كـتـاب ألموقع
صفحة المهى (7) حوار مُطوَّل ومُفصَّل مع د. انطوان صبري البنا- الجزء الأول// شذى توما مرقوس
- المجموعة: شذى توما مرقوس
- تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 16 آذار/مارس 2018 21:42
- كتب بواسطة: شذى توما مرقوس
- الزيارات: 4318
صفحة المهى (7) حوار مُطوَّل ومُفصَّل مع د. انطوان صبري البنا- الجزء الأول
شذى توما مرقوس
صفحة المهى (7)
(سلسلة صفحة المهى لأخبار الشأن الحيواني وعالم الطب البيطري )
من أجل عالمٍ متوازنٍ وسليمٍ وأجمل
حوار مُطوَّل ومُفصَّل مع د. انطوان صبري البنا / الجزء الأول
حوار وإعداد وتقديم : شذى توما مرقوس
الجمعة 1 / 12 / 2017 م ــ الأربعاء 7 / 3 / 2018 م .
عزيزاتي/ أعزائي من القارئات والقراء، إنما يسرني اليوم وأيما سرور أن أقدم لكم أستاذي العزيز البروفيسور د. انطوان صبري البنا، والذي كان أستاذي لمادة الفايرولوجي في كلية الطب البيطري/ جامعة بغداد، وقد كان مثال الأستاذ الطيب الذي يعطي مادته ويقدمها بكل حب واحترام لطلبته، تخرج على يديه الكثير من الأطباء البيطريين، محبوباً بين طلابه وبين زملائه، حيث عمل كأستاذ في كلية الطب البيطري / جامعة بغداد، وبإشرافه تخرَّجَ الكثير من الأطباء البيطريين من حملة الدكتوراه والماجستير.
نبذة عن المسيرة الجليلة لأبونا وأستاذنا العزيز د. انطوان:
د. انطوان صبري انطوان البنا، من مواليد الموصل في 1 / 7 / 1945م، درس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية فيها، ودخل كلية الطب البيطري في بغداد عام 1962م ليتخرج منها عام 1967م بالتسلسل الثالث على أقرانه في السنوات الثلاث الأخيرة، ومعدله الأول في سنة التخرج.
بعد تأديته لخدمة الاحتياط كملازم طبيب بيطري في الجيش، تم تعيينه في كلية الطب البيطري/ جامعة بغداد بوظيفة مساعد باحث علمي في شباط عام 1969م ، وفي تشرين الثاني من نفس العام أُوفِد إلى النمسا لمواصلة الدراسة في كلية الطب البيطري/ جامعة فيينا، تتوجت بحصوله على الدبلوم في علوم الطب البيطري، وأكتسب خبرة أولية وعلى مدى سنة كاملة في اختصاص الفايروسات.
في عام 1973م استحق البعثة العلمية إلى الولايات المتحدة الأمريكية ــ جامعة كورنيل لنيل الماجستير والدكتوراه في اختصاص الفايروسات، حيث نال الماجستير في عام 1976م عن بحثه الموسوم:
Association of Feline Leukemia Virus with Mammary Tumors in Cats .
(صلة فايروس سرطان الدم بأورام الثدي في القطط).
وواصل أبحاثه في مركز الأمراض الغريبة الحيوانية الواقع في جزيرة بلم بولاية نيويوركــ أمريكا ضمن الاتفاقية العلمية مع جامعة كورنيل
(Plum Island Animal Exotic Disease Center)
وحصل على شهادة الدكتوراه في الفايرولوجيــ قسم أبحاث المايكروبايولوجي عام 1978م من جامعة كورنيل عن بحثه الموسوم:
Purification , Physical and Chemical Analyses of Sheep Pox virus and the response of sheep and goats to infection with sheep and goat pox viruses .
(التنقية والتحليل الكيميائي والفيزيائي لفايروس جدري الأغنام واستجابة الأغنام والماعز للإصابة بفيروس جدري الأغنام والماعز).
