اخر الاخبار:
بابل تنتخب مجلس إدارة اتحاد أدباء بابل - الأحد, 02 تشرين2/نوفمبر 2025 11:14
سامراء.. القبض على الإرهابي "أبو إخلاص" - الخميس, 30 تشرين1/أكتوير 2025 20:34
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

حوار تراثي مع الفنانة غادة فصيح مسؤولة متحف الأسلاف في مدينة بغديدا // كريم إينا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 

حوار تراثي مع الفنانة غادة فصيح مسؤولة متحف الأسلاف في مدينة بغديدا يربطُ الماضي بالحاضر والمستقبل

أجرى الحوار: كريم إينا

 

يمثلُ التراث بكل أنواعه قيمًا إنسانية متجدّدة ومتجذرة في أبعادها الزمنية، وتتضح معالم هذه القيم في الحكمة والمعارف، التي لا تنحصر ضمن فترة زمنية موروثة فحسب، بل كقيمة حاضرة في حياتنا وسلوكنا، تتدفق بسلاسة نحو مستقبلنا وتحدّد فيه معالم أفكارنا وتوجهاتنا نحو الكون والإنسان. ونحتاج في زمننا الحاضر هذا أن نستوعب مفهوم التراث بقِيَمه الزمنية الثلاث (الماضي والحاضر والمستقبل)، فمن يقوم بصناعة هذا التراث هي الأفكار التي كنّا نحملها بالأمس ونحملها اليوم، ونترجمها بأفعالنا ونحقّقها بموادنا الثقافية اليوم وغداً، ومن هذا المنطلق إلتقينا بالفنانة ست غادة فصيح مسؤولة متحف الأسلاف في مدينة بغديدا فكان لنا معها هذا الحوار.

 

1- كيف نشأت عندك فكرة مشغل الأعمال اليدوية التراثية؟

منذ الصغر، كانت هوايتي المفضلة هي جمع المجلات والصور والطوابع، بالإضافة إلى الاهتمام بقطع الحياكة والنحاسيات والأنتيكات.

 

2- ما هو الشيء الفجائي الذي غير مجرى حياتك من خلال إنطباعك الفني؟.

ما غيّر مجرى حياتي هو حب أولادي والناس من حولي، ودعمهم لإهتمامي بهذا العمل، أسعى دائمًا لترتيب المتحف بطريقة تُدهش الزوار وتبهرهم.

 

3- هل لا زالت أعمالك الفنية والتحف التراثية موجودة لديك؟. أم قد تم أخذها من قبل داعش، أو مؤسسات الدولة الرسمية، أو المدارس، أو بيعها مثلاً ؟.

عندما دخل الدواعش إلى الحمدانية، كان أولادي يعيشون في المنزل، لكن بعد الأحداث، إضطررنا للعودة إلى الحمدانية، حيث كان المنزل محروقًاً. ولأنّ أولادي هاجروا خارج البلاد، لذا بدأتُ أعمل على ترتيب المنزل وإعادة تنظيم القطع التي كنت أمتلكها، وعرضها في الطابق الأرضي.

على الرغم من عيش أولادي الستة في الخارج، فإن حبّي للعراق يدفعني للبقاء هنا، ولا أريد الهجرة وترك وطني. أودّ أنْ أوضح أيضًا أنني لا أملك أيّ قطع أثرية أو ممنوعة يمكن أن تأخذها الدولة.

 

4- بماذا تضمّنتْ عناوين أعمالك الفنية في متحف الأسلاف، وبماذا تمتاز؟.

المتحف يتضمن قطعًا قديمة مثل الأبواب والشبابيك، بالإضافة إلى الكاميرات والنحاسيات. كما يضمّ مجموعة من الأنتيكات وملابس قديمة فلكلورية، وكذلك العملات والمجلات والصحف، إلى جانب الصور والطوابع.

 

5- سبق وإلتقت بك مجموعة من الفضائيات أو وسائل الإعلام، وهل تم نشر أعمالك في المجلات والجرائد سمها لنا؟.

زار المتحف عدد من القنوات والمراسلين والإعلاميين والفنانين، مما أدّى إلى نشر أخبار المتحف على قنوات التلفاز.

 

6- ما هو دور نقيب الفنانين في الموصل عن أعمالك؟، وهل عملوا لك الهوية المركزية كي تستلمي المكافأة السنوية التي تعطى للفنانين والأدباء والصحفيين؟، أم أنت محرومة منها الآن؟.

