اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

في 8 آذار... عبر ودروس// عبد الرضا حمد جاسم

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

في 8 آذار... عبر ودروس

عبد الرضا حمد جاسم

 

في يوم المرأة أهديها بعض ما اهدتني والدتي :

في جلسة من جلسات البيت انا وهي ونحن في اسئلة واجوبة مرات اتحجج لأسئلتها ومرات اخرى تتعمد احراجي او تتعمد تعليمي شيء تعتبره حكمة استفيد منها ومرات مجرد كلام عابر

ما كلمتني يوماً عن مصروف او ملابس او مأكل او اي شيء وبالذات وانا اصبحت المسؤول عن عائلة كبيرة بعد وفاة والدي وبالذات بعد اختفاء اخوتي في نهاية السبعينات

والدي كان حاد الطبع صارم في كل شيء...لا يقبل بأي شيء مسيء له او لنا او للعامة... لكنه يمتاز بشيء لم نعرفه ربما الا في الايام الاخيرة...

عندما نخطأ نهرع للحمام حيث نستعد للضرب ب(الصوندة) ... لكنه لم يمسس ايٌ منا في الشارع ولا حتى ينهره او يتكلم معه بصوت عالي... سنعود الى ذلك في عيد الاب القادم .

المهم في موضوعة اليوم انه لم يمد يده على اي واحدة من النساء في البيت اي والدتي واخواتي الأربعة مطلقاً.

كانت والدتي تُحيرني حيث لا اتذكر انها هبَّتْ للدفاع عنا من عصبية السيد الوالد ولن تسمح لنا باللوذ بها مطلقاً وحتى لم تُبين امتعاضها امامنا...

مرت الايام وبعد وفاته بسنين سألتها عن ذلك.... لماذا؟

ضحكت... وقالت :

هل سمعته يوماً أنه نهرني او تطاول بالكلام او رفع صوته بوجهي او ضربني؟... قلت لها ابداً

قالت لأني لم اسمح له بذلك... كنت اتألم عندما يضربكم او يقسوا عليكم لكني افكر انه لو تطاول عليَّ يوماً او مرة واحدة سيسهل عليه تكرارها... وسينكسر شيء كبير بيننا... وهو هيبته في عيني... سيصغر في عيني وهو كما تعرف لا يستحق ذلك... وسيتألم كثيراً ويشعر بالذنب فهو عاطفي ونحن لم نتعود على ثقافة الاعتذار... كل عمل اوله صعب ...كل حالة بدايتها صعبة... وعندما تحصل الاولى تتسلسل التاليات.

2. سألتها مرة عن قصة مهر اخي الكبير له الذكر الطيب ( أخْتُطِفَ في عام الحرب الطائفية 2006 في بغداد /السيديه ودفعنا الفدية وقَتلوه / مهندس ميكانيك خريج عام 1967 بغداد ) حيث اتذكر ذلك جيداً عندما قَدّمَتْ له مبلغ لا بأس (عام 1969) به لمساعدته كمهر لزوجته... وانا اعرف اننا نعيش العوز مثل كل العراقيين في بداية السبعينات.

قالت هناك قصة خلف ذلك... فوالدك كان يستلم راتبا مقداره (17.5 دينار) ونحن عائلة كبيرة... وكان لا يأخذ منه سوى مبلغ جداً قليل لشراء التبغ ووورق لف السكائر (لم يجلس يوماً في مقهى).

وكان اخوك يُعِينْ العائلة بعشرة دنانير شهرياً...ي ُسَّلِمها لوالدك الذي يسلها لي لأني المسؤولة عن مصروف البيت... كنتُ احفظها ولم اقترض منها شيئاً وعندما تقدم لخطبة زوجته... قدمتُ له كل المبلغ الذي ارسله لنا فكانت مفاجئة له ولأهل زوجته عندما عرفوا بذلك وهم ناس بعيدين عنا (ميسورين) ( هي كردية من دهوك ولدت في الموصل حيث كانوا يعيشون ثم انتقلوا الى السكن في بغداد)... رفعتُ بذلك رأس والدك واخوك امامهم.

