اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

حوار مع الرفيق محمد جاسم اللبّان عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي -//- حاوره: د. مزاحم مبارك مال الله

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

الرفيق محمد جاسم اللبّان ـ عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي:

آن الاوان لكي تضع جماهيرنا الشعبية النقاط على الحروف وتدير ظهرها لمن استغل ثقتها...

حاوره: د. مزاحم مبارك مال الله

البلاد خصوصاً والمنطقة عموماً تمر بظروف واحداث تعد من اعقد ما تمر به منذ ما يقارب خمسة أو ستة عقود ،وبمجموعها يمكن النظر اليها كالمِرجل، تغلي فيه المعطيات وتتصارع فيه كل القوى ذات المصلحة، ولتسليط الضوء على هذه الامور وغيرها، توجهت مجلة الشرارة الى الرفيق محمد جاسم اللبان عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي في حوارٍ شامل وواضح:ـ

الشرارة :توقفت اللجنة المركزية في أجتماعها في12/10/2012 وهو الاول بعد المؤتمر الوطني التاسع عند مجموعة من العناوين المحلية الساخنة، كيف ينظر الحزب الى حواضن مايحصل من تشويه في الصورة السياسية ،وما هو السبيل للخروج من الازمة خصوصاً وقد طرحتم البدائل، فما هو رد فعل القوى الاخرى؟ وما مقدار أستجابة القوى المتنفذة؟

الرفيق اللبان:ـ أساساً هناك صعوبة كبيرة في انتقال أي نظام شمولي الى نظام ديمقراطي ،فما بالك في العراق ونحن نعرف ماهو النظام الدكتاتوري وما هي الآليات التي أتبعها في تأطير المجتمع والهيمنة على كل مفصل من مفاصله ،نحن نعاني من معضلة حقيقية، لأننا كنا وما زلنا دولة ريعية أستهلاكية، ولدينا تقاليد عريقة في الاستبداد والحكم الفردي، فضلاً عن غياب أية ممارسة ديمقراطية مهما كانت متواضعة بالأضافة الى وجود المحتل وأجنداته سواء كانت السياسية أوالاقتصادية ـ الأجتماعية وعمله من أجل الحاق الاقتصاد العراقي بالاقتصاد الرأسمالي وسعيه المتواصل لتكوين مجموعة قوى تكون هي القاعدة الاجتماعية له تدعم توجهه وتأبيد وجوده في المجتمع العراقي ،كذلك الارهاب وأس البلاء كما نسميه دائماً المحاصصة الطائفية والاثنية الني لجأت أليه قوى الاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي وما عملت خلال الفترة الماضية من تخريب لكل الجهود المبذولة من اجل اعادة بناء الدولة على اسس سليمة ،أيضاً هناك حلقة مفقودة ،هي الغياب شبه الكامل لدور الجماهير ،وأذا أضفنا لها دور مؤسسات المجتمع المدني والنوادي والمنتديات الثقافية