اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

المثقف والإدارة// مصطفى معروفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

مصطفى معروفي

 

عرض صفحة الكاتب 

المثقف والإدارة

مصطفى معروفي

 

أكدت التجربة بالملموس أن المثقف أحيانا لا يستطيع أن يسيّر دواليب الحكم، فبمجرد ما أن يتسلم الإدارة ويصير بيده اتخاذ القرار حتى تراه يلجأ إلى أساليب بيروقراطية لم يكن يؤمن بها من قبل. فالثقافة وإن كانت لها علاقة قوية بالسياسة فهي تبقى بمنأى عن الممارسة السياسية في الواقع العملي، وعليه فعبد ربه هذا يفضل شخصا متمرسا على أساليب الإدارة والتدبير كان متحزبا أو تكنوقراطا على مثقف بينه وبين الإدارة وشؤونها بون شاسع، لأن هذا الأخير ربما قد يهدم من حيث يظن أنه يبني.

 

أقول هذا الكلام وأنا أستحضر شخصيات يشار إليها بالبنان في عالم الثقافة ،هذه الشخصيات حينما وصلت درجة اتخاذ القرار الرسمي بالوصول إلى مركزه لم توفق في مجموعة من حالات اتخاذه، فكانت الكارثة، وكان أن اتحد المثقفون على اتخاذ موقف منها ـ من الشخصيات ـ فعاشت العزلة إلى أن تركت مفاتيح دار القرار وانسحبت أو سحبت من كرسي الحكم.

 

لا شك أن الشخصيات إياها لديها ما يبرر تصرفها، فهي في نظري لم تتخذ قرارا إلا وكانت مطلعة على مضمونه ومدركة لعواقبه، فلا قرار يأتي هكذا ضربة لازب ودون تدبر لما سيسفر عنه تنفيذه، بيد أن قلة الخبرة والاغترار بالرصيد الثقافي الذي تتمتع به جعلاها تعتقد أنها معصومة، وفي نفس الوقت جعلاها أقرب إلى التصرف العشوائي منها إلى بعد النظر وتوقي ما يخل بمصداقيتها ككائن في حاجة ماسة إلى ما يبرر وجودها إداريا. بيد أن المرء لا يستغرب من الشخص الانتهازي أن يكون حربائيا، يقول ما لا يفعل أو ما لا سيفعل، غير أنه إذا كان مثقفا له وضعه الاعتباري في المجتمع ويمتلك مصداقية بسبب هذا فالأجدر به أن يحيد عن كل ما يسيء إلى ماضيه، وهو في دائرة القرار عليه أن لا يقدم على أية خطوة إلا بعد التمعن فيها وقتلها دراسة وتمحيصا، لأن القرار لا يعنيه إلا في جانب واحد، وهو جانب المصداقية التي يحتاجها كل مثقف يعي ما معنى أن يكون مثقفا.

 

الشي المعيب في الإدارة بكل القطاعات التي تشرف عليها، هو أن من يرأسها يكون أحيانا مزاجيا، بمعنى أنه يتصرف و كأن الإدارة إقطاعية خاصة به، فلا يعير إقدامه على عملٍ ما فيها الاهتمام اللازم، وبذلك يكون قد أخل بشرط من شروط إتقان العمل وهو التريث والتشاور مع من له دراية بالمجال الذي تشرف عليه إدارته، بحيث يرى في ذلك نوعا من الاستخفاف بقدراته، وتنازل يحط من قيمته ـ كذا ـ فتصور له نفسه أنه قادر على حل المشاكل ولا يحتاج إلى من يؤهله لحلها.

 

من هنا كنت أومن وما زلت أومن أن القطاعات التي تهم المواطن بالأساس وخاصة في حياته اليومية كالتعليم والصحة والفلاحة وغيرها ينبغي أن تناط بأشخاص إداريين تتوفر فيهم شروط النزاهة والمهنية، وليس بالضرورة أن يكونوا مثقفين، فالثقافة وحدها في نظري ليست مقياسا للحكم على الشخص بأنه سيكون قادرا على تدبير شؤون الإدارة، ولذا أدعو المتنطعين إلى الكف عن ادعاءاتهم الفارغة وترهاتهم المجانية وهم يرون في المثقف الحل الأمثل لكل معضلاتنا الاجتماعية والاقتصادية إذا أعطيناه فرصة تبوئ كرسي القرار، ولينقطعوا عن تهافتهم وزعمهم أن سياسة الدولة ما فشلت إلا لأنها لا تستشير في أمورها المثقف ليقدم لها النصائح و يهديها سبيل الرشاد.

 

الثقافة وحدها بمعزل عن الإدارة ، وحبذا لو اجتمع في الشخص الواحد المثقف والإداري.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.