اخر الاخبار:
قاضٍ أمريكي يُغرّم ترامب ويهدده بالسجن - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 20:36
مصدر: صفقة «حماس» وإسرائيل قد تتم «خلال أيام» - الثلاثاء, 30 نيسان/أبريل 2024 11:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

زلازل تهزّ الوجدان// هناء عبيد

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

هناء عبيد

 

عرض صفحة الكاتبة 

زلازل تهزّ الوجدان

هناء عبيد

 

الطّقس لا يساعد على المشي هذه الأيام في شيكاغو، الحرارة منخفضة، الشوارع المخصصة للمشاة ما زال الثلج يغطي بعضها، ربما يجعلها مناسبة للتزلج أكثر من المشي، لكن الحياة لا تتوقف، لا بد من المحاولة.

 

طبقات وطبقات من الملابس تلف أجسادنا؛ حتى نتفادى درجات الحرارة المنخفضة، الأمر مزعج جدًّا، لكن لا بد من الحركة.

 

لم تستطع الطبقات المتعددة حمايتنا من برودة الجو، فكيف لطفل صغير أن يعيش في خيمة تتسرب المياه فيها عنوة دون استئذان؟! كيف لطفل حافي القدمين أن يمشي على كتل من الثلج؟! كيف لجسد ضئيل أن يتأقلم مع تيارات الهواء الباردة؟

الأسئلة تدور في ذهني وأنا أمشي في ساحات الغابة، أطلت المشي، لا بد أن نشعر بتلك البرودة التي يشعرها هذا الطفل، لا أظن أننا سنصل إلى أدنى شعوره، فنحن في النهاية سنلوذ إلى دفء بيوتنا.

 

ما حدث مؤخرًّا من زلازل وكوارث مؤلم جدًّا، البرد بحد ذاته موجع، فكيف إذا ارتجت المنازل والعمارات علاوة على ذلك، وزلزلت الأرض تحت أقدام أطفال يسكنون العراء؟! كيف الحال بإنسان وجد نفسه محاصرًا بين طبقات من الأسمنت والقضبان الحديدية، يجاهد في سبيل أن يلتقط أنفاسه تحت الأتربة المتساقطة من قطع المباني المنهارة.

 

 أصوات الأطفال تستغيث من كل صوب، بكاء الثكالى يخز قلوبنا، الأفراد الناجون الباحثون عن بقية أحبابهم يبكون فنبكي معهم، محظوظ من وجد أفراد عائلته على قيد الحياة، ومن استطاع أن يلتقط بضع ذرات أوكسجين من تحت الأنقاض ليكمل مسيرة حياته المجهولة.

المشاهد الموجعة التي رأيناها ونراها لا يمكن احتمالها، جعلتنا نعيش في كابوس خانق.

تتكرر مشاهد الموت أمامنا في النهار عبر الميديا التي تنشر الفيديوهات الواحد تلو الآخر، وتتكرر المشاهد في كوابيسنا الليلية.

 

الآلام التي أثقلت كاهل الطفولة والعائلات المنكوبة لا يمكن أن تتحملها مشاعر  وقدرات البشر، ترى هل هي كفيلة أن توقظنا من غفلتنا وتحيي الإنسان المندثر فينا؟ ونتساءل هل تستحق هذه الحياة كل هذا الجري، وهل يستحق أن يكون للجشع مكانه فيها؟

 

يبدو أن الدروس القاسية من الصعب أن تحمل في طياتها عبرة إلى أصحاب القلوب المتصلبة؛ ما زال البعض يتخذ من معاناة الناس موردًا لرزقه؛ إما بنشر الاشاعات الكاذبة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو السخرية لكسب بضع دولارات أو باستغلال أحزان المكلومين والتمنن بما قدموه لتصنع لقنواتهم أعلانات مجانية. لم تقتصر قسوة القلوب على ذلك، بل طالتها لتظهر بشاعتها حين أظهرت كم الشماتة فيما يحدث، ليس لشيء سوى لمواقف السياسية المختلفة،  متناسين أن السياسة لا يصنعها سوى قلة يمررون من خلالها أجندات لا تصب إلا في جعبة مصالحهم الدنيئة.

 

ثم يطل علينا خبراء زلازل ما أنزل الله بهم من سلطان ليثيروا الذعر بين الناس بفرضياتهم البلهاء التي لا علاقة لها بالجيولوجيا والعلم، وينضم لهم بعض المنجمين الذين يترزقون من سذاجة متابعينهم.

 

عسى الله أن ينير قلوبنا ويملأها بالرحمة والرأفة والمودة، ورحم الله ضحايا هذه الكوارث المدمرة وأدخلهم فسيح جناته.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.