والاجتماعية ،الضعيف لحد الان ،ستجد أن المحصلة النهائية لكل هذه العوامل المختلفة،لابد وأن تؤدي الى مثل هذه المعضلة الخطيرة التي يعاني منها شعبنا العراقي والعملية السياسية التي بُنيت على اسس خاطئة مع الاسف الشديد ،فما نراه اليوم هو نتيجة لجملة هذه العوامل والاسباب وهي متوقعة سواء من قبل الشيوعيين أو من قبل الديمقراطيين والناس الاخرين الذين يفكرون بطريقة علمية ،بطريقة موضوعية لما آلت اليها الاوضاع في بلادنا الحبيبة. نعم نحن قدمنا الكثير من المقترحات ولدينا رؤيا واضحة في كيفية الخروج من الازمة الخانقة التي هي ليست ازمة سياسية فقط وأنما أزمة أقتصادية ـ أجتماعية ـ ثقافية ـ نفسية وحتى أخلاقية ،تشمل كل المجتمع العراقي وخاصةً النخب السياسية القائدة والمتنفذة ،طرحنا فكرة المؤتمر الوطني بشروط ومستلزمات ،كنا نعتقد وما زلنا بأنها لو طبقت ،لأخرجت البلاد من عنق الزجاجة ،ولوضعت الامور في نصابها الصحيح ومن بينها أن يكون لهذا المؤتمر برنامج واضح يرتكز أساساً على ضرورة الانتقال بالتفكير السياسي الحالي الى مستوى جديد ،ينبذ المحاصصة الطائفية والاثنية ويعيد بناء الدولة على اسس صحيحة ،بحيث تتسع لجميع العراقيين وكل الكفاءات والامكانيات والطاقات الزاخرة الموجودة في المجتمع ،وأيضاً دَعَونا في حالة عدم نجاح هذا المؤتمر أو وصوله الى طريق مسدود، الى الانتخابات المبكرة وهو حل ديمقراطي دستوري تلجأ اليه مختلف دول العالم ،حتى دولة الكويت خلال السنوات الست الماضية جرت فيها خمسة أنتخابات برلمانية ،نحن دَعَونا الى الانتخابات المبكرة لكي تعاد الامور الى نصابها والشعب هو الذي يقرر ماذا عليه ان يفعل ،بمعنى ان تعاد الامانة الى اصحابها والشعب يقرر من ينتخب ومن يمثله في مجلس النواب والحكومة ،كذلك دَعَونا ومازلنا ندعو،بل دعوتنا هذه هي جزء جوهري من عملنا ونشاطنا ونضالنا في تحريك الشارع العراقي ،والجماهير يجب ان تلعب دورها في انتزاع ما تريده من السلطات الحكومية سواء التشريعية أو التنفيذية ،فالحريات والمكاسب لاتعطى منّة من احد وانما تُنتزع انتزاعاً من قبل الجماهير من خلال نشاطاتها وفعالياتها الجماهيرية المختلفة بالاضافة الى نشاط وفاعلية مؤسسات المجتمع المدني والمنتديات الثقافية والاجتماعية والاحزاب السياسية سواء كانت المشاركة في السلطة أو التي هي خارج السلطة ولكن لها نفوذ وحضور جماهيري في الشارع ،هذا الدور كما نعتقد هو العامل الاساسي في فرض اجندات الجماهير العراقية على الكتل المتنفذة التي تمسك بزمام السلطة في العراق.