بعدها عاد للوطن وواصل عمله في كلية الطب البيطري ــ جامعة بغداد بدرجة مدرس في اختصاص الفايروسات في فرع الأحياء المجهرية، حيث قام بتدريس العديد من العلوم البيطرية والطبية ضمن اختصاصه الدقيق والعام، فدرَّس مادة الأمراض الفايروسية المعدية ولمدة سنتين لطلبة المرحلة الرابعة والخامسة، وكذلك مادة التطبيق البيطري والفايروسات لطلبة المرحلة الثالثة، بالإضافة إلى إعطائه كورسات عديدة لطلبة الدبلوم والماجستير والدكتوراه في الكلية ذاتها، حيث قام بتدريس العديد من الكورسات لطلبة الماجستير في كلية الطب البيطري لجامعة بغداد في مجال البايولوجي الجُزيئي ( Molecular biology )، ، المايكروبايولوجي المتقدم ( Advanced microbiology ) ، الفايرولوجي المتقدم ( Advanced Virology ) ، والمايكروبايولوجي السريري ( Clinical Microbiology ).
وكان للساعين لنيل شهادة الدكتوراه من طلبة كلية الطب البيطري في بغداد نصيباً من رعايتهِ وإشرافه حيث قام بتدريس مواضيع خاصة في الفايرولوجي (Special Topics in Virolog) ، بالإضافة إلى تدريس العوامل المرضية في الكلاميديا والريكيتسيا والأمراض المسببة لها في الإنسان والحيوان (Chlamydia & Rickettsia disease agents)، والأمراض الفايروسية المًشتركة بين الإنسان والحيوان ( Zoonotic Viral Diseases ) لطلاب الماجستير والدبلوم في قسم الأمراض المُشتركة.
إمتدت خدماته العلمية لجامعاتٍ أخرى حيث درَّسَ الفايرولوجي الطبي (Medical Virology) لطلبة المرحلة الثالثة في طب المستنصرية وعلى مدى سنتين، وفي مادة الفايرولوجي المتقدم (Advanced Virology) لطلاب شهادة الماجستير والدكتوراه في الجامعة المستنصرية/ كلية الطب، وكورسات متقدمة في الفايروسات لطلبة الماجستير والدكتوراه في كلية الطب/ جامعة النهرين ، وكلية العلوم للبنات/ جامعة بغداد.
بالإضافة إلى منحه العاملين التقنيين من الأشخاص في مركز نيفل الطبي الأمريكي للأبحاث في القاهرة الوحدة الثالثة معلومات ومحاضرات في الفايرولوجي الطبي .
( Navel Medical Research - Unit 3 , NAMRU-3 )
أشرف على ما يقارب الخمسة والأربعين بحثاً لرسائل وأطروحات طلاب الماجستير والدكتوراه والدبلوم.
لديه أكثر من خمسة وثلاثين بحثاً علمياً منشوراً .
حصل على درجة الأستاذية في مادة الفايروسات والأمراض المُعدية من كلية الطب البيطري ــ جامعة بغداد عام 1991م.
مقرر لفرع الأحياء المجهرية (المايكروبايولوجي) للفترة من عام 1983 م ولغاية 1995م.
رئيس قسم المايكروبايولوجي من سنة 1995م ولغاية عام 2007م في كلية الطب البيطري ـ جامعة بغداد، وللمرة الثانية من عام 2009م ــ ولغاية عام 2012م.
وكيل عميد كلية الطب البيطري ـ جامعة بغداد عام 1995م إضافة إلى رِئاسة قسم المايكروبايولوجي.
أصدر كتيب عن مرض الحمى القلاعية بعشرين صفحة صادر عن نقابة الأطباء البيطريين، ضمن السلسلة العلمية، عام 2001 ، العدد 5
كما شارك عام 1991م مع نخبة من أساتذة قسم الأحياء المجهرية (د. فاروق خالد حسن، د. خليفة أحمد خليفة، د. محمد قاسم فرج) في كلية الطب البيطري/ جامعة بغداد، في وضع وتأليف كتاب (أساسيات علم الأحياء المجهرية البيطرية).