على الرغم من أننّي لم ألتقِ بنقيب الفنانين، فقد حظيت بفرصة لقاء شخصيات بارزة من الشعراء والصحفيين والباحثين والأدباء في الموصل. أودّ أن أشارك كوني عضوة في رابطة المتاحف غير الحكومية، والتي تسعى جاهدة للحفاظ على الهوية الثقافية والفنية للعراق.

نحن نواجه تحديات كبيرة، حيث نُحرم من الهوية والمكافآت التي تُعزز عملنا. نأمل أن يتم تسليط الضوء على جهودنا، لأن ما نقوم به يمثل جزءاً أساسياً من هوية العراق ويعكس غناه الثقافي.

على الرغم من أنني لم ألتقِ بنقيب الفنانين، فقد حظيت بفرصة لقاء شخصيات بارزة من الشعراء والصحفيين والباحثين والأدباء في الموصل. أودّ أن أشارك كعضوة في رابطة المتاحف غير الحكومية، والتي تسعى جاهدة للحفاظ على الهوية الثقافية والفنية للعراق.

نحن نواجه تحديات كبيرة، حيث نُحرم من الهوية والمكافآت التي تُعزز عملنا. نأمل أن يتم تسليط الضوء على جهودنا، لأن ما نقوم به يمثل جزءاً أساسياً من هوية العراق ويعكس غناه الثقافي.

 

7- سبق وحصلت على كتب شكر ودروع في مجالك الفني؟.

لقد حصلتُ على العديد من الشهادات وكتب الشكر والدروع تقديراً لجهودي في إحياء التراث. كما تم تكليفي من قبل رئيس جمعية إحياء التراث الموصلي، الأستاذ جاسم حيدر، بمهام كمديرة فرع سهل نينوى لإحياء التراث الموصلي. أعتبر هذا التكليف شرفاً كبيراً لي، وسأسعى جاهدةً لتحقيق أهداف الجمعية في المحافظة على التراث الموصلي وتعزيزه.

 

8- صفي لنا طموحك وأنت في هذا العمر؟. وما هي أهم المعوقات التي إعترضتك؟.

 أشعر بفخر كبير لكوني سيدة في هذا العمر، أعمل على الحفاظ على تراث وتاريخ أجدادنا من الإندثار. إنّ هذا العمل يمثل واجهة المدينة ويعكس هويتنا الثقافية. ومع ذلك، أواجه عائقًا كبيراً، ألا وهو عدم وجود دعم من قبل وزير الثقافة والتراث أو المسؤولين المعنيين. أتمنّى أن يتحقق الدعم الذي نحتاجه لمواصلة هذه المهمة الهامة.

 

9- هل لديك أفكار مستقبلية لعمل متحف واسع وكبير كمتحف بغداد مثلاً؟.

لدي طموح كبير في إقامة متحف أوسع، لكننّي أواجهُ تحديات كبيرة بسبب نقص الدعم والتشجيع من الحكومة والمسؤولينْ. العديد من القطع الأثرية المهمة للأسف مركونة في زوايا المتحفْ، مما يحرم الزوار من رؤيتها والإستمتاع بها. أؤمنُ بأنّ تحسين الظروف وتوفير الدعم سيساهم في إبراز هذا التراث الثري وتعريف المجتمع به على الوجه الأكمل.

 

10- من أين تجلبي موادك الفنية؟.

منذ صغري كنتُ أحتفظ بعدد من القطع، وقد جلبتها معي. بدأتُ بعد ذلك بشراء القطع التي تخصّ مدينتنا الحمدانية. كنتُ أصرف نقوداً من جيبي الخاص على القطع التي لم أكن أملكها، وذلك حرصاً للحفاظ عليها من البيع خارج المدينة.

 

11- سبق ورسمت لوحات فنية، أو أحد أفراد عائلتك رسمها؟.

أحبّ الرسم والفنون الجميلة، لكنّني كنتُ أركزّ فقط على رسم شخصيات كارتونية ومناظر طبيعية.

 

12- بماذا تنصحين هواة المتاحف في الوقت الحاضر؟.

أنصح كل من لديه هواية، سواء كانت متعلّقة بالتراث أو غيره، أنْ يستغلها ويقدمّها للناس. المهم هو الإهتمام بتلك الهواية والعمل عليها،هناك أشخاص فتحوا متاحف وهم لا يملكوا قطعاً أثرية، لكنّني رغم ذلك لا أحبّ تقليد الآخرين. أعتز بعملي وفنّي وأتفنّن فيه.

 

13- ما هي أمنيتك في الحياة؟.