كل القوى السياسية، عندما كنا نطرح عليها رؤيتنا وخطتنا في معالجة هذه الازمة والخروج منها، فجميعها على اختلاف مشاربها الفكرية وتلاوينها السياسية كانت وبدون استثناء تتجاوب وترحب بمثل هذه الافكار والاليات التي اقترحناها للخروج من الازمة ولكن في التطبيق العملي يبقى هؤلاء مشدودين الى مصالحهم الطبقية ،الى مصالحهم الذاتية ،ومع الاسف هذه المصالح تستند الى نظرة ضيقة جداً سواء كانت في المجال السياسي ام في المجالات الاخرى الاقتصادية أو الاجتماعية.

الشرارة: ورد في حديثكم عبارة "غياب النشاط الجماهيري"، ما اسباب هذا الغياب رغم ان الجماهير هي صاحبة المصلحة الحقيقية وتواجه خطر تغييبها؟

الرفيق اللبان: تركة النظام الدكتاتوري ثقيلة ،وسعيه طيلة أربعين عاماً لترويض جماهير الشعب العراقي على الخنوع والاستسلام ،ادى الى تمزيق النسيج الاجتماعي للعراقيين ،فضلاً عن تآكل القيم والتقاليد التي كانت سائدة، النظام كان قاسٍ جداً والمواطن كان متهماً حتى تثبت براءته ،وليس كما تقول القاعدة القانونية "المتهم برئ حتى تثبت ادانته" هذا هو شأن الانظمة الدكتاتورية في كل انحاء العالم ولكن النظام العراقي مارس القسوة بشكل مضاعف وبشكل يختلف حتى عن بقية الدكتاتوريات ،ولذلك فأن القيم الجميلة التي كانت سائدة في المجتمع العراقي نُسفت أوضعفت جداً وبقيت الناس منشدّة الى كيفية الخلاص الفردي من هذا النظام ومن شروره ،وهذه الحالة استمرت الى يومنا هذا بسبب الاحزاب المتنفذة التي أقامت العملية السياسية على اساس المحاصصة الطائفية والاثنية ،وقد وجدت من مصلحتها استمرار هذا التغييب وتزييف الوعي الجماهيري واضافت له بدعة جديدة هي المحاصصة والشحن الطائفي والقومي لكي تستطيع من خلالها الوثوب الى السلطة والسعي لتأبيد وجودها فيها، لذلك نرى أن دور الجماهير مازال ضعيفاً رغم كل المآسي والمشاكل العويصة التي أصابت مجتمعنا ،ربما ليس هناك مجتمعاً في كل انحاء العالم يعاني من مثل هذه المشاكل الكبيرة جداً التي يعاني منها مجتمعنا، ونحن نعتقد ان هذه الحالة هي حالة وقتية لأننا على ثقة كاملة بأن جماهير شعبنا سوف تستعيد سريعاً وعيها السياسي ـ الاجتماعي وتستطيع ان تقرر من هو الذي يمثلها حقيقةً؟ ومن هو الذي يحاول ان يستمر في تزييف وعيها والضحك على ذقونها من اجل البقاء في السلطة وإدامة هذا البقاء؟

الشرارة: هناك محاولات جدية لتشويه رؤية الجماهير، ما مصلحة من يقف وراء ذلك؟

الرفيق اللبان:ـ الجواب تضمنه حديثي السابق ،هذه القوى الممسكة الان بزمام السلطة والتي قامت ببناء العملية السياسية على هذه الاسس الخاطئة ،أي عرب، اكراد، سنة ،شيعة ،هذه القوى فضلاً عن بعض الدول الاقليمية اضافة الى الاميركان ،لها مصلحة في ان يبقى مستوى الوعي منشدّاً الى الهويات الفرعية، الجزئية التي تسبق عادةً قيام الدولة الوطنية ،ومن خلال هذا الانشداد يستطيعون تأجيج العامل الطائفي أو القومي وشد الجماهير الى اجنداتهم التي لايربطها ولايجمعها جامع مع المصلحة الوطنية الحقيقية.

الشرارة: أستجدت في الاونة الاخيرة الكثير من الاحداث المتسارعة، تأزم العلاقة بين المركز والأقليم ،مايحصل في الانبار ،صفقة الاسلحة الروسية وغيرها، اين برأيكم تتجه بوصلة الحكومة؟