وكان أيضاً من ضمن لجنة أساتذة كلية الطب البيطري/ جامعة بغداد في ترجمة كتاب (الأمراض السارية والمُشتركة بين الإنسان والحيوان ــ 1986 م ) ، تأليف بيدرو . ن . أكا و بورس زفريس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 )
شذى / عودة منّا إلى البدايات، تأسست كلية الطب البيطري في بغداد عام 1955 م ، وكنت أنت من الدفعات الأولى التي تخرجت منها، يُسعدنا أن تأخذنا معك إلى بعض ذكرياتك فيها في تلك الفترة: مثلاُ رقم الدورة التي تخرجت منها ، كيف كان يجري التدريس فيها، عدد طلاب دورتك ( رُبَّما مع أسمائهم ) ، من كانوا أساتذتك ..... وإلى غيرها من الذكريات اللذيذة؟
د. انطوان / أول يوم في الكلية كان 15 / أيلول / 1962 م ، والتخرج كان يوم 5 / حزيران / 1967 م وكنتُ الأول على دورتي في سنة التخرج، وأتذكر هذا اليوم جيداً ففي حينها تمّ إلغاء حفلة تخرجنا في جامعة بغداد بسبب الحرب الأسرائيلية ــ العربية (حرب نكسة حزيران) ، وأصبحت جوائز الأوائل من نصيب المجهود الحربي.
دورتي هي التاسعة منذ افتتاح الكلية عام 1955 م ، وكان عدد طلاب الدورة ( 20 ) طالب، أتذكر زملائي: مؤيد ابراهيم ساوا وهو صديقي العزيز الطيب الوفي وهو أستاذ في الفايروسات في جامعة الموصل وجامعة صلاح الدين/ المرحوم نعمان سلمان السامرائي تعينا معاً في نفس اليوم كمعيدين في كلية الطب البيطري في 4 ــ شباط ــ 1969 م وهو أستاذ متمكن في علم الأنسجة والأجنة / عبد الرزاق عبد اللطيف وهو أستاذ في علم الأدوية ــ جامعة الموصل، مُتقاعد حالياً/ جليل نيسان السناطي أخصائي في التوليد البيطري في وزارة الزراعة ــ كركوك وحالياَ مُقيم في السويد/ المرحوم صائب حلبية عمل في جامعة البصرة وفي الدائرة البيطرية في بغداد / فائق عبد الكريم أستاذ طفيليات في جامعة البصرة ومؤسسة المعاهد في بغداد / واثب سلمان العامود أستاذ في الفسلجة ــ طب البصرة / عبد الرزاق هويدي تطوَّع في الجيش وترقى إلى رتبة عميد، متقاعد حالياً / بهلول ذياب عمل في زراعة كركوك لعدة سنين وانقطعت عنه الأخبار/ المرحوم وليد التهتموني من الأردن الشقيق/ عبد الأمير البحراني، من البحرين / عيسى البحراني، من البحرين/ بدر حمود تطوَّع في الجيش ووصل إلى رتبة عميد وكان مسؤول دائرة البيطرة في الجيش/ المرحوم عبد الغفور حكمت تطوَّع في الجيش ثم حصل على الماجستير من قسم الأحياء المجهرية في كلية الطب البيطري ـ جامعة بغداد، وأنشأ مختبراً للتحليلات/ محمد محمود/ المرحوم نوري جابر/ محمد بشير طه ، أستاذ في جامعة الموصل/ المرحوم قصي الجلبي، أُستاذ في البايولوجي ــ جامعة الموصل/ مه لوان نامق في زراعة أربيل.
