اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

سفرتي الى ايران 2- الثورة الإسلامية في ايران بحاجة للدعم!// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب

سفرتي الى ايران 2- الثورة الإسلامية في ايران بحاجة للدعم!

صائب خليل

 

في الحلقة الأولى من حديثي عن سفرتي إلى ايران تحدثت عن التطور المعماري الكبير الذي مرت به في بناء البنى التحتية الأساسية مثل المطارات وسكك الحديد والمترو العظيم في طهران ومدن أخرى، لكن ذلك لم يكن اول ملاحظاتي في سفرتي.

فقد لاحظت فورا أن فوضى المرور لم تتحسن منذ ثلاثين عاما، ان لم تصبح أسوأ، وان عبور شارع كبير في طهران او أية مدينة كبيرة، يتطلب مهارة وانتباها وبعض الجرأة على المخاطرة، حتى ان كنت تسير على خطوط العبور وكان الضوء أخضر للمشاة، وكان هناك شرطي مرور يقف قربها!

التلوث الهوائي والتلوث الصوتي الهائل يجعلك تشعر كأنك في حفلة صاخبة جدا طول الوقت، رغم شبكة المترو العظيمة، وفي البداية كان هذا يسبب شعورا قويا بالضيق والإرهاق، ثم خف ذلك مع مرور الأيام.

.

اصابني ذلك بخيبة امل اكيدة، فشرطي المرور يمثل الحكومة واحترامها، والزام السيارات بالإشارات مهمة يفترض ان تكون سهلة لأية حكومة لها حد أدنى من المصداقية. فهو أمر بسيط القواعد أولا، وثانيا ليس موضوع سياسي يمكن الاختلاف عليه والمداراة بشأنه او الخوف من الاصطدام حوله. أية حكومة تستطيع ان تقنع شعبها، مهما كانت مواقفه، بأن تطبيق قوانين المرور بشكل اكثر حزما هي لصالحه، فلماذا احجمت حكومات إيران عن ذلك كل هذه العقود من السنين؟

.

سألت احد الأصدقاء هناك عن تفسير ذلك فقال لي ان فرض الحكومة لقوانين المرور تراجع كثيرا منذ التظاهرات التي عمت إيران مؤخرا. فقد صار الشرطة يخافون من محاسبة أي شخص على أي شيء، حتى اننا صرنا نستطيع ان نوقف سياراتنا في أماكن ممنوعة لم نكن نجرؤ على تركها فيها قبلا. وأضاف انه نتيجة لذلك التسيب فأن نسبة عالية من الماطورات تسير بدون أرقام!

قد تبدو هذه ملاحظات هامشية غير مهمة، لكنها ضمن سياق مقلق في تعامل الحكومة مع مسؤولياتها.

.

لكن اخطر ما شاهدت في ايران واقلقني اشد القلق هو نسبة التذمر غير الطبيعية بين الناس من حكومتهم. فأكاد أجزم اني لم التق بشخص لم يكن متذمرا من الحكومة، ويتوقع منك أن تشاركه موقفه باعتبارك اجنبي قادم من أوروبا وينزعج ان قلت حتى كلمة بسيطة لنفي شكواه او دعوته الى النظر الى الأمور الأخرى الإيجابية أيضا، مهما كانت الكلمة بسيطة وحيادية. فينتشر بين هؤلاء، وخاصة الشباب منهم، فكرة أن الرأسمالية هي الطريق الأكيد والواضح الى الرفاه وأن سبب معاناتهم الاقتصادية هي مواقف الحكومة "الدينية" من غزة واسريل وامريكا، وان هذه السياسة هي ما يقف بينهم وبين الوصول الى "الجنة" الاقتصادية. وتنتشر هذه الفكرة ليس فقط بين الميسورين او الذين كانوا ميسورين، بل حتى بين الشباب الفقير نسبيا. وعبثا تحاول ان تفهمهم ان حالهم سيكون أسوأ بكثير لو ان الدولة تحولت الى رأسمالية بحتة كما يتمنى وانضمت الى اتباع اميركا، وأن هناك في اميركا فقر وتشرد.. الخ.

هذا كله بالرغم ان الشعب الإيراني من اطيب الشعوب التي رأيتها إن لم يكن أطيبها بلا منازع، ويسارع افراده الى تقديم المساعدة لك بشكل ملفت للنظر، ولديه احترام للكبير وللأطفال، وهو يتألم بشدة لجرائم إسرائيل في غزة، لكن المعترضين على حكومتهم يعتقدون أنها "تذهب بعيدا" في الدعم وانه يمكن دعم القضايا الإنسانية بدون "التدخل" السياسي الذي يدمر ايران حسب رأيهم.

لذلك أقول إن حالة "الاطمئنان" المخدر بين قوى المقاومة في الوطن العربي من جهة إيران بأن الجبهة الداخلية فيها مستقرة وان الثورة مسيطرة تماما فيها، ليست صحيحة، وخطرة.

.

قبل ان اصل الى ايران تكررت علامات استفهام مقلقة عديدة تدور في رأسي حول بعض الخيارات والمواقف التي اتبعتها الحكومتين الأخيرتين، والتي لم استطع ان اجد انسجاما لها مع الخطوط المبدئية للثورة الإسلامية في إيران والمواقف المعلنة لقياداتها، وكتبت عن بعضها في مرات عديدة، مستغربا ومستهجنا أحيانا. لكني الآن افهم أن وراء ذلك ضغط شعبي شديد. ورغم ان الثورة ومن يقف وراءها، ليست جبهة ضعيفة اطلاقا، لكن هناك اختراقا غربيا لمؤسسات الدولة والمجتمع يترك اثره الواضح في بعض القرارات والمواقف ويفسرها. فكما يبدو لي فأن المؤسسات الإيرانية تخلت عن مسؤوليتها في العديد من الأمور مثلما فعلت في موضوع فوضى المرور، وتركت ثغرات خطرة في موقف نسبة لا يستهان بها من الشعب الإيراني منها ومن مسيرتها.

.

في حلقة (او حلقات) قادمة سأكتب عن رأيي في الأسباب الاقتصادية والثقافية لهذا الحال غير المطمئن، لكني استطيع القول أن حالة "الثورة الإسلامية" في ايران ليست بالاستقرار الذي كنت آمله، وانها بحاجة الى الدعم من اصدقائها في الخارج. الدعم خاصة بمواقف تبرر تضحياتها امام شعبها وتؤكد له أنه ليس وحده المضحي وان تضحياته تلقى الامتنان والعرفان والتقدير، وليس حالة الهيجان المجنون ضد ايران التي تعم معظم الدول العربية تحت تأثير الإعلام المسموم، والذي يعود ليستغلها ليثير الشعب الإيراني ضد العرب والمسلمين فيقول لهم: أنظروا كيف يكافئكم هؤلاء الذين تضحون من اجلهم! ثم لإثارة الشعب الإيراني ضد نظامه الذي يلتزم بتلك المواقف.

يجب دعم الثورة الإيرانية في دفاعها عن مواقفها ليس فقط أمام الخطر الخارجي، انما أهم من ذلك في جبهتها الداخلية أيضا، فليس كل من في إيران من "الثوار" وهناك جهود أمريكية إسرائيلية هائلة للضغط على هؤلاء وتوجيههم ضد مواقف الثورة الإيرانية، ولا يجب اطلاقا الاستهانة بتلك المعركة أو نتائجها!

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.