اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الحكومة ومجلس النواب يتجاهلان منظومة الدفاع المدني// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 

 

الحكومة ومجلس النواب يتجاهلان منظومة الدفاع المدني

سعد السعيدي

 

منذ الشهر الماضي بدأت موجة من الامطار ذات الغزارة غير المعهودة بالهطول تسببت لاحقا بسيول مائية جرفت كل شيء امامها من بيوت الى سيارات الى مبان الى جسور. وقد تضررت بالنتيجة العديد من المدن وقرى المحافظات الحدودية الشرقية والبصرة ونينوى وصلاح الدين والديوانية ومع سقوط ضحايا. وقد اجبرت معظم العائلات التي هربت من خطر السيول الى التشرد في العراء بلا مأوى. كما لا يزال مجهولا مصير النازحين الذين جرفت خيامهم هم ايضا.

 

من حق الجميع التساؤل على ضوء ما جرى ويجري اين كانت استعدادات المسؤولين قبل حصول هذه الكارثة للسيطرة على اضرارها؟ إذ يلاحظ بان الاستجابة لم تكن بالمستوى حيث افترش المتضررون العراء بعدما فقدوا كل شيء من بيوت واملاك. وقد لاحظنا بان ثمة تعمد في تجاهل ذكر الدفاع المدني وتفاصيله. إذ انه قد ذكر في الاعلام الحكومي بشكل عابر وسط امور اخرى. وهو المنظومة المتكاملة المخصصة لمواجهة حالات الطواريء والمذكورة فيها كل الاجراءات الواجب اتباعها عند الظروف الاستثنائية والقاهرة والتحضيرات الضرورية قبلها. كذلك لم تبادر اية وسيلة اعلامية الى التذكير به ولا بقانونه لاعلام الناس عن واجبات الحكومات المركزية والمحلية. وهذا الاهمال المتعمد يعود الى ان مصالح تلك الوسائل الاعلامية مرتبطة بمصالح من يحكم.

 

لكن تعالوا ننظر في ما هو مذكور في قانون الدفاع المدني هذا المشرع العام 2013 (1) :

تقول المادة (الاولى) من الفصل الاول في تعريف الدفاع المدني بانه: جميع الاجراءات والتدابير التي تتخذها الاجهزة الرسمية والشعبية عدا القوات المسلحة لغرض تأمين الحماية للسكان والممتلكات العامة والخاصة وتقليل الخسائر الى ادنى حد ممكن وادامة العمل والانتاج في ظروف السلم والحرب والكوارث المختلفة.

 

بعدها في المواد اللاحقة من نفس الفصل تأتي باقي التعاريف حول الاخلاء والاسكان والانذار المبكر والتدابير الوقائية واغاثة المنكوبين ودور جمعية الهلال الاحمر. اليكم ما يقوله بند تعريف الاسكان في نفس المادة اعلاه : استقبال السكان الذين تقرر اخلاؤهم من المدن والمناطق المعرضة للخطر وتوفير وسائل العيش والاقامة لهم.

 

ويحدد الفصل الثاني في مواده الاهداف والوسائل المتعلقة باعمال الدفاع المدني كتأمين وتنظيم وسائل الانذار المبكر وتنبيه المواطنين الى المخاطر المحتمل وقوعها. وايضا تدريب وتوعية المواطنين للحماية من اضرار الحرب والكوارث وإعداد وتنفيذ التدابير الوقائية لتأمين الحماية للسكان والمنشآت الحيوية اثناء الحرب والكوارث. ويمكن الاطلاع على باقي مواد الفصل من رابط القانون اسفل المقالة (1).

 

والاهم المادتان (4) و(8) في الفصول اللاحقة. الاولى تتعلق بتشكيل اللجنة العليا لادارة اعمال الدفاع المدني يكون مقرها في بغداد. من بين مهماتها الاشراف على قيادة اعمال الدفاع المدني وتوفير الوسائل اللازمة لانجاح اعماله وتكون برئاسة وزير الداخلية واعضائها ممثلين من الكثير من الوزارات والاتحادات المهنية حتى ليخيل للمرء بانها حكومة مصغرة. وتتعلق المادة الثانية بتشكيل لجنة إدارة أعمال الدفاع المدني في مركز كل محافظة تكون برئاسة المحافظ. وظيفتها القيادة والاشراف الميداني على تنفيذ اعمال الدفاع المدني من مثل اخلاء واغاثة المنكوبين وتوفير الخدمات الاخرى الساندة كما سميت في القانون مثل الخدمات الطبية والانقاذ والاسكان وحفظ الامن. واخرى من التدابير الوقائية في المحافظة مثل توفير الحماية للمنشآت كمراكز الاتصالات ومحطات الكهرباء وحماية البيئة والثروة الزراعية والحيوانية.