من أساتذتنا: أستاذ الفارماكولجي (علم الأدوية) الدكتور علاء الدين الخالدي من كلية الطب/ د. سنك (هندي الجنسية) ، وكان أستاذاً لمادة التشريح / د. سيمون (ألماني الجنسية) ، أستاذ مادة الأنسجة / د. ميخائيل دانو (عراقي الجنسية) أستاذ مادة التشريح/ د. ناظم شوقي وفرائد الجلبي (الكيمياء الحيوية) / د. وديع جبرائيل ، أستاذ الصحة العامة / د. وديع بشو ، أستاذ مادة إدارة الحيوان / د. حسيب كورتيبنار (تركي الجنسية) ، أستاذ مادة الطفيليات/ د. صادق الخياط ، أستاذ مادة البكتريولوجي وعميد الكلية/ د. حقي اتون (تركي الجنسية) ، أستاذ مادة البكتريولوجي/ د. بندي (هندي الجنسية) أستاذ مادة الأمراض/ د. عبد التواب (مصري الجنسية)، أستاذ مادة الأمراض / د. شاه (هندي الجنسية) ، أستاذ مادة الطب البيطري والسريريات / د. محمد شفيق (باكستاني الجنسية) ، أستاذ مادة الوراثة/ د. برانكو روبسكو (يوغوسلافي الجنسية) ، أستاذ مادة الجراحة/ د. كمال السعودي (مصري الجنسية) ، أستاذ الطب العدلي/ د. سعد ظافر (مصري الجنسية) أستاذ مادة الأمراض المعدية.
دورتي كانت أول دورة تداوم في الكلية الجديدة في أبو غريب بجانب كلية الزراعة، حيث كانت الكلية قبل ذلك في منطقة الصناعة أو بالقرب من سباق الخيل القديم، وكان جميع طلبة المحافظات وبعضاً من طلبة بغداد يسكنون القسم الداخلي من اليوم الأول للتسجيل لبُعد الكلية عن بغداد، وكان معمولاً بنظام بطاقات الطعام حيث تُعطى للطلبة في بداية كل شهر ، وبموجبها يحصل الطالب على الطعام المجاني في مطعم الكلية ، وكان في الكلية وسائل اللوندري لغسل وكوي الملابس، وكُنّا نستخدم وسائل النقل العامة للمجيء إلى الكلية كباصات المصلحة، أو الكوسترات، أما باص الكلية فكان يُستخدم عند الزيارات الميدانية أو الذهاب إلى مستشفى الشيخ عمر، أو المجازر، أما في مرحلة الأستأجير في الصف الرابع والخامس فكان باص الكلية في خدمتنا معظم أيام الدراسة.
وكان عدد طلبة الكلية حوالي (100) طالب، ولهذا كان الطلبة من المراحل المختلفة يعرف كل منهم الآخر، وتولدت صداقات حميمة بينهم، وكان طلبة المراحل المتقدمة يساعدون طلاب المراحل الأولى دائماً.
عميد الكلية الدكتور صادق الخياط هو مؤسس أول كلية للطب البيطري في العراق، وكان يعرف كل الطلاب واحداً واحداً، وإن وقعت مشكلة كان يجتمع بنا في غرفة العمادة للبحث فيها وحلّها، كما كان يزورنا في القسم الداخلي خلال الليل بين فترة وأخرى، ويطلع على كل صغيرة أو كبيرة، ولم تكن هناك درجة معاون عميد ، كان يوجد فقط مُسجل للكلية يساعده.
أما عن الأمتحانات فكانت تمشي بصورة جيدة ومُسيطر عليها ، ولا يوجد أي مجال للغش لقلة أعداد الطلبة، وكذلك إذا حدثت فأنها تكون فضيحة كبيرة لذلك الطالب.
أسئلة الامتحانات كانت واضحة ضمن المادة والإجابة عليها كان باللغة الانكليزية حيث جميع المصادر كانت باللغة الانكليزية، كان التنافس كبيراً جداً بين الطلبة لأجل الفوز بأفضل الدرجات، أما أنا فكنتُ بعد الانتهاء من مراجعة المحاضرات المُقررة من الأستاذ كنتُ أرجع إلى المصادر الأخرى في المكتبة، وهكذا كانت إجاباتي أوسع ودرجاتي أعلى خصوصاً في المرحلة الخامسة.
كان بعض الطلاب يجتمعون معاً للدراسة والمطالعة، والقسم الآخر في المكتبة أو الغرف الخاصة، والبعض ينزوي بعيداً عن الآخرين في مكان بعيد من القسم الداخلي ، وهكذا.