الرفيق اللبان: الحكومة بسبب فشلها في كل الملفات بما فيها الملف الامني الذي تدعي انها حققت أنجازات كبيرة فيه ،فما تحقق هو شئ قليل قياساً الى ما يتطلبه الاستقرار الامني والسياسي في العراق ،وما زالت المبادرة بيد القوى الارهابية سواء كانت القاعدة أو بقايا البعث أو المليشيات التي تدعمها أيران ،ومع الاسف الشديد فأن القوات المسلحة بُنيت هي الاخرى على المحاصصة ،لذلك نرى ان العقيدة العسكرية الموحدة لقواتنا المسلحة غائبة عن الحضور في مجتمع يعاني من مثل هذه التمزقات الاجتماعية والسياسية ،وكذلك نرى أن أدائها فضلاً عن ضعف النشاط الاستخباري دون المستوى بكثير، كما نرى هذه الاختراقات المستمرة من قبل الارهابيين والمليشيات وهذه سوف تستمر بكل تأكيد طالما بقيت الامور على حالها ،لذلك نحن طرحنا رؤيا واضحة ومتكاملة من أجل معالجة الملف الامني وغيره من الملفات وأقترحنا في حينها ان يُعاد بناء القوات الامنية والعسكرية على أساس الكفاءة والنزاهة والوطنية بعيداً عن التحزب ،بعيداً عن الولاءات الحزبية والشخصية والطائفية وغيرها من الولاءات التي تنخر ليس في جسد المؤسسات العسكرية والامنية وحسب وأنما في جسد المجتمع العراقي بشكل عام، فما يجري الان هو من وجهة نظرنا تغطية على الفشل الذريع للحكومة العراقية ولمختلف المؤسسات الرسمية في مختلف المجالات ،بالاضافة الى الرؤيا الطائفية  والتعصب القومي لبعض المسؤولين العراقيين ،من الجانبين الاقليم والحكومة المركزية ،وهي لاتخلو من نوايا وأهداف أنتخابية أيضاً ،وهذا ما نلمسه دائماً أي تأجيج الصراع الطائفي والقومي قبل الانتخابات سواء كانت أنتخابات مجالس المحافظات أو الأنتخابات البرلمانية ،ولا ننسى هنا الدور الاقليمي التخريبي الذي تقوم به دول محيطة بالعراق والتي من مصلحتها أن يبقى العراق ضعيفاً ،غير موحد، أن تبقى هذه الخلافات وتظل الجبهة الداخلية متصدعة لكي يكون لهذه الدول ومن ورائها موطئ قدم في العراق وتستطيع ان تنفذ أجنداتها.

الشرارة: هل تعتقدون أن فقدان الثقة والاستخدام السئ للدستور هو السبب وراء ما نشهده من أداء سلبي على المستوى التنفيذي؟

الرفيق اللبان: أحد العوامل المهمة في تأزيم الوضع وعدم الوصول الى أتفاقات مشتركة أو وسطية تُرضي الجميع ،هو أنعدام الثقة ،ولكن أنعدام الثقة هو نتيجة وليس سبباً ،الاسباب والعوامل الموضوعية والذاتية التي ذكرتها في بداية اللقاء هي الاسباب الحقيقية لأنعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين ،وهذه مع الاسف الشديد تتعمق يوماً بعد أخر،اضافة الى ضعف كفاءة الكثير من المسؤولين على أختلاف المستويات ،كفاءات محدودة جداً وربما أحياناً يكون المسؤول سواء كان وزيراً أو عضواً في مجلس النواب أو مديراً عاماً أو وكيل وزارة ،ليس لديه ألمام ولو بسيط بالدائرة التي يديرها ،والأمر يبدو كما لو ان حكومتنا "الرشيدة" لديها خطة مصرّة عليها ،هي وضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب ،كذلك عدم وجود رؤيا واضحة ،عدم وجود رؤيا ستراتيجية لدى الحكومة في كيفية أعادة بناء الدولة بسبب تضارب المشاريع السياسية المختلفة لدى الفرقاء وغياب الثوابت الوطنية التي يُفترض أن يجري الاتفاق عليها. أما مسألة الدستور، فالتعامل معه يجري بشكل أنتقائي ،كلٌ يُفسر الدستور بالطربقة التي يشتهيها والتي تلبي مصالحه وأهدافه ،الدستور على العموم فيه نصوص جيدة يمكن الاستفادة منها في أعادة بناء الدولة ،ولكن هذا التعامل الانتقائي مع مواد الدستور، بالاضافة الى عدم سن القوانين التفصيلية التي يُفترض ان تكون مكملة للدستور ،وهناك أكثر من خمسين قانوناً يُفترض ان تكون مكملة وشارحة لمواده ،لم يجرِ تنفيذ أي منها مما أضاف تعقيداً جديداً لقضية التعامل مع الدستورالأمر الذي أدى الى تعطيله وشل المواد التي يمكن الاستفادة منها في اعادة بناء الدولة.

