك الخطوة الخطيرة بإخراج الخبراء والعسكريين السوفيت من مصر، في وقت كانت فيه مصر بأحوج ما تكون إليهم، مما يعطي الدليل القاطع بأن قرار الحرب الذي أتخذه السادات كان في واقع الأمرعملية هدفها تحريك الأوضاع، وليس هدفاً إستراتيجياً يرمي إلى تحرير الأرض العربية المحتلة، وهذا ما أثبته الأحداث المتتالية منذُ اليوم الأول للحرب.

 

واندلعت الحرب ظهر السادس من اكتوبر عام 1973 على الجبهتين المصرية والسورية في نفس الوقت المحدد لها، واندفع  الجيشان المصري والسوري نحو المواقع الاسرائيلية على جبهتي قناة السويس، وهضبة الجولان السورية المحتلة.

 

واستطاع الجيش المصري الشجاع تحقيق معجزة العبور نحو الضفة الشرقية للقناة بوقت قياسي، وبخسائر لا تصدق، فقد كان عدد الشهداء 64، والجرحى 420 جريحاً، وإعطاب 17 دبابة، و26 مدرعة، وهذا العدد اقل بكثير جداً مما كان قد وضع في حسابات القيادة العسكرية.

 

وفي اليوم التالي السابع من أكتوبر كان الجيش المصري قد وسع مناطق سيطرته شرق القناة حتى بلغت بعمق ما بين 7ـ 9 كم . وفي هذا اليوم أتصل الرئيس السوفيتي برجنيف بالسادات  مهنئاً إياه على العبور، وأبلغه استعداد السوفييت لتقديم كل دعم ومساعدة يطلبها الجيش المصري.

 

 

أما على الجبهة السورية، فقد انطلقت الطائرات والمدفعية والدبابات السورية نحو أهدافها في هضبة الجولان، وتخطت التحصينات الإسرائيلية، متقدمة نحو مدينة القنيطرة عاصمة الجولان.

 

لم يكد يمرُ يوم واحد على الهجوم، وكان الجيش المصري في كامل قوته ومعنوياته واندفاعه الشديد، حتى بادر  السادات بالاتصال بوزير الخارجية الأمريكية [هنري كيسنجر] عن طريق القناة السرية عبر المخابرات الأمريكية، حيث أرسل مستشاره [حافظ إسماعيل]  رسالة إلى كيسنجر يعلمه فيها بما يلي:

1 ـ إن هدف مصر هو تحقيق السلام مع إسرائيل.

2ـ إن مصر لا تنوي تعميق الهجوم، وتوسيع المواجهة.

3 ـ إن مصر تطالب إسرائيل الإعلان عن قبولها مبدأ الانسحاب من الأرض المحتلة

4 ـ إن مصر توافق على حرية الملاحة في مضايق تيران.

 

وهكذا افتضحت أهداف السادات منذُ بداية الحرب، حيث وجه خنجره إلى ظهر الجيش المصري، وسلاح إسرائيل فوق رؤوس الجيش السوري. فقد تلقف [هنري كيسنجر] رسالة السادات بفرح غامر، وحولها إلى إسرائيل لكي تركز جهدها العسكري نحو الجبهة السورية بسبب خطورتها وقربها من العمق الإسرائيلي، وبدأت القوات السورية تتلقى الضربات الإسرائيلية المركزة، حيث دارت المعارك الشرسة بين الجيشين السوري والإسرائيلي، وخسرت سوريا في معركة واحدة دامت بضع ساعات ما بين 400 ـ 600 دبابة، في حين أوقف السادات هجومه بحجة الوقفة التعبوية، على الرغم من اتصال السوفييت به وإعلامه أن أقمارهم التجسسية قد اكتشفت أن إسرائيل قد سحبت معظم مدرعاتها من منطقة الممرات، ولم يبقَ لها سوى لواءين مدرعين فقط، وأن بإمكان الجيش المصري القضاء عليها بكل سهولة، وبوقت قصير، طالبين منه بإلحاح تطوير الهجوم، والاستيلاء على الممرات ذات المواقع الإستراتيجية الهامة جداً بالنسبة للدفاعات المصرية التي يصعب على العدو اجتيازها، وفي نفس الوقت تضطر إسرائيل إلى سحب قسم من  مدرعاتها في مواجهة الجيش السوري، مما يخفف الضغط عليه.

 

لكن السادات أغمض عينيه، وصم آذانه عن سماع نصيحة الاتحاد السوفيتي !!، بل أنه واصل اتصالاته مع هنري كيسنجر، حيث أرسل له رسالة أخرى في 10 تشرين  الأول يبلغه فيها استعداده لوقف القتال إذا أعلنت إسرائيل استعدادها للانسحاب من سيناء، مع ضمان حرية الملاحة في مضايق تيران وقناة السويس، وإنهاء حالة الحرب معها، وعقد معاهدة سلام بين الطرفين برعاية الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة الأمريكية.

 

أما هنري كيسنجر فقد بعث إلى إسرائيل يطلب منها تطوير الهجوم المضاد، وإحداث أوضاع جديدة في صالحها قبل انعقاد مجلس الأمن، الذي سعى كيسنجر نفسه إلى تأخيرعقدة لإتاحة الفرصة لإسرائيل لتحقيق مكاسب واسعة على أرض المعركة.