وفي المرحلة الرابعة كنا نأخذ بعض الدروس التطبيقية في المستشفى البيطري الرئيسي في منطقة الشيخ عمر، أما في المرحلة الخامسة فكان الدوام كاملاً في مستشفى الشيخ عمر حيث نقوم بمُعالجة الحالات المرضية من ناحية الطب البيطري السريري، أو الحالات الجراحية لجميع الحيوانات الصغيرة والكبيرة وتحت إشراف وتوجيه الأساتذة، حيث كانوا ينظمون الطلاب في مجموعات صغيرة (3 ــ 4 طلاب) ، وكانت الدروس النظرية أيضاً تُعطى لنا في مستشفى الشيخ عمر ، وحتى القسم الداخلي للطلبة تحوَّل إلى دار الطلبة في منطقة باب المُعظم.
تخرجتُ من الكلية عام 1967م ، وكان موقع الكلية لازال قرب كلية الزراعة في أبو غريب، ولكن في صيف عام 1969 م انتقلت الكلية إلى موقعها الجديد في منطقة العامرية، وكنتُ في ذلك الحين مُعيداً فيها، ولقد شاركتُ مع زملائي المُعيدين في متطلبات تحوّل الكلية إلى موقعها الجديد، وبمرور السنين قلت زيارة الطلبة الاستاجير إلى مستشفى الشيخ عمر وذلك لنشوء موقع جديد في الكلية لاستقبال الحالات المرضية ومُعالجتها، وكذلك حقل حيواني، وأيضاً تأسيس أقسام علمية مُتخصصة في الطب والجراحة والتوليد البيطري، وأمراض الدواجن، أما حالياً فالكلية في حالة تدهور بعد انتقالها لموقعها الجديد في مجمع جامعة بغداد في الجادرية ، وأصبحت كما وصلني من أخبار في وصفها عبارة عن كرافانات صغيرة ولا يوجد فيها أي طريقة أو وسيلة لمعالجة الحيوانات، ولا حقل حيواني لتدريب الطلبة والتدريس النظري، ولا أقول سوى: الله يكون في عون الخريجين حالياً كيف سيشقوا طريقهم في العمل والحياة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 2 )
شذى / حدثنا عن عودتك للقطر بعد إتمام دراستك في جامعة كورنيل؟
د. انطوان / منذ البداية، وبعد حصولي على شهادة الدكتوراه من أمريكا كان هدفي هو الرجوع إلى البلد وخدمة العراق، وإعطاء معلوماتي التي أكتسبتها لطلبتي الأعزاء والعاملين في حقول اختصاصي، فبالرغم من الإغراءات الكبيرة للعمل في جامعة كورنيل التي درستُ فيها ، ومركز بحوث جزيرة بلم للأمراض الحيوانية الغريبة في نيويورك ، والتي قمتُ بإجراء أبحاثي فيه .
( Plum Island Exotic Animal Disease Center )
ولأجل ذلك وصلنا أنا وعائلتي إلى بغداد في نهاية شهر حزيران لعام 1978 م، وباشرتُ في بداية تموز من العام نفسه العمل في كلية الطب البيطري/ جامعة بغداد، ونظراً لاختصاصي الدقيق في الفايروسات نُسِّبتُ إلى قسم الأحياء المجهرية، وأول مشاركاتي كانت في تدريس طلبة المرحلتين الرابعة والخامسة كورسيّ الأمراض المعدية الفايروسية لعدم وجود تدريسي مُلِّم بهذا الاختصاص، وكذلك مادة التطبيق البيطري لخبرتي السابقة ، ولم أقُمْ بتدريس اختصاصي الدقيق (الفايروسات) لطلبة المرحلة الثالثة لسنتين احتراماً لوجود أستاذ مصري وتقديراً للموقف في ذلك الحين علماً إنه كان يحظى بامتيازات خاصة منها إن راتبه كان ثلاثة أضعاف راتب الأستاذ العراقي، بالإضافة إلى مُخصَّصات السكن ومًخصَّصات السفر، وبالرغم من ذلك واصلنا السعي لخدمة البلد، وبدأ التركيز على شقين:ــ
الشق الأول: التدريس لطلبة الدراسات الأولية والدراسات العليا والإشراف على بحوث الدراسات العليا.