أمنيتي أن يبقى تراث العراق حيًا وشامخًا، فهو كنز تركه آباؤنا وأجدادنا ويجب علينا أن نعتز به ونحافظ عليه. كما أتمنّى أيضًا أن أزورَ المتاحف سواء كانت داخل العراق أو خارجه، أتمنّى يوماً ما أن أزورَ متحف اللوفر لرؤية آثار العراق هناك وأيضاً زيارة العديد من المتاحف لإستكشاف التراث والتعرف على ثقافات وفنون الشعوب في العالم.

 

14- قولي لنا حكمتك المفضلة؟.

حكمتي المفضلة في الحياة دائمًا هي: " ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه"؟ هذه العبارة تعكس أهمية القيم والروح الإنسانية في حياتنا، فالثروة والمكاسب الدنيوية لا تعادل قيمة النفس والكرامة لدى الإنسان.  يجب أن نبحث عن التوازن بين ما نحققهُ في حياتنا وما نبقيه في قلوبنا.

 

15- ما هي حاجتنا وهدفنا من التراث؟ وكيف يمكننا أن نحققُ منهُ فوائدهُ المرجوه، التي تخدمُ حاجاتنا وتلبّي معايير عصرنا الزمني في الوقت ذاته؟.

حاجتنا للتراث تبرزُ من خلال أثره الواضح في سلوك المواطن، فما زال التراث حيًّا في قلوب الناس، وما زال يمثُل في ذهنيتنا العربية السائدة تأثيره السلبي والإيجابي. فنحن نلجأ إليه ساعة الأزمات، ونحجم به عوائد الدهر، فهو بذهنية العامة مطلق، ويصنع لهم معايير السلوك ويحدّدُ تصوراتهم للعالم، وهو أكثر وضوحًا من الحاضر نفسه؛ لأنّ حضورهُ معنوي ومادي، عقلي وحسي، لذا تتحقق فوائدهُ من خلال تحديد حاجاتنا منه،

كما تعلمْ التراث هو هويتنا، وعلينا أن نفتخر به، فكما قيل: من ليس له قديم لا جديد له. واجبٌ علينا أن نعلّم الأجيال حبّ التراث الذي ما زال في عالمنا العربي مُحددّاً لسلوك الناس في الحياة اليومية، ومحاطاً بالمدح والتقديس، أو بالإنغماس فيه، هرباً من الواقع الصعب، في الوقت الذي إنطلق فيه الغير علميًّا وحضاريًّا من الواقع ويتوافق مع معطيات عصره. فالتراث يؤثّر في حياتنا اليومية؛ كونه يمثل كل ما وصل إلينا من الماضي داخل حضاراتنا السائدة، ليصبح التراث غير مطلوبٍ لذاته، بل هو وسيلة لتفسير الواقع وتطويره، فهو نظرية للعمل، وموجه للسلوك، وذخيرة قومية، يمكن إكتشافها وإستغلالها وإستثمارها من أجل إعادة بناء الإنسان وإفادته. إنّ فرصة تحليل التراث هو مدخل لتحليل عقليتنا، التي وصلنا لها في زمننا المعاصر، ضمن تراكمات شكّلت أسباباً ومعوقات تعيقُ حركة نهضتنا التراثية، فالتراث ليس مجرد مخزونٍ مادي أو كيان صوري نظري قائم بذاته ومخزون لدى الجماهير، إنمّا يتشكل هذا المفهوم ضمن مستويات تظهر الهوية والسلوك والنهضة والتنمية والتجديد الذي يُعدّ مشروعاً حضارياً قومياً. 

16- إنّ نمط المجتمع التراثي يعاني من عيوب رئيسية ما هي؟ وكيف تعالج؟.

إن فرصة تحليل التراث هو مدخل لتحليل عقليتنا، التي وصلنا لها في زمننا المعاصر، ضمن تراكمات شكّلت أسبابًا ومعوقات تعيق حركة نهضتنا التراثية، فالتراث ليس مجرد مخزونٍ مادي أو كيان صوري نظري قائم بذاته بل مخزون لدى الجماهير، وهو الأمر الذي جعل الأزمة قائمة، وصار التراث القديم لا يتفاعل بإيجابية مع الوافد ولا مع الواقع الحالي، وصارت حالة استدامته تعتمد تشويهه أكثر من حمايته والحفاظ عليه.

 

17- كلمة أخيرة تودينَ ذكرها؟.

أوّد أن أشكرَ كلّ من شجعني وزارني وأعجب بعملي. شكراً لك على هذا الحوار، إنّ دعمكم يسعدني كثيراً.

  

 

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.