اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

القرية و الراديو: قصة قصيرة// حسين علي غالب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

القرية و الراديو: قصة قصيرة

حسين علي غالب

 

الآن تم تأكيد الخبر ..!!

الحرب سوف تعلن خلال أيام لا محالة ، و أنا يجب أن أقوم بما يلزم لخدمة قريتي فأنا الوحيد الذي أملك عربة صغيرة فيها .

يجب أن أبدا جولتي ، و أخذ طلبات أهل القرية من طعام و دواء و أجلبها لهم من المدينة بأسرع وقت .

أخرج من بيتي و أنا أمسك الورقة و القلم و أنطلق .

يجتمع أهل القرية حولي من دون أن أذهب لهم ، و هذا من حسن حظي و أغلب طلباتهم متشابهة فالتركيز كله على الطعام و الدواء لا غير .

أحصل على الأموال اللازمة من مختار القرية و أجهز عربتي و أذهب بدربي المعروف .

ما هذا ..؟؟

أن المدينة أصبحت مثل القرية فالكل يشتري الطعام و الدواء بكميات هائلة ..!!

أن طريقي معروف فلن أذهب إلا عند التاجر الذي يشتري من قريتنا منتجاتنا فأنا أعرفه منذ وقت طويل و كذلك لن يستغل هذا الظرف الصعب و يرفع السعر أو يزودني بمواد غير جيدة.

أصل إليه و أزوده بطلبات أهل القرية و المال و لا تمر إلا عدة دقائق حتى امتلأت عربتي بالمواد الغذائية المختلفة ، و كذلك وجدت صيدلية قريبة و حصلت منها على كل الأدوية .

 الحمد الله ، أنا في طريق عودتي لقريتي بعدما جلبت كل شيء .

أصل إلى القرية و يتم توزيع كل شيء من طعاما و دواء .

تمر عدة أيام و تبدأ الحرب و صوت القذائف و الرصاص أصابنا بالخوف و الهلع ،  لم تستطع قريتي من النوم ولا أن نمارس أعمالنا و حياتنا بشكل طبيعي كما في السابق .

أسمع صوت جاري يناديني خارج كوخي الصغير : السلام عليكم هل أنت بالبيت ..؟؟

أتقدم على الفور و أفتح الباب لجاري و أرد عليه السلام : و عليكم السلام تفضل أدخل إلى الكوخ .

حرك جاري رأسه كعلامة للرفض و قال لي : هل يمكنك أن تذهب للمدينة و تجلب لي كمية من البطاريات من أجل الراديو..؟؟

تعجبت من طلب جاري فالحرب قائمة و نحن بالقرية صوت دوي المدافع و الرصاص يحاصرنا من كل جانب فكيف إذن حال المدينة فأجيبه و علامات الخوف واضحة على وجهي : أسف لا يمكنني الذهاب فأنا أخاف أن أذهب إلى المدينة .

يصاب جاري بالحزن و أنا أغلق باب كوخي و أتوجه للمختار لكي أعرف منه أخر أخبار الحرب و إذ أجد رجل مسن من رجال القرية يقول لي : أبني أبني أريد أن أطلب منك شيء ..؟؟

استغرب من الرجل المسن فهو لم يلقي علي التحية و يبدو أنه يريد شيء مهم مني فأوجه أنظاري إليه و أقول له : تفضل يا عمي أنا بالخدمة .

و إذ يقول لي : أريدك أن تذهب للمدينة و تجلب لي كمية من البطاريات من أجل الراديو فأنا لا يمكنني أن أعمل من دون أن أستمع للقران الكريم أو للأخبار طوال اليوم .

أحرك رأسي و أرد عليه قائلا : أن شاء الله أن ذهبت للمدينة فسوف أجلب لك البطاريات .

أترك الرجل المسن و أعود للتقدم نحو المختار و أجد عددا من شباب قريتنا يفترشون الأرض و يشربون الشاي و عندما رأوني تقدموا باتجاهي و قال لي أحدهم : هل سوف تذهب للمدينة اليوم ..؟؟

أرد عليه و بلا تردد : لا لن أذهب .

فيرد قائلا : و لكننا نريد أن نطلب منك أن تجلب لنا بطاريات فلقد مللنا من العمل من دون أن نسمع من الراديو أغاني ""حسن جزراوي"".

أرد عليه كما أجبت الرجل المسن : أن شاء الله أن ذهبت للمدينة فسوف أجلب لكم البطاريات .

بعدما انتهيت من كلامي تقدمت نحو بيت المختار و قررت أن لا أرد على أي أحد إلا عندما انتهي من زيارة المختار .

أصل أخيرا لبيت المختار و أدخل و إذ أجد المختار قد وضع الراديو الكبير بالقرب من أذنه ، و يستمع للإذاعة المشوشة باهتمام شديد للغاية فأقول له : مختارنا العزيز هل هناك معلومات جديدة لديك عن الحرب .

يغلق المختار الراديو و يوجه أنظاره إلي و يقول لي : يجب عليك أن تذهب للمدينة بأسرع وقت .

لم أعلق على كلام المختار بأي كلمة فيبدو أنه يريد أن يطلب مني كميات من البطاريات من أجل الراديو . 

يعود المختار للحديث و يقول لي : لم أعد أحتمل أن أترك الراديو لساعة واحدة فلهذا أذهب بسرعة للمدينة و أجلب لي بطاريات بكميات هائلة .

ضاعت مني الكلمات و لم أستطع أن أجيب المختار فطلبه صعب و ألتفت ورأي إلا و أرى عددا من رجال قريتنا و هم يقولون لي : نريد بطاريات نريد بطاريات .

لأن لا يمكنني أن أرفض طلبهم فأحرك رأسي كعلامة للموافقة و أقول للجميع  : سوف أذهب للمدينة و لكن لن أذهب وحدي بل سوف يأتي عدد منكم معي و هكذا سوف أأمن على نفسي و ألبي طلبكم .

وافق الجميع على طلبي و هكذا انتهى الموضوع و أتمنى أن لا يتذكروا شيء أخر و يطلبوا مني أن أجلبه لهم في هذا الظرف الصعب.

حسين علي غالب  

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.