الشق الثاني: توفير مستلزمات البحث العلمي الحديثة خصوصاً في الاختصاص النادر آنذاك وهو الفايروسات وكيفية تشخيصها وعزلها ، وانفتح الباب أمامي للبحث والتنقيب عن مُسبِّبات الكثير من الأمراض المُعدية التي كانت تفتكُ بمختلف الحيوانات ، والأمراض المُشتركة بين الإنسان والحيوان، ودراسة وتوصيف مُسبِّباتها والتفكير بالحد من انتشارها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 3 )
شذى / فايروس حمى القرم ــ الكونغو النزفية، حظى بمساعيك العلمية المتميزة، ويهمنا كمتابعين ومتابعات أن تقص علينا أخبار ذلك؟
د. انطوان/ بعد عودتي إلى القطر كانت من أولى مشاركاتي العلمية هي المساعدة في تشخيص المسبب المرضي لمرض الحمى النزفية في العراق حيث ظهرت أول حالة في مستشفى اليرموك في بغداد عام 1979 م وأدت إلى وفاة طبيب ومعينة لتلامسهما مع إمرأة مصابة تُعاني من إجهاض ونزف دموي حاد ، على إثر ذلك استُدعيتُ من قِبل وزارة الصحة ــ مديرية الوقاية الصحية للمُشاركة في اللجنة العلمية المركزية والتي ضمت د. سعدون التكريتي، د. فيلكس جرجي، د. حكمت حبيب، د. حامد طنطاوي، د. نوال الجنابي، د. فؤاد العاني، د. مصلح المصلح، د. عماد ود. مالك اسطيفان، بهدف دراسة الحالة وأيجاد حل لهذهِ لمشكلة الخطيرة وتشخيص المسبب المرضي لها، ونظراً لتوفر الإمكانيات اللازمة من أخصائيين ومختبر وأجهزة وإمكانيات في شعبة الفايرولوجي في كلية الطب البيطري، أعتُبِرَ مختبرنا المختبر المرجعي لمرض الحمى النزفية في ذلك الوقت، وابتدأنا العمل مباشرة باستلامنا العينات من المرضى المتوفين وبعد تأهيلها وتحضير خلايا الزرع النسيجي المناسبة لها عُزِل الفايروس المسبب للمرض وتم تشخيصه بطرق مختلفة وعُرِفَ بفايروس حمى القرم ــ الكونغو النزفية
Congo – Crimean Hemorrhagic Fever Virus
والمُشخَّص لأول مرة في العراق ، حيث كانت هناك حالات سابقة قديمة تُعرف بحمى نزفية ، ولكن بدون معرفة المُسبِّب لها.
بعدها أُعطيت الإرشادات اللازمة للحد من انتشار المرض، حيث إن هذا المُسبِّب الفايروسي ينقله القراد من الأغنام والأبقار المُصابة وحيوانات أُخرى إلى الإنسان، أو عن طريق التعرض، أو ملامسة دماء الحيوانات المُصابة، أو دم الشخص المُصاب بالمرض.
وبموجب هذا الإنجاز حصلتُ على كُتب شكر وتقدير من ديوان الرئاسة ووزير الصحة، واستمريتُ بمتابعة أعمال وفعاليات اللجنة العلمية وشاركتُ في مؤتمرات و ندوات وإلقاء محاضرات عديدة في مختلف محافظات القطر عن مرض الحمى النزفية وكيفية الحد من انتشاره في الإنسان والحيوان.
ـــــــــــــــــــــــــ
( 4 )
شذى / أرجو أن تقدم للقارئات والقراء فكرة عن الفاكسينات: تعريفها ، عملها ، فائدتها .......؟
د. انطوان/ اللقاح (الفاكسين) هو مادة بايولوجية تُحضر من المسبب المرضي، لكن ليس له القابلية على إحداث المرض في الحيوان المُلقح به، والفايروس يكون أما حي مُضعف أو مقتول غير حي ، ويستوجب فيه أن يُحفز جسم الحيوان أو الإنسان على إحداث المناعة المُناسِبة بعد فترة من إعطائهِ ، ويُعطى قبل حدوث المرض أو انتشارهِ.