3. سألتها ... لماذا كان قراركم أن من يتزوج منا يجب أن يسكن في بيت منفصل ولم تسمحوا لأي منا ان يعيش معكم ... ولا تستطيعون معاونتنا... إلا بامتناعكم عن قبول ما يجب أن نقدمه لكم إلا بعد استقرار حالنا؟.

قالت حتى نعيش مثل اليوم اصدقاء ونسأل عن بعض... لو عشتم معنا لكانت المشاكل وربما تجاوزنا الحدود نحن وانتم ولتعرضنا للإهانة من بعضنا... ولِما استطعتم ان تكوّنوا انفسكم في بيوت خاصة بكم... ربما لم تشعروا بزهونا وفرحنا وفخرنا عندما نجد كل واحد منكم مستقر في دار خاص به... لكن عندما تزورون بيوت اولادكم ستتذكروننا وستعرفون قيمة ذلك وتترحمون علينا وتفتخرون وتشكرون.

4. سألتني مرة (تختبرني) سؤال اعتبره فلسفي... قالت من ضمن الحديث عن البناء والعمل والفلاحة والزراعة

قالت: لو حضر امامك عاملان او فلاحان يحمل كل منهم مجرفة (مسحاة)... أحدهم نظيف و(مسحاته) مجرفته (مزنجرة أي صدئة) والاخر ملابسه عليها اثار العمل ومجرفته (مسحاته) لامعة ... وانت تحتاج عامل واحد ... ايهما تختار؟

قلت لها طبعاً صاحب الخبرة يعني الظاهر من ملابسة وعدته... صاحب المجرفة الامعة من العمل.

ضحكت وقالت... حقك ... وربما الكثيرين سيختارون مثل اختيارك ولا الومهم ... لكن: فكر مرة واحدة. أن الآخر جديد على العمل وقد اضطر اضطراراً له ولا خبرة لديه... فإذا انت لا تتعامل معه والاخرين ...كيف يعيش؟ وكيف يتعلم؟... واذا لم يجد هذا الشاب عمل ماذا سيفعل ليعيش هل يسرق؟ أم يرتكب جريمة؟... وماذا لو كان يُعيل عائلة؟.

الان اجد ان في كلامها حكمة وعطف ومحبة وكأنها تتصور ابنها في مكان ذلك الشاب... وهذا ينسحب على كل العاملين اليوم لأن كل رب عمل يبحث عن الخبرة... لذلك قامت الدول بفتح مراكز تدريب واشترطت على المؤسسات تدريب الشباب.

5. صديقتي ... والدتي ... لم تضرب يوماً احد من ابنائها او بناتها بتاتاً ولم تتشاجر مع أحد ولم تعتدي على أحد ولم ترفع صوتها على أحد مطلقاً.

كانت تقابل الاخر بابتسامة واهلاً ومرحباً حتى ان كان يستحقها فهو قد قُبل وان كان لا ... قالت له "الله وياك" .

6. كانت تشتري الصوف وتغسله وتغزله وتحيكه عباءة لزوجها وتخيطها بيدها دون (ماكنة خياطة) حتى بعد ان دخلت ماكنة الخياطة...

سألتها لماذا واختي الكبيرة لديها ماكنة خياطة (سنكَر)؟...

ضحكت وقالت ان والدك يعتبرها انا... أنا أمشي معه... اُغطيه وأصونه وأُهندمه...

كانت عباءته شياكته وهيبته وشرفه... هيبته لأنه بطوله الفارع واتزان مشيته ونظافته واحترامه لنفسه... وشرفه لأني أنا من غزل وحاك وخاط وانا شرفه... واُغطيه... لآنها تحميه من البرد و قت الشتاء... أما شياكته فلأنه يقول ان العباءة تغطي كل ما تحتها من ملابس.

 

لك الذكر الطيب يا صديقتي والدتي في هذا اليوم والذكر الطيب للعراقيات ولنساء العالم... مع تحية واحترام وتقدير واعتزاز.

صديقكِ... أبْنُكِ

ملاحظة: كنت اتمنى ان اكتبها باللغة المحكية العراقية كما كان الحديث بيني وبين صديقتي ... لكن وجدت ان هذه الصيغة افضل.

..........................................

دفنت صديقتي ... والدتي /ج1

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=430268

دفنت صديقتي... والدتي / ج2

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=433222

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.