الشرارة : ما يجري في العراق لايمكن ان يكون بمعزل عن الظروف الموضوعية الأقليمية والعالمية ، كيف تقيّمون التدخلات الخارجية في تأثيراتها الداخلية ؟

الرفيق اللبان: التدخلات الخارجية هي أحد الشرور الرئيسية التي تحيق بالعملية السياسية وأعادة بناء الدولة ،ربما لاتُلام الدول الاقليمية بقدر ما تُلام القوى السياسية العراقية المتنفذة التي تفسح المجال أمام هذه الدول وحتى الدول البعيدة عنا مثل أميركا ،أن تتدخل، تركيا تتدخل، أيران تتدخل ،قطر هذه الدويلة الصغيرة تتدخل ،السعودية تتدخل ، وكلها تتدخل سلبياً في الشؤون العراقية وهذه مسألة مفهومة لأن الجبهة الداخلية منقسمة على ذاتها ،الخلافات مستعرة ،بالاضافة الى أن العديد من القوى العراقية تستقوي بالآجنبي سواء كان هذا الاجنبي أقليمياً أو عربياً أو دولياً، وهي تفسح المجال لهذا التدخل في كل القضايا مهما كانت بسيطة أو معقدة ،وأقرب دليل هو التصريحات الاخيرة لأوردغان ،وهي تصريحات فظة لايمكن القبول بها من قبل أي دولة ذات سيادة وهذا يفرض على الحكومة العراقية أن تكون بمستوى المسؤولية وأن تمنع هذه التدخلات ،ولكن يبقى العامل الأساسي هو وحدة ومتانة الجبهة الداخلية واحترام القوى بعضها البعض الاخر وأتفاقها على ثوابت وطنية يمكن الاجماع عليها ،وان يكون التعامل مع الاختلافات السياسية بطريقة حضارية ديمقراطية ،حينها نستطيع ان نفرض على هذه الدول عدم التدخل في شؤوننا الداخلية ووضع حد لهذه النشاطات الأجرامية بحق العراق والعراقيين.

الشرارة: يبدو للمتابع ان حظوظ القوى العَلمانية الديمقراطية كبيرة في كسب الشارع العراقي خصوصاً وهناك تذمر شعبي واسع ازاء ما تقدمه القوى المتنفذة الحالية ويعدونه بديلاً لايرقى الى الطموح الذي أنتظروه بعد زوال النظام، هل تعتقدون ان القوى الوطنية الديمقراطية تقترب من هذا الهدف؟

الرفيق اللبان: التيار الديمقراطي هو البديل الحقيقي لكل ما موجود الان من مشاريع سياسية سواء كانت مشاريع اسلامية أو قومانية أو حتى ليبرالية، لأن الديمقراطية والدولة الديمقراطية لاتُبنى بدون ديمقراطيين ومع الاسف الشديد هناك الكثير من السياسيين العراقيين لايؤمنون بالديمقراطية أيماناً حقيقياً وانما يستغلون الديمقراطية كوسيلة للوصول الى السلطة ومن ثم يجري التنكر لها وفي احسن الاحوال يجري اختزالها في آلية واحدة من آلياتها وهي الانتخابات ،صناديق الانتخابات لوحدها لاتبني الديمقراطية ،الديمقراطية تحتاج الى بيئة سياسية نظيفة، مع وجود رقابة مجتمعية من قبل الجماهير ومشاركة حقيقية في أتخاذ القرار السياسي، ،الانتخابات وصناديق الاقتراع لوحدها ادت الى نتائج كارثية ،كما حصل في الجزائر وباكستان وافغانستان وفلسطين وغيرها ،لأن هذه البلدان تفتقر الى البيئة الديمقراطية، تفتقر الى التقاليد والثوابت الديمقراطية التي يجب ان تُجرى على أساسها الانتخابات وان يكون للشعب مشاركة حقيقية فيها. التيار الديمقراطي في العراق هُمّش وحورب لعشرات السنين ،لذلك نرى ان أمكانياته ليست بالمستوى المطلوب، نعم لديه أمتداد أفقي جماهيري ولكن المطلوب هو تعبئة هذا الامتداد في اطر وأساليب توصل ممثليه الى السلطة التشريعية أو التنفيذية لتأمين بناء الدولة على وفق الاسس الديمقراطية. في السنتين أو الثلاث الاخيرة أتخذت خطوات جيدة من قبل قوى التيار الديمقراطي وأستطاعت ان تجد الاطر المناسبة ،لكن مايزال امامها شوط طويل لتعبئة كل الجماهير التي تُحسب موضوعياً علىيها والتي لها مصلحة حقيقية في بناء نظام ديمقراطي حقيقي في العراق وهم الغالبية العظمى من الجماهير ،نأمل في الانتخابات القادمة ان يستطيع ممثلو التيار الديمقراطي الوصول الى مراكز القرار سواء في مجالس المحافظات أو في البرلمان لكي يلعبوا دورهم في انجاز الكثير من القوانين وأيضاً في تحقيق مطاليب الجماهير ومصالحها في الخدمات ،مكافحة البطالة ومحاربة الفساد الاداري والمالي وبأتجاه بناء دولة مؤسسات وقانون حقيقية وليست بالأسم فقط ،هذا ما نأمله ونتطلع اليه من خلال ما نراه ونسمعه من جماهير شعبنا في خيبة املها من هؤلاء الذين انتخبتهم طيلة السنوات العشر الماضية، بمعنى آن الاوان لكي تضع جماهيرنا العراقية الشعبية النقاط على الحروف وتدير ظهرها لمن استغل ثقتها ولم يفوا بأي شئ مما وعدوا به الجماهير رغم الوعود المعسولة التي اطلقوها أثناء الحملات الانتخابية السابقة.