ـــــــــــــــــــــــ
( 5 )
شذى / كان لديك دراسة في تجربة وتقييم الفاكسين الفايروسي للاستعمالات الطبية والبيطرية، دراسة تثير الاهتمام، ما هي النتائج التي خرجت بها منها؟
د. انطوان / نعم هذا هو المسعى الآخر الذي توجهتُ إليه في عملي بعد عودتي للقطر، حيثُ قمتُ بدراسة فعالية اللقاحات أو الأمصال التي تُعطى للحيوانات لمنع انتشار الأمراض المُعدية الفايروسية والمستوطنة في القطر، والجزء الأهم كان هو العمل على تحضير لقاحات جديدة لمُسبِّبات فايروسية لا يتوفر لها لُقاحات في العراق، أو إن لقاحاتها أثبتت عدم كفاءتها في تحفيز المناعة المُلائمة ، وأول لُقاح تمَّت دراسة كفاءته المناعية كان لُقاح جدري الأغنام عام 1980م (دراسة الطالب حسن محمد نايف)، و اتضح انخفاض كبير في كفاءتهِ المناعية، وأصبحت الحيوانات المُلقحة تُصاب بالمرض نتيجة التضعيف والتمرير المُستمر في خلايا الزرع النسيجي، وعلى أثرها تم رفع توصية إلى مختبرات تحضير اللقاحات للرجوع إلى بذرات اللُقاح الأصلية واستخدامها بدون التمرير والتضعيف المستمر، وكذلك لُقاح جدري الماعز تمت دراسة كفاءته المناعية بنفس الطريقة.
عملنا بحوث وتجارب مع الكادر الفني الذي يقوم بتحضير وانتاج اللقاح في مختبرات البحوث البيطرية واللقاحات البيطرية، وحالياً شركة الكندي، بالإضافة إلى ذلك قُمتُ مع العاملين برفقتي وطلبة الدراسات العليا بعزل فايروس جدري الماعز العراقي وتوصيفه وتضعيفه لتحضير اللقاح من العترة المحلية ومقارنته باللقاح المُستخدم (دراسة الطالب مزاحم العطار).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 6 )
شذى / في معرض البحوث والدراسات العلمية التي قُمتَ بها عن مرض الأكثيما المُعدي، كانت هناك محاولة لتحضير اللُقاح من عترة معزولة محلياً ، هل لك أن تحدثنا عنها وعن النتائج التي جاءت بها؟
د. انطوان/ من الأمراض التي دُرِست وبالتفصيل ولأول مرة في القطر كان مرض الأكثيما المُعدي الذي يُصيب الحملان والجداء في منطقة الشفاه والفم، إذ يؤدي إلى امتناع الحيوان عن الرضاعة والأكل ، وهذا بدوره يقود للهزال ثم الهلاك ، وقد ينتقل المرض إلى أضرع الأمهات ويُحدث التهاب الضرع.
تحرينا عن المرض وانتشارهِ في شمال العراق أولاً وتم تشخيصه في معظم المحافظات الشمالية، ومنها: نينوى/ أربيل/ دهوك، فلقد زرنا المواقع أنا وطالب الماجستير كريم سعدون الندى وشخصنا المرض في قطعان كبيرة من الأغنام المُصابة، وبعد أخذ العينات المرضية عُزِلَ الفايروس المُسبِّب من منطقة حليلة ــ الموصل وتمّ توصيفه وتشخيصه بالمجهر الألكتروني، وبعدها لُوحظ انتشار شديد للمرض خصوصاً في التجمعات والمراعي الكبيرة للأغنام وبالذات في مناطق ديالى، الرضوانية، الصويرة والأنبار، ولم يسلم منه حملان حقلي كلية الطب البيطري والزراعة أيضاً، ولأجل ذلك خُطِطَ لإجراء دراسة لتضعيف فايروس حليلة العراقي وتحضير اللُقاح منه ، وتمت فعلاً هذهِ الدراسة، واستُخدِمَ اللُقاح المُحضّر في مختبر الفايروسات لكلية الطب البيطري في عدد من المراعي الكبيرة في منطقة الصويرة ومحطات تربية الأغنام في بغداد، أثبت اللُقاح كفاءتهُ بالسيطرة على المرض في الأماكن التي كان يستوطن فيها لعدة سنوات ، علماً بأن هذا اللُقاح استُخدِم لأول مرة في القطر.