 

فلقد قدم اللواء [ حسن البدري ] ـ رئيس مركز القيادة رقم 10 ـ في اليوم الثاني لنشوب الحرب [7 تشرين الأول ]، تقريراً للسادات طالباً فيه تطوير الهجوم والاندفاع نحو المضايق بأسرع وقت واحتلالها، لإبعاد أي خطر محتمل عن الجيش المصري، وأشار في تقريره أن الوقت الذي يضيع هو بكل تأكيد في صالح الجيش الإسرائيلي.

 

إلا أن السادات أغمض عينيه وصم آذنيه مرة أخرى، ولم يأمر بتطوير الهجوم إلا يوم 14 تشرين الأول، مانحاً إسرائيل الفرصة لتدمير الجيش السوري، وإعادة  حشد قواتها المدرعة بمواجهة الجيش المصري، وإضاعة فرصة تاريخية في إمكانية دحر الجيش الإسرائيلي.

 

وبضغط من ضباط أركان جيشه، أقدم السادات على الهجوم في 14 تشرين الأول، وكانت إسرائيل قد أكملت حشد قواتها المدرعة ، بعد تحييد الجبهة السورية، واستعدت كامل الاستعداد للهجوم المصري، حيث وقعت معركة كبرى خسر فيها الجانب المصري ما يزيد على 240 دبابة حتى الظهر وفشل الهجوم، واستغل الإسرائيليون ذلك الفشل بالتقدم وتطوير هجومهم المضاد حتى تمكنوا من خرق الجبهة المصرية، ما بين الجيشين الثاني والثالث والتقدم نحو قناة السويس، في منطقة [ الدفرسوار ] وتمكنت قواتهم من السيطرة على رأس جسر لها على القناة، ونصب الجسور فوقها، والعبور بدباباتهم يوم 15 تشرين الأول نحو الضفة الغربية للقناة، حيث عبرت ما يزيد على 800 دبابة إسرائيلية، وطوقت الجيش الثالث المصري، ومنعت وصول الإمدادات الغذائية والمياه عنه، وعرضته لمخاطر جسيمة، وأعلنت رئيسة وزراء إسرائيل [كولدا مائير] أن قواتها تحارب الآن غرب قناة السويس، وأنها وصلت إلى الكيلو 101 عن القاهرة. كما أعلن وزير الحرب الإسرائيلي أن قواته الآن في طريقها إلى دمشق.

أما السادات فقد أنكر ما جاء بخطاب رئيسة وزراء إسرائيل عندما أبلغه هيكل بذلك مدعياً أن ذلك لا يعدو عن كونه مسرحية إسرائيلية تستهدف إضعاف معنويات الجيش المصري، وادعى أن بضع دبابات إسرائيلية ربما تكون قد عبرت القنال سيجري تصفيتها بسهولة وبوقت قصير.

فقد أرسل رسالة أخرى إلى هنري كيسنجر في ذلك اليوم يبلغه برغبته في بقاء القناة مفتوحة مع الولايات المتحدة، وأن لا أحد يستطيع التحدث باسم مصر،و كان يقصد بذلك [الاتحاد السوفيتي ] وانه لا يريد إهانة إسرائيل !!، وأنه يقدر جهود أمريكا لوقف القتال!!، واخيراً وجه دعوة لكيسنجر لزيارة مصر، مبدياً تصميمه على الابتعاد عن السوفييت !!.

 

وفي 16  تشرين الأول خطب السادات في مجلس الأمة مقدماً مشروعاً للسلام مع إسرائيل، وكان يبدو متهالكاً على كسب ود الولايات المتحدة التي وضعت كل ثقلها لدعم القوات الإسرائيلية بالسلاح، ومشجعة إياها على مواصلة الهجوم المضاد.

 

وفي 17 تشرين الأول قررت الدول العربية المنتجة للنفط تخفيض إنتاجها بنسبة 5% فوراً، وإضافة 5% كل شهر حتى تنسحب إسرائيل، وقرر الملك فيصل، ملك السعودية رحمه الله تخفيض إنتاج النفط بنسبة 10 % فوراً، كوسيلة ضغط على الولايات المتحدة، لتضغط بدورها على إسرائيل للانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، وأدى ذلك الإجراء إلى حدوث ارتفاع حاد في أسعار النفط العالمية، مما أثار غيض الولايات المتحدة معتبرة هذا القرار يشكل تهديداً خطيراً للمصالح الأمريكية، مما لا يمكن السكوت عليه، وقد دفع الملك فيصل حياته فيما بعد بسبب ذلك القرار.

 

أما هنري كيسنجر فقد طلب من إسرائيل حسم المعركة خلال 48 ساعة، وأعلن أمام مجلس الأمن القومي الأمريكي أن الجيش المصري على حافة كارثة، إلا أنه لا يريد أن تتحول هذه الكارثة على أنور السادات!!

 

وفي ظل  تلك الظروف البالغة الصعوبة بالنسبة للجيش السوري، حيث بدأ موقفه يضعف شيئاً فشيئاً أمام القوات الإسرائيلية، على الرغم من إسراع الاتحاد السوفيتي إلى تعويض خسائره من الأسلحة الثقيلة والمعدات، فقد أبدى استعداده إلى إرسال 3 فرق مدرعة، محمولة جواً إلى سوريا، إذا ما أقدمت إسرائيل على مهاجمة دمشق.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.