الشرارة :رفيقنا هذا يتطلب من التيار الديمقراطي ونشطائه بذل المزيد من الجهد لأنك ذكرت في بداية حديثك ان هناك غياب لحركة الجماهير،

الرفيق اللبان: بالتأكيد لم تعد الحتمية التأريخية لوحدها تلعب دورها في اي شأن من الشؤون ،سواء كان سياسياً أو أقتصادياً أو أجتماعياً ،حتى لو كانت الظروف ناضجة ،حتى لو كان الوضع الثوري ناضجاً كما نصطلح عليه في الادبيات الماركسية ،فالحالة العراقية تفتقر الى جانب مهم وهو التحرك الجماهيري وتحرك القوى الديمقراطية ،يجب ان تُبذل المزيد من الجهود ،والقيام بالكثير من النشاطات لكي تؤمن الجماهير بمشروعنا الوطني الديمقراطي والذي ينطبق تماماً مع ما تريده، وهو الذي يحقق لها العزة والكرامة والعيش الرغيد من خلال وصول ممثلي التيار الديمقراطي الى السلطة المحلية أو المركزية ،وهذا يفرض على الجميع الارتقاء الى مستوى المسؤولية وبذل جهود مضاعفة من اجل تطوير خطابنا الاعلامي والسياسي ،من اجل أيصال افكارنا ورؤانا ومقترحاتنا وخطط عملنا لاعادة بناء الدولة الى الجماهير عبر مواصلة الحملات الناجحة مثل لا تسرق صوتي أو قوتي أو طرق الابواب ،بمعنى الصلة المباشرة مع الناس، مع الجماهير والاندماج معها ،هو الذي يوفر القناعات لهذه الجماهير وهو الذي يدفعها الى اختيار من يمثلها حقاً وليس المزيفين والذين يستغلون تدني مستوى الوعي السياسي والاجتماعي.

الشرارة :أعلن الحزب الشيوعي العراقي، ان سوريا بحاجة الى تغيير ولكن عن طريق الحوار ونبذ العنف، هل تعتقدون ان ما ستؤل اليه اوضاع سوريا سيؤثر فعلاً على العراق والعراقيين؟

الرفيق اللبان: بالتأكيد يؤثر لأن سوريا متداخلة مع العراق من جميع النواحي وما يحصل فيها سلباً أو أيجاباً يؤثر على العراق وكذا الحال حينما يحصل شئ في العراق يؤثر على سوريا، والدليل ان الاخوة في سوريا كانوا يصدرون الى العراق مفخخات وارهابيين ويدعمونهم بكل ما لديهم من طاقة لأنهم خصوم للنظام السياسي الجديد في العراق وكانوا يعتقدون ان التظام الجديد سوف يكون خصماً لهم بأعتبار ان الأميركان قاموا بتغيير الوضع في العراق ،كنا نحن وغيرنا من المخلصين ننصح الاخوة السوريين بأن السحر سوف يرتد على الساحر في يومٍ ما ،وهذا الذي حصل بالفعل، القاعدة والمنظمات الارهابية التي وجدت تربة خصبة ورعاية من قبل السوريين في الفترات السابقة ،الان هي التي تعيث في الارض فساداً ،ولكن كل هذا يجب ان لا يحجب عنا النظر الى ان ما يحدث في سوريا هو ثورة حقيقية، ثورة ضد الحكم الفردي والاستبداد وضد تغييب حقوق الأنسان ،ضد المستوى المعيشي المتدني وضد عمل الاجهزة القمعية التي كانت تهيمن على الشارع السوري كما كان نظام صدام المقبور، وبالتالي فان ما يحصل في سوريا هو ثورة حقيقية بالرغم من وجود عناصر ارهابية وتدخلات اقليمية وعربية ومحاولة تغليب هذا الطرف على الاخر ،المطلوب هو الجلوس الى طاولة الحوار لأننا ضد التدخل العسكري ونعرف ماهو التدخل العسكري سواء من الاميركان أو من غيرهم وماذا يجري في البلد المحتل ،فما لدينا في العراق يكفي لكي نستخلص الدروس والعبر منه، لذلك المطلوب هو الحل السياسي، لأنه سيجنب سوريا مزيداً من الدمار والخراب وتدهور الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية ،ولكن هذا الحل يجب ان يكون مستنداً الى اسس تضمن قيام نظام ديمقراطي حقيقي يؤمن للشعب السوري الشقيق ما ثار من اجله.

الشرارة: هناك قراءة اخرى لثورة الشعب السوري،وهي من منظار طائفي ،وعلى أساس هذا التفسير بدأت بعض القوى الطائفية ضيقة التفكير بالتجمع في العراق، ما رأيكم؟

الرفيق اللبان: هناك محاولات سواء من دول اقليمية أو من قبل قوى داخلية أو حتى من الاميركان ومريديهم في المنطقة العربية لجعل الصراع السياسي ـ الاقتصادي ـ الاجتماعي، صراعاً طائفياً يشمل كل المنطقة ،وهذا الذي نراه من سنة أو سنتين وتعمل عليه هذه القوى باجندات واضحة المعالم ،جميع هؤلاء منخرطون في هذا المشروع التدميري،حيث يجري في منطقة الشرق الاوسط وبشكل متسارع أستبدال الصراعات السياسية ـ الاجتماعية بصراع طائفي تقسم فيه المنطقة الى فريقين أو معسكرين على اساس طائفي سني وشيعي ،وهذا يؤمّن لمن يريد الاستيلاء على هذه المنطقة الحيوية،  أدارتها بالطريقة التي تضمن له الهيمنة والسيطرة عليها، وبالتأكيد ستكون أسرائيل هي المنتفعة أيضاً من هذا الوضع المأساوي ،ولكن يبقى الاساس هو وجود ثورة حقيقية جماهيرية قامت بها الجماهير السورية بغض النظر عن الطائفة أو الدين ،نعم هناك محاولات لأعطائها بعداً طائفياً لكن القوى الوطنية والديمقراطية والعَلمانية السورية تستطيع من خلال توحيد قواها ان تتغلب على ما يريد اعداء سوريا وعلى ما يريده الطائفيون، وعلى القوى الديمقراطية ومناصري الحرية في كل انحاء العالم دعم القوى الديمقراطية السورية، لتحقيق البديل الديمقراطي في سوريا.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.