ـــــــــــــــــــــــــــ
( 7 )
شذى / تمكنت من عزل فايروس التهاب الأنف والرُغامي البقري المُعدي ، ماذا كانت التفاصيل المُتعلقة بذلك؟
د. انطوان: في بداية عام 1983م انتشرت في محطات الأبقار الكُبرى لانتاج الحليب إصابات تنفسية شديدة أدَّت إلى هلاك الحيوانات المُصابة ، وخصوصاً في محطة (7 نيسان) ، في حينها تمّ استدعائي مع أساتذة آخرين من قبل المدير العام للثروة الحيوانية والإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة د. سعدون الدليمي لدراسة الحالات المُصابة وتشخيص المُسبِّب، وتشكلت لجنة علمية كنتُ أحد أعضائها بالإضافة إلى الأساتذة: د. غازي الخطيب، د. فيصل حباشة، د. علي الدراجي، د. شارما (هندي الجنسية) ، وقامت اللجنة بزيارات ميدانية عديدة للمحطة، ودُرِست الحالات من نواحي عديدة، ولُوحِظ إن الحالات المرضية شديدة جداً وتميزت بإصابات تنفسية عامة مع صعوبة في التنفس، ونفاخ تحت الجلد ، ونفاخ في الرئة، واختناق الأبقار المُصابة مما يؤدي إلى هلاكها.
أُخِذت عينات مرضية عديدة للتشخيص الباثولوجي النسيجي والمايكروبايولوجي ، وكانت النتيجة سالبة في البداية لكن؛ عند إحدى زياراتي الفردية للمحطة جمعتُ عينات مرضية من إحدى الأبقار الهالكة حديثاً، وتمكنتُ من عزل الفايروس من عينات للقصبة الهوائية والغدد اللمفاوية للجهاز التنفسي في مُختبر الفايروسات في كلية الطب البيطري في بغداد، وباستخدام أمصال مُضادة مرجعية تمكنّا من تشخيص الفايروس المعزول والتثبُت من أنه فايروس التهاب الأنف والرُغامي البقري المُعدي ( IBR Virus ) ، وفي دراسة مصلية ووبائية لاحقة مع أحد طلابي ( د. أمير عباس خضير) ، تبين لنا إن هذا الفايروس مُنتشر في جميع محطات الأبقار لانتاج الحليب في العراق وثيران مركز التلقيح الاصطناعي في أبو غريب، وثبُتَ إنه من المُسبِّبات للإصابات التنفسية في الأبقار في العراق، وبناءاً على ذلك قامت بعض المحطات بتوفير اللُقاح المُضاد من الخارج (محطة أبقار الدجيلة).
وفي دراسة أخرى تمكنّا مع طالبي (د. أمجد خاجيك مجيد) من تحضير لُقاح غير حي من الفايروس العراقي، وأثبتَ كفاءتهُ الجيدة عند مُقارنته باللُقاحات الأجنبية .
وفي بحوث عن عزل وتوصيف فايروس التهاب الأنف والرُغامي البقري المُعدي شاركتُ في المؤتمر العالمي للفايروسات، والذي انعقدَ في الكويت عام 1983 م ، وكنتُ الوحيد (كممثل للعراق) من بين الدول العربية بإلقاء البحوث والدراسات في هذا المؤتمر، وعرض بوسترات عن فايروسي جدري الأغنام والماعز والعلاقة بينهما.
....... يُتبع
المتواجون الان
270 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع