إضاءة

              عرس كاوليه

       معلوم أن للغجر – الكاولية - مناطق سكناهم الخاصة بهم ، ومعلوم أيضا أن للغجر لغة عالمية خاصة بهم ، وقد تسنى لي التعرف على قسم منهم وزاملت أحدهم – أبراهيم - وكان جارا لي أستوطن المدينة بعد أن غادر التقاليد الغجرية ، وأذكر أن فاضلاً من الحلة الفيحاء تزوج بغجرية جميلة جدا ، إضافة لامتلاكها لحنجرة ساحرة ، وكانت تجيد طور ( الدشت ) الشهير ، والمثل ( عرس كاولية) استفسرت من هذا الصديق عن سبب قول هذا المثل ومتى قيل ، قال لي الصديق الغجري أن هذا المثل لم يطلقه الغجر على أنفسهم ، بل قاله أبناء المدينة عنهم ، قال لي أن أحد أبناء الغجر جاء للمدينة لقضاء حاجة ما ، وأثناء تجواله بالمدينة سحره جمالها ، ونظافة شوارعها ، وتنسيق حدائقها ، مما أغراه بالتجوال داخل المدينة ، وحدث أن أنهت أحدى مدارس البنات الثانوية الدوام الرسمي وخرجت الطالبات بزييهن الجميل وبراشقة أجسادهن فبهرته أحداهن وبدأ يسترق النظر أليها كثيرا وهي غافلة عن هذا المتطفل بل قل المعجب بها ، عاد هذا الغجري لقريته عازما على التحدث لوالديه عن الزواج بإحدى الطالبات الجميلات التي رآهن بالمدينة ، أنفرد صاحبنا بأمه وقال لها ، ( يمه أبروح أبوج اليوم شفت وحده أتفك المصلوب ، أمروتج يمه أريد أتزوج وحده من المدينة) ، قالت الأم مستغربة هذا الطرح اللامعقول من ولدها وأجابت ، ( يمه آنه أكلك حقك تتزوج وحده حلوه نظيفه ولكن يوليدي الفارق بينك وبين أهل الولايه أجبير ، أولا أنك أمي لا تقرأ ولا تكتب ، وثانيا أمنين أتجيب أسياك إلها ، وثالثا وهذا المهم منو يزوج بته الكاولي عمله الدك على الطبلة لو العزف على الربابة ، والأهم من ذلك ، كلي أشلون راح تعيش إذا جبت بنيه من الولايه متعرف تركص وما تعرف تغني ) ، وأردفت الأم قائلة لولدها ، ( كول راح أندبر السياك وكول أهل البنية قبلوا عالزواج وين راح أتسوي حفلتك مال العرس ، أهل الولايه عاداتهم مو مثلنه ، أحنه كلشي عدنه بلاش ، اليركصن من عدنه ، اليغنن من عدنه ، اليدكون الدنبك من عدنه ، اليدكون الربابة من عدنه ، يمه أحنه عرسنه عرس كاولية راسه أبعبه ، يعني كلشي منخصر ولا درهم) ، أطرق العاشق المتيم طويلا ورفع رأسه صوب أمه وقال لها ، ( كل حجيج صحيح يمه وماطول أحجينه بالزواج أتوكلي على الله وزوجيني وحده من عدنه ، دمنه ولحمنه) .

    مما تقدم وأن كانت رواية عجائزية -  نسبة للعجائز – فأني أجد بها أكثر من مغزى ومعنى ، فحكومتنا الوطنية تسير وفق هذه الضابط ( عرس كاولية) ، فالمستشارون من الأحزاب الحاكمة ، والموظفون من الدرجة الأولى من الأحزاب الحاكمة ، والمحاصصة وصلت لحد الفراشين ، وأصحاب القرار يتحدثون أن حكومتهم حكومة تكنوقراط ، ولأني شاعر شعبي لا أفقه معنى التكنو قراط فأسأل الساسة بهذه الأبيات لعلي أجد من يرشدني منهم لهذا المعنى ،

    جاهل وأسألت شنهو التنو قراط    كالولي فكر متخيط أخياط

    يعرفه أهل العلم وأهل الثقافات   والدارس فكر وأبحاث سقراط

   الوزير أيعين أهله والكرابه       وحكومة أتصير كلها عائله.....

للإضاءة ...... فقط .