 

لم نرى في القرار الحكومي ولا في التغطيات الاخبارية اللاحقة من ذكر لاي من هذه اللجان سواء العليا لادارة الدفاع المدني او لجان المحافظات ، ولا لاية اجراءات تكون قد اتخذت باسمها كمنظومة متكاملة للدفاع المدني. فما نشره الاعلام الحكومي وتبعه الاعلام الآخر التجاري هو ذكر عابر للدفاع المدني كما اسلفنا كجهة من بين عدة جهات اخرى. والسبب الواضح هو لتجنب الاعلان عن وجود منظومة الاغاثة المتكاملة هذه مع تفاصيلها. وإلا فإعلان وجودها سيعني ظهور الاسئلة حول التحضيرات الضرورية التي كان يتوجب اتخاذها لتفادي حصول الاضرار التي يشاهدها الجميع الناتجة عن السيول. وقد جرى الاعلان في القرار الحكومي عن تشكيل ما سمي بخلية إدارة الأزمات المدنية ليبدو الاعلان بهذا الشكل وكأنه الحرص اللازم على المصلحة العامة من لدن رئيس الوزراء. وثمة ميزة اخرى لهذا الاعلان وهو ان ايدي عبد المهدي زوية ستكون بهذا الشكل طليقة في اتخاذ اية قرارات اخرى دون ان يضطر لوضع نفسه في خانة المحاسبة الشعبية عن تقصيره هو ومن سبقه فيما لو جرى اطلاع الرأي العام على بنود القانون اياه باكمله ولكي لا يضطر لاحقا الى اتخاذ قرارات لا يرغب بها. من هذا يتوضح بان استبدال رئيس الوزراء للدفاع المدني بهذه الخلية لم يكن إلا حيلة لتجنب افتضاح عجزه هو وسابقيه في التهيئة للازمات كما اسلفنا. اي ان عبد المهدي زوية لا يريد تحمل المسؤولية لما كان يتوجب عمله. وهذا غش وخداع للرأي العام (2).

 

كذلك لم ترينا التغطيات الإعلامية عن استعدادات المحافظين الذين هم بنفس الوقت رؤوساء الدفاع المدني في القيام بواجباتهم للتهيؤ للحالات القصوى على الرغم من اعلانات الانواء الجوية عن قرب هطول كبير للامطار. فالمحافظ في بلدنا هو ما شاء الله آخر من يفكر بخدمة اهالي محافظته. فبسبب اجواء الفساد التي يتشارك الكل فيها يتحول اي منصب الى مصدر للاثراء الشخصي وإهمال كل ما عداه. وهو ما نرى نتائجه في كارثة السيول هذه.

 

على خلفية هذا التقصير والعجز المدويان للسلطات المحلية والمركزية عن تطبيق هذا القانون ومحاولات التملص منه يكون من حق اي شخص رفع الدعاوى لدى المحاكم ضد رئيس الوزراء بصفته المسؤول الاعلى في البلد ووزير الداخلية ومحافظي المناطق المنكوبة الذين يفترض تنفيذهم القوانين حسب الدستور لتعمدهم جميعاً تجاهل منظومة الطواريء والاغاثة المتمثلة بقانون الدفاع المدني هذا وتقاعسوا بالتالي عن تأدية واجباتهم التي اؤتمنوا عليها كما نص عليها هذا القانون، والذي اقسموا على تطبيقه. مجلس النواب من جانبه شارك الحكومات في تفاهته وعجزه هو الآخر وانكشف على حقيقته في هذا الظرف العصيب. إذ تقاعس عن تذكير رئيس الوزراء والمحافظين على ضرورة الالتزام بتطبيق القانون. واكتفى المجلس الفاشل على نشر بيان هزيل حول موضوع السيول ابتدأه بالتشديد اولا على الاستفادة من مياه الامطار وتحويلها الى الانهار. وفقط بعد هذه النقطة اتى على اعتبار المناطق التي تعرضت الى السيول منكوبة ، بدلا من ان يكون العكس. ولا من ذكر في نفس البيان لقانون الدفاع المدني الذي شرعه بنفسه (3). لا يمكن ادراج هذا التجاهل إلا في خانة الاستقالة عن تحمل المسؤولية ازاء مواطني البلد. فلو ان هذا المجلس قد ذكر القانون لكان عليه طبعا القيام بواجب مساءلة المسؤولين اعلاه. وهو بالضبط ما يريد تجنب القيام به. فاية مصداقية بقيت لهذا المجلس مجلس اصحاب الملايين؟

 

ان المسؤول الاول عن التسبب بجرف بيوت الناس وتركهم في العراء بلا مأوى هو عبد المهدي زوية ومن اختاره. وزوية نفسه يبدو غير مهتم لمآل ضحايا السيول.

 

في البلدان الاخرى غير الفاشلة والتي تحترم شعوبها يجري بسرعة مع اطلاق منظومات الاغاثة والانقاذ توجيه نداء للتضامن مع الضحايا ويخصص رقم هاتف للاعلام حول ارسال المعونات والمساعدات مع تغطية اعلامية. فهل لنا ترجي حصول اي من هذا في بلدنا في اية فترة في المستقبل القريب؟

 

روابط المقالة :

(1) نص قانون الدفاع المدني

https://www.moj.gov.iq/uploaded/4297.pdf

 

(2) قرارات خلية الازمة الحكومية المتخذة بشأن "السيول"

http://non14.net/106164/

 

(3) مجلس النواب يصوت على تولي اللجنة المالية مهمة لجنة تقصي الحقائق في ملف غرق العملة

http://ar.parliament.iq/2018/11/24/%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.